الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اثداء مقدسة و اخواتها المدنسة

محمد البكوري

2015 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


احتدم النقاش وكثر الجدل حول خطبة الجمعة ليوم 20فبراير2015،ببلادنا وهي الخطبة الموحدة و المعممة على جميع مساجد المملكة حول موضوع الرضاعة الطبيعية ومزاياها الصحية : النفسية ، الجسدية ،العصبية .. .والقيم الاعتبارية و المعيارية و الاجتماعية و الاخلاقية و الدينية المقدسة لثدي الام وحليبها . وقد تعددت القراءات المرتبطة بهده الخطبة، بخصوص الموضوع في حد ذاته و توقيته وعدم مواءمته لاي موعد وطني او اممي و تزامنه مع تاريخ20فبراير،التاريخ المرجعي للحركة الاحتجاجية للربيع المغربي . عموما ،و بعيدا عن تحليلنا لسياسة تدبير الشان الديني ببلادنا و اهمية مؤسسة"امارة المؤمين " في تامين الجانب الروحي للمغاربة و الوظائف التربوية و التوعوية و التحسيسية للمساجد في الاسلام ،ركزت الخطبة على ثدي الام ، باعتباره نعمة الهية ،هبة ربانية ، منبع الحنان ،مصدر السعادة ،مجمع الحب ،غذاء الروح و موطد العطف ،باعتباره شفاء لكل داء يمكن ان يمس الام و علاج من كل سقم يمكن ان يلم بالوليد ،باعتباره معقما طبيعيا كفيلا بمحاربة شتى الميكروبات الضارة و سائر الفيروسات الخبيثة عن طريق توفير الاجسام المضادة الحيوية .فحليب الأم غني بالفيتامينات والمواد الغذائية المهمة و ثري بالدهون والأحماض الأمينية المفيدة لنمو الطفل والسكريات التي تزوده بالطاقة، بالإضافة إلى النوكليوتيد المهمة في بناء الخلايا .كما ان ثدي الام ،يشكل احسن وقاية وعلاج لها من الاصابة بالامراض الفتاكة كسرطان الثدي و سرطان المبيض، وبالتالي حماية وضمان صحة و سلامة الام ورضيعها . وقد حثت الخطبة من جهة اخرى على ضرورة تفادي الرضاعة الاصطناعية وعدم اللجوء اليها ،الا في ظروف استثنائية و الاقبال و بشغف على الرضاعة الطبيعية التي تجعل حليب الام الشراب السائغ للاطفال "الكثير الفوائد و الغزير العوائد " . .
وكانت الخطبة فرصة سانحة لتمرير المواعظ للامهات بالنظر الى حجم المسؤلية العظمى الملقاة على عاتقهن حيث ورد في متنها "اعلمن أن لبن الأم له فائدة عظمى وخاصية كبرى، وعلى هذا اتفقت كلمة العلماء من الأطباء والحكماء، فلا تحرمن أنفسكن وفلذات أكبادكن من هذه النعمة الجلية، والمنة العظيمة، التي هي أمانة في أعناقكن، وصحة أولادكن". هاته المنافع المتدفقة ،هي التي تجعل من ثدي الام ثديا مقدسا. ثدي اخر يبرز قداسته و يرسخ شيمها المثلى و مبادئها السامية ،هو ثدي الوطن الذي نحرص جميعا على الظفربجرعة من حليبه الغني يفيتامينات المواطنة و المدعم ببروتينات الحق و الواجب .الثدي الذي يرضعنا القيم النبيلة للمواطنة: الحرية ، الوحدة في اطار التعدد و التنوع ،الانصاف ،تكافؤ الفرص ، المساواة في الحقوق و المسؤويات ، التضامن و التازر، التعاون و التعاضد ، السلم و التعايش، التسامح و الاخوة ، الانفتاح على الاخر ، قبول و احترام الاختلاف وجعله منطلقا للاتلاف ، السلوك المدني ،الالتزام الاخلاقي ،الاستقلالية، الكرامة ،الهوية .. . ان ثدي المواطنة هو ثدي متنوع ،متعدد: مقاولة مواطنة ،جمعية مواطنة، جماعة محلية مواطنة .. .مما يجعله ثديا مماسسا مقدسا . تلك بعض النماذج من الاثداء المقدسة ، التي تجعلنا اسوياء، صالحين . فماذا عن اخواتها المدنسة ، التي تصيرنا فاسدين، طالحين؟ الثدي المدنس هو ثدي مقيت يزرع الظلم و القمع و الخوف و العبودية و الاستبداد و الفساد في النفوس السوية ليحولها الى نفوس مرضية .فثدي الارهاب يرضعها بحليب غني بكراهية الاخرو عدم الاعتراف بالاختلاف وثدي الريع او ثدي البقرة الحلوب يحول تدبير الشان العام الى " بزولة " ريعية ، مما يجعل جسد الدولة معتلا ، تنهش احشاءه الامراض و الاسقام وترمي به الى عتمة قبر التاريخ . اجمالا، اكرمنا الله و اياكم بالاثداء المقدسة وعفانا وعفاكم الله من الاجساد المدنسة .






















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال