الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام بين صيغة الاخبار وصيغة توجيه الرأي العام

علي البهلول

2015 / 2 / 18
الصحافة والاعلام


"أخبارا أو أيا كان مفهوم الإعلام فهو مفهوم يوغل في المدى اليومي باعتباره أسلوب تفكير متعدد الأبعاد أنه المفهوم الأشمل والأوحد والأكثر أصالة بحكمه فكرا يتواجد بين صيغة الأخبار و إيصال المعلومة و بين صيغة توجيه الرأي العام خدمة لمصلحة من المصالح المعينة لذلك سمي بالسلطة الرابعة لما له من نفوذ وهيمنة واتساع للمطلق."

يعتبر الاعلام من أهم الركائز الأساسية في فهم الحياة و في رسم الحدود والكل يكاد يجمع لما للأعلام من مكانة خاصة وأساسية في التأسيس للثقافة وفي بناء الذات والرأى الأخر والمخالف, فهو الشيء الوحيد الذي يكتسب دلالة التأثير والإقناع أو بالأحرى دلالة التنويم إن كنا نقصد بها بالدلالة الفرويدية الى جانب أن الأعلام يبقى له أصله الأساسي والإخبار هو مغرسه و تبليغ المعلومة وإيصالها بلا استئذان في البيوت وفي السيارة وفي الشوارع وفي العمل هو السمة التي تطغى عليه بغض النظر عن محتوى المضمون التي تأتي معه الرسالة الإعلامية المسموعة والمقروءة والمرئية وحتى الالكترونية منها التي باتت تحتل صدارة الأرقام في المتابعة وفي التأثير فمثلا كما تم اثباته من خلال المثل الصيني الذي يشير بأن صورة واحدة تكون خير من عشرة الاف كلمة وبالتالي فالأعلام هو الصورة التي بها يمكن تبليغ المراد والمبتغى فصورة انتحار البوعزيزي كانت الشرارة الأولى في اندلاع الثورة ومن قام بالتقاطها وبثها عبر الشبكة العنكبوتية أولا من خلال الفيسبوك مهدت لما يسمى بمحاولة التحرر من السائد ورفضه برفع شعارات تنادي بحقه وبحق أهله فلو لم يكن الأعلام حاضرا ولو ببساطته عبر فيديو بسيط أو عبر صورة لما أمكن لها أن نتحدث الآن عن ثورة تونسية أو عن ربيع عربي مثلما أخذت أكلها في مصر وسوريا وليبيا فالأعلام كان الفيصل والخط الحاسم في فضح المسكوت عنه وفي ايصال أصوات المحرومين والمفقرين والعاطلين وكان أول شعار ظهر في الاعلام ينادي بالشغل والحرية والكرامة الوطنية وان كنا أخذنا مثال محمد البوعزيزي ومثال الثورة التونسية فلأنه رأينا فيه الأنسب والأسلم للبحث عن العلاقة الجدلية التي يقيمها الأعلام بين صيغة الاخبار وصيغة صناعة رأي أو توجيهه في أحدى الوجهات التي تسطّرها الدولة الحاكمة لا سيما ان كانت الوسيلة الإعلامية حكومية أو وسيلة خاصة لتكون في خدمة مصالحها الخاصة فشبكة المراسلين الإعلاميين كان لها دور فاعل في نقل الأحداث عبر أضخم القنوات والوكالات الأنباء العالمية وبالتالي المتأمل البسيط للوضعية التي يتواجد فيه الأعلام يمكنه أنم يجزم بأن الاعلام التونسي خاصة ولد بين المطرقة والسندان بين مطرقة الدولة الحاكمة التي تقوم بقصف العقول وقصف الأقلام المبدعة وبين سندان الواقع الذي يفرض على الصحفي نقل الأحداث كما هي ليس كما يبدو له وبالتالي وقع تمزق بين الذات المهنية وبين الذات النفسية للأعلاميين عبر سنوات .وهنا يكون مربط الفرس ويكون بيت القصيد من خلال جزمنا نحن بأن الأعلام اتخذ وسيلة في صناعة القرار وفي توجيه رأي شعب بأكمله وكان ذلك متبلورا في السنوات الأخيرة وتحديدا بعد 17 ديسمبر 2010 من خلال محاولة وسائلنا المحلية الوقوف على قدم وساق في دعم كل ما منه أن يكون في سبيل تحقيق الكرامة والحرية والحياة الى جانب الوقوف لرفض كل أشكال الاقصاء والتهميش .وفي مكان غير بعيد كنا لا حظنا الدور الاخر الذي لعبه الاعلام في حرب العراق وفي احتلال فلسطين من خلال الوجه الاخر الصهيوني و الأمريكي في محاولة تزييف وعي العرب واعتبار الحرب هدفا من أهداف تحقيق الأمن و السلام للشعوب العربية .وقد تواصل حتى في البلدان العربية من خلال ما بينته أغلب الوسائل العربية والعالمية بأن الثورات كان هدفها تحرر الشعوب من الهيمنة والاستعباد .فالاعلام اتخذ وجهين الأول كشف الحقيقة وجعلها تتجلى والوجه الثاني تزييف وعي ونشر المغالطات. فالفكر الإعلامي استطاع عبر تاريخه الطويل أن يخترق الحدود ويهتك الحواجز من خلال إنارة عامة الناس من مثقفين ومن أميين بما يحصل وما كان قد حصل في البلاد وهذا ما ترجمته الثورة التونسية التي أتت أكلها الاعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أولا ورأينا كم كانت وجهة الشعب متجهة نحو نظام وسيادة واحدة قبل 14 جانفي 2011 وفي لمح البصر انقلب تفكير رؤياه وخرج للشارع كبارا وصغارا ينادون باسقاط النظام فالاعلام اكتسى في تلك اللحظة ميزتين الأولى ميزة اخبار الشعب بالحالة المزرية التي وصلت لها البلاد والميزة الثانية تغيير وجهة نظره 180 درجة وحثه للنزول الى الشارع مطالبة بالحق المسلوب ولكن مع كامل الأسف وما لا يمكن حجبه البتة أن أعلامنا التونسي اليوم باستثاء البعض منها التي حافظت على ميثاق المهنة من خلال الصدق في القول وممارسة الحيادية فأن أغلبها تحول كابوس يرهق المحللين له والمتابعين لبرامج "البلاتوات" السياسية خاصة وهذا ما ترجمته الانتخابات الأخيرة حيث غدت أغلب الوسائل الإعلامية بوقا للعديد من الأحزاب والكل يحاول جاهدا عبر الوسيلة الإعلامية التي يمتلك فيها بعض الأسهم أن يقوم باستقطاب أكثر عدد ممكن من الأنصار له .ففكرة تغيير القرار التي بتنا نتكلم عليها اليوم والتي ألصقت بالإعلام باتت تتحمل المسؤولية الأولى والنهائية من خلال التجويق والتبهيم الإعلامي الذي ساعدت في ظهوره العديد من الوسائل والتي من المفترض أن تكون قد حافظت على الموضوعية والحيادية والامتثال للشعار الإعلامي .فالإعلام اذن إخبار في ظاهره ويجب أن يكون باطنه تحليل منهجي لوقائع الأمة والوطن وقصد الدفاع عن كل مقومات الحياة والعيش الكريم مع احترام الاخر وكل الأذواق والتخلي عن الفكرة التي تنادي بدحر الوسيلة الإعلامية باختلاف نوعها ويبقى عقل المتابع للوسائل الإعلامية الحكم الوحيد في اتخاذ القرار وفي صناعة رأي مهما كان نوعه...
*علي البهلول باحث تونسي وأعلامي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد