الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفقود بين العظماء

عصام عابدين

2015 / 2 / 22
الادب والفن


في الجحيم أفقتُ على جمع مِن الناس يُفِعِمون الاجواء بضجة عَويلهم , ولما أقبلت عليهم لأكتشف الامر اشهر هيمنجوي بوجهي سلاحاً , أقسمت له بالالهه انني لستُ العدو الذي يترقب , طالبني بألا أقسِم فلا حاجه مِن هذا الآن , وإصتحبني فى جوله فيما يسئلني إن كنت انتمي اليهم ... لم افهم . تمتمت بالجهل وعدم الثقه وهذا ما لم يروقه فتركني جوار رجل هَرم ورحل , وقد كان شيخ طويل الذقن مُتكِئ على مقعد يظهر عليه ملامِح التاريخ ,اما وجهُه فقد كان مُتهدلاً بعض الشيء , وإن رفعُه تذكرته على الفور , فهرعت اقترب مِنه فى شدوه , ورحت أطنب فى الحديث عن امجاده " سيد جاليلو العالم مُصدق تماماً الآن فيما كُنت تأكد عليه الخ .. " وبعد ان استقبل الكثير مِن ثرثرتي مال بوجهِه مُجدداً ليشيح به عَني وشيئاً لم يلفُظُه ابداً . تعجبت لتلك ردة فعل , ويبدو انني لم اكن الوحيد الذي تعجب , فثار جيوردانو برونو يصرُخ فيه " هيا يا رجل , هيا بنا نعود ونثأر مِن العالم .. " وكل تلك الضجه لم تهز شيئاً فى جاليلو او تجسه على قول حرف . لكنها حَسَّت بيتهوفن على الكلام , فوجدته يصرخ الى نفسه " يالهي , لماذا اعدت لي سَمعي ! " وصمت قليلاً ثم أردف " آهَ فهمت ... لأتعذب مِن نعاق برونو " , وفور ان لاحظ برونو ما صدر عن بيتهوفن , ترك ما بيده وأوجه الصُراخ صوبه " الرب لم يسلب مِنكا شيئاً ... البشر هم مَن أفقدوك سمعك ايها الابله " . تساؤل في صورة اندهاش يُطرح مِن مكانٍ ما " ماذا " . برونو يستدير ليُكرر ما قال , فيسمع " الابله ليس بيتهوفن ... البلاهه ليست شخصاً واحد , البلاهه مِن أسهل ما يمكن ان تصل اليها فى العالم , يكفي ان تكون انسان حتي تستحق هذا اللفظ " ثم سكت دوستوفيسكي حيناً حتي تدخل نيتشه وهو يستعدل شاربه بأنامِله " البُلهاء يتم حرقهم " وضحك ضحكه تُنم عن سُخرية . برونو ينفعل مُحذراً نيتشه ان يسخر مِنه مُجدداً . نيتشه يُتمتم فى صوت مُنخفض " كُل ما تستحقه كان الحرق " . سلفادور دالى يشارك برأيه " أري فى شارب نيتشه حقيقة " . برونو يسئل في إزدراء " الن تتوقف عن غموضك وتتحدث بشكل مُباشر ولو لمره ! " . فرويد يُشعِل غليونه " دالى يقصد ان يدعم نيتشه .. هو يميل الى كفّتُه " . برونو يصرخ وانا مَن يميل الى كفتي مِنكم يا معشر الاشرار ! .
الاجابه عند ايميل سيوران " وما فائدة ان يميل احدهم الى كفتك او يدعمك . هل سيغير هذا مِن الوضع ؟ ! " . برونو يكمل صُراخه وكأنه لم يسمع سيوران الذي يُتابِع فى هدوء " الامرين سواء ... بل كل الامور " . بدي ان احداً لم يسمعه إذ لم يعقب على كلامه احداً . بيتهوفن يتذمر مِن جديد " يالهي ... الرحمه " . سُقراط يتدخل ليحل الامر بالقليل مِن الحكمه " انا صاعد الى الجبل , مَن يريد المُشاركه فلينضم " . نيتشه " انتظرني يا سُقراط " . برونو ساخراً اها اذهب , وأبحث عن ذرادشت ربما أعادك الى صوابك . هوميروس يتعجب " جبل فى الجحيم ! لم يحدثني هيدز عن هذا " . أرثر رامبو مُعجباً بالفكره " جبل فى الجحيم .. هه " . لينين وكأنه يُلقي خُطبه " ربما كانت مؤامرة ... فلا يوجد جبل فى الجحيم . اخشي انهم يدبرون لشيءٍ ما " . جيفارا بحماس رافعاً ذراعه فى الهواء " هيا بنا ... خلفهم يا رجال " . وفي الوقت المناسب يتدخل ديفيد هيوم ليفض النزاع بتعقُل " عن اي مؤامرة تُثارثروا ... واي جبل وجوده لا معقول فى جحيم ! ... و وجودكم هنا علي وجه الاجمال , لا معقول اساساً " . برونو وكله ايمان فى العلم " كلا . اعتقد ان برتراند راسل يستطيع ان يُبرهن على صحة وجودنا هنا بالرياضيات " راسل فى خجل " اخشي أنِ لست واثق مِن هذا يا برونو ... مازلت أشك فى ان جمع واحد على آخر يكون اثنان ... امنحني بعض الوقت ارجوك " .
اينشتاين " انا افعلها . رغم اني مُتفق مع هيوم فيما يقول " . رامبو ساخراً " بالله يا اينشتاين . مَن يكترث لإثباتاتك ونظرياتك ! " . صمويل بيكت ينحني نحو رجل مُستلقي على الارض يتأمل الفراغ " لما لا يكون كل هذا مِن ابداعك يا تاركوفيسكي ... فيلم مِن افلامك ! " .. شكسبير يدعم الفكرة " اعتقده انتاجك فعلاً يا تاركوفيسكي ... ما فهمت الوجود يوماً , ولا افلامك " . يكَد تاركوفيسكي ان ينطق فتتحرك شفتاه ببُطء شديد ولايزال فكه يسجن لسانه فى جوفِه . واحداً لم ينتظره حتي يُنهي , فيَنتصب رامبو راحلاً وهو يدمدم " هه لم يفهم الوجود ! يظن بأنه مِن الممكن ان يفهم شيئً مِن غير ان يفكر فيه – عليك ان تُفكر اولاً ايها المعتوه " . بينما يُردف شكسبير " او لعلها لوحه لفان جوخ او دالى ... فان جوخ ! . صحيح اين هو ؟ " . برونو يجيب " فان جوخ مغترب فى حجرته يرسم , مُنذ فتره بعد ان سخر نيتشه مِن بول جوجان وهدد فان ان يقطع له إذنُه الاخري إن لم يتوقف عن إثارة شفقتُه " . تاركوفيسكي يتحدث اخيراً " انا لا اصنع الافلام السيئه " .
صمويل بيكت فى تواضع " اشك فى اننا موجودين " . ديكارت يتدخل بعد ترقُب طويل ... " ها انت تؤكد لنا الآن اننا موجودين ... لقد بدأت بالشك وهذه خير بدايه يا صديقي " . كانط يشرح الموقف " هناك تباين واضح بين الواقع وغيره ... لو كُنتم تقرأون لعرفتُم " . كلب بصوت مروع يأخذ بالنباح حتي يُثير بيتهوفن من جديد " شوبنهاور اسكت كلبك .. هذا لا يحتمل " . شوبنهاور فى رصانة يمسح بباطن يده على ظهر الكلب وهذا ما لم يوقف الكلب عن النُباح . هرعت نحو شوبنهاور في عفوية اقول " انت شوبنهاور " اجاب " نعم . وانت مَن تكون " . ولما لم تكن لدي اجابة واضحه عن سؤاله تراجعت فى خجل ووجهي يتدلي الى الارض . برونو ينصح " لحسن حظك ان نيتشه قد رحل , انه يحب ان يسخر من امثالك " . رفعت وجهي محاولاً الخوض فى ميدان اخر مِن الحوار " العالم قد عرف قيمتك يا سيدي , هيجل لا يُحلق وحيداً الآن " ... يجيب شوبنهاور " هيجل يحلق وحيداً فى الجنه الآن . لكن أ أنت واثق مما تقول ؟ العالم يؤمن بي حقاً اليوم ؟ " ... تذكرت ان العالم الذي اتحدث عنه يتراوح بين المئات وربما القليل مِن الآلاف من الاشخاص . والبقيه لا يسمع لأحد سوي التلفاز وموسيقي البوب المُبتذله . قُلت فى حرج " لقد ساء الحال كثيراً يا سيدي . لكن الا تريد تعود معي " أجاب " كلا , لا اريد بكل تأكيد " . فرانسيس بيكون في شدوه يسئل " أتعرف سبيل للعوده فعلاً ؟ " ...اعتقد ذلك يا سيدي . يُكرر السؤال " وهل ستعود فعلاً ؟ " لا ادري يا سيد بيكون ...
سارتر يتدخل هُنا بلهجه مُريبه " إنه اضعف مِن أن يعود ... او يظل " . نيتشه قد عاد وحيداً وعلى ما يبدو انه قتل سقراط , يسمع كلام سارتر فور وصوله فيعلق بسخرية " ها قد عدت لكم ايها الضعفاء " . سارتر يلفُظ نفساً اخير ويرحل بينما يردد فى حِنق " انتَ تُشعرني بالاشمئزاز يا نيتشه ... انتم جميعاً تُفجِروا بي شعور الغثيان " .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا