الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شهداء المسرح المصري .. دماؤهم في رقبة من؟؟

أحمد عبد الرازق أبو العلا

2005 / 9 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لن أتحدث عن مشاعري وأحزاني بعد سماعي لنبأ الحريق الذي اندلع في القاعة الملحقة بمسرح قصر ثقافة بني سويف(مهرجان نوادي المسرح الخامس عشر ليلة الاثنين الخامس من سبتمبر ) وأودي بحياة العشرات من الأصدقاء والزملاء الكتاب والنقاد ، والعشرات من شبابنا الفقير الذي أعطي حياته ثمنا لهواية ارتضاها ، وحلق معها ، مستندا علي قروشه القليلة ، ومعتمدا علي تشجيع النقاد المتخصصين الذين واكبوا هوايته ، ومستسلما لتعنت الدولة حين لاتوفر لهم الرعاية والحماية ، وكأنهم ليسوا أبناء هذا الوطن!! كل هؤلاء ذهبوا في غمضة عين ، التهمتهم النيران المتوحشة ، بلا رحمة ، وبلا هوادة ، وأكاد اسمع - الآن - صرخاتهم الملتاعة ، وهم يواجهون الموت ، ولا يستطيعون دفعه .. لن أتحدث عن مشاعري الداخلية بسبب هول الصدمة ، وعدم قدرتي علي الاستيعاب ، وعبثية المشهد .. لكني سأطرح هذا السؤال لكل من يهمه الأمر - وهو أمر خطير ، بل خطير جدا - دماء هؤلاء الشهداء في رقبة من ؟! والي متى سيظل الإهمال والتقاعس ، وعدم احترام الإنسان المصري مستمرا في مجتمعنا؟! إنني أوجه الاتهام إلي وزراء الثقافة والصحة والداخلية ومحافظ بني سويف ، ورئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ، وأطالبهم بترك مناصبهم ، احتراما لمشاعر أسر الشهداء ، واحتراما لمشاعر كل المصريين ، واحتراما لأنفسهم ، وحتى نصدق أننا في وطن يُحاسب المسئول حين يتقاعس عن القيام بمسؤوليته علي خير وجه ، لقد حدد وزير الثقافة قيمة المثقف الذي تربي لسنوات كثيرة ، حتى أصبح كادرا ثقافيا يُعتمد عليه ، حدد قيمته بعشرة آلاف جنيه !! حين أمر بصرفها من خزينة التنمية الثقافية !! إلي هذا الحد وصل الاستهتار بالمثقفين والكتاب ،انه يظن - و بعض الظن إثم- أنه قد أدخلهم - جميعهم - في حظيرته المباركة ، وزير الثقافة الذي رأيناه أيام أحداث الوليمة ، وأحداث الثلاث روايات ، يُلقي بيانات متعددة إلي الأمة ، يحث فيها الجميع ، بل ويدعو فيها المجتمع إلي رفض ومحاكمة ، كل من تسول له نفسه العبث بأمور الأخلاق والدين - كما أدعي - وأقام الدنيا ، ولم يقعدها ، واعتبر نفسه شهيدا يدافع - وحده - عن الأخلاق في قضية تخص الحريات ، والآن ، لانسمع له حسا ولا خبرا - لاأسكت الله له حسا - وأسأله : لماذا أقلت من أقلت ، ونحيت من نحيت ، ونكلت بمن نكلت ، حين صدرت الروايات الثلاث ؟؟ الم تعتبر أن هذا إجراء واجب في تلك الحالة ؟ّ لماذا لاتقدم استقالتك الآن ، بوصفك المسئول الأول عن ماحدث في بني سويف!؟ والأمر ليس متعلقا بشئون الأخلاق ، التي تتعدي أنك تحميها ، لكنه متعلق بأرواح زهقت ، وأجساد حُرقت ، وأنفاس توقفت ، وصرخات لم يستطع أحد أن يوقفها !! لماذا لا تستقيل ، حتى نعرف أن هذا الوطن يحترم أبناءه ، ويقدرهم ، ألا يتساوي كل هؤلاء القتلى والجرحى مع سائح واحد يتعرض لحادثة ، فينتقل إليه كل المسئولين ، وتذهب إليه طائرات الهليكوبتر لإنقاذه ، ووضعه في المستشفي المجهز ، لماذا لا يحدث هذا مع هؤلاء ، الذين تعرضوا لإهمال وازدراء شديدين ، ورفض صاحب مستشفي استثماري مجاور لمكان الحدث استقبال المصابين ، ولم يحاسبه أحد ؟! ووزير الصحة الذي سمعناه يتحدث إلي التلفزيون المصري عبر الهاتف ،عن انجازات الحزب الوطني ، وكيف أن الوزارة قامت بتوسيع وتطوير مستشفيات بني سويف ، وكأنه يريد الدعاية لمرشح الحزب الوطني في ليلة الانتخابات الرئاسية ، ماالذي فعله مع صاحب المستشفي الاستثماري؟ ولماذا لم يأمر بذهاب المصابين إلي مستشفيات متخصصة ، غير مستشفيات ( أم المصريين وأحمد ماهر ) وكل هذه المستشفيات مهملة وغير مجهزة ، لاستقبال الآدميين ، لم نسمع أن سائحا ، أدخلته الدولة ، لو تعرض للإصابة في تلك المستشفيات ، فلماذا أدخلتم المصابين من الصفوة ، إليها؟؟ ، وانتم تعلمون أن حالتهم خطيرة ، بدليل أن كثيرين منهم ماتوا ، ومازال هناك من يتعرضون للموت - حتى كتابة هذا المقال - ووزير الداخلية : أهمل حين لم يأمر بإرسال عربات المطافئ ، وجنود الدفاع المدني ، ورجال الإنقاذ إلي مكان الحدث ، وكل المصريين شاهدوا عبر شاشة التلفزيون كيف أن قصر الثقافة ، تحول إلي كتلة من اللهب ، ولا احد هناك يطفئها ، لم نشاهد عربة إطفاء واحدة ، ولا حثي صوت سرينة النجدة ، ولا أي شرطي ، وقت اندلاع الحريق ، في الوقت الذي نري فيه مئات من جنود الأمن المركزي يحيطون بمكان ، يقال أن مظاهرة ستقوم فيه ، أو تجمعا يزيد عن ثلاثة أشخاص !! والسيد المحافظ ، لايستطيع حماية الضيوف الذين جاءوا إليه من كل محافظات مصر ، ولم يوفر لهم الحماية الواجبة لأنه - علي ما يبدو - كان مشغولا بتهيئة الأجواء التي تساعد مرشح الحزب الوطني علي النجاح!! والسيد رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ، لم يشعر يوما منذ جاء إلي هذا الجهاز ، لم يشعر أن أمور الثقافة تهمه ، ولم يشعر بأهمية أن يكون متفرغا لإدارة شؤونها ، بقدر اهتمامه بالظهور علي الشاشات العربية والمصرية والفضائية ن متحدثا باسم لجنة السياسات ، وانجازات السيد الرئيس ، في الوقت الذي لا يذهب فيه إلي هيئة قصور الثقافة ، إلا في أوقات قصيرة ، تدخل في دائرة الأعمال غير الرسمية !! ويعمل وكأنه مجرد ضيف علي الهيئة ، لا أكثر ولا أقل !! كل هؤلاء مسئولون عن الجريمة ، وينبغي إقالتهم ، ومحاسبتهم .. نقطة أخري أحب أن أذكرها في هذا السياق ، ولابد أن نواجهها بشجاعة ، وهي أن الذين قتلوا في مصر بسبب الإهمال ، وعدم الاهتمام ، أكثر بكثير من الذين قتلوا في الحروب التي خاضتها !! أليست هذه مفارقة مبكية .. محزنة ، في الوقت الذي تتشدق فيه السلطة ، معلنه أنها أقامت اتفاقية السلام مع إسرائيل ، رغبة منها ، في أن تكون حرب أكتوبر هي آخر الحروب ، حقنا للدماء ، وصونا للأرواح ، الذي يحدث الآن يكشف كذب هذا الادعاء .. الذين يموتون في مصر - الآن - ضحية للإهمال ، يموتون بلا قضية ، لكن الذين يموتون أثناء اندلاع الحروب ، يموتون ، دفاعا عن قضية : اذكروا لي سببا واحدا غير الإهمال أودعي بحياة كل هؤلاء .. وتساءلوا معي : دماء هؤلاء الشهداء في رقبة من ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح