الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظواهر بلا تفسير

تغريد الكردي

2015 / 2 / 20
حقوق الانسان


ظاهرة " 1 " .
_________________________
المكان : سيارة نقل عام ( نوع كيا ) .
الزمان : نهاراً كان يُفترض أن يكون عادياً .
جميع الركاب من الرجال إلا فتاةً تَجلس قُرب الباب بالاتجاه المعاكس لسير العربة , بجانبها رجل يُصادف انه صديق مُقرب لآخر في المقعد الذي امامها و يبدأ الحوار و يتشعب و يشعُر صاحبنا بالراحة فجأة و يبدأ بالمباعدة ما بين قدميهِ ليقترب بفخذهِ و يدهِ و حقيبتهِ من جسدِها و تبتعد هي قليلاً ليفهم الذكيّ أنها تريدهُ ان يقترب اكثر و يستجيب حتى تلتصق هي بحافة الباب , عندها تنظر لكل الجالسين و الجميع يضمون الارجل بالطريقة العادية ألا صاحبُنا , و لأنها تَعبت تَحمُل ذات المشهد ساعتين يومياً , الاولى صباحاً و الثانية ظهراً .. قررت ان تكون شجاعة هذة المرة و تَطلب منهُ الجلوس كما الاخرين و يأتيها الجواب " ليش و اني مضايقج " و حين تُصر على الطلب يعلو الصوت ..
عدد الركاب مع السائق ( احدى عشر ) , الجميع إلا واحدا يقفون مع صاحبُنا ضدها و يُقرر السائق اعتبار الامر تَحرُشاً مِن قِبل الفتاة ب أفندينا و يقف بالسيارة امام اقرب مركز للشرطة و يترجل و يفتح الباب بصرخة " انزلي للشرطة " ,
لم تكن تبكي دموعاً تلك اللحظة , ربما كان نحيبها المسؤول الاول عن وجود ثُقب الحزن الاسود للكون .. و أنبرى ذاك الرجل الوحيد بينهم , رجلٌ تَكاثف البياض على شعرهِ و عمرٌ يراوح في خطواته الاخيرة للذبول , لَكّم الشاب على وجههِ و لم يتوقف , و تحول طَلب فتاة عادية الى مسرحية و مع اقتراب الشرطة و خوف السائق من اللا شيء صَرخ بالفتاة الصعود مرة اخرى و لملمة الموضوع و الهروب من المكان مع باقي الركاب .
ظاهرة " 2 " .
_________________________
المكان : الحرم الجامعي .
الزمان : نهاراً كان يُفترض ان يكون عادياً .
مَرّ يومان على اعلان النتائج النهائية للمرحلة الاخيرة , تَعمدت الذهاب بعد هذا الوقت تفادياً لأزدحام الطلاب على طلب النتائج , وَصلت باب سكرتارية القسم لاستلام النتيجة و تطلب منها المسؤولة هناك الحصول على ورقة براءة ذمة من مكتبة القسم في حال استعارت يوماً كتاباً .
( هو أمرٌ روتيني خصوصا أنها لم تستعر يوماً كتاباً ) ..
( المكتبة تقع نهاية مبنى الكلية في منطقة تقريبا معزولة ) ..
تَصل هناك و تجد الموظف المسؤول و بعد تفحصها جيداً يُقرر ان هناك كتاباً مفقوداً مُسجل بأسمها و عليها إعادتهِ ليوقع براءة الذمة و رغم قَسمِها المتكرر أنها طيلة السنوات الاربعة لم تَصل المكتبة اساساً , يُصرّ هو على طَلبهِ و تترك المكتبة لا تعرف الحل .
في طريق عودتها الى الكلية تُصادف أحد اساتذتها و تشرح له الامر ليجيبها الاستاذ " حاولي تنطي كم فلس أخاف هذا يدور فلوس " و لأنها طالبة ( تَفتقر خبرة التعامل مع هكذا مواقف ) و لأنها بحاجة النتيجة تَعود الى المكتبة تبعاً لنصيحة الاستاذ ,
" ممكن اعرف ثمن الكتاب " .
يَجيب الموظف " تعالي وياي أشوف سعره " , و تَسير خَلفهُ الى غرفه مليئة بأكوام الكتب المتراصة على الارض , يَسحبُها فجأة من يدها " تعالي " ..
و وسط خَوفها و محاولات الهروب و محاولات الصراخ تَفلت من يديهِ بأتجاه الباب مباشرتاً ليركض خلفها و يقف الاثنان وسط الممر الذي يَدخُلهُ دون مقدمات ثلاثة طلاب بينهم فتاتين , يطلبون توقيع براءة الذمة ..
تَقف أمامهُ وَسطهم و يَسحب ورقتها الاولى و يُوقع تَحت كلمة الموظف المسؤول .
ظاهرة " 3 " .
_________________________
المكان : المستشفى .
الزمان : نهاراً كان يُفترض أن يكون عادياً .
لها عدة أيام تعاني من آلام في اسفل ظهرِها و مع آخر ليلة من الألم تُقرر صباحا الذهاب مع والدتِها الى المستشفى , تَقطع ورقة الفحص في مكتب الاستعلامات و تَدخل الى غُرفة الطبيب وبعد الحديث يطلب منها أخذ صورة أشعة للمكان لمعرفة سرّ الالم ومع ظهور النتيجة , تَعود اليهِ ليُخبرها أنها بحاجة الى فحص موضعي للتأكد من حالة انحراف الفقرات الاخيرة و توافق و يسألها ,
" انتِ متزوجة " .
" كُنت متزوجة " .
و خَلف الستارة و بعد ان يُغطي قدميها بشرشف لا يبدأ بأجراء الفحصِ فقط و انما تُصاحبه تؤوهات و تشنجات .
تَصمت برعب غير مصدقة لِما يَحدُث لها و على مسافة اقدام تَجلس والدتها .. و بعد مرور لحظات كأنها السنوات تَسحب نفسها بركل يديهِ بقدميها , و يبتعد مبتسما , يَجلس على مكتبهِ ,
" سَهلة ما تحتاجين شيء , شوية علاج فيزياوي " .
مثل هذة النهارات تنتهي لمعظم البشر عادية و ربما لبعض ابطال الروايات ايضاً ..
لكن في ليالي معينة , لحظات تكون فيها تلكم الفتيات هُن الكون الفارغ , لا تتحرك فيه أمواج ألا رَجعُ صدى نواحٍ صامتٍ غريق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزتتي
فريد جلَو ( 2015 / 2 / 20 - 22:50 )
لا يوجد عذر لمثل هذه السلوكيات الشائنه سوى ان اصحابها مازالوا يفخرون بانهم يحافظون على ارثهم من الغرائز الحيوانيه اي انهم مازالوا انصاف بشر ---------------- بورك هذا القلم الرفيع ائمل ان اقراء لكي المزيد في مجالات اخرى

اخر الافلام

.. تحذيرات أممية من حظر إسرائيل وكالة الأونروا.. ما التفاصيل؟


.. الأمم المتحدة: نصف مليون لبناني وسوري عبروا الحدود نحو سوريا




.. مستوطنون حريديم يتظاهرون أمام مقر التجنيد قرب -تل أبيب- رفضا


.. مسؤولة الاتصال في اليونيسف بغزة: المستشفيات تعاني في رعاية ا




.. الأمم المتحدة: أكثر من مليون نازح في لبنان