الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقع الاعلام العربي بين صراع المحاور

عادل شكيب محسن

2015 / 2 / 17
الصحافة والاعلام


من البديهيات التي تعلمناها بان الاعلام هو المرآة التي تعكس الواقع كما هو للمشاهد او المستمع او القارئ بكل وضوح وصدق وموضوعية، ومن دون ان يكون هناك أي انحياز في تقديم الخبر لأي جهة او طرف. بناءاً على ذلك سنتناول في هذه المقالة بشيء من الايجاز واقع اعلامنا العربي، وسيكون الكلام حول المحطات الإعلامية التي تدعي انها محطات إخبارية عربية مهتمة بالشأن العربي دون ان تكون تابعة لسلطة دولة محددة او حزب او جماعة. محطات ترى في نفسها او تحاول ان تسوق نفسها على انها محطات حريصة على اظهار الواقع القائم بكل صدق وموضوعية دون زيادة او نقصان. فهل حقا هذه المحطات (الإعلامية) محايدة في نقل وصياغة وتوجيه الخبر كما تدعي ؟؟؟
بعض تلك المحطات اعتمدت شعار الراي والراي الاخر لتظهر بصورة المحطة الإعلامية المحايدة والموضوعية التي تتناول جميع الآراء دون اتباعها لسياسة اقصاء الراي المخالف (كما تدعي)، ومحطات أخرى ادعت بانها تنقل الواقع كما هو دون زيادة او نقصان. فهل تعكس حقا تلك المحطات الشعار التي تتبناه ؟؟؟ هل يمكن لنا ان نرى الراي والراي الاخر بشكل منصف وعادل على منابر تلك المحطات، او نرى الواقع العربي بكل تفاصيله بصدق وموضوعية في نشرات الاخبار التي تبث على مدار الساعة في تلك المحطات ؟؟؟
الواقع يخبرنا بان هذه المحطات كانت في معظمها موزعة على خنادق صراع المحاور الذي يشتعل ويزداد اتقادا على ارضنا العربية، فأصبحت هذه المحطات ليس أكثر من منابر إعلامية تزيد المنطقة اشتعالا بما تقدمة من سموم عبر اخبارها المنحازة والمظللة للمشاهد. فالمحطات التي تعتمد شعار الراي والراي الاخر، كثيرا ما تراها تطبل وتزمر للدور التركي وحركات الإسلام السياسي في المنطقة. اما المحطات الاخرى فتحاول اظهار الدور الإيراني في المنطقة بإيجابية صرفه. الّا ان كلا البلدين (إيران وتركيا) ليستا أكثر من دولتين تمثلان مشروعان متصارعان على ارضنا العربية، وبدعم من حلفاء متعددين، منهم الروسي والامريكي والصيني والاوروبي. كما ان هذا الصراع بين هذ القوى المتعددة ما كان ليكون على ارضنا العربية لولا تراجع او غياب الدور العربي المحترم في المنطقة.
وانعكاسا لتوزع هذه المحطات الإعلامية بين هذين المحورين المتصارعين أصبحنا نرى اعلاما يصور ما يجري في سوريا ثورة وفي البحرين مؤامرة وفي مصر انقلاب، واعلاما يصف ما يحدث في سوريا بالمؤامرة وفي البحرين بالثورة وفي مصر بانتصار للثورة. اعلاما يرى بالنصرة وداعش إرهابا، واعلاما يرى فيهم ثوارا. اعلاما يرى الشيشاني والقوقازي على ارضنا العربية ثوارا ومجاهدين، واعلاما يرى فيهم مجرمين وارهابيين. اعلاما يدعي بان هذا الفصيل مكوّن من المجاهدين، واعلاما يصفهم بالجهاديين. اعلاما يرى في الخطاب الديني والشحن المذهبي منفذا لحرية الشعوب، واعلاما يرى فيه مصدرا لتفكيك الامة واشعال نار الطائفية. اعلام يرى محاربة الجيش الوطني ثورة، واعلام يرى به خيانة. اعلاما يصف المسلحين بالثوار الذين يطالبون بالحرية والديمقراطية حتى لو كانت راياتهم سوداء وشعاراتهم إسلامية والخلافة هي مقصدهم، واعلام يرى فيهم حركات أصولية تكفيرية ارهابيه تهدد واقعنا ومجتمعنا العربي المعتدل. اعلام يصف ما يجري باليمن بانقلاب يقوده الحوثيون للسيطرة على اليمن، واعلام يرى فيه استكمال للثورة الشعبية ضد الفساد. اعلام يرى خروج داعش من عين العرب (كوباني) كان انسحاب للدولة الإسلامية، واعلام يرى به هزيمة وطرد لداعش. اعلام يصف عمليات المقاومة اللبنانية ضد العدو الاسرائيلي بالمسرحية، واعلام يصفها بالعمل البطولي.
ووصلت الوقاحة ببعض المحطات الاعلامية التي تدعي بانها تمثل الراي والراي الاخر بان تذيع وتروج لفتاوى التدخل الأجنبي في ارضنا العربية وتصف قصف احدى العواصم العربية من قبل مجموعة مسلحة تدعي الجهاد بانه عمل مبرر في وجه تسلط النظام. وبالمقابل محطات أخرى تحاول إخفاء او تجاهل اعمال الاعتقال والاجرام التي تقع بحق المدنيين او المعارضين من قبل أجهزة الحكم في بعض بلداننا العربية. ومن الأمور الأكثر استهجانا بواقع اعلامنا العربي عندما ترى بعض المحطات الإعلامية تغض الطرف عن جريمة داعش بحق 21 مواطن مصري على الأراضي الليبية هذا الأسبوع، وتهاجم الجيش المصري الذي رد على تلك الجريمة، ليظهر جليا للجميع مدى اعتماد هذ الاعلام على الحلف او المحور الذي ينتمي اليه عند نقله وتقديمه للخبر. فبينما جاء في اعلام الواقع كما هو بان الجيش المصري ردّ على إعدام داعش لـ 21 عاملاً مصرياً في ليبيا، باستهداف معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر للتنظيم، كان نفس الخبر يذاع على اعلام الراي والراي الاخر بصيغة مغايرة تماما تحت عنوان قتلى بينهم أطفال بقصف الجيش المصري لمواقع داخل ليبيا. كما لو كان المقصود من الخبر اظهار الجيش المصري مستهدفا للأطفال والمدنيين في ليبيا من دون أي إشارة الى ان تلك الغارات ما جاءت الّا ردا على الجريمة التي اقترفتها داعش بحق 21 مواطن مصري داخل الأراضي الليبية. وإذا ما رجعنا في ذاكرتنا قليلا للوراء فسنجد بان نفس هذا الاعلام (اعلام الراي والراي الاخر) كان من أكثر المباركين والمحتفين بغارات حلف الناتو على ليبيا التي كانت تستهدف (فقط) اتباع القذافي دون ان تؤذي اي طفل او امرأة او شيخ او شجرة او حجر بحسب ذلك الاعلام...
فكان من الطبيعي لهذا الانقسام والتباين الكبير في المواقف التي تنطلق منها كل محطة اعلامية معتمدة على الحلف او المحور الذي تعكس وجهة نظره ان يخلق مجتمع منقسم وضائع ومتخبط في تضارب وتعاكس الاخبار. مجتمع عاجز عن فهم ما يدور من حوله. فقد اختلط الاعلام بالسياسة وفي بعض الأحيان بالإرهاب والتطرف الديني. فهذا ما اوصلنا اليه هذا الاعلام المتطرف الذي يدعي انه عربي وبانه وحده الذي يمتلك الصورة الحقيقية للواقع. الا ان حقيقة هذا الاعلام ما هو الا اعلام المحاور المتصارعة والذي اجر نفسه لمن يدفع أكثر غير مبالي بسوء العواقب.
أخيرا أقول لقد مات العرب بين اعلام تبنى الراي والراي الاخر واعلام يدعي بانه ينقل الواقع كما هو. اعلام حضر فيه كل شيء الّا الصوت العربي والواقع العربي والراي والراي الاخر. فشهداء اعلام الراي والراي الاخر هم إرهابيين لدى الاعلام الاخر، وشهداء اعلام الواقع كما هو هم مجرمين واعداء لحرية الشعوب والانسان والإسلام لدى محطات الاعلام الاخر. حتى في الموت قد فرق بيننا هذا الاعلام... فعلا انه اعلام مهني وموضوعي يستحق منا كل الاحترام، ويستحق متابعو هكذا اعلام كل الاحترام والتقدير أيضا !!!؟؟.

عادل شكيب محسن
2015










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة