الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في بلادي آفة الفساد أم الصح آفة

محمد عنوز

2015 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



تكرر هذه الأيام وصف ظاهرة الفساد بالآفة، فجاء ذلك على سبيل المثال لا الحصر على لسان رئيس مجلس الوزراء وممثل المرجعية الدينية العليا في النجف والعديد من الكتاب والباحيثين، وبهذا الوصف لا نحتاج إلى جهد كبير للتفكير في العلاج لآن الأفة لا تعامل معها سوى القضاء المبرم عليها في أي مجتمع، ومكافحة كل أسباب ولادتها ونموها وإستمرارها، أي بناء بيئة مضادة لهذه الآفة، وليس بيئة طبيعة وحاضنة موضوعية ومربية حيوية.
إن مثل هذا العلاج يحتاج قبل كل شيء إلى إرادة حقيقية أي بيئة متصدية للفساد، وهذه الإرادة الحقيقية لابد من توافرها عند اصحاب القرار أولاً، وإلا ما جدوى وجودها عند من لا حول ولا قرار بيده، كما هو حال المواطن الذي يؤشرعلى الظواهر والأشخاص ويذهب جهده هباء لا بل يعرض نفسه للحساب ويترك الفاسد يقود العباد، وهنا لا نعفي المواطن من المسؤولية بالمطلق إنما بشكل نسبي، لأن القرار الذي لديه، ليس كفرد وحسب، إنما فرد وجماعات، شرائج إجتماعية وفئات مهنية أيضاً، تلك المسؤولية التي تتجلى بعدم السكوت على أفعال المفسدين وبضرورة كشفهم وفضحهم والمطالبة بمحاسبتهم وبالتالي عدم التصويت لهم أو للقوائم التي قدمتهم وعملت على حمايتهم والتسـتر على فسادهم، ودون هذا الموقف من المواطنين تتحول المسؤولية النسبية إلى مسؤولية مطلقة يتحملها المواطنين لا بل يحصدون نتائج هروبهم من المسؤولية كما هو الحال الآن.
فالمسؤولية تكون نسبية على المواطنين في هذا السياق لكون القرار المتعلق بالإنتخاب مرة واحدة في أربع سنوات، والمشكلة تكمن في ذلك منذ عام 2003 نعيش سنوات عجاف، لا تخطيط سليم ولا إدارة سليمة يضاف إليهما نزعة إستئثار وإحتكار وتحاصص وتنابز وإدعاء بمكافحة الفساد والتصدي للإرهاب من قبل كل الأطراف، وهنا يبرز السؤال، إذن، مَنْ سبب هذا الخراب وخلق البيئة ليستشري الفساد ويصبح التعاطي به مقبول ورفضه مرفوض، وطرد الكفاءة فعل محمود والوشاية فعل مشكور وعدم التحقق سليقة المسؤول .... المهم بالنسبة للمسؤول أن يقضي دورته وجيبه منفوخ وطريقه بفضل كتلته مأمون.
إن تجاوز هذا الحال في بلادنا على ما يبدو صنف من صنوف المحال، لأن التفكير السائد وكواقع حال لا يعتبر الفساد آفة، والعلة بتفكيرنا إلى درجة وصلنا لتكفيرنا لكل صح، وأليس الأمام علي (ع) جرى تكفيره لأنه أستقام بتفكيره، وإلى يومنا هذا تجد التفكير والعمل بالصحيح ووفق الظوابط والتعليمات يعتبر تكفير حسب (دين الفاسدين ومذهبهم)، ولابد من القضاء على الصح لأنه كفر، ولذلك نقول بهذه الطريقة من التفكير لا يمكن للبلاد تجاوز هذا الحال ( اللهم إلا بمعجزة سماوية او شعبية )، تغيير تفكيرنا وعملنا تنظر للفساد آفة، ونزعم إن هذا الأمر مستبعد جداً بالآفاق المنظورة لأن الذي ورثناه عدة أشكال وأحجام للفساد من حكم ما قبل 2003 في ظل الإستبداد والحروب والحصار، وإزدادت الأشكال وأخذت الألون تتعدد إلى درجة يتعايش معها المواطن والمسؤول هذه الأيام مع الظاهر كبديهية حياتية عراقية ليست ظاهرة غريبة وبعيدة عن مكارم الأخلاق وجوهر الدين وتتعارض كلياً مع مضمون الضمير الإنساني، إلى درجة القول ( مو أحسن ما يسرق صدام )، وهذا مظهر من التخريجات، وكأن السرقة حرام في عهد صدام وحلال هذه الأيام.
علماً إن النتيجة التي وصلت إليها بلادنا اليوم، سيطرة الدواعش والعجز المالي كفعل فاحش، كافية لتفسر للذين لم يدركوا المخاطر مبكراً وخطل إدارة البلاد على قاعدة طرد الكفاءات والعمل بالحصة التي حصلوا عليها بكل وسائل الخداع وإنعدام الإنصاف بما في ذلك بتشريعات إنتخابية إنتقائية لم تخدم ولن تخدم إستقرار المجتمع وبناء مؤسسات الدولة.
وفي هذا السياق لا بد من الإشارة بكل صراحة، بأن هذه الظاهرة رغم أرث الحكم السابق فهي في صلب أهداف القوى التي احتلت البلاد، أي في صميم المشروع الأمريكي القائم على تدمير القيم النضالية لشعبنا، وقد اشرنا ذلك في عام 2001 بالتأكيد على أنه مشروع تدمير قيّم لا أكثر ولا أقل، مشروع تغيير مشكلة، وعند المشاركة عام 2004 في المؤتمر الذي نظمه مركز المجتمع المدني في قاعة فندق بابل في بغداد، أعلنا بصوت عالي بأن ( في العراق لا يوجد فساد إنما إفساد) وشتان ما بين الفساد والإفساد، والدليل على الإفساد دعوة المجند الأمريكي التي لا تنسى ( علي بابا...علي بابا )، وحماية الفاسد حتى لو تم القبض عليه، لا بل تهريب الفاسد والإرهابي ... والأمثلة معروفة وكل منا يعرف على الأقل شخص واحد أو حالة واحدة، والحال مستمر قبل وبعد 2003.
مقابل هذا كل هذه الأدلة التي تشير إلى أن الفساد ليس آفة لكونه يتوافر على بيئة حقيقية للنمو، لنرى في بلادنا من حيث الأمثلة التاريخية على سبيل المثال لا الحصر، التعامل مع الصح كآفة، ودلينا على أن الصح آفة في بلادنا هو العمل بكل الوسائل للقضاء عليه ( قتل الأئمة الأطهار ماذا يعني ؟! أليس قضاء على الصح كآفة ؟! قتل المصلحين والمناضلين والمتصدين للفساد أليس قضاء على الصح كآفة ؟! في أيامنا التي نعيش وعندما يوضع الرجل بمكان غير مناسب لقدراته وكفاءته أليس قضاء على الصح كآفة؟! تهميش الكفاءات وعرقلة إعادتهم أو تعينهم أليس قضاء على الصح كآفة؟! عدم مكافأة المجد بل مكافأة المتسيب والتعامل بالمحسوبية أليس قضاء على الصح كآفة ؟! كم من الإختصاصات العلمية والإنسانية هجرت البلاد أو لم تعود قبل وبعد 2003 بسبب استشراء الفساد، وهنا نريد الدعوة ‘لى تشكيل جبهة الصح من كل المخلصين للقضاء على الآفة الحقيقية وهي الفساد بكل أنواعه وأشكاله ومواقعه، وختاماً نزعم إن :
( أعلى درجات الجهاد مكافحة الفساد )
25 /1 / 2014


العَودُ أحمد كما يقال


الحقوقي محمد عنوز [email protected]

يتسائل الكثير من الأصدقاء عن أسباب عدم إستمرارنا بالكتابة منذ عدة سنوات، وكنا نتحجج بهذا الشكل أو ذاك بضيق الوقت، وكثرت المشاغل، وإلتزامات العمل الإداري وما أدراك ما العمل الإداري في العراق، فكان رد المخلصين، ولكن نراك في نشاطات وورش عمل منظمات المجتمع المدني مشاركاً ومحاضراً، وكذا الحال في مجالس النجف الأشرف الأدبية والفكرية ومختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية .
فكيف تبرر ذلك ؟!
حقاً إن ما كنا ندعيه هو تخريج لحالة عدم الكتابة وليس تبرير، فالتبرير كان وبالدرجة الأساس هو كوننا لا نميل إلى تكرار ما نكتب بصيغ مختلفة، فما قمنا بتأشيره قبل 9/4/2003 وبعد ذلك نزعم أنه يتضمن معالجة جدية مانعة لما نحن فيه، فماذا نكتب بعد ؟!!!!
فما هي ضرورة أن نكتب شيء لا جدوى فيه ولا يتضمن جديداً ومفيداً؟! والحال في بلادنا كما رأيناها عبارة عن سياسة هروب إلى الإمام مع إنعدام مطلق للمراجعة، وهذا لا يقبل في اي علم، فما بالك في علم السياسة؟!
ومن ذلك الحال نتجت لنا الفوضى والضجيج الفج لذا لم نجد جدوى من الكتابة، نعم ما هي تلك الجدوى وألم بنات وابناء شعبنا يتزايد ؟!!! لا بل يُدفع شعبنا بكل شرائحه دفعاً لمتاهات الزمن ولا يقاد إلى حيث الحياة ونعمها للأسف الشديد.
وفي واقع الحال، أزعم بأن الحاصل البلاد منذ 2003، هو تغيير المشكلة حقاً من حيث حجمها وطبيعتها ومسببها، وهذا لم يكن في حسبان أحد، إنما كنا وكان الملايين يحلمون ويعملون من أجل الخلاص من بلاء التسلط وآثامه، وبناء حياة جديدة على أسس يكون صميمها كرامة الإنسان، والتي لا تصان دون تلبية حاجاته الإساسية ناهيك عن ضمان حقه في الحياة، ففي بلادنا كما تشير التجربة، يعتبر موضوع الكرامة وحق الحياة موضوعات في خانة النسيان فالحياة هنا سيان أن تعيش أو تموت فهذا ليس من هموم السلطان.
على كل حال، لقد وعدنا العديد من الأصدقاء بالإستجابة والعودة للكتابة، أملاً بأن يكون عام 2015 عام الإصغاء لهموم الناس وتصحيح المسار وضمان تحقيق الخلاص وعدم تكرار ما حصل من أخطاء جسيمة منذ 9/4/2003 حتى يومنا هذا، والعمل بجدية من أجل الخروج من شرنقة بريمر، وشرنقة الدستور، وشرنقة المحاصصة، وشرنقة الفساد، وشرنقة ...
علماً قد كتبنا مقالاً يوم تشكيل مجلس الحكم بعنوان ( مجلس بريمر شرنقة والمؤتمر الوطني العام هو البوصلة )، وأجهضت فكرة المؤتمر الوطني العام آنذاك، وبقيت تلك الشرنقة تلد شرنقة، وسوف يستمر الحال، وهذا واضح للعيان، ونزعم إن خروج البلاد مما هي فيه يدخل في مجال المحال إذا لم نتدارك العمل بآليات توحد الطاقات وتعتمد الكفاءات، ولا نتعاطي بالحصة، ولا كصة بكصة، ونبدأ بتُفعِيل التعامل،على قاعدة ( الحكمة ضالة المؤمن )، ونخاطب ( ... الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ).

15/1/2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -