الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غزوة مانهاتن والحرب على الإرهاب

سليمان يوسف يوسف

2005 / 9 / 14
الارهاب, الحرب والسلام


يوم 11 أيلول 2001،وقف العالم مذهولاً وهو يشاهد،انهيار برجي مركز التجارة العالمي في منطقة(مانهاتن) بنيويورك،بطائرات مدنية أمريكية، خطفتها مجموعات انتحارية من (تنظيم القاعدة) الإسلامي المتطرف،وقد وصف زعيم التنظيم (اسامة بن لادن) عملية ضرب البرجين بغزوة (مانهاتن)، وما يقوم به تنظيمه بـ(الإرهاب المحمود) ضد قوى (الكفر العالمي) بذريعة أن (الولايات المتحدة الأمريكية والغرب) يتحملان مسؤولية ما يعانيه العرب والمسلمين من فقر وبؤس وتخلف وإذلال.من طرفه أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش (الحرب المفتوحة)- وقد شبهها بـ(الحرب الصليبية)-على ما سماه بـ (الإرهاب الدولي)، وعلى كل من يمول ويدعم هذا الإرهاب، بدأها على نظام طالبان في أفغانستان، الذي كان يأوي ويرعى(تنظيم القاعدة) ومن ثم على العراق تحت شعارات مختلفة،ويواصل بوش تهديداته بضرب دول أخرى في المنطقة،يتهمها بتمويل وتسهيل تسلل الإرهابيين الى العراق في مقدمتها( سوريا وايران). واليوم وبعد مرر أكثر من أربع سنوات على الحرب الأمريكية على الإرهاب، بدأ صقور الإدارة الأمريكية،التهديد بنشر الاضطرابات والقلاقل(الفوضى البناءه)في العراق وعموم دول الشرق الأوسط. من المؤكد، أن هذه التهديدات تعكس مدى الإحباط الذي يسيطر على هذه الإدارة، بسبب ما تتكبده قواتها من خسائر في العراق، وتذمر الأمريكيين من ارتفاع فاتورة الحرب على الإرهاب بشكل باهظ في المال والأرواح،فاقت التوقعات، ولا يبدو أن الحسم سيكون قريباً.فبالرغم من اسقاط نظام،صدام والطالبان، والانتصارات العسكرية التي حققتها القوات الأمريكية في كل من أفغانستان والعراق، لكنها لم تحرز تقدماً ملموساً وكبيراً في القضاء على التنظيمات الإرهابية، لا بل استطاعت هذه التنظيمات ان تنفذ عمليات ارهابية جديدة في قلب أوربا(تفجير قطارات المترو في كل من مدريد ولندن)، ومع اتساع رقعة انتشار القوات الأمريكية في المنطقة،زاد عدد التنظيمات الإسلامية المتطرفة التي تقاوم وتحارب الوجود الأمريكي.وهناك خشية حقيقة من بقاء العراق المقسم، الذاهب في طريق التقسيم الى النهاية، تحت رحمة الإرهاب والإرهابيين ودخوله نفق الحرب الأهلية والصراعات العرقية والطائفية، فيما إذا خرجت منه القوات الأمريكية وتركته بوضعه الراهن، من غير سلطة ومؤسسات قادرة على ضبط الأمن وإدارة شؤون العراقيين.
إن أحداث11 ايلول وتفاعلاتها،خلقت الظروف السياسية والنفسية وهيئت الأجواء والمناخات الإقليمية والدولية للتدخل الأمريكي والأوربي المباشر في المنطقة.ومع اتساع الهوة بين حكام دول المنطقة وشعوبها، ورهان كل من السلطة والمعارضة في هذه الدول على الخارج في تقوية مواقعه وكسب المستقبل السياسي لصالحه، سيمهد لمزيد من هذا التدخل،وسيزيد الوضع تعقيداً وصعوبة في المنطقة،ويفتح باب المواجهة بين الأنظمة القائمة وشعوبها.ضمن هذا الاطار والتوجه جاء القرار 1559،الذي بموجبه خرجت القوات السورية من لبنان، كذلك إسناد مهمة التحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري الى (لجنة دولية) بصلاحيات مطلقة في استجواب كائن من كان، داخل لبنان وخارجه،وقد أبدت جميع الأطراف المعنية التعاون مع لجنة التحقيق، وبالطبع سيلزم الجميع بقبول نتائج التحقيق وتوصيات رئيس اللجنة(ديتليف ميليس)،وقد أشيع بانها، مقلقة ومخيفة، للبنان وسوريا،بعد توجيه الاتهام لضباط أمنيين من البلدين،بالضلوع في هذه الجريمة، ومن المؤكد سيحال كل من تثبت إدانته الى محكمة دولية.
بطبيعة الحال، لقد أساءت أحداث ايلول، وبشكل كبير، للعلاقة بين الغرب (الأوربي/الأمريكي) والشرق (العربي/الاسلامي)،حيث ما زالت آثار ونتائج تلك الأحداث، تلقي بظلالها على هذه العلاقة.فقد فرضت تلك الأحداث،ليس على أمريكا وحدها المتأذية، وإنما على معظم دول الغرب الأوربي،اجراء عملية مراجعة جذرية وشاملة لعلاقاتها بالشرق العربي الإسلامي،الذي أهدى العالم أفضل ما لديه من خبراء في (الإرهاب الدولي)، ليضربوا أكثر المراكز والأبنية أهمية وحساسية ورمزية،في الولايات المتحدة الأمريكية.وقد عكست، هذه الضربات الإرهابية الخارقة، طبيعة العقلية الظلامية التي تتحكم وتسيطر على التنظيمات الإسلامية المتطرفة والعداء الذي تحمله لقيم الحداثة ولأخلاق العالم الحر.أن ما يحدث اليوم في المنطقة من أعمال عنف وعنف مضاد، على خلفية ما حدث لأميركا في الحادي عشر من ايلول 2001، يمثل قمة الإفراط في الإرهاب المطلق والعبث بمصير العالم.إنها أحداث جسام،اهتز لها التاريخ،كما اهتز لها رهان الإنسان على القوة في تحديد وتطويع مسار التاريخ.ربما ما يحدث هو أحد تجليات (قانون التصادم) بين مسارات- صراع/صدام الحضارات، بحسب نظرية صموئيل هنتينغتون -التاريخ والقوى المحركة للحضارات،رافضة أن يكون للتاريخ (نهاية)كما يرى و يرغب بذلك فرنسيس فوكوياما.

سليمان يوسف يوسف...كاتب سوري.. مهتم بحقوق الأقليات.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تراجع شعبيته.. ماكرون يكثف حملاته الدعائية | #غرفة_الأخب


.. اتهامات متبادلة بين فتح وحماس بعد تأجيل محادثات بكين | #غرفة




.. أنقرة تحذر.. يجب وقف الحرب قبل أن تتوسع | #غرفة_الأخبار


.. هل تنجح جهود الوساطة الألمانية في خفض التصعيد بين حزب الله و




.. 3 شهداء إثر قصف إسرائيلي استهدف تجمعا لفلسطينيين شمالي مدينة