الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العبور الى المستقبل ... الطريق الى حافة الجسر

هشام الطوخى

2005 / 9 / 14
الادب والفن


قومى يا مريم ...هو ذا الصبح قد قام من فراش العتمة . جرى ساقك وأطلى من خلف الشباك . الهواء بارد؟ ... حقاً هو بارد لكنه خفيف ومشبع هذا الصباح برائحة جديدة ... رائحة الخلاص .
انظرى الى السماء . بقايا البدر هناك تذوب . هى صورة وجهك الذابل . اغسليها بماء العين ، وكفى .. لأن القمر بعض نهار ، والجزء يعود الى كله .
رضيعك أشبعيه كثيراً لأنه اليوم سيجوع كثيراً . أما الطفلة فدعيها تنام .
أوقدى ناراً ، واشوى بعضاً من طماطمك القليلة ، ضعيها بهدوء عند قدميها مع رغيف .
و الآن اجمعى شعرك بالمنديل . توكأى على جذع الشجيرة . اخرجى ، ودعى الباب نصف مفتوح .. فكثرُُُ اليوم هم عابروه .
الطين فى الجسر يابس ؟!! هو حظك الطيب فى أيام الوحل .
إرتجفت حين بدأ الغناء :
" وبلدنا على الترعة بتغسل شعرها
جاها نهار ماقدرشى يدفع مهرها
يا هل ترى الليل الحزين
ابو العيون الدبلانين ..يقدر ينسيها النهااا.....آر ...."
-مين ؟
-..............................................
صعد سريعاً على ركبتيه ، متحسساً الجرف الموحل بيديه الممسكتين بأعواد القصب .
- مين؟.....................بقول مين؟
-..............................................
- مريم ؟...........على فين يا مريم ؟
-..............................................
- خلاص ؟ هيسامحوكى فى الفلوس ؟
-..............................................
-رحتى لبتاع الحزب الوطنى ؟
-.............................................
-ردى يا بنتى الله يهديكى .
-......................إيوه يا ابو حسان .
- ربنا معاكى يا بنتى ......آجى أوصلك للمحطة ؟
- .....عشت ......خللى بالك م العيال ... والنبى .
خلفته وراءها صامتاً . فكرت : ليس العمى بمشكلة ... هو قد أعطاها عوده ، ورغم ذلك لم يزل يجد من خشاش الأرض ما يصلب عوده ، ولم يزل يسرق القصب ، يجلس على حافة الجسر يمتصه ويغنى .
هى لم تعد تفعل منذ ذاك اليوم الذى سقطت فيه من فوق العربة - المحتشدة بعشرات النسوة والأولاد - المتجهةً لجمع طماطم المزرعة .
حين هوت الى الأرض رأت حوافر الحمار وهى ترتفع فوق عينيها بارتباك ، ثم تهبط دون أن تمس وجهها . فاداها ، لكن عجلات العربة دارت على قدمها الحافية فتورمت .
بقيت أسبوعاً فى عشتها تتألم . حين آذى صراخها الآذان وضعوها فى القطار ومعها تذكرة وبضعة جنيهات .
سألوها فى المستشفى الميرى عن التأمين فأجابت : ( ماعنديش يا بيه ) ، رقدت أياماً ثلاثة فوق البلاط العارى . فى اليوم الرابع سبوها ، ثم نصحوها بالذهاب الى عضو مجلس الشعب لعله يحصل لها على تأشيرة علاج .
حين قابلت سكرتيره قال لها : (معاكى خمسميت جنى؟ )
قالت : (أجيبهم منين يا بيه ؟)
ابتسم ثم صرفها .
الطريق لم يكن طويلا ً لكن موعد القطار قريب ، وهى محمومة باللهفة ، تريد الوصول فى الموعد فعزمها لا يكفى لغير هذه المرة .
سابقت نفسها رغم أنها كانت تسير على إبط وساق واحدة ، وتجر صليبها الثقيل .
صفير القطار جاءها من بعيد ، فزعت . انكسر منها جذع الشجيرة القديم . سقطت . تواثبت . سبقت القطار بأمتار قليلة . جلست ومدت ساقها فوق القضيب ، ثم أغمضت عينيها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل انطلاق نهائيات اليوروفيجن.. الآلاف يتظاهرون ضد المشاركة


.. سكرين شوت | الـAI في الإنتاج الموسيقي والقانون: تنظيم وتوازن




.. سلمى أبو ضيف قلدت نفسها في التمثيل مع منى الشاذلي .. شوفوا ع


.. سكرين شوت | الترند الذي يسبب انقساماً في مصر: استخدام أصوات




.. الشاعر أحمد حسن راؤول:عمرو مصطفى هو سبب شهرتى.. منتظر أتعاو