الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات بالمغرب بين المقاطعة والمشاركة : نحو عقلية جديدة -2-

خالد الصلعي

2015 / 2 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


الانتخابات في المغرب بين المقاطعة والمشاركة ، نحو عقلية جديدة -2-
***************************************************
فأنا حين أدعو الى عقلية جديدة فأنا أدعو الى لغة جديدة ، وممارسة جديدة ، وفهم جديد لطبيعة العلاقة التي تجددت خارج ملاحظاتنا ومتابعاتنا . ان تكرار نفس الخطاب ، ولو منذ عقدين فقط ، يجعلنا نتأكد أن صاحبه لم يخرج من كهفه منذ عشرين سنة . ألا يحق لنا أن نتساءل في حياد ؟ ألا يمكن لكل هذه النخب ، ولكل هؤلاء السياسيين الذين يدعون الى المقاطعة منذ عقود أن يبدعوا أشكالا اخرى من الممارسات المتعلقة بالانتخابات ؟ . ألا يمكن مثلا تأهيل الشعب المغربي ، والزام الجميع بميثاق شرف يضع حدا لهيمنة الطبقة المالكة او الأوليغارشية . اننا لانستطيع ان نعبر كما عبر روسو عن الفروق بين المحدثين والقدماء ، أو كما قال بنجامين كونستان بدوره " حرية المحدثين تتنافى مع حرية الأقدمين " كما تتنافى التجارة مع الحرب ، ويتنافى التمثيل مع المشاركة ، و تتنافى الرغبة في التفكير مع الرغبة في الحركة .
لنأخذ هذه المصطلحات مأخذ الجد : الأوليغارشية ،الأوتوقراطية ، التيموقراطية ، التحالف الطبقي الحاكم ،الكومبرادورية ....الخ ولنتمعن فيها ، انها ببساطة تعني الطبقة المهيمنة المسيطرة الظالمة . انها الديكتارتورية المتعفنة .....هل أشبعنا غرور المثقف اليساري العتيق .الذي يتصارع مفاهيميا قبل صراعه مع الواقع ..ألم تستنفذ هذه المصطلحات مهامها ووظائفها ؟ . حقا لا يمكن الا الاشفاق على أولئك الذين ما يزالون يستعملونها ويتداولونها ، ليس حقدا عليهم أو صراعا معهم . بل لسبب بسيط ووجيه ، ويتجلى اساسا في كون الثقافة الأم التي أنتجت هذه المصطلحات نبذتها منذ مدة طويلة ، ودخلت مع غرامشي وألتوسير وميشيل فوكو ، وحنا اردنت في طور معرفي جديد ، يتجلى في تفكيك وتشريح السلوك السياسي نفسه ، بعد تجاوز وهضم تلك المصطلحات والمفاهيم بتبني أنماط سياسية جديدة تنشأ من سلوك سياسي جديد طورتها مجمل علاقات الانتاج المتحولة من انتاج يعتمد الى الرض -الفلاحين + انتاج يعتمد على القوة اليدوية = العمال "الى انتاج يعتمد على التكنولويجا . ولنعد فقط الى احد عباقرة المغرب وهو الدكتور المهدي المنجرة الذي كان قد رصد تفوق عائدات اقتصاد التكنولوجيا بفرنسا ، على عائدات الانتاج التقليدي . ألا يكفي هذا دليلا على تحول نمط الانتاج نفسه ؟ .
دعوني هنا أستعين بنيتشه كما استعان هو نفسه بكثير من المفكرين الكونيين يقول هذا البعقري حقا ، وان اختلفت معه في تمجيده لطبقة الأسياد " البيداء التي تحدثت عنها قبل قليل ، والتي ينسحب اليها وينعزل فيها المفكرون والأقوياء ، يختلف مظهرها عن الفكرة التي يكونها المثقفون عنها ، وأحيانا يكون هؤلاء المثقفون أنفسهم هم البيداء " . يلزمنا كثير من الوقت والعمل والمراقبة لتحديد هذه البيداء في واقعنا . دعونا نجتر ثلاثين سنة من عمرنا . ولنعد حثيثا وبخطى متأنية خطوة خطوة . لنقرأ خطاب المقاطعة منذ أول خطاب . وهذا سيجرنا الى الستينيات من القرن الماضي طبعا ، لم لا نمدد اذن زمنية الدعوة الى المقاطعة ، ونقرأها ضمن شروطها السياسية والأمنية والصراعات التي أنتجتها منذ البداية . هيمنة مطلقة للحسن الثاني على المجال السياسي بعد صرعات بين أجنحة أحزاب بعينها حول الحكم . صراعات فتحت أذرعها على جميع الامكانيات ، اسقاط الحكم بالقوة ، تحالفات تناقضية -الجنرال أوفقير واليسار واليمين - خيانات بالجملة ، اغتيالات من جميع الجهات ، أحزاب تقتل بعضها ،نظام يقتل الجميع . من أجل هدف واحد ، هو الحكم ، الملك يدافع عن كرسيه ، والمعارضة تحارب من أجل هذا الكرسي . جواد امديدش يقول في روايته ما مؤداه ، لقد تخليت عن جميع الأفكار الطوباوية القديمة ، ورغم ذلك اعتقلوني . انه الصراع المقدس بوسائل أكثر تدنيسا .
هل نعود الى باكونين المنظر الفوضوي الكبير ، أو نستعين ب"برودون " أكبر الفوضويين ، أم نلجأ الى دانيال كيران ، المؤرخ الفوضوي الكبير ، أم الى تروتسكي ، ام الى كارل لايبنخت أحد أنجب تلامذة ماركس ، لنعزز نظريتنا ؟ . ام نقوم كباحثين أكفاء باستقراء واقعنا ، تحولاته ، سكوناته ؟ .
طيب لست أهاب الحديث عن الملك وعن الملكية وشلة الملك -مستشاروه - لأنني كباحث مغربي أروم الوصول الى الحقيقة ، حقيقة الأوضاع الحالية للمغرب وللمغاربة . من هو الملك ؟ انه مواطن . وللاشارة فقد تم حذف هذه الصيغة من الدستور الحالي بعد أن كانت موجودة في مسودة الدستور أو مشروعه . ورث عرش اجداده ، وهو عرش يمتد في التاريخ المغربي زهاء أربعة قرون . وعليه الحفاظ على عرشه قبل أي شيئ آخر .ربما كثير من الكتاب والمفكرين لا يدركون مدى حرص أي حاكم ورث الحكم على الحفاظ عليه ، انه أصعب ارث في الوجود قد يبتلى به أي شخص . انه أغلى من الثروة ذاتها ، فلو خيرت أي ملك بين ثروته وبين عرشه ، فان نسبة قد تكون جد بسيطة لا تتجاوز واحدا بالمائة هي من ستفضل الثروة على العرش . هذه احدى حقائق سيكولوجية الحفاظ على الحكم .
لنعد للجواب على صلب السؤال ، ونقول مباشرة ان الملك انسان وكائن بشري ، وهو اذا استعملنا مصطلحات الفلسفة اليونانية "حيوان سلطوي " ، وهي نفس المصطلحات التي استعملها نيتشه . اذن فهو لكي يحافظ على سلطته التي ترمز الى العرش ، الذي يستند على مجموعة من الركائز والعلاقات عليه أن يصارع ، ولدينا صراع أبيه وجده حول السلطة مثال طازج ، كيف يستمر فيها ويمررها لابنه . انه نفس المنصب الذي تصارع عليه أنت لتحتفظ به لنفسك دون أن تورثه لأبنائك . وهنا يكمن عنف الديكتاتوريات ، انه يأتي من جانب ، ظل مخفيا ومتواريا لقرون عن البحث ، يأتي من جانب تمرير المشعل للابن ، للوريث . ولو كان البحث يتسع لشرحنا الاختلافات الجوهرية بين ارث الحكم ، ومختلف الميراثات الأخرى .
يبقى ليستقيم التحليل في هذا المقال ويأخذ توازنه المأمول ان نطرح السؤال حولنا ، ماذا صنعنا لنشارك في الحكم ، ليكون لنا رأي فيه ؟ . هل نطمح فعلا للمشاركة في الحكم ؟ . انه سؤال فلسفي ووجودي ، ليس مجرد ترف لغوي . والا فلماذا كل هذا الاهتمام بتفاصيل الدولة والسياسة والمجتمع ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو