الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القدر بين الحقيقة والخرافة

فائز تركي القريشي
(Faiz Turky)

2015 / 2 / 17
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


منذ ايام استذكرت عنوان فلم امريكي تم عرضه في العام 2011 بعنوان (The Adjustment Bureau) مكتب التعديل بطولة الممثل الامريكي (Matt Damon) ولدى تركيزي كعادتي دوما في بداية الفلم اعتقدت انه يتحدث عن قصة شاب سياسي شق طريقه بنجاح ليصل لمنصب حاكم ولاية ولكني تفاجئت لاحقا حين تحولت قصة الفلم الى احداث ليست لها علاقة بالسياسة اصلا وهنا شدني التركيز اكثر لافهم الفكرة من وراء الفلم اذ ان من غير المجدي ان يشاهد المرء فلما مدته ساعة ونصف او ساعتان دون ان يخرج بفائدة فكرية منه المهم اني توصلت اخيرا لما اراده السينارست من هذا الفلم الرائع ،ان فكرته تكمن حول موضوع غاية في الاهمية وهو التساؤل الازلي هل الانسان مسير ام مخير لا اريد ان اسرد قصة الفلم لكي لا افسد على من لم يراه وينوي رؤيته متعة التشويق ولكن اريد ان استطرد قليلا في فكرة الفلم حيث ان التساؤل الذي ذكرته يحير الكثير من الناس هل خلقنا مسيرين بالاقدار ولا ارادة لنا في ما سوف يحدث لنا مستقبلا وفي كل الامور والتفاصيل الدقيقة ام ان لنا الخيار في بعض ما سيحدث في المستقبل ام ان لنا الخيار التام في تحديد مصيرنا وما خرجت منه لم اخذه من الفلم وانما اكده لي ذلك الفلم ومفاد فكرتي التي اعتقد بها دائما واعتقد صوابها هي ان الانسان مسير في امور حتمية من قبل الله سبحانه وتعالى وليس له الاختيار فيها من هذه الاموراولا (الخلق ) يقول الله في محكم كتابه (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) (سورة القصص)ثانيا (الموت ) يقول الله في محكم كتابه (وما تدري نفس باي ارض تموت ) الامر الثالث العائلة التي ولد فيها والامر الرابع الظروف القاهرة اذ ان هنالك ظروف قاهرة ليس بامكان الانسان ان يختارها كالحروب والكوارث الطبيعية ولربما يصيبه الضرر الكبير منها ولربما يخرج منها اكثر قوة وجلادة وحكمة وهنالك ظروف اخرى غير الحروب والكوارث مثلا الاشخاص الذين تجيئ لنا بهم الظروف والاحداث بشكل مستمر ودائم ويظهرون دون مقدمات وليس لنا ارادة بوجودهم بحياتنا والبعض منهم قد يكون مرتبطا بك دونما خلاص وحينما تنظر اليه تقول بداخلك ما الذي اتى به بقربي اما من الجانب الاخر هنالك الكثير مما نعيشه والكثير مما وصلنا اليه والكثير مما سنصبح عليه هو بأختيارنا نحن ولا دخل للتدخل الالهي بذلك فنحن مخيرون ومفوضون به مثال على ذلك نوع العمل او المهنة التي نمارسها والشريك الذي اخترناه لنكمل معه ما تبقى من حياتنا وكذلك شكل المستقبل الذي نرسمه والاختصاص العلمي الذي ندرسه والاهم من كل ذلك هو طريقة التفكير التي نفكر بها والتي بدورها تحدد كل الاختيارات التي ذكرت وهنالك قرارات مصيرية يتخذها الانسان هي التي ستحدد ما سيصبح عليه لاحقا ان فكرة الفلم تنطوي خلف مسألة طريقة التفكير وطبيعة التدخل الالهي في تحديد مسارات التفكير وهنا تكمن الجدلية التي اثارتني اذ كيف يتدخل الله سبحانه وتعالى بطريقة التفكير وهي من المسلمات بانها من مزايا الاختيار التي ذكرت اقول نعم نحن مخيرون بطريقة تفكيرنا ولكن في بعض الاحيان حينما تتقاطع الافكار وتزدحم وتتقاطع الظروف المحيطة وكل ذلك يسبب فوضى فكرية ونفسية تذهب بالانسان بعيدا عن المسارالصحيح الذي حدده لنفسه ورسم الاطر الصحيحة لانجازه هنا يأتي التدخل الالهي ليعدل المسار لا ليغيره وهنا فرق مهم فتعديل المسار يتلائم مع طريقة التفكير التي اختارها الانسان وتتلائم مع الهدف النهائي الذي يطمح الوصول اليه ولكن قد يتسائل البعض هل جميع الناس يحدث معهم تدخل الهي لتعديل المسار اقول لا اذ ان الكثيرين تنطبق عليهم مصداق الاية الشريفة (انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين ) مثل هؤلاء يتركهم الله سبحانه وتعالى لديناميكيات التفكير الخاصة بهم تبعا لنوع النية التي حددوها اصلا والبعض الاخر لا يتم تعديل المسار لهم ليعاقبوا في الدنيا لسوء اعمالهم والبعض لا يتم تعديل مساراتهم لانهم ببساطة حمقى وحماقتهم هم ايضا من اختارها اذا من هم من يتم التعديل لمساراتهم انهم اصحاب النوايا الحسنة الايجابية الصادقة والذين يذكرهم الله في كتابه (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) وهنا يكمن الهدف من الفلم رغم ان صانعية من مجتمعات غير اسلامية ولكنهم يناقشون في افلامهم افكارا متجددة وفلسفات كانت السبب في نهضتهم والحضارة التي وصلوا اليها والتي هي مثال ساطع يدل على طريقة التفكير الغربي والتي هم مدركون تماما انها من الاشياء التي هم مفوضون بها ونحن بالمقابل سلمنا انفسنا لخزعبلات وخرافات القدرية في كل شئ وهذا ما اوصل مجتمعاتنا لما وصلت اليه تبعا لطريقة التفكير الساذجة التي يتبعها الكثير من الناس من اتباع المنجمين ومصدقيهم واتباع بعض من يدعون التدين وهم من ابعد الناس عن الدين الحق وطريقة التفكير هي من ادخلت الينا التطرف الديني الذي استشرى واتسع بشكله المرعب الذي تجلى بصورته الحقيقية عند ظهور مجانين العصر(الدواعش) ، ان تعديل المسار الذي يحدث بالتدخل الالهي يثبته القران الكريم اختم به ما اردت ايصاله لكم يقول الله سبحانه وتعالى ( انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا ) وكذلك الاية الكريمة (ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها ) اقول ذلك واتمنى من كل قلبي ان تتغير طريقة تفكيرنا جميعا تبعا للقران والقراءة الصحيحة السليمة له وتبعا للنية الصالحة والتفكير الصالح الايجابي واني مؤمن تماما بمصطلح الكاتب العراقي (علي الوردي ) الا وهو (العقل الجمعي ) اذ ان العقل الجمعي هو نتاج طريقة التفكير لافراد المجتمع وهو حاصل جمع الافكار الفردية ولا يمكن لاي مجتمع ان يتطور دون ادراك اهمية العقل الجمعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة