الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليوم العالمي للعدالة الاجتماعيَّة

فهمي الكتوت

2015 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من الصَّعب الفصل بين ما يجري في الوطن العربي من مجازر دموية على أيدي الحركات السياسية الظلامية، وسياسة الإفقار والتجويع التي تمارسها المراكز الرأسمالية العالمية، ضد شعوب الأرض قاطبة. ومحاولة الانقلاب العسكري ضد السلطة الشرعية المنتخبة بقيادة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو لصالح الاحتكارات الرأسمالية بتدبير من الإمبريالية الأمريكية؛ فالرأسمالية المتوحشة ترتكب كل الموبقات من قتل وتدمير وحروب لنهب الثروات سواء باسم الدين أو حقوق الإنسان...أو غيرها من المفردات. لصالح الواحد في المئة الأغنى في العالم الذين يملكون ثروة أكبر مما يملكه الـ99 في المئة الباقية في العالم، ومع ذلك تحتفل في اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية !
وتُواصل الاحتكارات الرأسمالية سياسة التجويع والإفقار للطبقة العاملة والفقراء المهمَّشين في البلدان الرأسمالية وشعوب البلدان النامية، بزيادة الضرائب وتقليص الإنفاق الحكومي على التعليم والرعاية الصحية، ورفع سن التقاعد، وتخفيض الأجور؛ لمواجهة العجز المتنامي لموازنة حكومات فاسدة، والحد من ارتفاع الدين العام؛ خضوعا لوصفة صندوق النقد الدولي التي قدمت للحكومات العربية، مثلما قدمت لدول الجنوب عامة ولم تستثنِ الدول الأوروبية.
كما شنَّت الطغمة المالية حرب إبادة على الشعوب العربية، عقابا لها على تمردها على النظم الديكتاتورية الفاسدة التي وفرت مناخا سياسيا لنهب ثروات الأمة، وكان للتدخل الإمبريالي الدور الرئيسي في حرمان الشعوب العربية من تحقيق أهداف الأمة بالحرية والديمقراطية وفك التبعية بعد سقوط عدد من الأنظمة الديكتاتورية. ليس هذا فحسب، بل نجحتْ الاحتكارات الرأسمالية بتدمير الاقتصادات العربية، وإشعال حروب طائفية مذهبية، وتفكيك الجيوش العربية وحرمان الوطن العربي من الاستقرار السياسي والاجتماعي وترويع المواطنين بدعم وتمكين الحركات الإرهابية التي تعيث فسادا في الأرض.
من المفارقات الغريبة أن صندوق النقد والبنك الدوليين يدعوان بمناسبة "اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية"، الذي يصادف في 20 فبراير من كل عام، إلى إزالة التمييز وتحقيق العدل! فالبنك الدولي يدعو إلى تحقيق المساواة لزيادة النمو الاقتصادي الذي يعتبر شرطا ضروريا لمحاربة الفقر وإيجاد فرص عمل. أما صندوق النقد الدولي؛ فيرى أنَّ الاهتمام يجب أن يكون بإزالة عدم المساواة لتحقيق نمو اقتصادي مستدام؛ وبالتالي خلق فرص عمل تساعد على تخفيف الفقر وتقليص عدد الفقراء. وهما المؤسَّستان اللتان تعتبران من أهم أذرع السياسات النيوليبرالية في العالم. وما التصريحات الصادرة عنهما سوى خداع وتضليل، وذر الرماد في العيون؛ فالرأسمالية المتوحشة مسؤولة عن الكوارث التي حلت بالبشرية من حروب مدمرة وإفقار للشعوب. لقد أدَّت السياسات النيوليبرالية إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في العالم، وكان من أبرز تداعياتها اختلالات اقتصادية واجتماعية، وازدياد عدد الفقراء وارتفاع معدلات البطالة وتجويع ملايين البشر؛ فقد ارتفع عدد الفقراء في الشرق الأوسط من 3.8 مليون فقير إلى خمسة ملايين بين عامي 2000-2013. والتي تعتبر من أهم أسباب انتفاضة الشعوب العربية ضد أنظمة الفساد والاستبداد. خاصة في ظل غياب الديمقراطية والتعددية السياسية والانتقال السلمي للسلطة.
بينما أطاح الشعب اليوناني بممثلي الاحتكارات الرأسمالية عن طريق صناديق الاقتراع. وانتخب قيادة جديدة تحمل برنامجا منافيا لسياسة التقشف التي فرضت من قبل الاحتكارات الرأسمالية، وتخوض القيادة الجديدة صراعا حادا مع ممثلي الاحتكارات في مواجهة الشروط القاسية التي فرضتها على اليونانيين، وتصر ألمانيا على تركيع الشعب اليوناني، رافضة المقترحات اليونانية التي تطالب بتمديد برنامج القروض الأوروبية لستة أشهر، مع وقف تدابير التقشف الواردة ضمن حزمة الإنقاذ المبرمة بين أثينا والاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي. في حين يصر وزراء مالية منطقة اليورو على شروطهم؛ منها: عدم التراجع عن الإصلاحات المتفق عليها ضمن حزمة الإنقاذ، على ألا ينتج عن الإصلاحات الجديدة لحكومة تسيبراس أعباء مالية جديدة على الموازنة العامة، والتزام أثينا بدفع كافة أقساط ديونها المتضخمة للدائنين.
... لقد تفاقمتْ الفجوة بين الأثرياء والفقراء في معظم البلدان المتقدمة خلال العقود الثلاثة الماضية وفقا لمعلومات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. وفي الولايات المتحدة، بقي عدم مساواة الدخل ينمو لعقود لكنه أصبح أسوأ بعد الأزمة المالية العالمية (2009-2012) فالواحد في المئة في القمة حصلوا على مجمل الزيادة في الدخل، بينما انخفض متوسط دخل الآخرين وما زال مستمراً بالانخفاض. وتواجه منطقة اليورو سياسات تقشفية واسعة تنفيذا لبرامج الإصلاح، على الرغم من التداعيات الخطيرة لهذه السياسات. وتعاني عدد من الدول الأوروبية مشاكل اقتصادية واجتماعية متفاقمة منها إسبانيا التي وصل الدين العام فيها إلى مستويات مرتفعة خلال عام 2014؛ حيث يقدر بحوالي 1.03 مليار يورو أي ما يعادل 98.1% من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي، ووفقا للبيانات الصادرة عن "البنك المركزي الإسباني"، فإنَّ نسبة الدين تجاوزت الهدف الذي وضعته الحكومة الإسبانية؛ الأمر الذي يزيد من الأعباء ويحول دون مقدرة إسبانيا على السداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة