الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرمزية في حياة العراقيين

احمد عبدول

2015 / 2 / 18
الادب والفن


للرمزية في حياة العراقيين قصة طويلة عريضة ,تمتد على امتداد تواجدهم على تلك الارض التي شاءت الاقدار ان تكون محط انظار العالم بأسره ,ليكون نصيب اهلها من الحروب والآزمات والنوازل والفواجع النصيب الاوفر بين مختلف شعوب المعمورة ,العراقيون ولا سباب تاريخية ثقافية وسياسية واجتماعية لا ينفكون عن التعويل على الرمزية او الرمز (قائد ـشيخ عشيرة ـرجل دين ) لذلك كان تاريخهم تاريخ شخوص ولم يكن تاريخ جماعات ونخب وتيارات ,العراقيون ومنذ امد بعيد يدمنون عملية النفخ في هياكل بشرية وجدت نفسها في وقت من الاوقات تتصدر الواقع لكي يصار الى تضخيمها وتفخيمها وتعظيمها وكأنها شخصيات غير مألوفة وغير معتادة .جميعنا يتذكر كيف كان العراقيون يمجدون حاكم مثل (صدام ) خوفا من بطشه وطمعا في ما يمنحه من هبات وعطايا ودرجات وامتيازات لمن يسير في ركاب حزبه الفاشي ,جميعنا يتذكر كيف كان اغلب العراقيين يتسابقون لكسب ود القائد الضرورة خوفا وطمعا .لعل البعض يمتعض من هكذا قول مبررا ذلك بالخوف والحفاظ على النفس من الوقوع في التهلكة , الا ان مثل ذلك القول يعد قولا مجانبا للواقع ,فشرور (صدام ) لم تكن الوحيدة عما اقترفه بحق ابناء الشعب العراقي ,حيث شكلت (الرمزية ) التي قدمها حزبه وعمل على الترويج لها ليجد بعد ذلك جماهير واسعة تصطف وراء تلك الرمزية المزيفة وتتغنى بها اناء الليل واطراف النهار ,كل ذلك كان سببا مهما فيما وصل اليه (صدام ) من غطرسه وتجبر .
واذا كان هنالك من يبرر للعراقيين تهافتهم والتفافهم حول مواكب سيارات (المرسيدس ) البيضاء والتي كان يتقدمها (صدام ) وهو يلوح للجماهير بالنصر على اميركا , اذا كان هناك من يبرر ذلك بسبب الخوف او التقية فبماذا نبرر ما نشهده هذه الايام من استفحال ظاهرة (الرمز ) في حياة العراقيين بعد التغيير الذي حدث عام 2003 وقد رفع عنا حجاب الخوف وازيل برقع التقية .
فلو انك قلبت اي صحيفة او قمت بمتابعة اي فضائية بغض النظر عن توجهاتها المذهبية او السياسية لوجدت ان الرمزية قد اخذت مديات مهولة واطوارا مخيفة , وهكذا هو الحال داخل سائر الكتل والتنظيمات والاحزاب العراقية وصولا الى دوائر ومؤسسات الدولة التي يفترض ان تتلاشى فيها هكذا ظواهر غير صحية .
ان المتتبع لحالنا اليوم يجد ان الفرق يكاد يكون معدوما بين الامس واليوم , بل اننا بالأمس كنا نمجد شخصا واحدا احدا, اما اليوم فقد اخذ كلا منا يمجد على مقاساته الثقافية والمذهبية والفئوية والحزبية والمناطقية .
قد يقول قائل ان ظاهرة الرمز في حياة الشعوب هي ظاهرة طبيعية ولا مناص للفرد من رمز يحتذي به ويقتدي بأعماله ويلتزم بوصاياه فلماذا كل ذلك اللوم .
لا شك ان مثل ذلك الكلام ينطوي على الكثير من الصحة ,فالرمز ضرورة تظهر في شتى المجتمعات ,الا ان هذا لا يعني ان الرمزية تبقى حالة ملازمة لهذا المجتمع او ذاك على امتداد مراحله التاريخية ,اللهم الا اذا كان ذلك المجتمع يعاني من خلل بنيوي في ارضيته الثقافية والقيمية .الرمزية انما تشكل حضورا مستداما داخل المجتمعات التي فشلت في استكمال شروط نهضتها ,المجتمعات التي اخفقت في ان تعمل بشكل جمعي متناسق .ان الامم المتحضرة قد غادرت الرمزية منذ زمن بعيد عندما ولت قبلتها نحو البرامج والتنمية وخطط الاستثمار والسعي لبناء دولة المؤسسات ,اما الامم المتخلفة فأنها لا تزال تنفخ بنار الرمز الذي تجد فيه ضالتها المنشودة واملها الاخير .
يبدو ان اغلب العراقيين لا يستطيع العيش دون ان يكون له رمز (بر او فاسق ) وما دام هذا هو حال الاعم الاغلب منا فأن مصيرنا مرهون بكف عفريت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال


.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا




.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?