الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لائحة اتهام

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 2 / 19
كتابات ساخرة


عندما يرى المواطن الغربي البسيط أن رسماً كاريكاتورياً ساخراً يثير جنون أغلب المسلمين فيحرضهم على الاحتجاج ضده بطريقةٍ تنزع على الأغلب إلى العنف سيفترض منطقياً أن تلك الجموع أتت من مجتمعاتٍ لا تمتلك أي مشاكل إنسانية أو فكرية تُؤرِّق نومها المسائي أو تمنعها من الحصول على قيلولةٍ خاطفة وقت الظهيرة..و ربما سيعتقد -و له كامل الحق في ذلك- أن جميع تلك الرسومات الساخرة تتجنى على الدين الإسلامي بما ليس فيه طالما أن كل تلك الملايين تخرج متظاهرةً و مُبديةً لغضبها بطريقةٍ تشبه طريقة الذئب الجريح في التعامل مع أعدائه..تلك الرسومات تحتوي في مضمونها على العديد من التهم نحو الدين الإسلامي أو النبي محمد الكريم لهذا سأفترض أنه لن يضرنا القليل من التواثب بين فقرات لائحة الاتهام تلك لنستعرض تلك التهم و مدى موضوعيتها.

أولى تلك التهم هي تهمة الإرهاب..ذلك الإرهاب الذي يمكن أن نلاحظ دون أي جهدٍ يذكر أن أغلب مرتكبيه هم من معتنقيَّ الدين الإسلامي..و كالعادة يقع المسلمون في فخٍ مكرر عندما ينفون عن ذلك الإرهابي صفة دينه -أي الإسلام- متناسين أن لا أحد يكترث بما يصفونه به و لكن بما يصف به نفسه فالاعتقاد الثاني لا الأول هو الذي سيؤدي غالباً إلى عدة رؤوس مقطوعة أو عدة جثث متناثرة هنا و هناك..ذلك الاعتقاد الذي يمتلكه ذلك الإرهابي بأنه مسلم متدين هو ما يمنحه القدرة على تفخيخ جسده كما أجساد الآخرين لأن هناك من جعله يؤمن بأن قيامه بهذا الأمر بالإضافة إلى نُطقه للشهادتين هما أمران كافيين تماماً لحصوله على متعةٍ جنسية لا تنتهي بجوار الرب و بمباركته.

ثاني تلك التهم هي الاستبداد الديني..و هنا لا أعلم هل أتحدث عن محاكم التفتيش الإسلامية و التي تضطهد أي مسلمٍ معتدل يدعو إلى الاعتدال الفكري و التعايش مع الآخر و احترام معتقداته أم أتحدث عن أي شخصٍ يخشى الاعتراف بإلحاده أو حتى لا دينيته علناً لأن القيام بذلك الاعتراف أصبح مقروناً على الأغلب بتحليق عنق صاحبه بعيداً عن موضعه الطبيعي!!..فالاضطهاد الديني الذي تمارسه دولٌ إسلامية عديدة تجاه الأقليات الدينية التي تسكن بين ظهرانيها له صورٌ عديدة لا تعد و لا تحصى لعل أشد تلك الصور وضوحاً هو ذلك الاضطهاد الذي سيعيش تفاصيله أي شخص يحاول أن يفتتح كنيسة أو كنيس لمعتنقيَّ ديانته في بلدٍ إسلامي يتباهى بعدد مآذنه لا بمقدار احترامه لمعتقدات الآخر.

و التهمة الثالثة هي التمييز ضد النساء بل و تشريع ذلك الأمر على لسان الرسول الكريم و قطع لسان الرب عند محاولته مخالفة كتب التراث "الإسلامي"..ذلك التمييز يصل في بلدانٍ إسلامية عديدة إلى حد إهدار كرامة المرأة الإنسانية و الحط من قدرها فكرياً و إنسانياً كما مجتمعياً..و من المثير للاستغراب أن المسلم يرى أن الحرية الجنسية لفتاةٍ في الثامنة عشر من عمرها في الدول الغربية هي إباحية تثير غثيانه كما رعبه و لكن معدته لا تبدِ ذات ردة الفعل تلك عندما يتخيل رجلاً في الخمسين من عمره يعاشر فتاةً في الثامنة!!..بل إنه -و على سبيل الحماس الديني- قد يشارك في مظاهرات تكاد تكون مليونية للتنديد بأي تشكيكٍ تجاه المغزى الديني و الإنساني العظيم لذلك الأمر!!.

أما التهمة الرابعة فهي رفض القيام بالنقد الذاتي و محاربة أي شخص يحاول القيام به بتوجيه تهمٍ عديدة نحوه و أولها كالعادة تهمة الردة..فأي شخص يوجه أي نقد لمجموعة التناقضات البشعة التي تمزجها كتب التراث بالدين الإسلامي لتُنتج لنا أمراً مُرَّ المذاق كما الخمر يُقابل بتوجيه تلك التهمة إليه..و بالرغم من تلك المرارة التي يمتاز بها ذلك الدين الجديد إلا أنك ستجد أن إيمان أغلب المسلمين به يشابه في قوته إيمان معظمهم بأن دخول الحمام بالرجل اليمنى يعمل كحاجز صدٍ لا مرئي تجاه هجوم الشياطين نحوهم!!.

التهمة الخامسة هي اعتناق نظرية المؤامرة بطريقةٍ تقترب كثيراً من الفجاجة و هو ما نراه جلياً عند كل حادثة يكون الضحية فيها من المسلمين أو دينٍ بأكمله كما يحدث حالياً بفضل داعش..فتلك النظرية هي ما جعلت نسبة من المسلمين يؤمنون أن داعش ما هي إلا صناعة غربية خالصة..نعم فأفراد داعش تعلموا في مدارس الغرب أن الزانية تُرجم و أن من يغير يدينه يجب أن يُقتل و أن المثلي لا يليق به إلا الرمي من فوق أسطح المباني و أن غير المسلم هو نصف إنسان حتى إشعارٍ آخر..و هكذا و بإتباع تلك النظرية المقدسة أصبحت داعش و بكل بساطة صناعة غربية خالصة ألقى بها الغرب فوق رؤوسنا كما ألقت الولايات المتحدة بقنبلة الرجل البدين فوق رؤوس اليابانيين.

التهمة السادسة هي رفض الاندماج بالثقافة الغربية و احتقارها..تلك الثقافة التي أثبتت للجميع أنها تحمل كأي ثقافة إنسانية عدداً من السلبيات كما الإيجابيات بين طياتها و لكنها في ذات الوقت أثبتت أنها أكثر إنسانية من الثقافة الإسلامية بصورةٍ عامة..ففي الوقت الذي تظاهرت فيه معظم دول العالم الغربي من أجل التنديد بالإرهاب الإسلامي الهوية لم يقم العالم الإسلامي بالقيام بذات التنديد و بذات الكيفية..و من الغريب كيف أن المسلمين كانت لديهم الشجاعة الأدبية للمطالبة بإدانة عالمية لجريمة مقتل ضياء بركات و زوجته يسر محمد أبو صالحة و أختها رزان في الوقت الذي لم يقوموا هم فيه بأي إدانةٍ و لو شكلية تجاه عشرات المذابح اليومية التي يقوم بها أشخاص أتوا من خلفياتٍ إسلامية و كأني بهم يمتلكون نوعاً ما من الفخر الطفولي بهم!!.

مجتمعٌ يعاني من العجز عن دحر كل تلك التهم عن نفسه -و غيرها الكثير- و ما زال يملك البال الرائق لينتقد صارخاً و بهستيرية كل من ينتقده ببضع رسوماتٍ كاريكاتورية!!..عشرات المظاهرات تخرج في أغلب البلدان الإسلامية عند ظهور أي رسم كاريكاتوري عن النبي الكريم متجاهلةً و بشكلٍ أحمق حقيقة أن فكرة هذا الرسم أو ذك غالباً ما تكون مُستقاة من كتب التراث المُقدسة أو من واقع المجتمعات الإسلامية..و كم كنت أتمنى أن يكون لدى أغلب المسلمين إيمان و لو هزيل بأن النبي الكريم لم يُنتقص قدره بتلك الرسومات بقدر ما حدث بواسطة كتب التراث تلك و التي أظهرته بمظهر الرجل الشهواني الدموي و المتعطش دوماً للسلطة..و لكن الإيمان بذلك الأمر سيتطلب منهم القيام بقراءة تلك الكتب بعقلية المتجرد الناقد لما تحتويه و هو الأمر الذي ستعتبره أغلبيتهم إضافةً رابعة للمستحيلات الثلاث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إلى antonsaba56
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 19 - 18:34 )
عذراً فأنا لا أتابع التلفاز بشكل مستمر لهذا السبب بالتأكيد فاتتني حتماً المظاهرات المليونية التي قام بها المسلمون في جميع الدول العربية ضد داعش و جرائمه و التي بالتأكيد ترافقت مع إدانة الأزهر لأفراده و لن أقول تكفيرهم و لكن الكف عن تدليلهم بلفظ -عصاة-...

و أعتذر أيضاً عن عدم تدليلي للمسلمين و وصف جرائم بعضهم باللفظ الرقيق -ردة فعل- ربما لأني أيضاً أرى أن فهمي القاصر لعبارة ردة فعل يختلف كثيراً عن مفهومك العميق لها...

تحياتي


2 - المفهوم المقلوب لدى الدواعش
مروان سعيد ( 2015 / 2 / 20 - 20:17 )
تحية للاستاذة زين اليوسف المحترمة
ان النبي الكريم كما تسمينه لم يقول انا جئت رسول السلام والمحبة بل قال جئت لاانشر الرعب مسيرة شهر وجعل رزقي تحت ظل رمحي اي ارهابي بامتياز ويجب ان يرسموه وهو متربع فوق الاف الهياكل العظمية وبيده رمحه مصدر رزقه
تعم سيدتي الدواعش لم تفعل شيئ من عندها بل كله فتوكوبي عن الرسول الكريم ومن شدة كرمه كان يغزو ويسبي النساء ويحتل الاراضي الخصبة ويوزعها على اتباعه ما اشد كرمه وطيبة اخلاقه
ومن شدة ولعه بالنساء خطف امراءة ابنه باية كريمة من الاهه صبحان مقلب القلوب وترك المسكين ابنه بدون امراءة وهو كان يتكته بثمانية ما عدا ملكات اليمين تصوري كرم هذا الرسول وما اشرفه
ومودتي للجميع

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي