الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أبو مازن: رجل ثورة بثوب رجل الدّولة

محمد بهلول

2015 / 2 / 19
القضية الفلسطينية


أبو مـــازن: رجـــل ثــــورة بثـــوب رجــل الدّولــة
محمّــــد بهلــــول
منذ توقيع إتفاق أوسلو (1993) وحتى الآن تدور في الفضاء الإعلامي الفلسطيني والغرف المغلقة نقاشات حادّة، ما بين مؤيّد ومعارض، ما بين ما اعتبره خطوة نحو إنهاء الإحتلال والإستقلال، ومن اعتبره حلاًّ تصفوياًّ واتّفاقاً إستسلاميّاً، إلاّ أن السؤال الأهمّ، لم يتناوله أحد الا وهو ماذا لو لم يتمّ توقيع إتّفاق أوسلو؟؟؟
ما هو المصير الذي كان ينتظر الحالة الفلسطينيّة وعلى الأدقّ منظّمة التحرير الفلسطينيّة، سيّما مع القراءة الدوليّة والإقليميّة المتأنّية في أعقاب إنهيار الإتّحاد السوفياتي وإعلان إنتصار النّظام الرأسمالي، كحقيقة أبديّة "انذاك"، وانتقال الولايات المتّحدة الأميركيّة إلى موقع القطب الأحادي المسيطر والمتحكّم في رسم خريطة العالم.
الإعتقاد الغالب، ان النّظام العربي الرّسمي المنقسم ما بين غالبيّة تشكّل نظام "الإعتدال" وأقليّة مؤثّرة تشكّل محور الممانعة "سوريا تحديداً" كان سيتناتش المنظّمة لإعادة تموضع القرار الفلسطيني في أحضان النظام الرّسمي على ضفّتي الصراع والإنقسام، وتحويل التمثيل الشرعي للفلسطينيّين بالمضمون وليس بالشكل إلى الحظيرة العربيّة، أي الواقع الذي كان قبل قيام الثّورة الفلسطينيّة المعاصرة (كانون الثاني 1965).
في إسرائيل اليوم، غالبيّة السياسيّين والإعلاميّين والباحثين الجديّين يعتبرون أن إتّفاق أوسلو كان المحطّة الأسوأ في تاريخ الصّراع العربي- الفلسطيني- الإسرائيلي والدرجة الأولى في سلّم الإنهاء الوجودي لدولة الكيان بالمعنى الايدولوجي "أي سيادة الصهيونيّة كأيدولوجيّة سائدة ومتحكّمة بالمجتمع الإسرائيلي وتأثيرها على كل يهود العالم" لا بالمعنى البيولوجي الذي لا يقرّه أحد إنّما تستغلّه وتستخدمه الدعاية الصهيونيّة لتحشيد الرأي العامّ على المستوى الداخلي "اليهودي" والعالمي، وإن كان هذا الإستغلال اصبح فبركة مملّة لا تنطلي على اليهود أنفسهم سواء داخل الكيان أو خارجه.
القوى السياسيّة والشعبيّة المعارضة لإتّفاق أوسلو. ركّزت على التفريط في سقف البرنامج الوطني، والبعض ذهب أكثر بتوصيف القيادة الفلسطينيّة بالخيانة وتصفية القضيّة الفلسطينيّة، وإن كان النزول في السّقف "دقيقاً في الشكل لا المضمون" فلا يعفي من كون السؤال المفترض أن يطرح وهو مشتّقاً من السؤال الأول وذات ارتباط دلالي واسع به، أنه بعد مرور 22 عاماً على توقيع الاتفاق، هل من تنازلات جوهريّة في أولويّات وعناوين المشروع الوطني "عودة أي مصالح اللاجئين" تقرير المصير والمساواة أي مصالح سكّان المناطق المحتلّة عام 1948" "دولة مستقلّة أي مصالح سكّان المناطق المحتلّة عام 1967" تمّ التفريط بها، بعيداً عن تصريحات إعلاميّة هنا، أو اشارات دبلوماسيّة هناك، تستلزمها أصول العلاقات الدبلوماسيّة والتعاطي السّياسي مع دول العالم، سيّما في معركة الرأي العامّ الإسرائيلي والدولي.
هل تحتاج القيادة الفلسطينيّة 22 عاما لتقدم على تنازلات جوهريّة، إذ كانت في الأصل في نيّة تقديم مثل هذه التنازلات؟!!
اليوم مع التغيير التدريجي والتطوّر النوعي والتبدّلات الهائلة في بنية النّظام الدولي وأسس العلاقات الدوليّة الجديدة النّاشئة، كما في السياقات الإقليميّة والمحليّة، فإن السياسة الفلسطينية بدأت بالانتقال من مرحلة الرضوخ للشروط الدوليّة وتحديداً الأميركيّة مع ما تتطلّبها المرحلة من طراوة سياسيّة وإعلاميّة إلى مرحلة التناغم مع واقع التعدّد القطبي على المستوى الدّولي واصطفافات القوى الإقليميّة المتوازنة الجديدة، التي تتطلّب التحوّل إلى السياسة الهجوميّة والإنتقال من إطار المفاوضات الثنائيّة والرّعاية الأميركيّة الأحاديّة إلى التدويل عبر مجلس الأمن والمحكمة الدولية.
لقد استطاعت السياسة الفلسطينية على مدار الأعوام الماضية (عبر تنازلات شكليّة إعلاميّة) وإصراراً على التمسّك بالعناوين الأساسيّة للمشروع الوطني والإدارة السياسيّة والإعلاميّة والدبلوماسيّة النّاجحة المستندة إلى تراص موقف شعبي وازن رغم كل التجاذبات والإنقسامات الفلسطينية والتدخلات الإقليمية والدوليّة العبور بأقلّ الخسائر الممكنة من مرحلة الرعونة الإسرائيليّة والإنحياز الأميركي إلى مرحلة الإنكفاء والعزلة الإسرائيليتين والتحول التدريجي البطيء للموقف الأميركي المتداخل بالتسليم بالمشاركة الدوليّة المتعدّدة.
اليوم عندما تدعو القيادة الفلسطينية المجلس المركزي لمنظمة التحرير إلى الإنعقاد في النصف الأول من شهر آذار قبل الإنتخابات الإسرائيليّة في رسالة واضحة لتحديد الإستراتيجيّة الجديدة بمعزل عن نتائجها ولتقفل أي إمكانية لإعادة الحياة إلى المفاوضات الثنائيّة بالشروط السّابقة والرعاية الأحاديّة، فإنها تعبر عن رؤية جديدة ونضوج مكتمل لمعركة التحرّر من الإحتلال والإنتقال إلى الإستقلال.
على امتداد 22 عاماً، القيادة الفلسطينيّة عبّرت أصدق تعبير عن سياسة الثورة بأثواب الدّولة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج