الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأسرى الإداريون ما بين المعاناة والنسيان ...

إعتراف الريماوي

2005 / 9 / 14
القضية الفلسطينية


يتعرض الشعب الفلسطيني ، أثناء كفاحه من أجل التحرر والإستقلال ، لأبشع أنواع القمع والظلم على يد قوات الإحتلال الإسرائيلي ، سواء من القتل والتشريد والحصار وهدم المنازل ومصادرة الأراضي والإعتقال وغيرها الكثير من الممارسات الإحتلالية اليومية التي يتعرض لها كافة فئات هذا الشعب المكافح ، أطفالا وكهولا ، نساء ورجالا وشبابا ، بهدف إضعافه وثنيه عن مواصلة هذا الكفاح التحرري .
في هذا المقال ، نسلط الضوء على إحدى أوجه الممارسات البشعة التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني ، ألا وهو الإعتقال الإداري كسياسة ممنهجة تتبعها أجهزة الأمن الصهيونية ، ضمن سياسة الإعتقال الأكبر التي تضع آلاف المناضلين الفلسطينيين تحت وطأتها والمعاناة جرائها ، وبالوقت ذاته نتساءل عن الصمت المؤسساتي والإعلامي والشعبي إتجاه هذه القضية الحساسة .
فالإعتقال الإداري الذي تقوم به أجهزة الأمن الصهيونية ، وضمن مقاييسهم وحساباتهم التعسقية ، يتم إحتجاز المناضلين وكذلك تجديد الإعتقال نفسه بدون تهم توجه إليهم ، بل تكتفي هذه الأجهزة بإدعاء وجود " ملف سري " يبرر الإعتقال !! ومن خلال هذه السياسة فقد تعرض الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني ، في هذه الإنتفاضة كما غيرها ، للإعتقال وتجديده ، وفي هذه الأيام يرزح أكثر من 600 أسير وأسيرة تحت وطأة هذه السياسة ، والعدد قابل للزيادة في أي وقت قصر أم طال ، كما أن سياسة التجديد للإعتقال مرات متتالية تطال العديد من المناضلين ، فمنهم من قضى أكثر من سنتين وثلاث سنوات وأربع سنوات ، والحبل على الجرار ...، وبموازاة ذلك ، وكمحاولة منها لشرعنة هذا الإعتقال ، تلجأ الأجهزة الصهيونية لتشكيل محاكم صورية تنظر في وضع هؤلاء المعتقلين !.
بفعل أن الشعب الفلسطيني يعيش وضع مقاومة شرعية وطبيعية للمحتل ، كفلتها كل الشرائع والمواثيق ، فلا شرعية أصلا لأي محكمة صهيونية في إتهام أي مناضل مقاوم ، إلا من خلال منطق القوة الذي يفرض الإحتلال نفسه ، فما بالك بتهمة " الملف السري " الذي تروجه الأجهزة الصهيونية لتبرير سياستها ونهجها في الإعتقال الإداري ! ، فالأجهزة تلك تستطيع تلفيق أي معلومات إستخبارية كانت أو غيرها ، لتوفر مادة للإعتقال ولاحقا لتمديده وتجديده فترات أخرى بحق من سيكون هدفا لها ، وبالتالي أضحى أمر الإعتقال واردا ومبررا في أي لحظة ترتأيها هذه الأجهزة وفق الحجة نفسها ، وقد يكون أمر الإعتقال لفترة محددة من الأشهر ، وقد يتم تجديده وبذلك يستمر وقد يمتد لسنوات ، فالتجربة في هذا المجال غنية بالأمثلة الحية ، فمن المناضلين من قضى السبع سنوات متواصلة رهن الإعتقال الإداري ، ومنهم من تجاوز ذلك ولكن على فترات متقطعة من مراحل النضال الفلسطيني ، كما وتمارس تلك الأجهزة هذا الإعتقال بحق عدد من المناضلين الذين يقضون فترة حكم معينة ، بمعنى أنه يتم تحويلهم للإعتقال الإداري مباشرة دون الإفراج عنهم ، وبهذه الممارسة التعسفية لسياسة الإعتقال ، توفر الأجهزة الصهيونية فرصة لها في إعتقال أي كان وأي عدد من المناضلين ولفترات حسب إرادتها .
ومن خلال تجديد الإعتقال الإدري للمناضلين ، كسياسة مبرمجة لإحتجازهم أكبر فترة ممكنة ، فإن تلك الأجهزة تهدف من خلال التجديد أيضا لوضع المناضل في جو نفسي سيء ومتوتر دوما ، فاقتراب نهاية فترة الإعتقال لا تعني الإفراج دوما ، ويبقى الأمل والتفاؤل وحدهما يقاومان مخططات الأجهزة الصهيونية ، ويدور هذا الصراع في داخل الأسير / ة ترقبا للإفراج أو التجديد مع نهاية كل فترة ، هذا عدا عن تفكر الأسير بنفسه أثناء فترة الإعتقال كلما رأى تجديدا لرفيق له يشاركه هذه المعاناة ، ويتصاعد هذا التوتر وتزداد حلقاته وآثاره كلما طالت فترة الإعتقال وتجديده ، هذا ناهيك عن حرمان الأسرى ( الإداريين وغيرهم ) من زيارات ذويهم لهم ، بحجج تنبع من نفس السياسة ، كسياسة " الرفض الامني " لذوي الأسير ، وبالتالي فهذه السياسة تعمل على عزل الأسير وتوتيره وحصاره ، بهدف ثنيه وكسر شوكته! .
وكما أسلفنا بالإشارة إلى المحاكم الصورية التي تشكلها الأجهزة الصهيونية كمحاولة لإضفاء شرعية على سياستها الإعتقالية ، نعم ، فبهذه "المحاكم" لا يسمع المناضل ولا محاميه "تهمة" الإعتقال ، كلمة " ملف سري " هي سيدة المحكمة ! ، ولا تفرق " القاضي " عن النيابة والمخابرات ، بل تلمس أن دورهما يكمل نفس السياسة ، فالمخابرات ومن خلال النيابة تدّعي " الملف السري" ، ويتم خلالها إخراج المناضل ومحاميه من قاعة " المحكمة " ، ليتم التشاور ما بين " القاضي " والنيابة ! ، وبعد ذلك يعود المناضل لسماع قرار " القاضي " والذي غالبا ما يكون بتأكيد ضرورة الإعتقال وتبريره من أجل درء الخطر !! ، فسطوة المخابرات واضحة في هذه " المحاكم " كما غيرها ، ولا تؤدي إلا دورا شكليا وإضفاء صبغة "قانونية " عليه ! ، ولهذا السبب فكثيرا ما يتم مقاطعة هذه " المحاكم " من قبل الأسرى الإداريين ، ويرفضون المثول أمامها ، لمعرفتهم وإدراكهم صوريتها وأهدافها الخبيثة لتمرير سياسة الإعتقال التعسفي .
سياسة الإعتقال الإداري هذه ، بحاجة لمواجهة شاملة لها ، وتتطلب تضافر جهود مختلفة ، تبدأ من الأسرى أنفسهم وتمتد لتشمل المحامين والقانونيين ، وليتم التقاطها وتعزيزها مؤسساتيا وإعلاميا على الصعيد المحلي والعالمي . فالمواجهة هنا شاملة ، وتتطلب رفض هذا الإعتقال مبدئيا بكل تفاصيله وأشكاله ، لأن أي ثغرة في ركائز هذه المواجهة تؤدي لعدم التكامل والفشل اللاحق لها ، فالأسرى يدركون سياسة الإعتقال هذه ، ولديهم الوعي الكافي والإرادة التي تمكنهم من القيام بدورهم المطلوب لمواجهتها ، مثل التوعية داخل المعتقل ، والتحريض على مقاطعة المحاكم الصورية وما يرتبط بهم مباشرة بقضايا أخرى ، ولكن ماذا عن دور المحامين والمؤسسات الحقوقية ؟! ، وأين الدور الشعبي والرسمي في فضح سياسات الإعتقال الإداري ؟!
فبموازاة مقاطعة المحاكم من قبل الأسرى يدخل دور المحامين والمؤسسات ، في الطعن مبدئيا في طبيعة الإعتقال نفسه ، وهذا يتطلب جهدا منسقا وموحدا وإعلاما موظفا لذلك ، ويقع على عاتق المحامين والمؤسسات الحقوقية المعنية والجهات الرسمية في السلطة الفلسطينية ، مخاطبة ومراسلة زملائهم في العالم وأصحاب صنع القرار في المحافل الدولية قدرما أمكن ، تماما مثل التنسيق المحلي مع مختلف القوى والفعاليات والمؤسسات وتنظيم الإعتصامات والمظاهرات ، بهدف خلق حالة من الرفض العارم لهذه السياسة الصهيونية ، وحصارها من داخل المعتقل إلى العالم الخارجي ، بخطى منظمة ، مضبوطة ومتكاملة . ولكن هل هذا يحصل ؟!
للأسف لا ، فقد إستطاع الأسرى الإداريون إتخاذ خطوة في العام السابق ، ورفضوا المحاكم والمثول أمامها ، وما وجدوا من الدعم والإسناد والتكامل مع خطوتهم إلا اليسير جدا ، وبدى غياب الأدوار الأخرى واضحا ، وضاعت الجهود في إجتماع هنا وهناك ، ولم يتم العمل على تنسيق متين محليا ولا دوليا ، ولم يتم العمل لتحويل القضية ببعدها الشعبي والجماهيري ، لذا جاء هذا الدور فاترا ، لا يوازي الحد الأدني المطلوب لإستمرار الأسرى الإداريين في خطوتهم وتصعيد المواجهة ضد سياسة إعتقالهم ، وبالتالي تم قتل الخطوة مبكرا ، وبقي الأسرى يرزحون ويواجهون المعاناة وحدهم ، ينادون ولا مغيث يسمع ، وتنقضّ عليهم الأجهزة الصهيونية ممعنة في إستمرار سياسة الإعتقال والتجديد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع