الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفوق الشامل للجيش الروسي

جورج حداد

2015 / 2 / 22
الارهاب, الحرب والسلام


من خلال كل ما جرى من اعمال إرهابية، ومن استفزازات سياسية واحداث عسكرية، داخل روسيا وحولها (الشيشان، جورجيا، أوكرانيا، الخ)، والحملات الإعلامية المعادية، والحرب الاقتصادية، ومحاولات ضم البلدان المجاورة لها الى حلف الناتو العدواني، وإقامة القواعد التجسسية والنووية وما يسمى "الدرع الصاروخية" في تركيا وأوروبا الشرقية، ـ من خلال كل ذلك تدرك القيادة الروسية ان كل احاديث نهاية عصر "الحرب الباردة" و"المواجهة بين الشرق والغرب" و"سباق التسلح"، ما هي سوى أجزاء مركبة للحملة المعادية ضد روسيا، التي تشنها الكتلة الغربية، والتي لم تتوقف للحظة حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وإدخال روسيا في قفص "الدمقراطية" و"اقتصاد السوق"، على الطريقة الغربية.
محاولة حل ازمة النظام الرأسمالي العالمي على حساب روسيا
والهدف الأساسي لهذه الحملة كان ولا يزال: محاصرة روسيا واستنزافها واضعافها وأخيرا الانقضاض عليها وتمزيقها وتجويع وتشريد شعبها ونهب خيراتها غير المحدودة، بوصف ذلك هو المخرج الوحيد لحل الازمة المستعصية للنظام الرأسمالي الاحتكاري العالمي، الذي سدت السبل في وجهه، ولم يعد من مخرج امامه لحل ازمته المتواصلة الا بالتهام روسيا.
لا احد يتفوق عسكريا على روسيا
بناء على هذا المعطى الجيوستراتيجي الأساسي، فإن القيادة القومية الروسية لا تنظر الى مسألة تكوين القوات المسلحة الروسية نظرة عسكرية او مالية او تقنية مبتسرة، بل نظرة شمولية وجودية، تقوم على قاعدة: "نكون او لا نكون"، "توجد او لا توجد الدولة الروسية"، "يوجد او لا يوجد الشعب الروسي".
وانطلاقا من هذه القاعدة الوجودية طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين امام البلاد المهمة الأساسية التالية: "عدم السماح بوجود أي تفوق عسكري على روسيا". أي ان تكون روسيا على الدوام اكثر تفوقا عسكريا من أي دولة او مجموعة من الدول، الأخرى، ولو كانت اكثر غنى واكثر عددا، واكثر واكثر، بكل المقاييس.
برنامج التسلح المتجدد للدولة الروسية
وفي 30 كانون الثاني الماضي صرح وزير الدفاع سيرغيي شويغو "ان المهمة المطروحة من قبل الرئيس يتم تحقيقها بالتأكيد". وأضاف ان برنامج الدولة للتسلح المتجدد سوف يتم تحقيقه بالكامل. وحسب كلماته فإن المعدات والأسلحة الحديثة للجيوش العاملة سوف تشكل نسبة 70 ـ 100%.

اميركا ثرثرت... وروسيا نفذت "برنامج حرب النجوم"
واعلن شويغو أيضا عن ضرورة "تركيز الجهود الرئيسية على رفع المستوى النوعي للقوات النووية الستراتيجية، وبناء التشكيلات والامكانيات القتالية للجيش والاسطول، وكذلك تشكيل النوع الجديد من القوات المسلحة، وهي القوات الجوية ـ الفضائية".
التفوق النوعي
ولكن مهما كانت رغبة روسيا فهي لا تستطيع في الأمد المنظور "ان تلحق وتتجاوز اميركا"، التي تبلغ نفقاتها العسكرية اكثر بعشرة اضعاف مما تنفقه روسيا. وهذا بالإضافة الى الميزانيات العسكرية لحوالى 30 دولة أعضاء في حلف الناتو. كيف في هذه الحالة سنفهم عبارة "عدم السماح بأي تفوق عسكري على روسيا". وألن تجد روسيا نفسها تنجر من جديد بالتدريج الى سباق التسلح؟
ويجيب على هذا التساؤل المعلق العسكري لوكالة ايتار ـ تاس فكتور ليتوفكين بالقول:
ـ ليس من مهمتنا في الوقت الراهن، كما كان الامر في العهد السوفياتي، التفوق على حلف الناتو بعدد الدبابات وغيرها من الأسلحة. ان قوة الجيش الحديث لا تتعلق فقط بعدد الجنود والصواريخ. ان التفوق العسكري هو مفهومة معقدة. ويدخل فيها طبعا نوعية التسلح، ومستوى تدريب الطواقم البشرية. وانا شخصيا اعتقد انه سيتم الاعتماد بالتحديد عل الصفات النوعية للجيش.
ونحن نتابع تطوير القوات النووية الستراتيجية. ويتم بناء الغواصات المسلحة بالصواريخ الباليستية ذات الرؤوس النووية. وتتم صناعة صواريخ أرضية جديدة. وقد وقعت الولايات المتحدة الأميركية مع روسيا اتفاقية "ستارت ـ 3" المتعلقة بالحد من التسلح النووي ومدى الصواريخ. وهذا يدل على اعتراف الاميركيين بالتوازن في القدرات الستراتيجية النووية للبلدين. ولا تزال درعنا النووية هي الضمانة ان أحدا لن يجرؤ على العدوان العسكري المكشوف ضد روسيا.

الاستعداد لحرب كونية وفضائية شاملة
ويتابع ليتوفكين القول:
وبالاضافة الى ذلك نحن نبني قوات ذات مهمات شاملة. ويتم بناء منظومة الدفاع من الفضاء الخارجي. وهذه السنة بدأ بناء القوات الجوية ـ الفضائية. وتجري اكثر فأكثر مناورات تدريبية عملانية ـ ستراتيجية. ويتم باستمرار استيعاب تكنولوجيا عسكرية جديدة في الجيش. ومنذ سنة 2008 وضعت 90% من الأسلحة الثقيلة على لائحة الأسلحة قديمة العهد. وطرحت مهمة انه حتى سنة 2020 ينبغي تحديث التكنولوجيا العسكرية للجيش بنسبة لا تقل عن 70%. ومنذ امد غير بعيد قدم نائب وزير الدفاع بوريسوف معلومات تبين انه تم حتى الان تجديد حوالى 40% من الأسلحة الثقيلة للجيش. والعملية هي متواصلة. وينبغي تطوير جميع أنظمة كسب المعركة ومنها: الاستطلاع، أجهزة الطيران بدون طيار، ووسائل الحرب الراديوالكترونية.
ومع ذلك فنحن لن ننجر للمشاركة في سباق للتسلح. ونحن لن نستطيع في المستقبل القريب ان نقارن بالولايات المتحدة الأميركية التي تقدم 75% من ميزانية حلف الناتو، والتي تنفق على الدفاع 10 اضعاف ما ننفقه نحن (اكثر من 500 مليار دولار مقابل نفقاتنا التي تبلغ لا اكثر من 50 مليارا). وحتى الصين تنفق على الدفاع مرتين اكثر مما تنفقه روسيا.
الجيش الروسي جاهز لكل الاحتمالات
ولهذا فإن المهمة المطروحة امام روسيا لا تقتضي فقط انشاء جيش هو الأقوى في العالم، بل وان يكون جاهزا للرد على أي تهديد من أينما اتى.
ولا شك ان الانفاق المالي الأكبر يساعد على تحقيق تسلح افضل. ولكن التجربة اثبتت انه بالإمكان بنفقة اقل تحقيق تسلح نوعي اكثر تفوقا. وللمثال فإن الصواريخ الستراتيجية الروسية الجديدة "يارس"، "توبول ـ M" و"بولافا" هي اقل عرضة للخطر من جميع وسائل الأنظمة المضادة للصواريخ للاميركيين. ورؤوسها النووية تطير في مسارات غير متوقعة بسرعة تفوق سرعة الصوت. والأميركيون لا يوجد لديهم سلاح مماثل. كما ان منظومة الصواريخ الروسية من طراز "إسكندر ـ M" تخرق أي نظام دفاعي كان موجود في العالم. وهذا ما يجبر حتى العدو المسلح حتى الاسنان ان يتساءل: هل يمكن مهاجمة بلد يمتلك مثل هذا السلاح؟
كما ان هناك نقطة مهمة تلعب دورها في رفع القدرة الدفاعية لروسيا، وهي الحالة المعنوية ـ النفسية للطاقم البشري. وكما بينت النزاعات الإقليمية في السنوات الأخيرة، فإن العسكريين الروس هم على استعداد للمشاركة في العمليات القتالية بشكل اكثر حزما مما فعلت جيوش الناتو بما في ذلك أفغانستان والعراق.
الأسلحة الأميركية الى المتحف
ومع ذلك لن يتم الانجرار الى سباق تسلح. وتنبغي الإشارة الى ان القيادة الروسية قد تعلمت من أخطاء المرحلة السوفياتية. من ذلك ان الاحتفاظ بجيش عظيم كان يمثل في الواقع عبئا ثقيلا جدا على الاقتصاد الروسي. وهذا ما يحفز على النجاح في ابتكار أنظمة تكنولوجية عسكرية اقل كلفة ولكنها لا تقل فعالية بل تتفوق على التكنولوجيا الأميركية. وعلى سبيل المثال يذكر احد الخبراء الصواريخ الروسية الأسرع من الصوت والمضادة للسفن، فهي لا مثيل لها لدى الولايات المتحدة الأميركية، وهي تجعل جميع السفن الحربية الأميركية ولا سيما حاملات الطائرات الجبارة، والتي كلفت اميركا عشرات مليارات الدولارات، تحت رحمة هذه الصواريخ الرخيصة نسبيا. ويضيف هذا الخبير ان عديد الجيوش ليس هو المهم. وانه يكفي وجود احتمال وصول بعض الصواريخ الروسية ذات الرؤوس النووية الى الأراضي الأميركية، حتى يمتنع الاميركيون عن اتخاذ قرار الاعتداء على روسيا.
"مرة واحدة" تكفي
ويذكر في هذا السياق انه حينما اصبح جون كينيدي رئيسا للولايات المتحدة الأميركية، سأل وزير دفاعه حينذاك: "كم مرة يمكننا إبادة الاتحاد السوفياتي؟". فأجاب الوزير بافتخار: "20 مرة ـ اما هم فلا يستطيعون ابادتنا سوى 5 مرات". فرد عليه كينيدي: انه يكفي ان يبيدوننا مرة واحدة.
وروسيا اليوم هي قادرة على إبادة اميركا هذه "المرة الواحدة" التي تكون في الواقع الأولى والأخيرة. وتنبني الستراتيجية الروسية على مبدأ: ان لا تكون روسيا هي البادئة بالعدوان، وفي الوقت نفسه ان تكتشف نية العدوان عليها في الوقت المناسب، وان تسدد هي الضربة الأولى القاضية والشاملة.
ولهذا وقع الاميركيون مع روسيا اتفاقية "ستارت ـ 3". ولكنهم لم يسعوا لتوقيع مثل هذه الاتفاقية مع الصين. لانهم يدركون تماما ان الجيش الصيني يمكنه ان يسبب لهم الكثير من المتاعب، ولكنه ليس في مقدوره القضاء على اميركا.
الأسلحة الحديثة لدى روسيا اكثر مما لدى جميع الدول الغربية
وفي رأي الكسندر خرامتشيخين، رئيس قسم التحليل في "مؤسسة التحليل السياسي والعسكري"، فإن فكرة تفوق الناتو على روسيا في التسلح هي فكرة مبالغ فيها جدا ومنذ وقت طويل. واذا اخذنا، مثلا، عدد الدبابات المحفوظة في المرائب، فإن ما يوجد لدى روسيا هو اكثر مما لدى دول الحلف مجتمعة. كما ان حصة الأسلحة الحديثة في الجيش الروسي، ومهما بدا ذلك مستغربا من قبل البعض، هي اكبر مما في جميع البلدان الغربية. ان انهيار الجيش الروسي في التسعينات من القرن الماضي آل الى نتيجة غير متوقعة: اذ (بعد إزاحة يلتسين) تم تسريع التخلص من الأسلحة القديمة. ولم يعد يوجد أي تفوق لبلدان الناتو، حتى في سنة 2000، حينما كان الوضع صعبا للغاية في الجيش. اما الان فمن المضحك الحديث عن ذلك. اما شويغو فيقول، وهذا شيء واضح لغاية: انه ينبغي المحافظة على توازن القوى مع الغرب.
ويضيف هذا الخبير: ان الموازنة الحقيقية ليست في التعداد الحسابي للجيوش والأسلحة كما كان الامر في العهود القديمة، بل في الفعالية المميزة للاسلحة الروسية الحديثة.
طائرة T-50 ترعب الاميركيين
وفي هذا السياق يقدم الخبراء مثال الطائرة الروسية المقاتلة الجديدة من الجيل الخامس T-50 PAK FA، فقد درس الخبراء الاميركيون الخصائص التكنولوجية لهذه الطائرة المبتكرة الروسية الجديدة وتوصلوا الى الاستنتاج انها تتفوق على جميع الطائرات المقاتلة للقوات الجوية الأميركية. فالطائرة المقاتلة ـ الشبحية الروسية T-50 تتفوق في خصائصها التكنولوجية على الطائرات المقاتلة الأميركية من الجيل الخامس، مثل الطائرة F-22 Raptor والطائرة المقاتلة الفريدة F-35.
وقد نشرت مجلة The National Interest مقالا لـ دايف ديبتولا، الرئيس السابق لمخابرات القوات الجوية الأميركية، يصف فيها خصائص هذه الطائرة، ويعترف بتفوقها على مثيلاتها الأميركية، من حيث "تعمية" الرادارات المعادية، والمناورة، والافلات من الصواريخ المعادية، والسرعة، والارتفاع، ودقة وسرعة تصويب صواريخ "جو ـ جو"، وفي الوقت ذاته ضرب أي هدف ارضي او بحري.
وتفيد الانباء الصحفية ان الإنتاج التسلسلي لهذه الطائرة ووضعها في الخدمة سيتم سنة 2016.
"كل شيء للجبهة"
خلال "الحرب الوطنية الكبرى" توجه جميع الرجال الى الجبهة. وتحول كل الاقتصاد الى "اقتصاد حربي" وكان المعمرون والنساء يعملون في المعامل والمصانع 18 ساعة في اليوم ويأكلون قشور البطاطا وشعارهم المقدس "كل شيء للجبهة". وهكذا هزم الشعب الروسي العظيم النازية وانقذ العالم من العبودية.
واليوم يقول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "ان كل الاقتصاد الروسي ينبغي ان يتمحور حول الصناعة الحربية”. وبالفعل فإن المجمع الصناعي ـ الحربي الروسي تتجمع فيه ارقى الادمغة واليد العاملة الماهرة الروسية. وهو يضم عشرات آلاف العلماء والخبراء والاختصاصيين، بالإضافة الى ملايين اليد العاملة الماهرة، من خيرة أبناء الشعب الروسي، الذين يدركون تماما ان هذا هو طريقهم الوحيد لحماية روسيا من السقوط في براثن الهتلرية الجديدة، المتمثلة في نزعة الهيمنة الامبريالية والاستعمارية، الغربية ـ الأميركية ـ الصهيونية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أقوى تعليقات على كابلز وفيديو كليبات مع بدر صالح ????


.. خوارزميات الخداع | #وثائقيات_سكاي




.. من هي وحدة عزيز في حزب الله التي اغتالت إسرائيل قائدها؟


.. رئيس التيار الوطني الحر في لبنان: إسرائيل عاجزة عن دخول حرب




.. مراسلتنا: مقتل قائد -وحدة عزيز- في حزب الله باستهداف سيارته