الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفتيات الكرديات حررن كوباني

فدوى درويش

2015 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية



السيطرة السريعة لتنظيم داعش على حوالي 400 قرية كردية من الجهات الثلاث الجنوبية والغربية والشرقية لمدينة كوباني في أيلول 2014 والتي لم تلقى مقاومة تذكر. كانت ما يشبه وجبة مقبلات أثارت شهية التنظيم لحشد قوة أكبر عدة وعتاداً للامتداد والسيطرة على المدينة المحمية من قبل قوات الحماية الكردية المفتقرة إلى سلاح يضاهي سلاح عدوها كماً ونوعاً . مدينة كوباني التي كانت تعيش حصاراً من قبل داعش منذ حزيران 2012 وهو تاريخ سيطرة قوات الحماية الكردية على المدينة وخلال عام ونصف عانت ما عانت أمنياً وإقتصادياً.

تعرضت المدينة إلى غزو بربري بغريزة التدمير والقتل وهمجية قروسطية تستهدف الأطفال والنساء والشيوخ والشجر والحجر على السواء تبيح لنفسها كل أشكال الخراب وقذارة الحروب، رجال مفعمون بعقيدة الموت ومجردون من الأخلاق والإنسانية وكذلك من هدف سوى التدمير والإنتقام من الحاضر..
في الحقيقة وبعد دخولهم المدينة التي استبسل المقاتلون الأكراد ليحولوا دون ذلك، كانت على الضفة الأخرى تجري حرب من نوع آخر... إنها الحرب الإعلامية والتي كانت الورقة الرابحة في يد الكورد وربما الوحيدة. فمع دخول داعش المدينة
سرعان ما انطلقت حملات إعلامية ترويجية لبطولات المقاتلين والمقاتلات الكرد على وسائل التواصل الإجتماعي و في الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي، و حملات استغاثية موجهة أولا إلى الرأي العام الكردي الذي لم يكن إلا حينها في خندق واحد على اختلاف توجهاتهم السياسية والجغرافية, توحد الصوت الكردي وبذكاء غيرمسبوق استغل كل العناصر لخدمته وأولها فكرة التناقض الحاد بين فكريّ الخصمين المتحاربين (الـ ي ب ك والـ ي ب ج) قوات حماية الشعب والمرأة بشبابه وشاباته، مُدرَبين على عقيدة الموت لأجل الحياة من جهة وبين مرتزقة من كل بقاع الأرض تجمعهم فكرة الموت لأجل الموت من جهة أخرى، حرب بين صورة من صور تمجيد الخير والقيم البشرية السامية في فتيات جميلات يحملن السلاح بأناقة بمواجهة فيديوهات ينشرها التنظيم يعرض فيها أبشع الصور عن ممارساته من ذبح وقتل وتدمير وسبي وإنتهاك لكل ما ليس له علاقة بالقيم البشرية والرحمة، هذا التناقض الذي يضع الإنسان في مفترق طرق إما الاستمرار قُدما لحماية المكتسبات البشرية من حضارة ورقي فكري وعمراني وإما القهقرى الى عهود الظلام البشرية . هذا هو الوتر الحساس ومكمن الـتأثير العالم المتحضر المتمثل بأمريكا وأوربا أصحاب السيادة على العالم والذي ضرب عليه الأكراد في سباق لضخ هذه الصور الحسية والمعنوية إلى جميع وسائل الإعلام العالمية و للضغط على التحالف الدولي والذي كان قد أُُنشأ لمحاربة داعش في العراق و إقليم كردستان، للتدخل وإنقاذ كوباني من السقوط بيد داعش.
بدأ الإعلام الكردي بمجمله يركز على الصورة وينشر صور المقاتلات الكرديات الجميلات من قوات حماية المرأة الـ ي ب ج والتي كانت حاضرة بقوة في الخطوط الأمامية للمواجهة . نُشرت روايات محبوكة بشكل درامي جميل ومؤثرتروي لنا قصص بطولية لتلك الشابات كأنها تخرج من بين صفحات كتب تاريخ ملاحم صراع الخير والشر. منها روايات حقيقية كالعملية الإنتحارية التي قامت بها المقاتلة آرين ميركان حيث قتلت عشرين داعشياً، وكذلك قصص مختلقة وغير صحيحة كرواية عن مقاتلة باسم بيريفان ساسون قيل إنها انتحرت بآخر طلقة لديها وفضلت الموت على أن تقع في يد داعش. وغيرها من الروايات التي ملأت الإعلام وشغلت العالم و طبعاً كلها مدعومة بلقطات صور محترفة تثير غيرة الجميع للتضامن مع رسالتها. كما تدافعت وسائل الإعلام الغربي إلى كوباني لتنقل بعدساتها و عيون صحافيها هذه الظاهرة المثيرة للإهتمام المتمثلة بالمقاتلات الكرديات وأظهرت بدورها الجانب الجميل والإنساني والحياة اليومية لديهن ربما لإشباع فضول جمهورها. وبنفس المستوى شكلت هذه الصور والروايات خوفاً لدى الداعشين اللذين يستنكرون الموت على يد المقاتلات فهذا سيحرمهم من تحقيق هدفهم وهو دخول الجنة.
أثمرت الحملة الإعلامية والتجييش الكوردي ضد داعش على صعيدين الأول والذي أثار الحمية القومية لدى حكومة إقليم كردستان وبدون تردد متجاهلة كل الخلافات السياسية مع حزب الإتحاد الديمقراطي ب ي د أسرعت لإرسال مجموعة بيشمركة مدججين بالأسلحة الثقيلة لمساندة القوات الكردية في كوباني بالإضافة إلى جهود قيادة الإقليم في إقناع حلفاءها في التحالف للتدخل الجوي . والثاني على صعيد الرأي العام الدولي للضغط على دولها للتدخل الجوي وإمداد المقاتلين بالأسلحة الثقيلة في مواجهة داعش. وحدث أن تدخل طيران التحالف في قصف داعش من السماء و تشكيل غطاء للقوات الكوردية للتقدم على الارض.
في الحقيقة بمدة زمنية قصير بالنسبة لعمر هكذا حروب أثمرت الجهود وتحررت كوباني وتحطمت أسطورة داعش بمقاتليها الذين يختصرون القبح والشر أمام القوة الناعمة المتمثلة ببنادق فتيات صغيرات جميلات حالمات بالحياة.
وما يخطر لي وربما للكثيرين فكرة مفادها فيما لو كانت هذه هي الوسيلة لرسم النهاية السعيدة للحرب البشعة في سوريا. وربما لو أن المعارضة السورية كانت تجيد اللعبة الدولية وقوانين العالم المتحضر وكشفت عن قيم ومبادئ الثورة الحقيقية والمتمثلة بالحرية والديمقراطية نحودولة مدنية،كانت لتحظى بدعم يذكرو لوفرت على الشعب السوري الكثير من الويلات والدماء التي ما زالت تراق منذ أكثر من ثلاث سنوات وما زالت المأساة مستمرة مع معارضة أخرجت كل بشاعة مجتمعها واستثمرت في مستنقعات آسنة بحيث أصبحت تنافس صورة النظام ، فمن الطبيعي أن لا تجني سوى الموت والخراب للبلاد وكذلك خوف وقلق البلدان الصديقة والحليفة من مستقبلٍ مع هكذا منظومة فكرية.

فــدوى درويش








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا