الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة -1-

خالد الصلعي

2015 / 2 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


-
*************************************************
بدءا لا بد من التنصيص أن الحرية قبل ابداء أي رأي أو فكرة ، هي المشعل الحارق الذي يحمله الحر في زمن هو نفسه زمن ديوجين ، وسزيف ، والحسين ، والحلاج ، والمهدي المنجرة .فالحرية وان في أعلى مستوياتها تجريدا لاتنفك تمنحنا الخلاص من سجون قد نصنعها لأنفسنا قبل أن يصنعها لنا الاخر ، بفعل انهماكنا وادماننا على ثقافة بعينها دون الانفتاح على ثقافة أو ثقات أخرى ، ومعلوم أن الثقافة لها تأثير كبير في بلورة وتكييف مجمل سلوكاتنا . من هنا أنقل مقولة "سارة ليا وتسن "كاملة كتبني مطلق لمضمونها ومحمولها وشكلها ، وهي " المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن الحق في الاختيار الحر والقيام بحملة لاختيار ممثلين في الحكومة يشمل الحق في عدم التصويت وحث الآخرين على أن يحذو نفس الحذو. إن مضايقة الذين يؤيدون المقاطعة أمر سيئ مثل مضايقة أولئك الذين يدعمون حزبا أو مرشحا معينا، ويلقي بظلاله على التصويت". وقد كان هذا التصريح عقب الانتخابات الأخيرة التي جرت بالمغرب ، وتم على اثرها اعتقال واستجواب المنادين بمقاطعة الانتخابات .
ان مجرد انخراط حزبين متناقضين ايديولوجيا في الدعوة الى اجبارية التصويت ، وهما حزبا العدالة والتنمية ، والاتحاد الاشتراكي الذي زاد الطين بلة باقتراح أمينه العام السيد ادريس لشكر باقرار غرامة مالية لكل مقاطع لعملية التصويت يمنحنا قناعة راسخة أن النظام المغربي وعبر آلياته أو أجهزته حسب تعبير ألتوسير يقر اقرارا فصيحا أن عملية المقاطعة تؤرق مضجعه ، وتسبب له انتكاسة ديمقراطية كبيرة .
لكن في المقابل ، ولنتعلم أن ننظر ولو مرة واحدة للصورة من وراء ، فعلى افتراض ان المقاطعة قد تمت وبنسب تفوق جميع المقاطعات السابقة ، ابتداء من التسعينيات ، كي أكون دقيقا حسب ما عاينته وعشته ، وانتهاء بالمقاطعتين الأخيرتين ، سنتي 2007 و2011 ، فان عملية الانتخاب ستمر وان بنسبة أقل من 20 في المائة ، وهي في العرف الديمقراطي نسبة لا تجيز تمرير الانتخابات ، لأن النصاب القانوني والديمقراطي غير متوفر ، لكنها تمر بنتائجها التي تفتقد للنصاب القانوني . غير أن الأنظمة الديكتااورية كما حدث مؤخرا في الانتخابات الرئاسية المصرية التي كانت نسبة المشاركة فيها أقل من 20 في المائة حسب كثير من المنظمات الدولية والمحلية ، فان النسبة لا تهم بقدر ما يهم صناعة ديكور انتخابي يعتمد شكليات العملية الانتخابية .
انه واقع آخر ، واقع عالم مليئ بالتناقضات المرضية . فالانتخابات اذا لم تعبر عن نبض الشارع ، انتخابات باطلة ، هذا اذا فعلنا جوهر الديمقراطية ، ومارسناها كما تمارس في الديمقراطيات الناشئة كاسبانيا والأرجنتين ، وماليزيا وتركيا .
زمن المقاطعة بدءا بالدعوة اليها ، وانتهاء بافراز النتائج لا يتجاوز أسبوعين . لكن تأثيرها يمتد الى ما يفوق خمس سنوات ، كما يحدث في الفترة الحالية ، حيث اننا نعيش برلمانا منفصما تأسيسيا ، فهناك غرفة المستشارين الفاقدة للشرعية الانتخابية ، وهناك مجلس النواب الذي تم انتخابه على أساس دستور 2011 . وقد تم تمديد عملية اجراء الانتخابات الجماعية الى شهر شتنبر المقبل ، ولم يقم أحد بالدعوة الى فضح هذا التلاعب وهذا الافساد ، رغم انه حق دستوري وواجب مواطناتي . كما أن هناك أحزابا دعت الى حماية الأميين ، وعدم اشتراط توفر المنتخبين على شواهد دراسية ، والأدهى من ذلك عدم اشتراط توفر رئيس الجماعة على شهادة الباكالوريا وهذا امر تقني فاضح . والغرفة التشريعية تفتقر الى مشرعين ، والبرلمان برمته يفتقد الى نخبة متنورة . لكن البلاد تدار من خلف ستار . فالقصر وخليته الصغيرة تحكم البلد والعباد بعقلية رجعية ومتخلفة . بينما يكتفي شبابه بلغة الانتقاد والاحتجاج عوض البناء والمشاركة .
لنقم بتسطير سيناريو جديد ، ماذا لو تقدم شباب المغرب عبر لوائح مستقلة بفرض أسمائهم في اللعبة الانتخابية مع اشتراط تفعيل دورهم كقوة اقتراحية واصلاحية وتغييرية ؟ . وأي انتهاك لهذا الشرط يعتبر اخلالا بعقد تشاركي يسمح لهم بتقديم استقالة جماعية !!!!!!!
أظن أن الكثير سيمقتون هذا الطرح . لالشيئ الا لترسخ ثقافة الانسحاب في سيكولوجيتهم الذهنية ، والاكتفاء بثقافة النقد الايجابي ، وهو أسوأ أشكال النقد . فمجرد اقتراب الفكرة من الذهن يتسبب في نوع من الاشمئزاز والنفور ، تماما كما هو حال المدمن على الحشيش والكيف ، ينفر عفويا من رائحة العطر والمسك ............مع وجود الفارق في المقارنة.
هذا هو سؤال الدكتور ميلود بلقاضي على لسان الباحثين :" لذلك يتساءل بعض الباحثين : -أي انتخابات يريد القصر لسنة 2015؟ انتخابات ديمقراطية شكلية ؟ " ، وانا سأقوم بابدال بسيط وهو ابدال دستوري وأطرح السؤال التالي :" أي انتخابات يريد الشعب لسنة 2015؟ انتخابات ديمقراطية شكلية ؟" ، حتما ان الجواب الحقيقي سيكون متناقضا ، فالقصر لا يريد انتخابات نزيهة وديمقراطية ، بينما الشعب يريد انتخابات نزيهة وديمقراطية . غير أن السؤال الذي سيطرح . من سيترجم هذه النزاهة وهذه الديمقراطية على أرض الواقع ؟ ، فالمتقدمون للانتخابات هم نفس الوجوه أو ابناؤهم ، فكيف لهذا الشعب أن يطالب بديمقراطية لا يشارك فيها ؟ . القضية تزداد غموضا وتوترا . فالمفارقات في حياتنا الثقافية والسياسية مفارقات عميقة تضرب في سحيق عقليتنا المتخاذلة . متى سنؤسس لهذا الشعب تجربة تقطع مع الشعارات والهتافات والمواقف السلبية ، اذا لم يأخذ شباب متحمس وشجاع مبادرة اقتحام التجارب والمغامرات ؟؟..........على الأقل سيكون قد أسس لمرجعية عملية وموثقة تمهد له طريق المستقبل بكثير من الاستبصار . لماذا لا نمنح هذا الشعب تجارب يتكئ عليها . فليس هناك شيئ في الوجود يقيم أود الانسان ويقوي عوده أكثر ممن التجارب مهما كانت قاسية وفاشلة .
ان مجرد الخوف من الفشل ، يعتبر حكما مسبقا بالفشل قبل خوض أي تجربة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انشقاق في صفوف اليمين التقليدي بفرنسا.. لمن سيصوت أنصاره في


.. كأس أمم أوروبا: إنكلترا تفوز بصعوبة على صربيا بهدف وحيد سجله




.. رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يحل حكومة الحرب


.. الحوثيون يعلنون استهداف سفينتين ومدمرة أمريكية في عملية جديد




.. حجاج بيت الله الحرام يستقبلون اليوم أول أيام التشريق وثاني أ