الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حَدَثٌ و دَرسٌ

ييلماز جاويد
(Yelimaz Jawid)

2015 / 2 / 19
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية



يُروى أن مقاولاً كان ينفّذ مشروع تبليط الشارع الذي يمتد بين منطقة معرض بغداد الدُولي ومدينة المنصور . بضمن المخطط شارع حي دراغ الذي كان يقع فيه دار طاهر يحيى ( رئيس الوزراء المخضرم في عهد العارفين ) . بعد سقوط وزارته بعدة أيام لاحظ طاهر يحيى أن المقاول قد أوقف العمل في تبليط الشارع المؤدّي إلى داره ! رفع سماعة الهاتف وخاطب المقاول قائلاً " أوقفت أعمال التبليط بعد سقوط الوزارة ، فهل أنت متأكد أنّي لن أكون رئيساً للوزراء بعد الآن ؟ " عند إستلام المقاول " الرسالة " عاد صاغراً لعمله .

درسٌ علينا أن نعيَه اليوم ونأخذ منه عبرةً . الجهاز الإداري في الدولة والقوات المسلّحة لم يتوصلوا إلى قناعة ويقين أن المالكي لن يعود رئيساً للوزراء ثانية . فالناس بطبعهم ، مسالمون ، لا مصلحة لهم في الميلان نحو جهة ضد أخرى تحاشياً لما قد يأتيهم من أذىً . قد يسمّي البعض هذا الموقف جبناً ، ولكني أرى أن تحاشي الأذى والركون إلى السلامة هو طبع الشعوب عامة ، والشعوب جبارة إذا ثارت وتيقنت من أن قادتها أمناء وأحرارٌ في التخطيط لمستقبلهم والإقدام في مسيرتهم والتفاني من أجل تحقيق طموحاتهم .

لم يحصل من حيدر العبادي ما يُطمئن الشعب أنه ذلك القائد الذي يتمكن من تحقيق تلك الطموحات ، سواء في تحرير الأرض من براثن داعش ، أو مكافحة الفساد والقضاء على سطوة الميليشيات المسلحة وتطهير القوات المسلحة من البؤر الإرهابية التي زرعها النظام السابق فيها وأعطاها الوضع القانوني الرسمي ، ولمّا يزل يستخدمها ليس في تعكير الأمن والإستقرار، بتنفيذ الأعمال الإرهابية ، بل أيضاً بإشاعة الفوضى في البلد بغرض إفشال كل عملٍ تقوم به الحكومة الجديدة .

لم أقصد بما ذكرت أعلاه ثلم شخص العبادي أو التشكيك في صدقه وإخلاصه للوطن والشعب ، بل أن توازن القوى السياسية التي ساندته عند تولّيه رئاسة مجلس الوزراء ملغومة بأعدائه ، ومن هنا يأتي المحذور في سقوط وزارته بإنسلاخ بعض القوى السياسية من الإلتزامات التي تعهّدت بها في يوم تسلّم العبادي للمسؤولية . إنّ العبادي لا زال ضمن كتلة " دولة القانون " بزعامة المالكي ، ولم تتمكن قيادة حزب الدعوة من عقد مؤتمرها لإزاحته وإختيار العبادي أو أحد الموالين له لزعامة الحزب . والعبادي مرهون بمواقف التحالف الوطني السياسية ، والشعب يعلم أن لدى المالكي ومستشاره " الألنكي " ملفات تخص شخوص قيادات التحالف الوطني يؤدّي كشفها إلى تغيير ماضي ومستقبل تلك الشخوص ، فبالتالي فإن أي قرار يتعلّق بالقيادات السياسية : يتحدد بالخط الأحمر المرسوم . أما القوى السياسية الأخرى الفاعلة في الساحة : فبالإضافة إلى إنطباق نفس العيوب المذكورة أعلاه على بعض قياداتها فإن في أجنداتها تقاطعات مع أجندة كتلة دولة القانون والتحالف الوطني . إنها مسألة معقّدة جدّاً يصعبُ حلّها ما لم يُكسر هذا الطوق الحديدي الذي يكبّل الحكومة .

من المُلاحظ أن أي خطوة إيجابية تتخذها الحكومة ترافقها موجة من أعمال العنف والتفجيرات والمفخخات ، تتبعها وسائل الإعلام المأجورة برمي الحكومة بالقصور ووضعها في موقف المساءلة . لا يمكن بناء العراق بيدٌ تبني وأخرى تهدم ، فلا بدّ من عملٍ ثوريٍّ حقيقي لإنقاذ العراق من هذا الوضع المأساوي المنحدر نحو الهاوية . فعلى المسؤولين تحمّل مسؤولياتهم ، فالتاريخ والشعب ، في غدٍ ، لا يرحم المتقاعسين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حشود غفيرة من الطلبة المتظاهرين في حرم جماعة كاليفورنيا


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في باريس خلال عيد العمال.. وفلس




.. على خلفية احتجاجات داعمة لفلسطين.. مواجهات بين الشرطة وطلاب


.. الاحتجاجات ضد -القانون الروسي-.. بوريل ينتقد عنف الشرطة ضد ا




.. قصة مبنى هاميلتون التاريخي الذي سيطر عليه الطلبة المحتجون في