الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنامل عاهرة

زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)

2015 / 2 / 22
كتابات ساخرة


لماذا تكتب؟؟..لعل هذا السؤال هو من أصعب الأسئلة التي قد تواجه أي شخص يتخذ من الكتابة هوايةً له ليزعج بها من هم حوله..و لو تمعنت قليلاً في الإجابات التي قد تخطر على بالك -كإجابةٍ له- ستجد أن البعض يكتب لكي يحصل على تمجيدٍ شخصي بينما يفعلها البعض الآخر لكي يُرضي عن طريقها طرفاً ما و كلمة "طرف" هنا قد تشمل كل ما قد يتخذ السياسة أو الدين كهويةٍ تتلون بها أفكاره..و لكنك قد تجد من جهةٍ أخرى أن البعض يكتب لكي يشعر أنه يصنع فارقاً ما في عقل من يقرأ له كما ستجد في ذات الوقت أن هناك من يكتب لتزداد عدد الخانات الرقمية في حسابه البنكي..ماذا عن إجابتي أنا؟؟..حسناً القليل من الصدق لن يضرني كثيراً لهذا سأخبرك أني أكتب لأصبح "تلك" العاهرة!!.

بالنسبة إليَّ لم أصبح عاهرة إلا بعد أن بدأت التدوين منذ عدة أعوام..لا أعني بالطبع أني أصبحت كذلك حرفياً من وجهة نظري بل من وجهة نظر بعض من يتلصَّصون على ما أكتب..و هكذا و بعد أن أصبحت تلك العاهرة الافتراضية تعرفت على تلك الحقيقة المُرَّة و التي مضمونها هو أن الأنثى حتى في عالمها الافتراضي لا تمتلك ترف اختيار الخيار الثالث لتحديد هويتها الفكرية فهي دوماً ما سيتم حشرها كيفما اتفق في تلك المساحة الضيقة و الواقعة بين خيارين فقط لا ثالث لهما على الأغلب.

فالخيار الأول الذي سيواجهها هو أن تذعن موافقةً على كل رأي يتخذه نيابة عنها ذكرٌ ما حتى لو كان ذلك الرأي الذي يُصرح به يتجاوز الأمور العامة التي تشمل الجميع ليتجاوزها إلى الأمور التي تخصها هي وحدها كأنثى!!..أما الخيار الثاني فهو أن تتحدث عن ما تؤمن به سراً فلا يصغي إليه إلا هي و هي و لا يجب أن يكون الرب ثالثهما و دون أن تلتفت كثيراً لفكرة أن تكون صادقة مع نفسها فلم يعد هناك من يكترث كثيراً لذلك الهراء الروحي..و هنا يصبح الخيار الثالث و هو أن تكون هي كما وُجدت و بكل تفاصيلها الصغيرة و الهامشية ترفاً لا يحتمل وجوده أحد..فالأقنعة هي ما تروق للآخرين و هي ما ينشدون من الأنثى ارتدائه..تلك الأقنعة التي أرتدي أحدها الآن و أنا في مقر عملي أمارس الملامح الفكرية لشخصٍ لا يمت إليَّ بصلة و لكنه ينتمي إلى هذا المجتمع و لأفكاره و بشدة!!.

و لكن لأكن صادقة و أعترف أنه لم تغضبني يوماً كلمة عاهرة..فتلك الكلمة التي تثير خوف معظم الفتيات منذ أن لُقن معناها و الذي أُريد له أن يكون بشعاً لم تثر في نفسي يوماً أي تقزز أو تخوف..ربما لأني أجد أني لا أرغب بالكذب على الآخرين فأدعي أموراً لا أؤمن بها حتى و لو كان ذلك الأمر يعني حصولي على طٌهر ما فهو في نهاية الأمر سيظل طُهراً يمتلئ بالزيف..أو ربما لأني أعرف أن وصف البعض لي بتلك الكلمة لا يعني أني كذلك بالضرورة فلا يمكن لأي شخص محاكمتي يوماً ما بسبب أفكارٍ تتوارى خلف اسمٍ مستعار و لكنه يستطيع محاكمتي بسبب فقداني لعذريتي بسبب تلك الأفكار..لهذا أجد أن كلمة عاهرة هي فعلياً وصفٌ لا يمكن أن يسبب ذلك النوع من الأذى الجسدي لي طالما أنه وصفٌ أجوف قيل من قبل شخص أحمق يعيش في مجتمعٍ لا يوجد بينه و بين الماخور أي فوارق ظاهرية لدي!!.

و لكني و بسبب تلك الكلمة أدركت أيضاً كم أن الذكر الشرقي جبان في أصل تكوينه لهذا فهو يعتقد و لعله يؤمن أنه باستخدام تلك الكلمة الجوفاء كثيراً تجاه أي أنثى تتمرد على السير فوق تلك الخطوط البيضاء المرسومة على أرضية حياتها سلفاً فإنه سيثير رعبها و ربما سيجعلها تتوقف عن التفكير لكي تعود تائبةً فتسير بانتباهٍ أكبر على تلك الخطوط البيضاء مع ظهرٍ منحنٍ نحوها بشكلٍ أكبر..نعم تخيلي أنك تحتاجين فقط لبعض التراجع عن أفكارك و مواقفك المستفزة لهم ليعود غشاء بكارتك من جديد للتموضع بين ساقيك و كأنك لم تفقديه يوماً!!.

و لهذا ستجدين أن شعوباً عربية عديدة عندما تمارس فيها أي أنثى القفز الحر على تلك الخطوط البيضاء ستكون ردة فعل السلطة -و بغض النظر عن نوعها- و التي ترغب في قمعها هي أن تحاول أن تتأكد من عذريتها فور إلقاء القبض عليها!!..هل تستشعرين مدى الرعب من أفكار النساء!!..فبالنسبة لتلك المجتمعات الغارقة في وحل الذكورة أصبح امتلاكك لعدة أفكارٍ مجردة سبباً كافياً لفقدانك لعذريتك!!..و لعل سبب اكتراثهم دوماً بما تفعله الأفكار بجسدك لا بعقلك هو أن الأول لا الثاني هو ما يؤمنون بأنه أمرٌ خاضع للمنطق الاشتراكي فلا يحق لك التصرف به دون الرجوع إلى بقية شركاءك الآخرين فيه.

لهذا أشعر أحياناً بالشفقة على من يصفني بذلك الوصف بل أني ربما و دون وعيٍ مني أعمل على تحريضه على أن يحاول جاهداً في محاولته لقمعي..نعم فلا بأس من تحريض الآخرين على القمع لأنك هكذا ستتعلمين طرقاً جديدة للتسلسل و لممارسة الحرية من بين سطور كلماتهم و محاولاتهم المستميتة لتأطيرك بشرفٍ فقدته أو ستفقدينه..فالحرية تحتاج إلى تمرينٍ مستمر لكي تنجحي في رفع سقفها المرتطم دوماً برأسك كأنثى و إلا سيصبح أقصى ما سيصل إليه خيالك عند الحديث عنها هو ممارسة الانفلات -بغض النظر عن نوعه- دون أن يكون هناك أية عواقب قانونية أو اجتماعية أو حتى دينية.

نعم قد أكون عاهرة لأن الكتابة بالنسبة لي هي كممارسة الجنس..فهي أمرٌ لا يقبل التفاوض على تفاصيله أو ملامح خطواته..أمرٌ لا يمكنني القيام به تجاه أي شخصٍ عابر كما كتجاه أي فكرةٍ عابرة..فيجب أن تدوخني تلك الفكرة و من ثم تأسرني لتغريني بالوقوع تحت سلطتها لكي أكتب عنها كما لو كنت أتنازع معها على السرير أينا يعتلي الآخر!!..و لكني في ذات الوقت سأقطع لها عهداً بأني سأحاول ألا ألقيها بعد أن أفرغ منها لأن الأفكار خُلقت لكي نتوحد معها لأطول فترةٍ ممكنة لا لنؤمن بها مؤقتاً حتى نقضي منها وطراً.

و لكني لا أنكر أنه في كل مرةٍ تُقال لي فيها تلك الكلمة أتمنى لو أن قائلها -و الذي يكون ذكراً على الأغلب- منحني و لو القليل من الوقت لأعترف له بأني عاهرة كما هي تلك الأفكار التي تداعبني كل مساء لأهمَّ بها و تهمَّ بي و لأخبره بأني لا أرغب في أن أفقد يوماً -و دون أن أدرك- ذلك الشغف الذي تسببه فتيات الهوى في أرواحنا و الذي تشعر به أناملي تجاه الكلمات كما الأفكار..فهي -لحسن حظي أو لسوئه لا أعلم حقاً- تأبى الكفَّ عن عُهرها و لعل هذا هو قدرها -كما قدري- حتى حين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العاهرة اشرف من التاسلمين.
احمد حسن البغدادي ( 2015 / 2 / 22 - 20:06 )
تحية للكاتبة زين اليوسف.

ان اكثر شعوب الارض التي تتحدث عن الشرف هم المسلمون، بل حتى احجارهم وكتبهم شريفة، فالكعبة المشرفة والنجف الأشرف والأزهر الشريف والقران الشريف والحديث الشريف،
وإذا بكل هذا الشرف، ينتج ملايين الناس الغير شرفاء ويتحلون بكل انواع العهر، إبتداءً بداعش وهتك أعراض الأبرياء وطردهم من اوطانهم، وبوكوحرام، واختطاف طالبات المدارس واغتصابهن، وغيرها من المنظمات الاسلامية التي تطبق القران الشريف واحاديث محمد الغير شريفة.

تحياتي.....


2 - إلى طارق إبن زياد
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 23 - 02:43 )
بالفعل هناك نوع لا يمكنك عدم ملاحظته من الإنعدام الأخلاقي الذي تعاني منه الشعوب الإسلامية..قد تعاني الشعوب الغربية من ذات المقدار و ربما أسوء في نظر البعض و لكن الفرق بينها و بين المسلمين أنها لا تصر بشكل أحمق على إدعاء الفضيلة...

تحياتي لك و لتعليقك...


3 - إلى أحمد حسن البغدادي
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 23 - 02:46 )
بالفعل ملاحظة ذكية فذلك الإصرار على منح كل ما يتعلق بالمسلمين صفة الشرف كما ذكرت أنت سابقاً ربما يكون دليل على فقدانه ذاتياً و بشكل كبير..و كأني بهم يخبروننا بأن أي شخص غير مسلم هو غير شريف بالضرورة تبعاً لذلك المنطق!!...

شكراً لك و لتعليقك


4 - تعليق الى زين اليوسف
ايدن حسين ( 2015 / 2 / 23 - 05:41 )

افتراضات غريبة و عجيبة
هل هناك احد سمى المطربة ام كلثوم عاهرة


5 - أنا عاهرة / اصبحت موضة
عبد الله اغونان ( 2015 / 2 / 23 - 15:45 )
لافرق بينها وبين من يتعرين من ظاجل الحرية والاحتجاج السياسوي

انها الموضة أذكر في هذا الموقع فقط كتبت عدة مقالات عن / أناعاهرة

انها فقط موضة وعادة وتقليد ممجوج


6 - إلى أحمد ناس حدهوم
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 23 - 18:12 )
منحتني أكثر مما أستحق...

شكراً لتعليقك...


7 - إلى عبد الله اغونان
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 23 - 18:22 )
ليست المشكلة في أن أكثر من إنسانة كتبت مصادفة مقالة بذات العنوان أو الفكرة فتوارد الخواطر أمر وارد و يمكن تبرير ذلك الأمر بأكثر من طريقة حتى لو تجاهلنا فكرة توارد الخواطر...

و لكن الأمر الذي لا يمكن وصفه بتوارد الخواطر هو تكرار ذلك التعليق المبتذل تجاه أي كاتبة أنثى تتجاوز سقف توقعات الذكر الشرقي الفكرية و المنخفضة غالباً..و جولة بسيطة على تعليقات الذكور على كتابات أي أنثى في هذا الموقع أو سواه ستوضح لك تلك الفكرة بشكل قد يُعمي بصرك...

و لكن لا بأس فهي موضة و عادة و تقليد ممجوج يُمارس من قبل الشرقي بشكل يبعث على الملل...

تحياتي


8 - الذكور أنواع والاناث أنواع
عبد الله اغونان ( 2015 / 2 / 23 - 19:24 )


التعليق الذي كتبته وصف لواقع وليس ابتذالا

فالنساء الشرقيات والغربيات أنواع وكذلك الذكور وان كان هناك من يشتكين من النزعة

الذكورية فهناك نزعة نسوية طاغية حتى من طرف ذكور تأنثوا فكريا

فجولة في مواقع تبين احرافا فكريا وخلقيا من طرف نساء .فلا تدافعي عن المرأة فقط

لأنك امراة كما لايجب ان أدافع عن رجال لمجرد أنني أنتمي لنفس الجنس

لندافع عما نعتبره الحق والخير والجمال

فالصراع بين صواب وخطأ وحق وباطل وليس صراعا جنسيا بين رجال ونساء


9 - إلى Kamal Yamolky
زين اليوسف ( 2015 / 2 / 24 - 02:53 )
غمرتني بكلمات أخشى أن أنحدر عن إستحقاقي لها يوماً...

تحياتي لك

اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي