الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركات الاسلامية الفلسطينية وصراعها مع اسرائيل

عماد صلاح الدين

2015 / 2 / 21
القضية الفلسطينية


هناك مشكلة لدى الحركات الإسلامية في فلسطين في سياق صراعها مع المشروع الصهيونيٍ ودولة الاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي، واقصد بالحركات الإسلامية هنا حركة المقاومة الإسلامية حماس وحركة الجهاد الإسلامي، وهي أن بنية العقيدة المتشكلة في قلوب وأذهان المقاومين العسكريين تحديدا في كلا الحركتين تقوم في جانب منها على أن الصراع مع الكيان الإسرائيلي ومشروعه هو صراع بين مؤمنين مسلمين وبين يهود ملاحدة وعصاة، عصوا أمر الله وخالفوه منذ قديم الزمان مرورا بيهود بني النضير وخيبر وبني قينقاع وقريظة في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. ويستندون في ذلك على آيات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة.
ومن مثل تلك الآيات قول الله تعالى في سورة البقرة من القرآن الكريم" ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم" وقوله سبحانه وتعالى"ولتجدنهم اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والنصارى"أو قوله سبحانه"أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم" في إشارة إلى اليهود، الخ هذه الآيات التي تتحدث عن اليهود والموقف منهم.
وفي التفسير لما سبق أن الله سبحانه وتعالى قد ضرب أمثلة وصورا لنموذج الظلم والاعتداء والخديعة والنفاق وغيرها من مثالب الأخلاق المرفوضة، ولم يقصد اليهود لكونهم يهودا كما ضرب الله عزو جل أمثلة كثيرة على نموذج الظلم الذي مثله وسلكته أقوام وجماعات إنسانية أخرى عبر القرون والادهار وحتى قيام الساعة.
إذ المعيار في نموذج الظلم بالمعنى الديني والإنساني والتاريخي هو حقيقة السلوك والفعل ومن ثم انتسابه لهذا الشخص أو الجماعة أو المجتمع أو غيرها.
والمشكلة لدى الحركات الإسلامية في فلسطين، وتحديدا في الضفة الغربية وقطاع غزة، هي في سياق ما هو كامن وبطريق البناء الاجتماعي الأخلاقي الخاطئ، وكذلك الفهم الغلط أن الحالة اليهودية المتعينة هي في القران الكريم والأحاديث النبوية حالة مستمرة والى يوم القيامة .
والأمر أعلاه نجده متداولا بين الناس سواء في فلسطين أو في الدول العربية والإسلامية، وهي مسالة هنا ينقلب فيها التراث فيما يخص وضع الجماعات اليهودية منذ زمن الرسول عليه السلام وحتى أيامنا هذه إلى مسالة اعتقاديه يبنى عليها موقف واحد وحاد تجاه تلك الجماعات وكأنها حالة واحدة ونسق واحد. وهذا الأمر نجده للأسف عند كثير من النخب السياسية والثقافية والاجتماعية سواء في فلسطين أو عند الشعوب العربية والإسلامية.
ويحدث الالتباس أكثر ما يحدث عند حالة المقارنة الفعلية لسلوك اليهود وتصرفاتهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين ما يصدر عن إسرائيل كمشروع صهيوني استيطاني مرتبط بعموم الحالة الاستعمارية الغربية الرسمية منذ أواخر القرن التاسع عشر المنقضي من حيث إجرامهم وغدرهم وعدم التزامهم بالعهود والمواثيق .
وفي الرد على ذلك أن أمثلة وأشكال الظلم والعدوان الإنساني ضمن أنموذج الظلم أو معلم الظلم تتقارب وتتماثل في كثير من سلوكيات ومناهج وتفاصيل أي عدوان أو ظلم أو افتراء على الآخرين.
ثم أنه أولا، أن دولا كثيرة(منظومات سياسية رسمية) قديما وحديثا كالإمبراطورية الرومانية واليونانية والفارسية التي قضى الإسلام بفتوحاته عليها وعلى ظلمها للناس بما فيهم رعاياها، وكذلك منذ أكثر من مئتي عام كالإمبراطورية البريطانية والفرنسية والروسية وحديثا الولايات المتحدة الأمريكية ؛ هذه الدول والإمبراطوريات قديمها وحديثها لم يكن فيها ومنها في كثير وغالب الأحيان إلا ولا ذمة ولا حتى عهدا أو رحمة إنسانية لا مع أصدقائها ولا خصومها ولا إجمالا مع عموم البشر، من خلال التجربة والواقع.
ثم ثانيا علينا أن لا ننكر أن هناك موروثات دينية بالمعنى الاثني والوثني وليس بالمنطلق والفهم لحقيقة الأديان السماوية وشرائعها أو وصاياها ومن صحيح الممارسة العملية الاجتهادية الإنسانية كذلك، واقصد هنا بشكل أدق هذه الأساطير والخرافات (كالصورة المحرفة للتلمود) والتوراة الشفوية الحاخامية التفسيرية، وبعض من خليط المعتقدات الموروثة نفسها والوافدة إلى المجتمعات الإنسانية، والتي تستخدم في تبرير الظلم وإضفاء الشرعية عليه.
وما أريد قوله هنا أن للحق مسارات تتشابه وللظلم مسارات أخرى تتشابه ، وانه لا ينبغي الخلط بين الحق و شرعته وشرعيته السماوية والأخلاقية القيمية المودعة فينا من الله عز وجل، وما اجتهد الناس فيه عبر آلاف السنين في سياق الإيجاب الحضاري الإنساني وفي خانة الحق نفسه، وبين الظلم ومرجعياته الشيطانية إنسا و تخرصات شيطانية وسواسا وسلوكا في آذان وقلوب الأولين .
وعلى هذا، إنني افهم أن غالبية المجاهدين والمناضلين الفلسطينيين في الحقل العسكري المقاوم سيقولون أن هذه علمنة للصراع مع العدو الصهيوني الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه قضاء مبرم على الحافزية والدافعية الإيمانية لقتال ومواجهة العدو الإسرائيلي .
أقول ويشكل عام إن الأديان كلها وشرائعها ونظمها وتوجيهاتها إنما تقوم على فكرة الصراع بين الحق والباطل، وان الإسلام بشريعته الخاتمة يرتكز قبل كل شيء وفي إطار الأولويات في فكره ومعتقده على فكرتي الحق والباطل.
وان الحق مصدره الأول والأخير السماء.
والباطل مصدره الأول والأخير الشيطان أو الحالة الشيطانية الابليسية.
وبعد كل هذا ألا يكفي الإيمان بالحق مهما كان مثاله وأهله، والكفر بالباطل والظلم ومواجهته مهما كان مثاله وأهله أيضا.
إننا والحال هذا صرنا بحاجة إلى تعريف جامع ودقيق لفكرة الحق، وكذلك الأمر بالنسبة لفكرة الباطل، حتى لا تصبح تجليات احدهما كأمثلة واقعة وممارسة في الحياة الإنسانية وفي التاريخ هي المرجعية والفاصل المقدس والمعمم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب.. قطط مجمدة في حاوية للقمامة! • فرانس 24 / FRANCE 24


.. موريتانيا: مع تزايد حضور روسيا بالساحل.. أوكرانيا تفتتح سفار




.. إسرائيل تحذر من تصعيد خطير له -عواقب مدمرة- بسبب -تزايد اعتد


.. هدوء نسبي مع إعلان الجيش الإسرائيلي عن -هدنة تكتيكية- انتقده




.. البيان الختامي لقمة سويسرا يحث على -إشراك جميع الأطراف- لإنه