الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل ستنجح الديمقراطية الغربية على تمكين الشعوب في تداول السلطة؟

عبد الاخوة التميمي

2005 / 9 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


للجواب على ذلك ممكن ان نقول ..نعم. ولكن على وفق اي من القوانين التي تتحدد بموجبها الية التداول؟ وهل ان البشر المطلوب منهم المساهمة في عملية التداول متساوون في الفهم والتطلع ومن ثم الاستجابة لهذه المهمة ؟ كذلك هل ان الجغرافية او التاريخ سيكونان العقبة في ذلك؟
للجواب ثانية نقول ان كل ذلك ممكن وقابل للتحقيق .فالناس والتكنولوجيا والتفاعل مع الجغرافية والتطور التاريخي لللشعوب والتفاوت البيني بين الشعوب له الاثر الكبير في التطلع السياسي والاقتصادي وله تاثيره البين على الديمقراطية التي تحولت الى سمة العصر بعد الالفية الثالثة. كونها انتقلت وتدرجت الى ان استقرت كحالة من حالات التصحيح وتشذيب الاخطاء لنتائج ناجمة عن فعل وردة فعل جراء عمل سياسي بين السلطة ومؤسساتها من جهة والشعب وتطلعاته من الجهة الاخرى ... وكل ذلك محكوم بنمو وسائل الانتاج وتطور ادواته المادية والفكرية مقرون بمفردات استيعابه واعادة صياغة قوانينه ... فالتطور عبارة عن قوانين واعادة صياغة لنفس القوانين تقر وتستوعب حتمية التطور وتستجيب لارادته الموضوعية .
فالعفوية واللاارادية والعشوائية بمجملها قوانين تعكس انماط السلوك البشري كنظام فوقي يتآتى من بنية النظام التحتي للواقع الاجتماعي الاقتصادي لايخضع ببناءه الا لشروط تواجد عناصره الاساسية بغض النظر عن وجود الزمن او الموقع ...اي التاريخ والجغرافية.ليس على اساس رغبة شخصية لاطراف متنازعة حينا ومتقاربة تحكمها عوامل السوق وراس المال تنجم عن العملية الانتاجية التي بدورها تحدد علاقات المجتمع بشكل عام وما يتمخض ذلك عن قيام سلطة تضطلع بقيادة مسيرة هذا المجتمع احيانا اخرى.
وللوقوف على ذلك يقتضي ان نقول ما هي الدولة ؟
(ان اصل كلمة دولة يعود الى اللغة اللاتينية والماخوذة من كلمة ((status التي تعني الحالة المستقرة ولم تاخذ الكلمة مدلولا سياسيا الا في العهد الروماني عندما اقيمت الجمهورية) وكذلك لم تستقر على مفهومها الحالي الا بعد ان حدد مفهومها ميكافيلي حين عرفها بانها كل هيئة يكون او كان لها سلطة على الشعوب .وهي اما جمهوريات او امارات..
والدولة كما وصفها مارسيل بريلو بانها (مؤسسة المؤسسات) ثابت...وبالتالي.. هي الكيان المسؤول عن تطبيق القوانين وفرض العقوبات لمعاقبة المسيئين ومكافئة المحسنين اضافة لواجباتها الاساسية في التشريعات الاقتصادية والاجتماعية وحسب ايديولوجياتها او برامجها سلبا او ايجابا ضد او مع مصلحة المجتمع بشكل عام او لمصلحة اقلية.سياسية اقتصادية تشكل سلطة الدولة. وهذه الدولة بسيطة او مركبة. اتحادية او غير اتحادية.بل من خلال كونها كيان اجتماعي سياسي مؤسساتي اقتصادي خدمي. لها قوة تطبيق التشريعات عسكريا. وعلى ضوء ماتقدم فاللدخول في ثيمة التشريعات السياسية المدنية والعسكرية يقتضي منا مناقشة الهدف الذي تبتغيه البنية التشريعية سياسيا واقتصاديا للدولة المعنية وهل ان ذلك يعتبر حالة من حالات الترف السياسي الاجتماعي ام حاجة موضوعية اقتضتها مصلحة الشعوب وهذا يعني انها تشكل ركن هام من اركان وجود المجتمع حالها في ذلك حال العيش والسكن والشرب والملبس...واذا سلمنا بذلك كواقع حال. فعلينا ان نضعها ضمن كينونة الوجود الاجتماعي كحالة ملازمة له. اذا ما علمنا من واقع التطور الاقتصادي على صعيد التاريخ البشري ان النضج الاجتماعي يتناسب طرديا مع النضج السياسي وما الديمقراطية الا احدى اهم نتائجه وما تحديثها الا المؤشر العلمي الذي تحول الى ان يكون المادة الاساسية الاكاديمية للعلوم السياسية في نهاية الالفية الثانية.كواقع حال لايجاد علاقات مرنه بين الشعب ومكوناته من جهة وبين السلطة والشعب من جهة اخرى تحكمها اسباب اقتصادية تاريخية اجتماعية لاعلاقة لها بالدين او القومية او الاثنية او الجغرافية .... وتعمل قوانين الاستجابة والتحدي بالرفض على وفق المصالح والاهداف للتوافق او التنافر مع مبادئ الديمقراطية وسماتها.
فالديمقراطية في الغرب بعد ان ترسخت اسباب نشوؤها عبر تعدد مقومات البناء الاقتصادي وتنوع هيكليته وانتشار اوجه الاستثمار وتغير انشطته نوعيا بالاعتماد على التقانة العالية التي دخلت الى عالم المال الواسع ومارافق ذلك من نمو وتطور في اوجه التحويل وفتح الاعتمادات الفائقة والتحكم عن بعد في عملية الانتقال والتحويل لرؤوس الاموال من خلال ثورة الاتصال والتغيير الحاصل من الاقتصاد العيني الى الاقتصاد الرمزي كل ذلك حتم ويحتم على دول وحكومات الشرق ايجاد بدائل تتناسب وواقع الخروج من عقلية البداوة والتحرر من شرنقة التبجح بماضي لايحمل الا الوهم ومعول هدم لمقاومة التحديث والسباحة ضد تيار العلم والمعرفة العلمية والعصرنة بكل ما تحمله من شفافية الغوص في اعماق المجاهيل التي كانت بالامس القريب عصية على من يدعي المعرفة المتميزة بين ابناء عصره ان الديمقراطية الغربية لم تكن وليدة الصدفة ولم يكتشفها الغرب اكتشافا علميا حالها في ذلك حال الاكتشافات العلمية في مجال الطب او الفلك ولم يحصل عليها كمنحة الهية وهبتها الكنيسة ولاهي بالايقونة التي عزفتها انامل الفنانين لاضفاء طابع الرهبنة بل هي نتيجة لعمل انساني شاق استهلك الكثير من الطاقات البشرية واحرق الكثير من قدرات العضماء في محارق التاريخ المتقدة.. ولاننس القرون المظلمة التي احرقت فيها كتب ابن رشد في فرنسا والتي كانت تدعو الى ترجيح كفة العقل على العقيدة او الاكويني الذي لايبغي اكثر من قراءة الانجيل وعدم تحريفه من قبل رجال الدين انفسهم وتطبيقاتهم اللادينية باسم الدين لتسويغ التعسف انذاك وقبل ذلك سقراط والنتيجة المأساوية التي حلت به وبافكاره النيره قبل اكثر من الفي سنه....
وتبقى للتطور شروط وللتحرر قوانين موضوعية وطريق غير معبد لقد علمنا التاريخ ان التطور لايتم الا بجماجم الناس وامتداداته قيود في معاصم المفكرين و العلماء.. ولكن يبقى هو نفسه المفضي للديمقراطية كونها لم تكن نزوة شخصية ولارغبة موسمية لهذا الطرف اوذاك بل عمارة كونية ساهمت في انشاءها جميع شعوب العالم وبشكل متفاوت كل حسب حجم تطوره وتحولت الى اشعاع وتنوير لاحقتها مصالح المنتفعين من القلة التي امتد تاريخها التعسفي عبر الاف السنين من خلال موقفها السلطوي الذي تربعت عليه عبر تاريخ طويل من المسميات الدينية والسياسية ولم تدع الشعوب تنعم بابسط حقوقها بل قيدتها بمتاهات تنظ يرية حتى اوصلتها الى ان جعلتها تنسجم اخيرا بمصطلحات اسمتها بالستراتيجيات الدولية واضاعت على شعوب الشرق فرصة حرق المراحل في البناء الفوقي ليتسنى لها السيطرة على البناء التحتي ومن ثم اعادة البناء السياسي بما يتناسب وقيم التجديد على وفق العصرنة واختزال الزمن ودفعت شعوب الشرق اضعاف مضاعفة ما دفعته الشعوب الغربية جراء التطور غير المكافئ مما جعل الغرب يعد في مصانعه السياسية والاخلاقية لحكامه حكاما شرقيين ليس لهم من موقع في الشرق سوى عصى غليضة للتطبيع وحراس لمصالح اقلية وذكاء مفرط في استخدام العنف ومحاربة الشعوب في وأد الديمقراطية تحت شعائر الدين تارة والقومية او الانبهار بالغرب تارة اخرى...
ونسى الغرب ان التطور الديمقراطي حالة انسانية موضوعية لاتخضع لرغبة هذا الطرف الدولي او تلك الشركة العملاقة .. بل هارمون قد يتسبب في ا لقىء عند دخوله جسم الشرق للوهله الاولى لكنه سيكون سببا في ولادة جديدة تحمل معها مقومات بناء المستقبل وهذا ما حصل وسيحصل .. مما حاك نسيج خيوط الترابط الديمقراطي وعجل ثم قرب المسافات بين الشرق والغرب وسهل التلاقح المعرفي وتمخض نوعيا عن ولادة طبيعية غيرت مسارات الاستثمارلاعلى اساس الاستعمار القديم وادواته بل وفق شروط العصرنة التي من ابرز مميزاتها اعطاء الديمقراطية للجماهير وتقليل دور الدوله المركزي وايجاد تشريعات تتنفس من خلالها الشعوب هواء حرياتها وصولا الى ان تكون صناديق الاقتراع الفيصل في مجئ هذا الحاكم او ذاك وخلق تقاليد اجتما عيه ديمقراطيه عصريه خلافا للتقاليد الاستبداديه مع وجود ارضيه جديده للاستثمار قوامها المنفعه المتبادله وتنشيط مؤسسات المجتمع المدني وتقوية دور النزاهه من خلال مدرسة الشفافيه التي ستحكم سلوك الدوله والمجتمع وسيادة القانون وعدم التدخل في تطبيقاته كما ان ذلك سيزيد من دورة راس المال ويعود بالفائده على المستثمر وبالتالى سيحفز الشعوب على النضال السلمي ويقلل من خسائرها البشريه جراء كفاحها العنفي ويرفع من يقضتها بزيادة وعيها وبالتالي ارغام المستبدين على الاذعان لمتطلبات العصر الممثله باحترام ارادة اوسع الناس لبلورة عنصر النجاح في تفاعل الديمقراطيه الغربيه و تمكين شعوب الشرق من تداول السلطه واحترام القانون وهذا مايقتضيه عنوان البحث كجواب للسوا ل.اما ماتستلزمه مقومات هذا النجاح فلابد من الدخول في بنية البناء الاقتصادي الاجتماعي ليتسنى لنا الاحاطه باسباب النجاح والوقوف على اهم عوامله.... لو تتبعنا سيرالتطورالبشري منذ الفترة الهلينية وماافرزته الفلسفة الاغريقية من منطق سياسي متبلور على الصعيد الديمقراطي ولغاية وضوح النظام الراسمالي ككيان اقتصادي سياسي عسكري بمميزاته المالية والتكنولوجية وطبيعة هيمنته ابتداءا من ابسط حالاته مرورا بحروبه الطويلة والمتعددة الساخنة منها والباردة وماتمخض عنها من كوارث وويلات وتدمير بنى تحتية وفوقية على حد سواء تكللت بحربين عالميتين لازالت البشرية تعاني من وطأتها رغم انقضاء اكثرمن نصف قرن على اخر حرب ..لم تكن الديمقراطية اكثر من محض هراء رغم الدساتيروالقوانين الغربية التي حوتها ديباجاتها ومفردات بنودها وابوابها المتعددة ولقرون خلت لم تكن هذه البنود وتلك الدساتير رادعا لطموح من اشعل الحرب واغرق الانسانية في اتونها... وعلى اساس ذلك فمن الممكن ان نجد لها تطبيقا بسيطا في الشرق المتخلف اقتصاديا وسياسيا وبيئيا افضل من بعض تطبيقاته في الغرب المتطور تكنولوجيا عسكريا وما لذلك من توزيع الارهاب واسنادالعنف واعطاء الديمقراطية بما يتناسب ومصالح هذا الكارتل او تلك الشركة...ولكن وبعد ان تحول العالم كيفيا الى ان يصبح قرية صغيرة بناء على شروط لاحصرلها من العوامل وادوات التغير مما احدث طفرة في ميدان المعرفة الصناعية والبشرية بصورة عامة جراء الكثير من التراكمات وعلى كل الاصعدة وبناء على تقارب المسافات واختراق الحدود وتعدد مصادرالمعرفة وعدم اقتصارها على حقل معين فلابد من ان يشمل ذلك مفهوم الديمقراطية باعتبارها حالةمكملة للبناء الاقتصادي الاجتماعي البنيوي تترابط جدليا بالحركةالديناميكية ليس مع المجتمع الغربي وحسب بل لجميع العالم كون الثروات ورؤوس الاموال والاسواق والايدي العاملةومصادر المعرفة والبحث العلمي واوجه الاستثمار المتعددة وضعف الدولة المركزية والتقليل من تدخلها المباشر في شؤون المؤسسات مع اعطاء مرونه اكثر لحرية حركة رأس المال بالارتباط مع اقتصاد السوق كل ذلك جعل من الديمقراطية عنصر هام في تنشيط مؤسسات المجتمع المدني وتقوية عناصر تسويغ مفاهيمها سياسيا من خلال بناء واقع مادي تركن اليه وتنطلق من بيئته كي تتقارب المفاهيم والاذواق على المستوى العالمي وتتماثل معها لتنسجم مع رغبات الشعوب وتقلل المسافات في التفكير والوعي كي تتقارب معها مقومات نضج الوعي بالديمقراطية لتكون وحدة استيعاب تقبل السلع المنتجة في اكثر الدول الصناعية تصنيعا على الصعيد الغذائي والخدمي وهنا تتحول الديمقراطية في زمن منظمة التجارة العالمية ومقاييسها النوعية العالمية الى اعلان تجاري يسوغ الاستثمار ومروج كبير للبضائع والسلع المنتجة في دول المركز وتمكين الشعوب من تداول السلطة التي تؤمن ذلك...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة