الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتفاضة و المقاومة متلازمان و لا فصل بينهما

فهد سليمان

2002 / 12 / 25
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


       
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


عندما انطلقت هادرة قبل عامين ونيّف، وتوحد الشعب وقواه المناضلة على خيارها وعلى مختلف أشكالها المقاومة سياسياً وجماهيرياً وعسكرياً، بشرت الانتفاضة أن النصر آت لا محالة و أن الاحتلال آيل حتماً إلى زوال ..
و في هذا السياق لا مجال للفصل بين الانتفاضة وأي من تجلياتها فالانتفاضة مقاومة، والمقاومة انتفاضة، الانتفاضة مقاومة تمارس بأشكال مختلفة، والمقاومة انتفاضة ضد واقع الاحتلال. والانتفاضة والمقاومة تتحركان معاً على خطط لا يلغي تعددها واقع تكاملها على طريق القدس والعودة والدولة المستقلة.
وإن من يطالب بتخليص الانتفاضة من «العسكرة» بعد أن فشل في تجييش أجهزة السلطة ضد المقاومة، فتحولت بأقسام منها إلى سلاح بيد الشعب ضد الغاصب المحتل.. إن من يطالب بهذا لا يقصد تخليص الظاهرة من شوائبها، بل التخلص من الظاهرة ذاتها.. وإن من يتحسر على إنجازات أوسلو التي ـ بزعمه ـ أطاحتها الانتفاضة، إنما يتحسر على سبع سنوات من مسار عقيم حاول أن يحتوي الطموح الوطني في القدس والدولة والعودة تحت سقف حكم ذاتي، كشفت مفاوضات كامب ديفيد الثانية حتى لأصحاب أوسلو أنفسهم أنه المضمون الحقيقي للمشروع الإسرائيلي..
إن طريق الانتفاضة والمقاومة كما يدعي هؤلاء لم يحرفنا عن طريق، سمح بإنجاز بعض الحقوق وفتح الأفق الواعد بالمزيد، فما بدأ بالحكم الذاتي ليتجمد عنده ليس إنجازاً لحقوق وطنية، بل هو تصفية لهذه الحقوق..
وهذا هو ردنا على من ما زالت تساورهم أوهام العودة إلى مسار أوسلو، والذين باتوا أسرى لهذا المسار، وكأنه لم يتنام إلى مسامعهم أن الليكود الحاكم قد تنصلَ من هذا الاتفاق وأعلن وفاته ودفنه دون مراسم..
وإن تنصلَ العدو من اتفاق أوسلو لا يشهد لمصلحة هذا الاتفاق على قاعدة أن ما يرفضه العدو هو جيد لنا. إنه، بكل بساطة، تعبير عن موقف إسرائيلي مواكب للسياسة الأميركية، موقف يعتبـر أنه في سياق السياسة الراهنة للولايات المتحدة لم يعد مضطراً إلى إطار مثلته اتفاقات أوسلو فيما مضى، فثمة «خارطة طريق» تحوّلت، إلى بدل عن ضائع وحلّت «مكان خارطة أوسلو»:
* «خارطة طريق»، كما ذكر شارون مؤخراً في مؤتمر هرتسيليا، لا ترتب على إسرائيل في المدى المباشر القيام بأي خطوة ذات شأن، إن في تجميد الاستيطان، أو في إعادة الانتشار، أو في استقبال مراقبين، أو في إقرار جدول زمني عاجل للإعلان عن دولة فلسطينية..
* «خارطة طريق»، طالبت إسرائيل أصلاً واشنطن بعدم إعلان صيغتها المنقحة والمقرة قبل انتخابات الكنيست.
* «خارطة طريق»، إذن لا ترتب على إسرائيل أي شي، لا الآن في مرحلة تحضير العدوان على العراق، ولا ـ من باب أولى ـ في مراحله اللاحقة التي ستشهد تصعيداً قد يصل إلى مستوى الحرب الصريحة..
إن السياسة الإسرائيلية تبني على المساحات الإضافية التي سوف نستخلصها من هذا التصعيد الأميركي والتي ستسمح لها بتوسيع نطاق عملياتها، قمعاً دموياً واعتداءً، ليس فقط على الشعب الفلسطيني بل على شعوب المنطقة بأسرها.
وبإزاء هذا الوضع حيث تتجمع نُذُر العدوان على العراق وعودة الليكود بزخمٍ أكبـر إلى الحكم بعد الانتخابات ومعه من يبزّه تطرفاً، والمضي بهذا الخيار دونما تردد.
إن الملتفت لا يصل. والملتفت إلى أوسلو حتى لو أشهر التزامه بالانتفاضة، معسكرة كانت أم غير معسكرة، لا يمكن أن يسهم في وضع الحركة الفلسطينية على مشارف الحرية والاستقلال.
هذا حول الانتفاضة والمقاومة والصلة العميقة غير القابلة للفصم بينهما، هذا حول الانتفاضة الشعبية والانتفاضة المسلحة بما هي خيار للشعب، ولأنها خيار للشعب بأسره فإن شرط استمرار الانتفاضة ونجاحها هو الوحدة الوطنية التي لم يعد جائزاً بعد الآن أن تبقى موضوعاً مفتوحاً على مزيد من البحث والتأمل، أو على مزيد من المحاولات المحكوم عليها سلفاً بالفشل بسبب الأساس الخاطئ الذي تستند إليه ولم تعد هناك إمكانية أصلاً لاستمرار الحالة السائدة حالياً، والتي بدعوى الاكتفاء بأولوية الوحدة في الميدان تنظرِّ لبقاء الانتفاضة محكومة بأكثر من رؤية سياسية وبأكثر من طرح بـرنامجي، سواء:
* في تحديد أهداف الانتفاضة..
* أو في اعتماد أشكال العمل والنضال، وأشكال التنظيم الملبية لكل هذا على مختلف الصعد..
* أو في العلاقة ما بين هذه الأشكال والخط السياسي الناظم لها..
* أو في كيفية تنظيم صمود المجتمع الفلسطيني الذي بات مستهدفاً ببناه الأساسية، بالأوليات البديهية التي يقدم عليها أي مجتمع.
إن الوحدة في الميدان، حيث تتجاوز بـرامج ورؤى سياسية متمايزة وأحياناً متباينة، لا تسمح بتعبئة طاقات الشعب الفلسطيني لتعظيم رصيد الانتفاضة وتقدمها.. بل وحدها الوحدة الائتلافية على قاعدة البـرنامج المشترك هي الكفيلة بتعبئة طاقات الشعب الفلسطيني، وخاصة في ضوء عودة الليكود المتجدد زخماً واعتماد الإدارة الأميركية لمعظم طروحاته في سياق التحضير للـهجوم الشامل على المنطقة من بوابة العراق الشقيق. هذا ما سعينا، إليه، في إطار لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية في غزة بمشاركة ثلاثة عشر فصيلاً يمثلون ألوان الطيف السياسي الفلسطيني من أقصاه إلى أقصاه، وهذا ما سعينا إليه وكدنا أن نبلغه لولا نكوص البعض في 5 آب (أغسطس) الماضي. وهذا ما ندعو الآن إلى استئناف الجهد نحوه.
ويخطئ من يعتقد أن الإعراض عن خيار الوحدة الائتلافية على قاعدة البـرنامج المشترك يُبقي العلاقات الداخلية، لا بل الساحة الأهلية الفلسطينية بمنأى عن حالة التوتر القصوى، بدليل الاشتباكات المؤسفة التي شهدها قطاع غزة مؤخراً، كما يخطئ من يعتقد أن الحوارات الثنائية يمكن أن تُنتج وحدة وطنية أو بـرنامجاً مشتركاً تقوم عليه وحدة وطنية. إن قطع الحوار في إطار لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية بتمثيلها الشامل، لوصله بعد حين في إطار ثنائي لن يُقربنا من الوحدة والبـرنامج المشترك، بسبب من طبيعة القضايا المطروحة على جدول الأعمال، وهي قضايا تعني عموم الحركة الفلسطينية بدون استثناء أيٍ من أطرافها: فلا مصادرة لقرار أحد على أحد. ومن باب أولى: لا مصادرة للأجندة الوطنية على أحد. وفي موضوع مصيري كالوحدة الوطنية، وبقضية جوهرية كالبـرنامج المشترك: لا اختزال ولا تفويض، بل مشاركة كاملة من الجميع وللجميع. وبقدر ما نختصر الطريق نحو البـرنامج المشترك والائتلاف الوطني الجبهوي نختصر آلاماً على الحركة الفلسطينية ونحصن الانتفاضة ونرقى بفعالية المقاومة.
هذا ما يمليه منطق الاستعداد لمواجهة حكومة إسرائيلية يُقدر أن تكون أكثر شراسة ودموية وعدوانية من الحكومة الحالية، وهذا ما يمليه مشهد عربي رسمي أقل ما يقال فيه أنه يتوزع بين تواطؤ وسكون وعجز وتفكك لولا تماسك محور دمشق ـ بيروت والصمود السوري ـ اللبناني في مواجهة العدو الصهيوني. وهذا ما يمليه وضع عربي استعاد جزء منه عصر القواعد الاستعمارية البائد، وتحيق به التهديدات الأميركية من مدخل العراق والخليج، ما يجعلنا نرفع الصوت عالياً بالوقوف إلى جانب العراق الشقيق أمام مقدمات العدوان الأميركي الوشيك، وما يجعلنا نرفع الصوت عالياً مطالبين الدول العربية والإسلامية بوضوح قاطع بأن لا تشكل أراضيها فضلاً عن أجوائها ومياهها الإقليمية مقراً أو ممراً للعدوان الأميركي على العراق.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!