الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فَضَاءٌ آخَرٌ ، لِشِعْريَّةٍ أُخْرَى

شريف رزق

2015 / 2 / 17
الادب والفن


فَضـَــاءٌ آخَــرٌ ، لِشِعْـريـَّـةٍ أُخْــــرَى

كثيرًا مَا يُواجِهُنَا الاسْتفهامُ التَّعجبيُّ حَولَ مَنَاطِ الشِّعريَّةِ في قصيدةِ النَّثْرِ، ومِنَ الجَليِّ أنَّه ليسَ الإيقاعَ العَروضِيَّ ؛ فَهَذَا الأخيرُ الذي وُجِدَ في قَصَائِدَ ، مُنْذُ الشِّعر الجَاهِليِّ ، لمْ يُوجَدْ في قَصَائِدَ أخْرَى ، مُنذئذٍ ، وَمِنْهَا - على سَبيلِ المِثَالِ - قَصِيدةُ عَبِيد بن الأبْرَص : « أقْفَرَ مِنْ أهْلِهِ مَلْحُوبُ » ؛ الَّتي تُعَدُّ مِنَ المُعلَّقاتِ العَشْرِ ، رَغْمَ خُرُوجِهَا على سُنَنِ الأوزانِ العَروضَيَّةِ المَعْروفَةِ ، وقَصِيدةُ الأسْوَد بن يَعْفُر ، وقَصِيدةُ سَلَمي بن رَبِيعة ، وأبياتٌ لِعُروة بن الوَرْدِ ، وقَصِيدةٌ لأُمَيَّةَ أبي الصَّلت (1)، وفي عَصْرِ الخَليلِ بن أحْمَدَ (100 -170هـ) عُرِفَتْ قَصَائدُ خَالَفَتْ نُظُمَ العَروضِ وَأعْرَافه ، ومِنْهَا قَصَائِدُ لأبي العَتَاهِيةِ - الذي ذَكَرَ أنَّه أكْبَرُ مِنَ العَروضِ(2)، وَأنَّه لو شَاءَ أنْ يكونَ حَديثُهُ كُلُّه شِعْرًا مَوْزُونًا لَكَانَ(3)، ولأبي نُواس ، وسَلَم الخَاسِر، وَرُزَين بن زَنْدُور؛ الَّذي عُرِفَ برُزَينِ العَرُوضِيِّ لِكَثْرَةِ خُرُوجِهِ على العَرُوضِ(4)، وَبَعْدَ عَصْرِ الخَليلِ وُجِدَتْ قَصَائدُ عَدِيدةٌ لِشُعَرَاء كِبَارٍ ، خَرَجَتْ على العَرُوضِ ، وَلَمْ يُخْرجُوهَا مِنْ حَيِّزِ الشِّعرِ ، ومِنْهَا قَصَائدُ لأبي الطَّيبِ المُتنبِّي(5)(303 - 354 هـ) .
وقد دلَّلَ عبد القاهر الجُرجَانيُّ (-471 هـ) على أنَّ الأوزانَ ليستْ مَنَاطَ الشِّعريَّةِ بقولِهِ : « الوزنُ ليسَ هُوَ مِنَ الفَصَاحَةِ والبَلاغَةِ في شَيءٍ ؛ إذْ لوْ كَانَ لُه مَدْخَلٌ فيهِمَا لَكَانَ يجبُ في كُلِّ قصيدتينِ اتَّفقَتَا في الوَزنِ أنْ تَتَّفقَا في الفَصَاحَةِ وَالبَلاغَةِ » (6)
فالشِّعْرُ ليسَ مُحَصِّلةَ جَمْعِ النَّثْرِ و الوَزْنِ ، كَمَا أنَّ النَّثْرَ ليسَ مُحَصِّلةَ طَرْحِ الوَزْنِ مِنَ الشِّعْرِ .
كَمَا أنَّ العَاطِفَةَ ليستْ - وَحْدَهَا - المَسْئولةَ عنْ تشكيلِ الشِّعْرِ؛ فهيَ - أيضًا- تُوْجَدُ في الشِّعْرِ كَمَا تُوجَدُ في النَّثْرِ الفَنيِّ والشِّعريِّ على السَّواءِ ، كَمَا تُوجَدُ في فنونٍ أخْرَى غيرِ أدبيَّةٍ .
وليستْ التَّشكِيلاتُ اللغويَّةُ المُدْهِشَةُ هيَ المَسئولةُ عنْ تشكيلِ الشِّعْرِ ؛ فهيَ - أيضًا- تُوجَدُ في الشِّعْرِ، كَمَا تُوجَدُ في النَّثْرِ . وَهُو مَا يُمْكِنُ أنْ يُقالَ - أيضًا - عن التَّصويرِ والتَّخييلِ ؛ فالتَّخييلُ لمْ يَعُدْ قاصِرًا على الشِّعْرِ ؛ حيثُ أصْبَحَ السِّمةَ المُميِّزةَ لكلَّ نِتاجٍ أدبيٍّ ، بلْ وفنيٍّ عامةً ؛ فَوَقْتَ أنْ هَيْمَنَ الخَيَالُ الجُزئيُّ في الشِّعرِ نجده مُهيمِنًا في النَّثرِ كذلكَ ؛ فَمَا حَدَثَ في شِعْرِ بشَّار بن بُرد ومُسْلم بن الوليد وأبي تمَّام وعبد الله بن المُعتز في شِعْرِ العَصْرِ العَبَّاسِيِّ حَدَثَ ، كَذَلكَ ، في رَسَائلِ أبي بكرٍ الخُوَارزمِيِّ وَالهَمَذانيِّ وَالصَّاحبِ بن عَبَّاد وأبي إسْحاقٍ الصَّابيِّ - خُصُوصًا في كتابِهِ : التَّاجِي- وَلِهَذَا قَرَنَ ابْنُ خُلدونَ(- 808 هـ ) بينَ الشِّعْرِ وَالنَّثْرِ الفَنيِّ، وَرَأى أسَاسَهُمَا وَاحِدًا ؛ حيثُ اسْتَعْمَلَ العَرَبُ « أسَالِيبَ الشِّعرِ وَمَوَازِينَهُ في المَنْثورِ ، مِنْ كثرةِ الأسْجَاعِ وَالتزامِ التَّقفيةِ وتقديمِ النَّسيبِ بينَ الأغْرَاضِ ، وَصَارَ هَذا المَنثورُ إذَا تأمَّلتَهُ منْ بابِ الشِّعرِ وفنِّه ،وَلَمْ يَفْتَرِقَا إلاَّ في الوَزْنِ ...وَهَذَا الفنُّ المَنثورُ المُقَفّى أدْخَلَ المُتَأخِّرونَ فيه أسَالِيبَ الشِّعْرِ»(7)، وَابْنُ خلدونَ ، كَمَا يَتَّضحُ ، يُبيِّنُ أنَّ قِيَمَ الشِّعريَّةِ وَاحِدَةٌ ، في المَوزونِ وَالمَنثورِ على السَّواءِ ، ويَرَى ، في الوزنِ ، عُنْصُرًا تَمييزًا بَيْنَهُمَا .
ومشكلةُ التَّعريفاتِ الشَّكليَّةِ كُلِّهَا أنَّهَا جَعَلتْ الشِّعرَ كائِنًا مَنْحُوتًا رَكَّزتْ على أبعادِهِ الظَّاهريَّةِ وتَجَاهَلتْ الرُّوحَ المُتدفِّقةَ في أعماقِهِ سَواءَ كانَ هذا الشِّعرُ مَوْزونًا أو مَنْثورًا ، وقد لاحَظَ محمد الخِضر حسين (1875 - 1958) أنَّ القائلَ بهذا التَّعريفِ الشَّكليِّ كـ « مِثْلِ مَنْ يشرحُ لكَ الإنسانَ بأنَّه حيوانٌ بادي البَشرةِ ، مُنْتَصِب القَامَةِ »(8) ، وقد رأتْ جوليا كريستفا (1941- ) في « اللغةِ الشِّعريَّةِ قوى مشحونة بالانفعالاتِ » (9) ، والواقع أنَّ هذه اللغةَ لا تكتسبُ قِيمتَهَا إلاَّ بِهَذَا الشَّحنِ ، وتحويلِ هذه اللغةِ الصَّامتةِ إلى كيانٍ نابضٍ ؛ فـ « الظَّاهرةُ النَّصيَّةُ في حَدِّ ذاتِهَا لا تعني مَجْموعَ أشْكالٍ مُفرَّغةٍ من كلِّ رُوحٍ تُوصَفُ في علاقاتٍ تقابليَّةٍ وَوَحَدَاتٍ تركيبيَّةٍ ، ووظَائِف لُغويَّة » (10)، وهذا الشَّحنُ هو الذي يجعلُنَا نستشعرُ تيَّارًا في الشِّعْر لا يُوجَدُ في النَّظْمِ ، يُشْبِهُ الأرْواحَ في الأبدانِ ، وهذَا التَيَّارُ هو المَسئولُ عن إضَاءةِ النَّصِّ الشِّعريِّ ، وَلَئِنْ ثارَ سُؤالٌ عن حَدِّ هذا التَّيَّارِ، والدَّليل على وجودِهِ ، فَإنَّ الإجَابةَ ستكونُ في رَدِّ ابْنِ عربيِّ ( -638 هـ ) المُتسائِلِ : « وَمَا الدَّليلُ على حَلاوةِ العَسَلِ ؟ ، فلابُّدَ أنْ يقولَ لكَ : هذا عِلْمٌ لا يحصلُ إلاَّ بالذَّوقِ ، فلا يدخُلُ تحتَ حَدٍّ ، ولا يقومُ عليه دليلٌ ، فقُلْ له : هذَا مِثْلُ ذَاكَ .»(11)
ولقدْ اسْتطاعتْ المُحدِّداتُ - الَّتي اسْتنبَطَهَا النُّقادُ منْ حركةِ الشِّعْرِ، منذُ القِدَم - أنْ تُحِّددَ مَعَالمَ النَّوعِ الشِّعْريِّ العَربيَّةِ الواضِحَةِ، ولكنَّهَا ظلَّتْ تُمثِّلُ مُشكلةً ؛ حيثُ اعُتُبِرتْ شروطًا لتحقيقِ الشِّعريَّةِ ، ورغمَ هذَا فهيَ لمْ تستطعْ أنْ تُوضِّحَ لنَا: لِمَاذا يعلو نَصٌّ على نَصٍّ آخرٍ ، رغمَ اشْتراكِهمَا في الوَزنِ أوْ المَوضُوعِ أوْ المَلامحِ التَّشكيليَّةِ العَامةِ ، ولمْ تكشفْ لنَا عنْ حقيقةِ الشِّعرِ الخَالصَةِ وجوهرِهِ وروحِهِ السَّاريةِ ونبْضِهِ الحيِّ .
وقدْ ظلَّتْ هذه المُحدِّداتُ الشَّكليَّةُ تكتسبُ اسْتِقرارًا تاريخيًّا ، للحَدِّ الذي جعلَ الخروجَ عليها يُعَدُّ - في نظرِ الكثيرينَ- فقدًا لعناصِرِ الشِّعريَّةِ ولأشْرَاطِهَا الأساسيَّةِ ، والواقع أنَّ أيًّا مِنْ هذه المُحدِّداتِ لا يُعيِّنُ الشِّعْرَ تحديدًا ؛ فالقَولُ بأنَّهُ « الكَلامُ المَوزونُ المُقفَّى» (12) يَدْخُلُ فيهِ الشِّعْرُ والنَّظْمُ على السَّواءِ ، والقولُ بأنَّهُ « يَدُلُّ على مَعْنى »(13) ، يَسْتوي فيهِ الشِّعْرُ والنَّثْرُ، حَتَّى غير الأدبيِّ ، وَالقَولُ بِضَرورةِ « القَصِديَّةِ »(14) ، وَ»« النِّيَّةِ »(15)، لا يكفي لتحقيقِ (الشِّعر)يَّةِ ، بلْ رُبَّمَا قوَّضَتْهَا هذه القَصديَّةُ تَحديدًا ، والقولُ بأنَّهُ «جِنْسٌ مِنَ التَّصويرِ»(16) لا يقِلُّ مُرَاوَغَةً وتَبْسِيْطًا .
وَالقولُ بأنَّ هَذَا هُوَ الشِّعْرُ ، بهذِهِ الظَّواهرِ الشَّكليَّةِ ، يعكسُ قصورًا بحقيقةِ الشِّعرِ الخَالِصةِ ، فَجَوهَرُ الشِّعرِ الحَقِيقيُّ لا يُمْكِنُ إخْطَاؤه ، وقد يكونُ محمدٌ بن وهب ، الوحيدَ ، مِمَنْ تناولوا مفهومَ الشِّعرِ، الَّذي تنبَّهَ إلى هذهِ الحقيقةِ ، حينَ قالَ : « الشَّاعرُ من شَعَرَ يَشْعُرُ فهو شَاعرٌ وَالمَصْدَرُ : الشِّعرُ ولا يَسْتَحِقُّ الشَّاعِرُ هذا الاسمَ حَتَّى يأتي بِمَا لا يَشْعرُ به غيرُهُ ، فكُلُّ مَنْ كانَ خارجًا عن هذا الوصْفِ فليسَ بشاعرٍ ؛ وَإنْ أتى بكلامٍ موزونٍ .»(17)
مِنْ هذا يَتَّضحُ إنَّ اقْتِرَانَ هذه المُحَدِّداتِ بهويَّةِ الشِّعرِ خطأٌ تاريخيٌّ ، وبخاصةٍ أنَّهَا اسْتُمدَّتْ من نوعٍ شِعريٍّ مَا ، ولمْ يتوقَّفْ الشِّعرُ عندَ هيئةٍ ، ولا اسْتمرَّ على شكلٍ ، ومَعَ هذا ظَلَّ ، دَائمًا ، شِعْرًا ، وحينَ جَاءَتْ قَصِيدةُ النَّثْرِ اسْتنَدَتْ - في تحقيقِِ شِعْريَّتِهَا الحُرَّةِ الأُخْرى - على هذا الجَوْهرِ الكَامِنِ ، وَخَالَفَتْ شَتَّى المُحَدِّداتِ التَّاريخيَّةِ الرَّاسِخةِ، فكانَتْ الشَّاعريَّةُ طريقًا إلى الشِّعريَّةِ ، وَبتَوالِي النَّماذجِ الخلاَّقةِ لقَصِيدةِ النَّثْرِ تأكَّدَ حُضُورُهَا الفَعَّالُ ، في المَشْهدِ الشِّعريِّ العَربيِّ بِقُوَّةٍ ، وَوَضَحَتْ مَلامِحُها الشِّعريَّةُ ؛ التي تَمَيَّزتْ ، وأكَّدتْ على مشروعيَّتِها الخَاصةِ ، للرِّهانِ على شِعريَّةٍ أُخْرى ، جديدةٍ ، بعدَ أنْ تخلَّصَ شاعرُهَا مِنْ كُلِّ المُحِّدداتِ السَّابقةِ عليهِ ؛ ليكونَ - على حَدِّ تعبيرِ أُنْسِي الحَاج ( 1937- 2014) - مسئولاً وحدَهُ ، كُلَّ المَسئوليَّةِ عنْ عطائِهِ .(18)
لقدْ فَتَحَتْ قصيدةُ النَّثْرِ فَضَاءً جَديدًا للشِّعريَّةِ العربيَّةِ ، وبرغْمِ حَدَاثةِ عَهْدِهَا إلاَّ أنَّهَا اسْتَطَاعتْ أنْ تُقدِّمَ مَشْروعًا كامِلاً ، وَثَريًّا ، حَاوَلَ الكثيرونَ اسْتجلاءَ معالمِهِ عَبْرَ مجموعةٍ كبيرةٍ مِنَ الدِّراسَاتِ وَالمقالاتِ والمُتَابَعَاتِ وَالشَّهاداتِ ، الَّتي- رَغْم َوَهْمِ التَّأسيسِ - ظَلَّ بَعْضُهَا يَسْتَعيدُ بعضًا ، ولمْ تتخلَّصْ تمامًا مِنْ تأثيرِ رُؤى سوزان برنار ، في أُطْروحَتِهَا عنْ قَصِيدةِ النَّثْرِ الفَرَنسيَّةِ ، رَغْمَ أنَّ الأداءَ الشِّعْريَّ ظَلَّ يتجاوزُ هذه الرُّؤى ، وَيُوسِّعُ – بآليَّاتٍ مُتعدِّدة ٍ– فَضَاءَهُ الجَدِيد .
والواقع أنَّ قَصِيدةَ النَّثْرِ العربيَّةِ قدْ شهدتْ ، منذُ انْبثقتْ تَجَلِّياتُهَا الإبداعيَّةُ وَالنَّظَريَّةُ – تحتَ هذا المُصْطَلحِ – في فَضَاءِ مَجَلَّةِ :( شِعْرٍ) اللبنانيَّةِ في عام 1960 – تَحَوُّلاتٍ فارِقةً ، غيرَ أنَّ النَّظرةَ العامةَ إلى مَشْهدِهَا الأسَاسِيِّ ، تَكْشِفُ عَنْ هَيْمَنةِ تَيَّارينِ أسَاسِيَّينِ ، اشْتَغَلَتْ عليهِمَا شِعْريِّتُهَا وَدَارتْ شَتَّى التَّجاربُ حولَهُمَا ، وَيَتَمَثَّلانِ في : شِعريَّةِ الحَدَاثةِ ؛ التي بدأتْ منذُ البدايةِ ؛ مُنْذُ سِتينيَّاتِ القَرنِ المَاضِي وَاسْتَمَرَّتْ حَتَّى نِهاياتِ ثَمَانِينيَّاتِهِ ، ثُمَّ انْطَلقَ تيَّارُ مَا بَعْدَ الحَدَاثَةِ مُنْذُ بدايةِ التِّسعينيَّاتِ ، ومعه أصْبَحَتْ شِعريَّةُ قصيدةِ النَّثْرِ هِيَ الشِّعريَّةُ المَرْكزيَّةُ في مَشْهَدِ الشِّعْرِ العَرَبيِّ الجَدَيد .




الإحَالاتُ وَالتَّعليقَاتُ

(1) رَاجِعْ : د. عبد اللَّه الغذَّامي - الصَّوت القديم الجديد - الهيئة المصريَّة العامة للكتاب 1987- ص ص: 79 -105 ، الفصل الثَّاني ، المُعنون بـ : تحرُّر الأوزانِ في الشِّعرِ القديم .
(2) ذَكَرَ أبو الفرج الأصفهاني ، في : كتاب الأغاني ، أنْ محمَّد بن أبي العتاهِية قال : سُئِلَ أبي : هلْ تعرفُ العَروضَ ؟ ، فقال : أنَا أكبرُ مِنَ العَروضِ . رَاجِعْ : كتاب الأغاني - الجُزءُ الرَّابعُ - مطبعة دَار الكُتب المصريَّة - الطَّبعة الثَّانية - 1950 - ص : 13 .
(3) سَمِعَهَا وَرَوَاها الجَاحِظُ ، في : البيان والتَّبين ، تحقيق وشرح: عبد السَّلام محمَّد هارون - الجُزءُ الأوَّل - لجنة التَّأليف والتَّرجمة والنَّشر - الطَّبعة الأولى - 1948 - ص : 115 .
(4) رَاجِعْ : الشِّعر العربيُّ في القرن الثَّاني الهِجْريِّ ، للدُّكتور : محمَّد مُصطفى هدَّارة - دار المعارف - 1978- ص ص : 350 - 364 .
(5) رَاجِعْ - على سبيلِ المِثالِ - : يتيمة الدَّهْر « في محاسِنِ أهل العَصْر» ، لأبي منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثَّعالبيِّ - تحقيق وشرح : محمَّد محيي الدِّين عبد الحميد - الجُزءُ الأوَّل - المكتبة التِّجاريَّة الكُبرى - الطَّبعة الثَّانية - 1956 - ص : 173 .
(6) الإمام عبد القاهِر الجُرجاني - دلائِلُ الإعْجَاز - صَحَّحَ أصلَهُ : الشّيخ : محمد عبده ، الشَّيخ : محمَّد محمود التَّركزي الشَّنقيطي ، علَّقَ عليه : السَّيد محمد رشيد رضا - دار المعرفة - الطَّبعة الأولى - بيروت - لبنان - 1994 - ص :302 .
(7) عبد الرحمن بن خلدون - مُقدِّمةُ ابن خلدون - الجُزءُ الثَّاني - دار إحياء التُّراث العربيِّ - الطَّبعة الأولى - بيروت - 1999 - ص: 567 .
(8) محمَّد الخِضر حسين - الخيال في الشِّعر العربي - مطبعة الرحمانية - القاهرة - 1922 -ص : 4 .
(9) مصطفى الكيلاني - وجودُ النَّصِّ ، نَصُّ الوجود - الدار التَّونسيَّة للنَّشر - 1992 - ص : 87 .
(10) السَّابق - ص : 92 .
(11) ابن عربي- التَّدبيراتُ الإلهيَّةُ - طبعة نيبرج - د.ت - ص : 84 . وفي شِعْرِهِ إشَارَاتٌ دَالةٌ على هَذَا المعنى ؛ كقولِهِ :
علومُ الذَّوقِ ليْسَ لهَا طَرِيْقٌ تُعَيِّنُهُ الأدِلَّةُ وَ العُقُولُ
(12) قُدامة بن جعفر - نقدُ الشِّعرِ- تحقيق : محمد عبد المنعم خفاجي - مكتبة الكُليَّات الأزهريَّة - الطَّبعة الأولى - 1978 - ص : 64 .
(13) السَّابق - نفسه .
(14) أوَّلُ من أشَارَ إلى (القصدِ) في إنْشَاءِ (القصيدِ) ، هو الجاحِظُ (159- 255 هـ) ، حينَ قالَ : « اعْلَمْ أنَّكَ لوْ اعْتَرَضْتَ أحادِيثَ النَّاسِ وَخُطَبَهُمْ وَرَسَائلَهم ، لوجْدَتَ فيهَا مِثْلَ : مُسْتَفْعِلُن مُسْتَفْعِلُن كثيرًا ، أو مُسْتَفْعِلُن مَفَاعِلُن ، وليسَ أحدٌ في الأرضِ يجعلُ ذلكَ المَقدارَ شِعرًا، ولوْ أنَّ رَجُلاً مِنَ البَاعةِ صَاحَ : مَنْ يشْتَرِي بَاذِنْجَان ؟ ، لقدْ كانَ تكلَّمَ بكلامٍ في وزنِ مُسْتَفْعِلُن مَفْعُولات ، وكيفَ يكونُ هذا شِعْرًا وَصَاحِبُهُ لمْ يقصِدْ إلى الشِّعرِ ؟ ، ومثلُ هذا المَقدارِ مِنَ الوزنِ قدْ يتهيَّأُ في جميعِ الكلامِ ...وَسَمِعْتُ غُلامًا لصديقٍ لي وكانَ قد سقي بطنه ، وهو يقولُ لغِلمانِ مَوْلاهُ : (اذْهَبُوا بِي إلى الطَّبيبِ وقُولوا قدْ اكْتَوى) ، هذا الكلامُ يخرجُ وزنُهُ على خُروجِ : فَاعِلاتن مَفَاعِلن فَاعِلاتن مَفَاعِلن ، مرتينِ، وقدْ عَلِمْتَ أنَّ هذا الغُلامَ لمْ يَخْطُرْ على بالِهِ قطُّ أنَّ يقولَ بيتَ شِعْرٍ أبدًا » : البَيَان والتَّبيين - سابق - ص ص : 288 - 289 .
وقد تبنَّى السَّكاكي (- 626 هـ) الرَّأي نفسَهُ ، وقدَّمَ مثالاً آخر ، مِنَ الواقعِ المَعِيش ، قائلاً : إذَا قِيلَ لجماعةٍ:
(مَنْ جَاءَكُمْ يومَ الأحَدْ ؟) قالوا :(زيدُ بن عمرو بنُ أَسَدْ). وَوَصَلَ إلى النَّتيجةِ نفسِهَا التي انْتَهى إليها الجَاحِظُ ؛ وهيَ أنَّ الشِّعرَ هو القولُ المَوزونُ وَزْنًا عنْ تعمُّدٍ . رَاجِعْ كتابَهُ : مِفْتَاح العلوم - مطبعة البَابي الحَلبي - القاهرة - الطَّبعة الثَّانية - 1990 - ص : 282 .
وقدْ أشَارَ ابنُ منظور(630- 711 هـ) إلى القصدِ بقولِهِ : « وقِيلَ سُمِّيَ الشِّعرُ التَّامُ قصيدًا ؛ لأنَّ قائلَهُ جعلَهَ من بالِهِ ، فَقَصَدَ له قَصْدًا، ولمْ يَحْتَسِه حَسْيًا ، على مَا خَطَرَ ببالِهِ وَجَرَى على لسَانِهِ ، بل رَوَّى فيهِ خَاطِرَهُ وَاجْتَهَدَ في تجويدِهِ ، ولمْ يَقْتَضِبْهُ اقْتِضَابًا » : لسان العرب - الجُزءُ الحَادي عَشَر - دار إحياء التُّرَاثِ العربيّ ، مُؤسَّسة التَّاريخ العربيّ - الطَّبعة الثَّالثة - بيروت - لبنان -1999 - ص : 18 .
وَهُنَاكَ سَبَبٌ ثالِثٌ وَمُهِمٌّ للتَّأكيدِ علي دلالةِ « القَصْديَّةِ » ؛ وَهُو تنزيهُ القرآن الكريم عن أنْ يكونَ شِعْرًا ؛ حيثُ جاءتْ بعضُ آياتِهِ مُوافِقَةً لبعضِ الأوزانِ العَرُوضيَّةِ ، كقولِهِ تعالى : « لَنْ تَنَالوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا ، مِمَّا تُحِبُّونَ » ؛ حيثُ وَافَقَ وزنَ مَجْروءِ الرَّمَل المُسْبَغِ ؛ وقولِهِ تعالى : « فَمَنْ شَاءَ فَليُؤمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَليَكْفُرْ »؛ حيثُ وَافَقَ وزنَ الطَّويلِ ، وقوله تعالى : « إنَّ علينا للهُدَى» : الليل : 12؛ حيثُ وَافقَ إيقاعاتِ بحْرِ الرَّجَز ، وقولِهِ تعالى « بلْ كذَّبوا بالسَّاعَة »: الفُرقان : 11 ؛ حيثُ وَافقَ إيقاعَاتِ بحْرِ الرَّجَزِ أيضًا ، وَكذلكَ قولُهُ تعالى : اذْهَبْ إلى فرعونَ إنَّه طَغَى» : طه 24 ، أمَّا قولُهُ تعالى :« حتَّى يخوضُوا في حَدِيْثٍ غيرهِ»: النِّسَاء : 42 ، فقدْ وَافقَ إيقاعَاتِ بحْرِ السَّريع .
وقدْ أحْصَى الدُّكتور إبراهيم أنيس اثْنَتَيْنِ وأرْبَعِيْنَ آيةً ، جاءتْ مُوافِقةً للأوزانِ العَروضيَّةِ المُخْتلِفةِ . رَاجِعْ كتابَهُ: مُوسيقى الشِّعْرِ - الطَّبعة الثَّانية - القاهرة - 1952 - ص ص: 307 - 310.
( 15 ) أكَّدَ على (النِّيَّةِ)، وقدَّمها على غيرِهَا ، ابنُ رَشِيق القيروانيّ (-463 هـ) ، في كتابِهِ :(العُمْدَة) ؛ حيثُ قالَ : « الشِّعرُ يقومُ بعد النِّيَّةِ منْ أربعةِ أشْياءَ ، وهيَ اللفظُ والوزنُ والمَعْنَى والقَافِية » : العُمْدَة - الجُزءُ الأوَّل - مطبعة أمين هِنديَّة بمصر- الطَّبعة الأولى - 1925 - ص :77، ومطبعة المكتبة التّجاريَّة الكُبْرى ، مطبعة الاسْتِقامَة - القاهرة - 1955 - ص : 99 .
(16 ) منْ تعريفِ الجَاحِظِ للشِّعرِ؛ الذي قالَ فيه : « إنَّمَا الشِّعرُ صِنَاعةٌ، وضَرْبٌ مِنَ النَّسجِ وجِنْسٌ مِنَ التَّصويرِ : الحيوان - الجُزءُ الثَّالث - تحقيق : عبد السَّلام هارون - القاهرة - 1965 - ص : 131 .
(17) محمَّد بن وهب - البُرْهَان في وجوهِ البَيَان - تحقيق: د. حِفني شَرف - مكتبة الشَّباب - 1969 - ص : 130 .
(18) أُنْسِي الحَاج - لَنْ - الطَّبعة الثَّانية - المُؤسَّسة الجامعيَّة للدِّراسات والنَّشر والتَّوزيع -1982 - ص : 18 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -الفن ضربة حظ-... هذا ما قاله الفنان علي جاسم عن -المشاهدات


.. إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها بالجيزة




.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق شقتها


.. الممثلة ستورمي دانييلز تدعو إلى تحويل ترمب لـ-كيس ملاكمة-




.. عاجل.. تفاصيل إصابة الفنانة سمية الألفى بحالة اختناق فى حريق