الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
قضية لؤي حسين وعبد الرحمن فضل (1)
عفيف رحمة
باحث
2015 / 2 / 20
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
كان يا ما كان من ثمان عقود خلت، قضية عرفت بقضية عبد الرحمن فضل، الرجل المصري الوطني الذي أسقط عنه رئيس الوزراء المصري اسماعيل صدقي باشا أبسط حقوقه المدنية، وذلك بموجب مرسوم صدر عام 1931 استهدف تجريم حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعتقاد.
عبد الرحمن فضل من مناضلي اليسار في مصر، أقام من أجل الدراسة عشر سنوات في أول دولة إشتراكية، وحين قرر العودة إلى مصر وطنه توجه إليها سالكاً الطريق من موسكو إلى باريس فبيريه اليونانية حيث استقل السفينة "أيونيا" (2)، ليواجه عند وصوله قرار البوليس المصري بمنعه من مغادرة السفينة التي عادت به ثانية إلى اليونان حيث رفض النزول هناك لاجئاً لأنه يحب مصر ولأن إيمانه كبير بأن لا أحد يمكن أن يمنعه من العيش على أراضيها. وبين منع البوليس ورفضه اللجوء أمضى 6 سنوات زارعاً البحر 54 رحلة ذهاب وإياب بين مصر واليونان، لتتفجر إثر ذلك قضيته عالمياً كقضية سياسية وحقوقية.
واليوم قضية تتعلق بحرية الرأي وحق التعبير تتكرر مع مناضل سلمي يدعى لؤي حسين، مناضل فضل أن يبقى في بلده ومن أجل بلده رافعاً راية بناء الدولة، دولة الحرية والعدالة والقانون، مستخدماً حقه في التعبير الذي يفترض أن دستور البلاد كفله لجميع المواطنين.
وإذا وجد يوم ذاك شخص مثل عبد الله لملوم، النائب في البرلمان المصري، ليتقدم ويسأل متى تعتزم الحكومة حرمان عدد من الوطنيين من أبسط حقوقهم المدنية، أمثال عبد الرحمن فضل ومحمد شعبان وحسني العرابي (3) وغيرهم من الوطنيين المصريين البسطاء، فإنه بعد ثمان عقود يتوفر من يتقدم ويطالب بتجريم الوطني لؤي حسين كما عشرات، لا بل مئات وآلاف، من الوطنيين بتهمة نشر "أنباء كاذبة توهن نفسية الأمة وتضعف الشعور القومي" ، تهمة تعود بتاريخها التشريعي البشع لعهد الزعيم حسني الزعيم (4).
كان يراد من عبد الرحمن فضل من أجل استعادة حقوقه المدنية أن يعلن تخليه عن مبادئه الإشتراكية، لكنه رفض، ويراد اليوم من لؤي حسين أن يتخلى عن قيمه الوطنية التي يؤمن بها وعن مبادئه السياسية في بناء دولة القانون، وأن يسير في ركب المعارضات الإصلاحية المهادنة التي قبلت تأجيل عملية التغيير الجذري والشامل إلى اجل غير مسمى متسلحة بالخاص في وجه العام ومقدمة معالجة النتائج قبل الأسباب.
بالأمس البعيد أعلن عبد الرحمن فضل من على السفينة إيونيا، سجنه العائم، إضرابه عن الطعام ليثير انتباه العالم حول قضية حرية الإعتقاد وحرية التعبير ورفضه التهم الموجهة بحقه، فهل يراد اليوم من لؤي حسين أن يضرب عن الطعام، في سجنه اليابس، تعبيراً عن حقه في التفكير والتعبير ورفضه للتهم المنسوبة إليه، تهم تأرجح مسوقوها بين توصيفها بالأمنية تارة والجنائية تارة أخرى، وهي في واقع الأمر ليست إلا قضية سياسية بإمتياز.
استطاع عبد الرحمن فضل التسلل أخيراً إلى أرض مصر ولأنه آمن يوم ذاك بعطف الأمة وصراحة الدستور ودستورية مؤسسات الدولة وعدالة القضاء وشهامة الصحافة في تأدية مهمتها الإعلامية، توجه للقضاء من أجل الفصل في قضيته وناشد رئيس وزراء مصر الوفدي مصطفى باشا النحاس لرد حقه.
عبد الرحمن فضل من مكمنه في أرض مصر توجه عبر الصحف بخطاب مفتوح إلى رئيس مجلس النواب جاء فيه "إني التجيء إلى مجلس النواب بصفته أكبر هيئة تشريعية في مصر وأعضاؤها هم ممثلو الأمة وإني أعتقد بأن النواب الكرام الذين اخذوا على عاتقهم الدفاع عن مصالح الأمة والحرية الفردية هم القادرون على حلّ مشكلتي..... وأعتقد بشهامة نوابه وصراحة دستور البلاد الذي لا يتفق مع وجود نصوص قانون تُسلب بموجبه حقوق الإنسان الطبيعية.
هكذا كان يؤمن محمد عبد الرحمن فضل المواطن المصري الوطني بأن المصريين والقوى السياسية الوطنية سيقفون معه لأن قضيته عادلة، فما هو حظ لؤي حسين الوطني في أن يجد وهو في سجنه صحافة حرة تدافع عنه وتنادي بعدالة قضيته، وما حظه في أن يسارع نواب ذي شهامة ليعيدوا للدستور عدالته.
لؤي حسين الوطني ملزم اليوم أن يدافع عن حريته وحيداً بعد أن تجاهلت قضيته الأحزاب الشيوعية الإشتراكية الناصرية القومية الوحدوية رسمية الهوى التي تخلت عن نقاء قضيتها السياسية وقبلت أن يشرعن القمع والإستبداد التقدمي المقاوم الذي لا يجد الشعب له نهاية.
لؤي حسين، ككثير من المناضلين، يخوض وحيداً معركة الدفاع عن حريته وحقه في التعبير، لأن نواب الأمة لم يتحركوا حتى اليوم نحو تعديل القوانين الجائرة المنافية لحقوق الإنسان التي كفلها الدستور ضمن سطوره.
من سجنه الأول خرج لؤي حسين بكتابه الفقد فهل سيخرج من سجنه الثاني بكتاب الحرية؟ حرية جميع المناضلين السلميين الحالمين بمجتمع العدالة والكرامة والقانون.
وحتى تستعاد حرية لؤي حسين وزملائه المناضلين الوطنيين المغيبين قسراً لا نداء يمكن أن يرفع إلا نداء تحرير جلالة الحرية من قيود النصوص التي تقمع الحرية.
-----------------------------------
1- الدكتور رفعت السعبد. البسار المصري 1925-1940. دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، حزيران 1972.
2- صبري أبو المجد.. هذا النجار المصري العجوز تدرس قضيته في كلية الحقوق. جريدة المصور 11-3-1966
3- الأهرام 23-10-1936
4- المكتب الإعلامي لتيار بناء الدولة 2-2-2015
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة أحمد الديين خلال الوقفة التضا
.. عنف الشرطة الأميركية ضد المتظاهرين المتضامنين مع #غزة
.. ما الذي تحقق لحركة حماس والفصائل الفلسطينية من القبول على مق
.. VODCAST الميادين | علي حجازي - الأمين العام لحزب البعث العرب
.. حزب العمال البريطاني يخسر 20% من الأصوات بسبب تأييده للحرب ا