الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الإرهاب في تونس : إرهاب النظام أولا و إرهاب التنظيمات ثانيا .

محمد ذويب

2015 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ظاهرة الإرهاب في تونس : إرهاب النظام أولا و إرهاب التنظيمات ثانيا .
تشهد تونس بن الفينة و الأخرى و بصفة متقطعة لكنها تكاد تكون دورية عمليات إرهابية جبانة ولإن لم تستهدف المدنيين فإنها كانت موجهة أساسا لقوات الأمن و الجيش التونسي وكانت جل هذه العمليات قريبة جغرافيا من الشريط الغربي للبلاد التونسية أي المناطق الحدودية المتاخمة للجزائر ( عمليات سيدي علي بن عون و الشعانبي و الكاف و جندوبة) مما يعني أن هذه المجموعات تعتمد أساسا على المناطق الحدودية التونسية الجزائرية كقاعدة لها للإنطلاق لتنفيذ عملياتها لأن تونس البلد الصغير مقارنة بالقطر الجزائري يمثل لهذا الأخير العمق للإسترتيجي . أما عن طبيعة و نوعية العمليات فإنها تعتمد أساسا على تجنب المواجهة و الإشتباك المباشر مع أعوان الأمن أو الجبش و تعتمد أساسا على عنصر المباغتة ثم الفرار في أماكن تكون في أغلبها وعرة و في المرتفعات ( جبل سمامة والشعانبي ومرتفعات نبر ) نظرا لغاية الإحتماء بهذه المناطق وعدم إعطاء الخصم ( الأمن والجيش ) أي إمكانية للمطاردة وهي عمليات شديدة التشابه مع حروب العصابات و الكر و الفر وكانت تتبنى هذه العمليات في غالب الأحيان تنظيمات إرهابية متطرفة تنتمي أساس لتنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وفروعها مثل الموقعون بدمائهم وكتائب عقبة بن نافع .
لكن ما يمكن ملاحظاته اليوم في تونس في علاقة بطريقة التعاطي مع هذه المسألة البالغة الأهمية هو التعاطي السطحي و اللاعلمي و اللامنهجي مع المسألة مع غياب إستراتيجية وطنية واضحة لمقاومة الإرهاب قبل أن يستفحل أمره وينزل من الجبل إلى سفحه و يتغلغل في المدن ويصيب المواطنين العزل و المؤسسات ورموز الدولة .
فمن يريد اليوم أن يكون محللا موضوعيا لظاهرة ما يسمى بالإرهاب في تونس عليه أن ينطلق من أصول الظاهرة وجذورها و مسبباتها فالإرهاب نوعين إرهاب النظام وإرهاب التنظيمات والأفراد و قد ذكرت هذه الأنواع أولا بأول حسب درجة خطورة و أسبقية كل صنف و دوره في إنتاج و إفراز الآخر فإرهاب النظام قد إنطلق مع بروز و تبلور الدولة بمفهومها الحديث و المعاصر و التي حسب رأيي مازال نفس النظام الذي وجد منذ البايات أو حتى الفترة التي سبقتهم يمسك بشرايين الدولة ويجعل من أجهزتها أداة مرنة وطيعة لخدمته و خدمة الأقلية المرتبطة رأسا به وهم المواطنون على حساب الأغلبية البعيدة عن أقطابه وهم الرعايا فالنظام في تونس مازال منذ تلك الفترة إلى اليوم يمسك تلابيب الدولة الزبونة له المتنكرة للسواد الأعظم من مواطنيها رغم المحاولات الدورية والمتكررة لإسقاطة والتي لم تفلح في ذلك ولم تتجاوز حد الإرباك و ذلك عائد خاصة لإستعمال النظام للدولة وأجهزتها خاصة منها القمعية الداخلية والجيش ثم القضاء والإعلام أولا وإتكائه على الخارج وإستقوائه بالأجنبي ثانيا فالإرهاب الحديث بدأ في تونس منذ بداية تبلولر الدولة كظاهرة حديثة في عهد الحسينيين فالبايات ثم جاءت فرنسا وحافظت على ذات النظام حتى بعض محاولات تطوير البنية التحتية كانت لخدمة رعاياها في تونس و مارست الإرهاب على التونسيين و خاصة في فترة خمسينات القرن الماضي حيث تم إغتيال الزعيم فرحات حشاد يوم 05 ديسمبر 1952 و تضييق الخناق على المقاومين و تصفية الفلاقة و اليوسفيين بإيعاز من بورقيبة الذي إستغل نضالات هؤلاء لإمضاء نصف إستقلال يوم 05 جوان 1955 مما أعطى أجنحة أخرى للنظام قبل إغتيال صالح بن يوسف في أوت 1961 في مدينة فرانكفوت و التخلص من أنصاره عبر المحاكمات التصفوية الجائرة ليتواصل الإرهاب عبر توخي الخيارات اللاوطنية القائمة على محاباة السواحل وتهميش الدواخل ليتواصل الإهاب و بقوة خلال النظام البائد خاصة إبان قمع المحاولة الثورية الأخيرة التي أربكت النظام و لم تسقطه ذات شتاء باسل 17 ديسمبر 14 جانفي ليتواصل نفس النظام بنفس الخيارات الإرهابية فالنظام المطوع للدولة العميقة أعاد لملمة بقاياه بسبب غياب الحكومات الثورية و تعاقب الحكومات العقيمة المتبنية والمتوارثة لنفس الخيارات السابقة هذا النظام الإرهابي الليبرالي المتوحش ذي الخيارات اللاوطنية تمخض عنه الصنف الثاني من الإرهاب و هو إرهاب التنظيمات الذي إستغل حالة الإنهاك التي كانت عليها الدولة وإستنزاف قدراتها ليتخذ من دور العبادة حاضنة نتيجة لتبني بعض أيمة بعض الجوامع لخطاب ديني متشدد و تساهل حكومة الترويكا خاصة معهم وغض الطرف في بعض الأحيان عن تصرفاتهم والذين نزلوا إلى الشارع ونظموا الخيمات الدعوية والمنتديات والملتقيات والتي هددوا فيها علنا بعض السياسيين المناوئين لحكم الترويكا ورجال الأمن و الجيش الوطني و شكلوا نسيج جمعياتي و منظماتي متماسك وقوي و إستفادوا من دعم بعض الأحزاب لهم خاصة حركة النهضة وحركة وفاء والمؤتمر من أجل الجمهورية وأهمية التمويل الذي أغدقته عليهم عديد التنظيمات الخارجية و بعض الدول خاصة الخليجية منها . في حقيقة الأمر فقد وجدت هذه الدعوات رواجا في صفوف الشباب حيث وجد التي الإرهاب ودعاته من المناطق المحرومة المسقطة عمدا من حسابات النظام أرضية خصبة للإنتشار و التغلغل فأبناء جغرافيا التهميش و مدن الغبار و أحزمة الفقر و حواضر الغبن التنموي و الحيف الطبقي كانوا هم ضحايا الإستقطاب من طرف التنظيمات الإرهابية حيث تمثل المناطق المحرومة التي إنطلقت منها الإنتفاضة منجما خصبا لإنتشار التنظيمات الإرهابية رغم أن أبناء هذه المناطق هم الورثة الشرعيين للثورة والذي كان نصيبهم منها كنصيب الغراب من الأسطورة فيما إستفاد منها من كانوا يعيشون في الخارج و من كانوا يدورون في فلك النظام السابق وغيرهم ممن لم يشارك في أحداث 17 ديسمبر 14 جانفي لا بالعير ولا بالنفير كما يقال خلاصة القول إرهاب النظام أدواته هو من أفرز إرهاب التنظيمات وهو المسؤول عنه ففي ظل حكومات العمالة و في غياب الخيارات الوطنية وتغلغل ثقافة التهميش والإستغلال والحقرة فالإرهاب لا يتواجد ولا يتوالد في الدول المتقدمة التي تكرس المواطنة وتحترم مواطنيها و تعطيهم حقوقهم ولكنه يتواجد فقط الدول و الأنظمة التي تعامل مواطنيها لخدم أو كرعايا فالإصلاح يبدء من داخل النظام لا من خارجه و المقاربة التنموية يجب أن تكون سابقة للمقاربة الأمنية لكي لا تتحول الثورة على النظام إلى ثأر من الدولة لكن في ظل تعاقب الحكومات المتبنية لنفس الخيارات لا شيء ينبئ بإجتثاث الإرهاب في ظل غياب مقاربات تنموية واضحة قد تقضي على الفقر والتهميش و إنسداد الأفاق وتعطي جرعات من الأمل و الحلم للذين قد يسقطون في شراك المجموعات الإرهابية وخاصة في ظل التحولات الإقليمية المتسارعة والتي أصبح فيها الإرهاب على الأبواب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل