الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الولايات المتحدة الأمريكية راعية مملكة الشر .. تأصيل الإرهاب دولياً !! * دراسة موجزة * الفصل الأول

محمود الزهيري

2015 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


قد يخطأ البعض ويعتقد أن تفكيك الواقع يتطلب قراءة أحادية لمنتجاته الرديئة , والبحث عن حلول ناجزة من خلال تفكيك أزمات الواقع عبر قراءة فلسفية تؤمن بأحادية التصور , إذ أن هذا التصور بمثابة رؤية دوجماطيقية مشبعة بغرائز الأنا المتوحد مع الأصوليات , وخاصة الدينية منها والتي تري أنها متوحدة مع المقدس , ومن ثم تؤمن إيمان مطلق بـ امتلاكها الحقيقة المطلق وتعتقد بخطأ الأغيار وتجري عليهم أحكام المقدس برحابة صدر حتي وان كان هذا الحكم هو جز الروؤس , وحرق الأجساد , بما مؤداه تفعيل عقائد الدم .
وأعلي مراحل الإرهاب هي بمثابة التفسير الحقيقي للدوجماطيقا , واستخدام الصياغات العسكرية في مناقشة قضايا الإرهاب والوصول بها إلي أعلي منحني مؤمن بثقافة الدم وتفعيل أدواره علي ذات الوتيرة التي تستدعي الأنظمة الإستبدادية التي تنتج الإرهاب , وحين يتخلي عن أداء أدواره بـ اتجاهه تقوم بتفعيل فقه الدم العسكري في مواجهة الإرهاب .ولذلك فإن المعامل الثقافي نراه غائباً عن تلك المعادلة المأزومة بغياب الثقافة والتعليم ونظريات التعلم والأفق التربوية , وغياب للمؤسسات السياسية عبر الأحزاب التي صارت هي المنتج الحضاري لتفعيل وتقويم وإظهار أخطاء وأخطار سياسات الحكم والسلطة تمهيداً لحيازة القبول الجمعي للقيام بتلك الأدوار التي تقوم بها السلطة ويتغير مقعد المعارضة عبر الأحزاب ليحل محل السلطة في المستقبل القريب , وتؤدي السلطة دور المعارضة عبر أحزابها , وهكذا .
ومن أهم النكبات التي ترافقنا طوال تاريخنا المشحون بالعنصرية والتمييز والإقصاء لكل المغايرين في الدين أو اللغة علي حد سواء , نري أن غالبية المفردات اللغوية في الخطاب الديني أو السياسي مشحونة بالعداء والكراهية ومصنوعة بحرفية الشر المطلق الرافض للأغيار الخارجين عن دوائر الإيمان الديني تحديداً , وهذا يتبدي جلياً في الخطاب الديني بداية من المنابر الدينية في خطب الجمع , والمناسبات الدينية , ومقررات المدارس والمعاهد والكليات الدينية , والتي طالت كذلك التعليم المدني الذي صار بمثابة ضد للتعليم الديني والعكس مقبول , لدرجة أن لغة الخطاب تحرض علي القتل , وجز الرقاب / الذبح , والتحريق بالنار , والتمثيل بالجثث , وتطور الأمر للعبوات الناسفة البدائية منها أو المتقدمة , سواء تحت رعاية محلية أو مساندة خارجية من دول تبتغي الترويج لمشاريعها والحفاظ علي كياناتها السياسية فتعمل دوماً علي تطوير خطاب العنف والإرهاب للحفاظ علي كيانها السياسي في الحكم والسلطة لإدارة صراعات تخدم علي مصالح دول كبري عبر أجهزة استخباراتها التي تمتلك روؤس أموال تستطيع بواسطة أقسام إدارة الأزمات أن تحقق ماتريد .
مازالت اللغة التحريضية ساكنة في أبجديات الخطاب الديني , المشحون بالعنف والكراهية علي الدوام لإقصاء الآخر المصنوع عبر قنطرة النصوص الدينية , واحتلال مكانه ..
ولذلك :" لا خلاص إلا بالتخلص من أساليب التعبئة الأيديولوجية، ومن أبرزها ترك استخدام كلمات ومصطلحات دينية مشبعة بهجاء الآخر، متوارثة من صراعات الطوائف والفرق، والحروب بين أتباع الأديان في العصور الوسطى، فإن اللغة مشحونة بأحكام مسبقة، وحسب جاك دريدا “إن اللغة ليست أداة نستعملها، بل هي المادة التي نحن مصنوعون منها”.
ويشدد بيير بورديو على ‘‘ أن الكلمات تصنع الأشياء إلى حد كبير، وإن تغيير الكلمات، وتغيير التمثيلات ، بوجه أعم التمثيلات التصويرية، هو بالفعل طريقة لتغيير الأشياء. والسياسة جوهريا هي مسألة كلمات”." (1)

وهناك رؤية لجاك دريدا يطرحها في التساؤل الأتي :" «هل يجب تنفيذ الارهاب دائما عن طريق القتل : الا يمكن ان نرهب بدون القتل؟ وهل يعني القتل بالضرورة إماتة الشخص؟ أليس القتل هو «عدم الرغبة في معرفة سماح المرء للاخرين بالموت» مئات من الملايين من البشر يموتون من الجوع والإيدز والإفتقار الى العلاج الطبي، اليس ذلك جزءاً من الإستراتجية الإرهابية المتعمدة والواعية، بدرجة ما؟ ربما نخطئ عندما نعتقد بسرعة أن كل الإرهاب طوعي، وواعي ومنظم ومتعمد ومحسوب بدقة: هناك مواقف تاريخية وسياسية ينشط فيها الارهاب، كما لو أنه يعمل بطريقة ذاتية، كما لو أنه نتيجة بسيطة لبعض الوسائل، بسبب علاقات القوة القائمة في المكان، بدون أن يعي أي شخص وأي موضوع ضميري وأي «آنا» بالأمر او الشعور بالمسؤولية».(2)
وتعقيباً علي دريدا يري أمير طاهري أن :" ما لم يدركه هابرماس هو أن «النتائج المدمرة» التي ذكرها هي نتيجة لغياب حكم القانون وغياب الاحترام الاجتماعي والسياسي للأفراد (خصوصا النساء) والدمار الكبير الناجم عن الأنظمة السياسية التي حكمت بالعنف هذه البلدان ودمرت حياة الناس فيها واقتصادهم.
يرى هابرماس أن أفرادا مثل صدام حسين وعيدي أمين والخمير الحمر وأناستازيو سوموزا وغيرهم هم ضحايا أكثر من أن يكونوا مبدعين في ميدان الفظائع . (3)
ويري :" إدغار موران حيث يعتبر أن سياسة القمع وإن استطاعت القضاء على الأعراض فهي لا تقضي على الأسباب، بل يمكن بوجه خاص أن تغذيها. وهذه الأسباب تكمن في التفاوت ومظاهر الجور والجحود.
يتناول دريدا بعد ذلك مصطلح "الحرب على الإرهاب" محاولا تفكيكه معتبرا إياه تعبيرا شديد الارتباك. ويجادل دريدا بأن العنف الذي جرى لا علاقة له بالحرب التي كتب عنها شميت، فهي ليست تلك الحرب الكلاسيكية بين دولتين متخاصمتين.
إن مفهوم الإرهاب مفهوم مرتبك وليس له تعريف دقيق فما الذي يميزه عن الرعب الذي اعتبره هوبز في كتابهleviathan الشرط الأساسي للوجود السياسي ولممارسة القانون والسيادة؛ فما الذي يميزه عن التهديد الذي تستعمله الدولة لاحتكار العنف كما يقول فالتر بنيامين؟ وما الذي يميز إرهاب الدولة عن الدفاع عن النفس؟ فجميع إرهابيي العالم يردون بأنهم يدافعون عن النفس ضد الإرهاب الذي تمارسه الدولة(4)
و.. :" في هذا الصدد يعود دريدا إلى تمييز كارل شميث بين الحرب الكلاسيكية التي تتفجر بإعلان المواجهة بين دولتين عدوتين والحرب الأهلية بين المجموعات داخل الدولة الواحدة وضدها في الآن نفسه. ولكنه يخالفه في مصطلح الحرب على الإرهاب ويعتبره مصطلحا غامضا ويحمل الكثير من المغالطات والمصالح وعاجز عن تحديد العدو الذي يحاربه والجهة التي تعلن الحرب وأكثر من ذلك لا يعتبر العنف المتفشي الآن سليل ظاهرة الحرب فقط بل يتأتى من مصادر متنوعة وتغذيه روافد نفسية واجتماعية وثقافية. يتحدث دريدا عن الحرب الجديدة التي وقودها الشبكات الإرهابية ويتم فيها استعمال أكثر التكنولوجيات الحربية شراسة وقسوة ويندلع الصراع بالأساس حول امتلاك المعلوم والسيطرة على الدعاية والإعلام(5)
وهكذا فإن :" الإرهاب يحيل إلى جريمة ضد الحياة الإنسانية باختراق القوانين الوطنية أو الدولية وعدم التمييز بين المدني والعسكري والتحرك وفق غائية سياسية تهدف إلى التأثير أو التغيير في سياسة الدول وقناعات الشعوب. ولا يعفي هذا التعريف الأنظمة السياسية والدول من مسؤولية التورط في ارتكاب هذا الشر وبالتالي يوجد إرهاب دولة مثلما يسطع إرهاب المجموعات ولا يمكن تبييضه مهما كانت المسوغات.
من يشجع الإرهاب؟ ومن يقف وراء انتشار الشبكات الإرهابية في أنحاء العالم؟ هل الفكر المتطرف الذي يستند إلى نص مغلق أم الدول الامبريالية ذات المصالح المادية؟ ومن المسؤول عن تخليف الأضرار؟
بعض الدول الكبرى والقوي العظمي ارتكبت مجازر وفظاعات في حق الشعوب البريئة وخاصة في مرحلة الاستعباد والاستعمار وأثناء الحروب العالمية ولما تم إلقاء القنابل النووية والعنقودية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات وحيث تمت ممارسة التطهير العرقي والتصفية على الهوية وابادة الأبرياء.
غير أن مصطلح حرب نظيفة ضد الإرهاب الدولي هو كلمة حق أريد بها باطل تشبه كثيرا مصطلحات الحرب العادلة والحرب المقدسة وحرب التخليص ومواصلة للصراعات السياسية بلغة عسكرية قاتلة وبالتالي الترحيب بمثل هذا المصطلح لا يبارح المكان الذي انطلقت منه صيحات التنديد والإدانة له(6)
وفي عرض كتاب لـ "نعوم تشومسكي"- القوة والإرهاب جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية :" يتناول كتاب المعارض الأمريكي والمدافع عن حقوق الإنسان "نعوم تشومسكي" السياسات الخارجية الأمريكية ونهجها الحربي ضد دول العالم واستخدامها القوة اللاشرعي ضد دول العالم تحت يافطة الدموقراطية وحقوق الإنسان, واستشهد بدراسات لعدد من المختصين وأشار الى الطور الأول من "الحرب على الإرهاب" والذي أعلنه الرئيس الأمريكي ريغان , وجعلها المدخل السياسي والفكري ليشرعن الحروب في بؤرتين الأولى أمريكا الوسطى عبر استخدام القوة اللاشرعي للقوة وقد أدانت المحكمة الدولية أمريكا بخصوص الجرائم في نيكاراغوا, والثانية الشرق الأوسط في فلسطين ولبنان والعراق والحروب الإسرائيلية وجرائم الحرب التي ارتكبتها ولفت الانتباه الى أن من يتزعم الحرب على الإرهاب حاليا ويقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية قد أدينت بالإرهاب منذ عقد الثمانينات واستخدمت الفيتو ضد قرار دولي لاحترام القانون الدولي ورغم كل ذلك وما جرته من مجازر وجرائم إبادة للجنس البشري , تستمر الحرب على الإرهاب كما أطلقها بوش عام 2001 وخلفت احتلال دولتين العراق وأفغانستان . ) (7)
ويناقش عرض الكتاب مدي العلاقة الوثيقة بين المساعادات الأمريكية وبين جرائم التعذيب والقتل والإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان بصفة عامة , وهذا هو الإرهاب الحقيقي والفعلي الذي تمارسه دولة ينظر إليها العالم علي أنها عظمي , وتدعي هذه الدولة أنها ترعي الديمقراطية والحريات الفردية والإجتماعية وحرية المرأة وحقوق الإنسان والأقليات الدينية , ولكن مما يبدو من جملة العديد من الدراسات الفاضحة للشر الأمريكي المستتر تحت تلك العباءة التي تبدو كمعيار للخير الإنساني وهي تستر الشر الوبيل ,ولذلك يعرج : "نعوم تشومسكي" في كتابه على الدراسات المشهورة تلك التي أجراها مختص أكاديمي في حقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية وهو "لارس شولتز-Lars Schultz " من جامعة "نورث كارولينا –north Carolina" ويناقش فيها مساعدات الولايات المتحدة لأمريكا اللاتينية وعلاقتها بالتعذيب وانتهاك حقوقا لانسان وكتب مقال قبل عشرين سنة بين فيها وجود علاقات وثيقة جدا بين المساعدات الأمريكية والإساءة لحقوق الإنسان في أمريكا اللاتينية ونقتبس ما قاله :" تتدفق المساعدات الأمريكية بصورة غير متكافئة على حكومات أمريكا اللاتينية التي تعذب مواطنيها ويصنفهم افضح منتهكي حقوق الإنسان في نصف الكرة الأرضية" وكان ذلك قبل عشرين سنة,وفي الوقت نفسه تقريبا اجري "ادوارد هيرمان-"Edward Herman" وهو زميل نعوم تشومسكي في تأليف كتابه( القوة والإرهاب جذورهما في عمق الثقافة الأمريكية) وهو عالم اقتصادي في مدرسة "وارتون-"Wharton التابعة لجامعة "بنسلفانيا" Pennsylvania واعد دراسة موسعة في نفس المسألة وبصورة خاصة في العلاقة القائمة بين مساعدة الولايات المتحدة والتعذيب , وبينت تلك الدراسة وجود علاقة كبيرة مذهلة قميئة كما سماها تشومسكي بين المساعدات الأمريكية والتعذيب, وإذا ما تفحصت سجلات "منظمة العفو الدولية" بشان التعذيب والمساعدات الأمريكية الأجنبية فسوف تجد العلاقة بينهما وثيقة جدا,وفي دراسة أخرى لنفس العالم تشير الى العلاقة بين المساعدات الأمريكية وعوامل أخرى , فوجد أن من أفضل العلاقات هي تلك القائمة بين المساعدات الأمريكية وتحسين المناخ الاستثماري, وبالتالي ترتفع المساعدات الخارجية حين تتحسن صورة المستثمرين في استخراج موارد بلد ما, وتلك علاقة طبيعية جدا ومفهومة تماما وتبدوا ملامحها واضحة للعيان, ويشير تشومسكي الى كيفية يتحسن المناخ الاستثماري في بلد من بلدان العالم الثالث ويقول"من أفضل السبل قتل منظمي الاتحادات واغتيال زعماء الفلاحين وتعذيب الكهنة, وذبح الفلاحين ونسف البرامج الاجتماعية ومال الى ذلك" تلك هي القواعد لتحسين المناخ الاستثماري, وهذا يولد علاقة ثانوية أخرى تلك العلاقة التي اكتشفها لارس شولتز-Lars Schultz وهي العلاقة بين المساعدات الخارجية وانتهاك حقوق الإنسان الفاضحة, ويشير تشومسكي الى تفسيرها ويقول يفهم الأمر وكان للولايات المتحدة مصلحة خاصة بانتهاكات حقوق الإنسان" (8)
وإلي هنا يتبدي الدور الأمريكي الراعي للإرهاب الدولي بجدارة الشر المفضوح . ويقول تشومسكي :" أن الزعيم الحالي "للحرب على الإرهاب" هو الدولة الوحيدة في العالم التي أدانتها المحكمة الدولية بالإرهاب والتي استخدمت الفيتو ضد قرار مجلس الأمن والذي يدعوا لاحترام القانون الدولي وهي حقيقة ذات صلة بالواقع الحالي) , ويؤكد تشومسكي أن من الصعب وجود ما يشير الى ذلك في الصحافة "(9), ويقصد بها الولايات المتحدة الأمريكية حصرياً ..
محمود الزهيري

المراجع:
(1) عبدالجبار الرفاعي . صحيفة العرب اللندنية
http://www.alarab.co.uk/?id=36749
(2)الإرهاب الدولي يكشف إفلاس الفلسفة الغربي. أمير طاهري . صحيفة الشرق الاوسط . http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msg&board=38&msg=1110314442&rn=22
(3) المرجع السابق
(4) أحمد سامي عرض كتاب التفكيك المناوئ للخطاب الدولي السائد عن الإرهاب . الإرهاب بمفهوم مختلف .. أو ما الذي حدث في 11 سبتمبر ؟ . . التفكيك المناوئ للخطاب الدولي السائد عن الإرهاب . http://www.masralarabia.com/متابعات/470565-ما-الذي-حدث-في-11-سبتمبر-؟
(5) زهيري الخويلدي . http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=450844
(6 ) المرجع السابق
(7) ترجمة إبراهيم يحيى الشهابي,دار الفكر,دمشق,2003. عرض د.مهند العزاوي - مدير مركز صقر للدراسات الإستراتيجية. مركز صقر لدراسات الإستراتيجية . http://alnoha.com/visitor17/algowah.htm
(8) المرجع السابق
(9)المرجع السابق












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغدة تقلد المشاهير ?? وتكشف عن أجمل صفة بالشب الأردني ????


.. نجمات هوليوود يتألقن في كان • فرانس 24 / FRANCE 24




.. القوات الروسية تسيطر على بلدات في خاركيف وزابوريجيا وتصد هجو


.. صدمة في الجزائر.. العثور على شخص اختفى قبل 30 عاما | #منصات




.. على مدار 78 عاما.. تواريخ القمم العربية وأبرز القرارت الناتج