الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خواطر عابرة.. (2/3) يوم دفنّا جنين الديمقراطية في ليبيا..

محمد عبعوب

2015 / 2 / 15
الادب والفن


فيما كان ينتظر حشود المتظاهرين المؤيدين لدولة القانون والمؤسسات الذين لن يأتوا، لفت نظر أبو احمد تجمع بدأ يتشكل تحت مدخل السريا الحمراء، حافلات تصل وتقذف بالعشرات من شباب وشيوخ جلهم ملتحين يرتدون ملابس بيضاء ليبية وخليجية لا ينقصها إلا العقال.. عرف أن مظاهرة مناوئة ستنظم لافشال مظاهرتهم، وتأكد أن حدسه لم يخطئ عندما فكر في الامر وهو في الطريق الى ميدان الشهداء، لكنه اعتبر أن هذا أمر طبيعي تفرضه معطيات الحياة الديمقراطية، المهم اللا يتطور الامر الى صدام لا سمح الله بين المتظاهرين من الجانبين..
فيما كان المتجمعون دعما للدولة المدنية يتزايدون بأعداد فردية ويفتقرون لقيادة فاعلة تنظم حراكهم، بعد أن قرر الداعون لهذا الحراك الانزواء في مكاتبهم وغرف نومهم الفاخرة ومراقبة الامر من خلال الشاشات الفضية، كان الطرف الآخر المناهض للدولة المدنية يزداد بالعشرات من الافراد الذين تقذف بهم حافلات مخصصة لنقل الأنصار لهذا اليوم، و سرعان ما ظهرت عشرات اللافتات القماشية الكبيرة والورقية المثبة على الواح خشبية منظمة وجاهزة في ايديهم تؤيد تيار الاخوان المسلمين وتتخذ من دماء الشهداء شعارا تحتكره لنصرة تنظيمهم..
دارت بخلده تساؤلات يفرضها الواقع:
أين قيادات التيار الوطني؟ لماذا لم يظهروا في الميدان؟ لماذا لم يخصص هذا التيار حافلات مماثلة لنقل مؤيديه من مختلف الأحياء الى الميدان والمشاركة بفاعلية في هذه التظاهرة؟ لماذا تخلى الآلاف من الناس عن التطوع للمشاركة في هذا الاستحقاق المهم؟ ترى هل تحالف الاخوان لديه من الامكانات والقدرة على تنظيم أنصاره أكثر مما لدى تحالف القوى الوطنية؟
وفيما عواصف التساؤلات الصادمة تعصف برأسه سمع أصوات من حوله تنادي بالبدء في ترديد الهتافات وتنظيم الصفوف، نظر حوله فلم يرى إلا جمع لا يزيد عدد أفراده عن المائة وخمسين شخصا بينهم سيدات من مختلف الاعمار، بعث فيه وجودهم حماسا أزاح كل الاحباط الذي اصابه بسبب تدني عددهم، واندفع يردد الهتافات المؤيدة للدولة المدنية وإقامة دولة المؤسسات والقانون وتفعيل الجيش والشرطة، وتحرك الجمع الصغير الى وسط الميدان بشكل يفتقر للتنظيم والسيطرة ، وفي غياب شبه كامل للشرطة والامن الذين اكتفوا بمراقبة الاحداث من بعيد، كان البعض ينادي بالتجمع عند النافورة والبقاء حولها لتفادي الاصطدام بالمتظاهرين المناوئين الذين ظهروا في الجانب الآخر من الميدان، فيما يطالب الشباب المتحمسون والذين لا يقيمون حسابا للعواقب أو ربما مندسون يعملون لاشعال العنف بالزحف ومواجهة المناوئين، وكانت الغلبة لهم وزحف الجمع البسيط في عدده الى وسط الميدان، فيما تحرك المناوؤن لهم لملاقاتهم، وحدث كر وفر، وفيما كان صاحبنا يحمل لافتته ويردد الشعارات المؤيدة للدولة المدنية صحبة عدد قليل من المؤيدين، فإذا بأحد الملتحين ينقض عليه ويحاول تمزيق اللافتة وتوجيه لكمات له تفاداها بخفة وسحب اللافتة وهو يحاول إقناع ذلك الموتور المنغلق على ثقافة العنف واستئصال الآخر بأن الديمقراطية تفرض عليه ضرورة احترام الآخر ومواجهته بآراء وافكار وليس بالعنف.. وتدخل بعض العقال من التيار المناهض وانقذوه من براثن هذا المتوحش لافتين نظر الخير الى ضرورة احترام شيبة هذا المتظاهر المسكين.
شجعه تدخل هؤلاء العقال وردعهم لذلك الموتور على الاستمرار في معركته السلمية ورفع لافتته عاليا مرددا نفس الشعارات، فيما كان الميدان يتحول الى ساحة مواجهات بالايدي والعصي بين المتطرفين من الجانبين، كان البعض ينظرون له باستغراب، أشار له أحد المناهضين للدولة المدنية بضرورة التخلي عن هذه اللافتة لتفادي الصدام ، فرد عليه بأن الديمقراطية التي خرجنا من اجلها يوم 17 فبراير تقتضي وجود هذا المشهد -يقصد مشهد الاختلاف السلمي- الذي يعد طبيعيا، هز هذا المتدخل رأسه باستغراب أمام إصرار هذا الكهل المفارق للواقع على تحدي الوضع المخيف الذي بدأت تظهر وقائعه على الارض..
واستمر السجال بين الفريقين بين كر وفر، وفجاة سمع هتافات تقول ( رجالة فشلوم وصلوا.. حيه عليكم حيه) كان عشرات من مناطق فشلوم المعروفة بتأييدها لتيار القوى الوطنية والاحياء المجاورة لها قد وصلوا لنصرة هذا التجمع الذي يناضل لرد اعتداءات التيار المناهض، واجتاح شباب فشلوم جموع الملتحين وحدثت مصادمات عنيفة ساهمت في تأجيجها تلك الهتافات والشعارات العقيمة التي تدعو للعنف ، الى أن جد جديد على الميدان نقل فاعلياته الى أقصى ميادين التطرف غير المحسوبة على الاقل في عقل صاحبنا..
تابعو الجزء الثالث والاخير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في