الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حريق مسرح بني سويف مسؤولية الوزير وليست الشموع

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2005 / 9 / 15
حقوق الانسان


أكثر ما أخشاه أن يقوم وزير الثقافة بإقالة مدير أو تنحية موظف - أو أكثر - عن عمله ، لكي يمتص حالة الغضب العارمة التي يواجهها الآن ، بعد حادثة مسرح بني سويف ، والتي راح ضحيتها عدد كبير من الكتاب والنقاد والفنانين والمسرحيين والصحفيين ، أخشي أن يفعل هذا ، غير معترف بأنه المسئول الأول والرئيسي ، الذي ينبغي مساءلته ، ومحاسبته ، وإقالته ، حتى نشعر أن هذا الوطن ينحاز لمواطنيه ، أكثر من انحيازه لحاكميه ! ووزير الثقافة له سوابق مشابهة ، لعل أبرزها أزمة الروايات الثلاث ، التي حاول- فيها- التنصل من المسؤولية - إن وجدت أصلا والقضية مرتبطة بالحريات - وقام بمغازلة التيار الديني المتطرف ، في محاولة منه لإبعاد المسؤولية عن نفسه ، وعلي الرغم من أن القاعدة القانونية تحدد : أن المتبوع مسئول عن أعمال تابعه ، وعلي الرغم أن واقعة الروايات الثلاث ، لم يقع فيها ضحايا ، ولم تحترق أجساد ، ولم تعلوا فيها صرخات استغاثة ، علي الرغم من كل هذا ، أقال من أقال ، ونحي من نحي ، ونكل بمن نكل - وكنت واحدا من هؤلاء المبعدين- في محاولة منه للتبرؤ من اتهام لم يكن موجودا أصلا !! ، ولكي يبدو أمام العامة شهيدا ، يحافظ علي الأخلاق .. ويومها رأيناه أكثر من مرة علي الشاشات يتحدث ، وينفعل ، ويطوح بيديه ، وُيقطب ما بين حاجبيه ، مهددا ومنذرا ، واليوم لا نراه يتحدث لكي يخبر الأمة ، ويفسر لها ماذا حدث بالضبط في بني سويف ! وكأن أمر المثقفين لا يعنيه ، وكأنهم سقط متاع ، طالما أنهم ليسوا من حظيرته ! أخشي ما أخشاه أن يقوم بحصر مسؤولية ما حدث في أثنين أو ثلاثة أو أكثر ، دون أن يقدم هو استقالته مشفوعة باعتذار إلي أسر وأهالي الضحايا والمصابين ..وأتساءل : لماذا - في بلادنا - لا يُحاسب المسئول إذا أخطأ ؟؟ ولماذا يتحمل وزر أفعاله ونتائج تصرفاته ، البسطاء ، والفقراء وحدهم ؟ وهل قيمة المثقف لدي الوزير- المسئول الأول عن الثقافة- هي منحة العشرة آلاف جنيه التي أمر بصرفها لكل قتيل ؟؟ كم أنفقت وزارة الثقافة من أموال علي مهرجان فاشل لم يحقق شيئا إلا الخراب للمسرح المصري ، وأعني به مهرجان المسرح التجريبي ؟ كم من الأموال أُهدرت في مهرجانات الوزارة ومؤتمراتها الهزلية ؟؟ كم من الأموال أنفقت علي تحديث المتاحف بوصفها الهم الرئيسي للوزير ، وكأن الوزارة أصبحت فقط ، وزارة للمتاحف !! أسأله كم من الأموال أنفقت علي تحديث بيوت وقصور الثقافة في مصر ؟ ربما بزيارة واحدة لكل عاصمة محافظة ، ستكتشف حجم الكارثة التي يعيشها المتعاملون مع هذه القصور ، وكذلك البيوت ، هناك قصور مغلقة بحجة الاستعداد لترميمها ، مغلقة منذ سنوات طويلة ، ولعل نموذجها الصارخ - الآن - قصر ثقافة دمياط ، الُمغلق منذ أكثر من عشر سنوات ، دمياط التي يتشدقون بأن أبناءها ليس بينهم أميا واحدا ، قصر ثقافتها الوحيد مغلق ، ولا نعرف أسباب إغلاقه ، إلا الإهمال ، وعدم الاهتمام ، وكراهية الحرافيش .. أليس من حق هؤلاء الذين استطاعوا بجهود ذاتيه الانتصار علي الأمية ، الاستفادة من الفنون التي يتيحها قصر ثقافة يأخذ علي عاتقه ، مهمة التثقيف ، لمحو الأمية الثقافية ، أم أن مفهوم الأمية ينحصر عند المسئولين في مسألة الكتابة والقراءة فقط!؟ القصور التي تعمل ، لا تلقي أي رعاية تليق بالأداء الثقافي الفاعل ، لا يعرفون شيئا عن الصيانة ، صيانة الأجهزة والمعدات ، ومتابعتها ، والعقاب الإداري ، فضلا عن السلوك البيروقراطي ، يجعلان الموظف حريصا علي عهدته أكثر من حرصه علي حياته، ولعل واقعة احتفاظ مسئول العهدة بقصر بني سويف بطفايات الحريق في المخازن ، وعدم وضعها في أماكنها ، لعل هذا السلوك خير دليل علي ما نقول !!
وأتساءل : ماذا وفر الوزير لهؤلاء الهواة من إمكانيات ، يستطيعون بها ممارسة هوايتهم ؟ وهل حددت الوزارة ضمن إستراتيجيتها الثقافية ،معالم ما سوف تعطيه لهم ؟؟ أليس من حق هؤلاء أن ينظموا مهرجاناتهم في دار الأوبرا - مثلا - وهي دار مجهزة ، وتتمتع بقدر كبير من السلامة والأمان اللازمين ، أم أنها دار للصفوة ، ولا يحق للحرافيش التعامل معها ، بإنتاجهم الفني ، والمسرحي؟ّ
أسئلة كثيرة .. ويبقي الحزن في الفؤاد ساريا ، ويبقي الإحساس بالوحشة ، عارما ، وتبقي ذكري الأصدقاء ( محسن مصيلحي - حازم شحاتة- صالح سعد - نزار سمك- بهائي الميرغني - مدحت أبو بكر - أحمد عبد الحميد - حسني أبو جويلة - حسن عبده ) وذكري الشباب الفقير الذي طالما جرينا وراءه من قرية إلي قرية أخري ، ومن مدينه إلي مدينة ، ومن نجع إلي نجع ، نتابع مواهبهم ، ونشجعهم ، ونشد علي أيديهم ، لقد مات وأصيب معظم هؤلاء الذين كنا نعطيهم المراكز المتقدمة ، في الإخراج والتمثيل والديكور ، ولا أستطيع أن أنسي لهفتهم حين كانوا يستقبلوننا ، بوجوه باسمة ، وقلوب فرحة ، وملامح بريئة ، لا أستطيع أن أنسي كل هذا ، وأنا في غمرة أحزاني ، أقول لهم : دماؤكم في رقبة هؤلاء الذين يتبرؤون الآن من فعلتهم ، بل أقول لهم : دمكم في رقبتنا جميعا ، إن سكتنا علي الفساد والإهمال ، والتزلف والانحطاط والانبطاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية