الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
انقليس
ناصرقوطي
2015 / 2 / 13الادب والفن
قصة قصيرة
انقليس...
ناصرقوطي
أينما وليت وجهك فالموتى يقتفون أثرك حتى لحظة احتضارك. كانت روائح جثثهم تنفذ إلى كل مساماتي فيما اعتدت بمرور الوقت على احتكاك حراشفهم بكل مكان من جلدي و.. هاأنا ذا حذر من التحول بين لحظة وأخرى إلى جثة..!.. المحيطات التي احتضنتني يوما تتسرب الآن نحو قموع دوامات منفتلة وهي تـنسحب إلى قيعان سحيقة لايعرف شدة مرارة سباخها إلا رب سماوات المياه الضحلة. عشرون جثة تحيط جسدي، تضغط بثقل أوقيانوس خرافي، حراشفها الزلقة تحاصرني من كل الجهات، تبث روائح موتها في الهواء الذي بات عسيرا الحصول عليه وهو يرشح كقطرات صغيرة من المياه المنزلقة بين الجثث. رأسي يكاد ينفجر، يستدق كحيزبون باخرة إغريقية، عيناي تندثر، أسناني المستدقة، جسدي الافعواني المرقع بجزر حقول البن. زعانفي هي الأخرى تضمحل، تتوارى، غير إني لازلت حيا ولازلت أذكر جيدا حين حملوني إلى وسط المدينة. كان الوقت ظهرا وكنت الوحيد الذي ينشق حبات المطر وهي تنهال من السماء ولربما كانت هي الزاوية الوحيدة المحددة لسقوط المياه وكثافتها علي، مما جعل خيشومي يمرر كل نسبة الأوكسجين المذاب في الماء، هي التي أبقتني حيا حتى اللحظة، الصدفة لاغير. كنت ألبط من بين الجثث التي تعرض على الرصيف، قرب سوق شعبي. فتاة صغيرة تنظر نحوي بحزن، تبيعنا إلى المارة، تصرخ بأسمائنا، تفضحنا بطوية بريئة وكنا عراة. جثث الأسماك التي تتناثر حولي لازالت رطبة، كائن ما من أكلة اللحوم لانعرف من أين جاء وأي الجزر قذفته إلى ساحلنا أشار نحوي وقال / ضعيه أيضا مع الأسماك.. تحرك ذيلي الطويل خابطا في مياه الطست الضحلة مما أثار برشاشه نقمة ذلك الكائن الذي صرخ منفعلا / هيا اسرعي وضعي هذا اللعين /. وسرعان ما احتواني كيس أسود ببطانة كبياض الكفن، مع جثث الأسماك التي أشتد نفاذ روائحها من حولي، فيما الكيس ينتقل من مكان إلى آخر. كنت أعي كل حركة وأنا محاصر بالجثث..!.. مقبرة جماعية طلقة في عليقه صغيرة وأنا الحي الوحيد في ظهيرة ممطرة حتى اختناق مجاري المدينة ببقيا زعانفي التي تكسرت عبر رحلتها إلى طريق الموت. وأمام المقلاة صرّح المنظرون وهم يلتئمون حولي، همس رجل في نحو الخمسين وهو يرتدي قلنسوة وقبعة بحار: إنها السمكة الوحيدة الحية.. !.. قاطعه رجل كهل بلحية كثة ومسبحة سوداء تتراقص خرزاتها بين كفيه البضتين: حاذروا..!.. انه ثعبان ولا يجوز أكله أو النظر إليه كما أن قتله حسنة لاتجارى. وأضاف آخر مؤكدا: أتعلمون أن بإمكانه أن يولد صد مة كهربـية قد تصل خمسمائة فولت وأنتم تناورونه وهو في حوض. ونظر آخرهم متمليا جسدي المسجى فوق الطاولة وصرخ: إن غرابة هذا الكائن تدفعنا أن نتعجل الخلاص منه، وأكد ذو اللحية الكثة: الحنكليس ثعبان برأس سمكة، مسخ غريب عن سواحلنا.. وما أسرع الأكف التي امتدت لتطالني. أكف بمدى وأسلحة غريبة أخرى، غير أن صاحب القلنسوة صرخ بهم محتجا وحملني من بين الجموع التي كانت تهتف بقتلي وركض بي نحو الشاطئ. صرخاتهم المتواعدة راحت تتلاشى خلفنا وثمة صوت اطلاقات وأزيز رصاص، لقد سقط البحار عند حافة الجرف فيما انزلقت عبر الانحدار المطحلب بالاشنة والمحار إلى الشاطئ الذي حملني بين كفي موجتين وراح يهدهدني ثم يقذف بي حتى الضفة البعيدة الأخرى، وهكذا نجوت وراحت جراح الغربة التي حملتها من المدينة تندمل بفعل أملاح الشاطئ.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. لعبنا BOX ON ?? مع الفنانة هنادي مهنا وجاوبت على شوية رسايل
.. ماريان خوري المديرة الفنية لمهرجان الجونة :اشتغلنا لمدة سنة
.. لعبة BOX ON ?? مع الفنانة أروى جودة وكشفتلنا عن شوية أسرار ف
.. الفنان المصرى الشاب يايا حمزة: حضرت مهرجانات كتير لكن مفيش ح
.. نجم ليفربول وريال مدريد يشارك في فيلم الحريفة 2