الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قواتُ مكافحةِ الأحِبَّة

احمد سمير

2015 / 2 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


بما أن تشكيلات الأمن في بلادنا أصبح لا حصر لها ويمكن استحداث أي قوة لمكافحة أي شيء قد يشكل تهديداً وان كان ذلك التهديد معنوياً ويخص فرضاً معيناً أو حالة خاصة، إلا أن ذلك الأمر جاء نتيجة الأحداث الأمنية التي مرت على العراق وأخرُها داعش الذي سَيطر على مساحات كبيرة من الأراضي الواقعة في الشمال والغرب من البلاد لتكون آخرَ تلكَ الدعوات تأسيسُ حرسٍ وطني ٍ للمحافظات يضافُ للعديد القوات المسلحة.

فالخوف من فقدان المزيد من الأراضي ليس هو ما دفع البعض لتشكيل قوات جديدة فهناك من يطالب بتشكيل قوةٍ لعدم فقدانِ الانتماءاتِ الفكرية للأشخاص الذين يعيشون في بعض المناطق وهو ما جعل بإمكانِ الحكومات المحلية بل وحتى المركزية أن تستحدثَ أيَ قوة عسكرية لمكافحة أي تهديدٍ أو خطر؟؟؟؟، لكن هل بالإمكان استحداث ُ قوة لمكافحة الأحِبَّة الذين يتبادلون الحب والتهاني والهدايا ومنعهم من التعبير عن مشاعرهم؟؟؟ لاسيما في يوم "الفالنتاين" عيد المحبين فهو يومٌ خطيرٌ جداً يجب فيه نشرُ قواتِ مكافحةِ الأحِبَّة في الشوارع لمنع أي ملامحَ للاحتفال بنظر بعضهم.

هذا الأمر قد يكون ممكناً في مجلس محافظة النجف، ليس في الوقت الحالي فقد اكتفى مجلسُها بتوجيه شرطة المحافظة بمنع "الظواهر السلبية" والتي لم يحددها أو يسمها حتى، ولم يبين ما هي تلك الظواهر السلبية التي يجب أن تمنعها الشرطة، لكن في السنوات القادمة قد يكون بعض أعضاء مجلس النجف قد وصلوا إلى قناعة كاملة بضرورة تأسيس قوة مكافحة خاصة لعيد الفالنتاين والأعياد الأخرى غير الدينية في المحافظة.

تأخذ تلك القوة مسؤولية منع ملامح الفرح والاحتفال في عيد الفالنتاين، لانه عيد مستورد وبما اننا بلد لا يحب الاستيراد ونعتمد على جهودنا الفردية في توفير احتياجاتنا لذلك كيف لنا أن نتقبل فكرة استيراد أفكار الأعياد من الغرب، وتقوم القوة المكلفة باعتقال أي محب أو حتى محتفل "سلبي" بحسب رأي مجلس النجف، لكن ثمة سؤال هنا .. كيف من الممكن أن تميز تلك القوة المشتبه به إن كان سلبياً أم ايجابياً؟؟؟؟؟، الحل قد يكون عِبرَ حَملِ أفراد القوة أقطاب مغناطيسية موجبة القطب... لأنها إذا حَمَلت القطب السالب سينفر منها المحتفل السلبي وإذا نفر منها ابتعد وبالتالي أصبح من الصعب على أفراد القوة إمساكه، أما القطب الموجب فسيجذب المحبين إليهم بمجرد المرور بالقرب منهم ويستطيعون إمساكه من دون جهد، وهي نظرية فيزيائية أمنية فلسفية شاملة لكل العلوم والأفكار الحياتية كما حالُ شهادات بعض أصحاب القرار، ويمكن أن نطلق على تلك الفكرة نظرية العباقرة.. فالعبقرية في اتخاذ القرارات لا تقل شأناً عن العبقرية العقلية في مجال العلوم المختلفة.

نعود إلى الفالنتاين بما أننا خرجنا كثيراً عن وحدة الموضوع وسياقاتهِ لكن الأمر يتطلب أن نستقرأ ونتوقع ونتخيل الواقع ونحنُ نعيشُ في واقع ٍ أشبه بالخيال فلا شيء فيه مستحيل، لذلك قد يجد بعض عشاق النجف في قرار مجلس المحافظة تجاوزاً كبيراً على مشاعرهم وتقيداً واضحاً لحرية التعبير التي كفلها الدستور في مواد مختلفة وأبرزها المادة السادسة والأربعين والمادة السابعة والثلاثين ثانياً، والمادة الثانية والأربعين لذلك فمظاهر الاحتفال في النجف ولاسيما احتفال الفالنتاين ستمنع من الممارسة ويمكن للمحبين مبادلة التهاني الهاتفية والاعتماد كذلك على الانترنت في رؤية الحبيب أو الحبيبة وهو أمر في غاية التعقيد.

واستغرب هنا قرار مجلس النجف هذا وأتساءل ما إذا كان الاحتفال هو المقصود أم المواطن... فمنعُ الاحتفال لا يعني السيطرةَ على عقول المواطنين في العيش بحرية لكنه قد يرغِمَهُم على فكر معين يعتقدهُ أصحاب القرار، فلكل إنسانٍ الحقَ في التفكير بالطريقة التي يرغب بها والتي كـَفـِلها له الدستور، واختـَتِمُ قولي بكلمات من قصيدةٍ لنزار قباني عنوانها "اعنف حب عشته" ويقول فيها : تلومني الدنيا إذا أحببته.. كأني أنا خلقت الحب واخترعته .. كأنني على خدود الورد قد رسمته... تلومني الدنيا إذا.. سميت من أحب .. أو ذكرته.. كأنني أنا الهوى.. وأمه .. وأخته...
واضيف لتلك القصيدة: تلومني الدنيا اذا حرمته .. قيدته او احتجزته.. سيبقى فكره حراً مهما اسْـتَـغْـفَـلَـتَـهُ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الصيني في زيارة إلى فرنسا تركز على العلاقات التجارية


.. مفاوضات حماس وإسرائيل تأتي في ظل مطالبة الحركة بانسحاب كامل




.. مصدر مصري رفيع المستوى يؤكد إحراز تقدم إيجابي بشأن مفاوضات ا


.. النازحون يأملون وصول إسرائيل وحماس إلى اتفاق وقف إطلاق النا




.. Ctقتيلان وعدة إصابات بغارة إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل