الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية

منذر خدام

2015 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


حقيقة الموقف الأمريكي من الأزمة السورية
منذر خدام
هل نذهب بعيداً للتأسيس لفكرة هذه المقالة التي ترصد الموقف الأمريكي الراهن مما يجري في سورية والمنطقة عموماً بالقول أن تفجير صراعات طائفية مذهبية كان في صلب اهتمامات العقل الصهيوني المؤسس لإسرائيل، والمدعوم أمريكيا، لكي تظل دولة دينية قوية في وسط دويلات دينية ضعيفة ومتناحرة. لكن لماذا السير بعيداً إلى الوراء والنبش في "حكماء صهيون "، أعتقد يكفي التمعن بما قاله مراسل تلفزيون العربية في واشنطن هشام ملحم بالأمس القريب من على شاشة تلفزيون العربية، وهو المتخصص بالشؤون الأمريكية، لإدراك حقيقة الموقف الأمريكي مما يجري في سورية ومنطقة الشرق الأوسط عموما!.
لقد نقل الأستاذ هشام ملحم عن " البيت الأبيض ومستشاريه " قولهم بخصوص "المسألة العربية" ، أن ما يجري اليوم في المنطقة العربية قد أطلق " صراعاً إسلاموياً سنياً /شيعياً يستنزف الطرفين "، وهو بطبيعة الحال لن " يهدد الحليف الإسرائيلي"، بل سوف يخدمه ويعزز من دوره في المنطقة. إضافة إلى ذلك فهو قد فجر " صراعاً بين أصدقاء أمريكيا."( تركيا، قطر، مصر، ودول الخليج الأخرى) من أجل إعادة " التموضع" في "شرق أوسط جديد"، لطالما تحدثت عنه إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن، كجزء من استراتيجيها المعلنة تحت عنوان "الفوضى الخلاقة "، وهو لا يزال متابعا، بطبيعة الحال، من قبل الإدارة الجديدة. وليس هذا وحسب بل هو يضع "أصدقاء أمريكا" هؤلاء مجتمعين في طرف معادلة "الصراع مع إيران" يستنزفون بعضهم بعضاً. وفي النهاية كل منهم سوف تزداد حاجته إلى " الرضى الأمريكي"، ولن يجدون بديلاً عن أمريكا للتدخل وفرض حلول معينة في الوقت الذي تشاء. وباعتبار أن العقل الاستراتيجي الأمريكي يتميز بالكونية والشمولية، فهو والحالة هذه يستفيد من صراعات الشرق الأوسط وتطوراتها لدفع " روسا والصين" إلى مزيد من الغرق في وحوله، واستنزاف قدراتهما، وفي الوقت ذاته يتم إنهاك قوى" الحلفاء الأوربيين ". مخرجات هذه السياسة الأمريكية كادت أن تكون ربحا صافياً، لولا ظهور داعش واجتياحها لمناطق واسعة من العراق وسورية. فهي لم تكن "تكلف أمريكا كثيراً"، ربما غير تكاليف تنقلات وزير خارجيتها ذات الصلة بهذه الصراعات. ومع أن " أهمية الشرق الأوسط " بحسب ما نقله الأستاذ ملحم عن أوساط "البيت الأبيض ومستشاريه" قد قلت كثيراً، لكن ذلك لا يعني أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة بالمطلق بما يجري في الشرق الأوسط عموما وفي سورية خصوصاً؟!!.على العكس، فأمريكا كدولة عظمى، تنتشر مصالحها على امتداد الكوكب، لا تستطيع أن تترك مجريات الأحداث في المنطقة تتحكم بسلوكها السياسي، لذلك فهي تراقبها عن كسب، وتعمل على التحكم بها، وتوجيهها الوجهة التي تخدم مصالحها.
لقد صار معلوما بعد نشر رسالة الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى أركان حكمه المؤرخة بتاريخ 12/آب 2010، بعنوان" الإصلاح السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" مؤخراً، إن إدارته كانت تتوقع حصول تغييرات كبيرة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وإذا كان ما يسمى ثورات " الربيع العربي" ليس صناعة غربية، أو إسرائيلية، كما صرح بذلك بعض المتحدثين في مؤتمر هرتسيليا للأمن، الذي عقد في إسرائيل مؤخراً، إلا أن الدول الغربية، قد تدخلت فيها بقوة وكثافة لتوجيهها بما يخدم مصالحها الإستراتيجية.
إن المتابع لمسار السياسة الأمريكية تجاه ما يجري في سورية على وجه الخصوص يجد أنها قد مرت بتعرجات وانعطافات كانت على ما يبدو ضرورية للوصول إلى النتيجة النهاية المبتغاة، وهي تدمير سورية، وإخراجها من دائرة الفعل والتأثير في المنطقة لعقود من السنين. ففي البداية أعلنت تشجيعها الصريح للمظاهرات في سورية، حتى قيل أن سفيرها في دمشق روبرت فورد كان لديه شبه غرفة عمليات لمتابعتها. وعندما انتشرت ظاهرة العسكرة في صفوف المعارضين سارعت أمريكا علناً لتشجيع تقديم السلاح والمال لهم. بل غضت النظر عن قدوم عشرات الآلاف من المتطرفين من مختلف بقاع العالم للقتال في سورية ضد قوات النظام. ومن خلال إعلانها أن الرئيس السوري قد فقد "شرعيته"، ساهمت بتغذية الوهم لدى كثير من المعارضين، ولدى بعض السوريين بقرب سقوطه، مما ساهم بانتشار التطرف السياسي لدى بعض المعارضين، الأمر الذي جعل المطالبة بتنحيه، وتسليم السلطة شرطا مسبقاً لنجاح أية عملية تفاوضية. وفي هذا السياق أيضاً لم تبذل أي جهد فعال لنجاح مسار جنيف التفاوضي، وكان لقراءتها الخاصة لبيان جنيف الذي قامت عليه المفاوضات دورها في إفشال المفاوضات في جنيف، لا يقل عن دور النظام.
اليوم انقلبت السياسة الأمريكية على كل ذلك، فهي لم تعد تكترث للمعارضة السورية في الخارج، ولم تعد تكترث للحلول السياسية للأزمة السورية، فتركتها لروسية، ولم تعد تقول بضرورة تنحي الأسد وتسليم السلطة، بل بدأت تنظر إلى مسألة بقائه في السلطة، بحسب ما نشرته الغارديان بتاريخ 25/1/2015، بعين الرضا، وضرورة لمحاربة داعش، والحؤول دون انهيار الدولة السورية، بعد أن كانت تعده سببا لتفشي التطرف والإرهاب في المنطقة.
وكما في مسرحية "الخطوط الحمر" الأمريكية التي اتهم النظام بخرقها باستخدام الكيماوي ضد شعبه، فكان يكفي أمريكا تجريد النظام منه بدون أن تتدخل مباشرة لإسقاطه،لأنها حقيقة لم تكن جادة أبدا في إسقاطه، بل في " تغيير" سياساته، فهي اليوم لن تتورط أكثر في سورية، ولا في المنطقة عموماً، فهي مكتفية بمساهماتها الجوية في الحلف الذي أنشأته لمحاربة داعش.إن التوجه العام للإدارة الأمريكية بحسب هشام ملحم، هو عدم الاستعجال في التدخل المباشر والكثيف في المنطقة، طالما أن الجميع يحترم " الخطوط الحمر" الأمريكية وهي حصول تهديد جدي لـ" أمن إسرائيل"، أو حصول تهديد استراتيجي لنظم وكيانات حليفة"، وخصوصا نجاح الجهاديين بالوصول إلى "السلطة" في أحد دول المنطقة، مما يهدد المصالح الأمريكية. أمريكا لا تسترشد أبدا بمصالح الشعوب العربية، وغير مكترثة للثمن الباهظ الذي تدفعه من دماء أبنائها ومن عمرانها واقتصادياتها طالما يصب ذلك في خدمة مصالحها، ومصالح حليفتها الإستراتيجية الوحيدة إسرائيل،فهل من معتبر؟!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فشلكم عربي إسلامي بحت
فريد الساعاتي ( 2015 / 2 / 14 - 08:21 )
الأزمة السورية أزمة عربية إسلامية بحتة، وكالعادة تعلقون فشلكم وارهابكم وتخلفكم على امريكا ، وأقول لكم صحوا النوم ، اسرائيل قوية لاتوثر عليها لاسوريا ولا كل الدول العربية ، اقولها الحقيقة وليس حبا ، انتم فاشلين ويقتلكم الحسد والفشل والارهاب اللذي تعيشون فيه ومنكم واليكم

اخر الافلام

.. بعد مصرع رئيسي.. هذه تحديات كبرى تواجه إيران ! | الأخبار


.. سر من أسرار محمود وبيسان.. كيف تطورت علاقتهم؟ ????




.. انتخابات مبكرة وإدارة انتقال مضطرب.. امتحان عسير ينتظر إيران


.. جنوب لبنان.. حزب الله ينعى 4 من عناصره ويهاجم مواقع إسرائيلي




.. إعصار الجنائية الدولية يعصف في إسرائيل | #التاسعة