الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اي وحدة ؟ واي يسار نريد ؟

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 2 / 24
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


توحيد اليسار الاشتراكي الديمقراطي على" انقاض" او استكمالا لتجربة الجبهة الشعبيّة : اي يسار نريد ؟

مطلب وشعار يغمرنا كل يوم ، ينادي به المنادون من كل حدب وصوب ، نسمعه في كل مكان وفي اليوم عشرات المرات او اكثر ، " وحدة اليسار " واجبة ، "وحدة اليسار " مطلب النخبة والجماهير الشعبية ، "وحدة اليسار " هدف مطلق ومنتهى الرحلة والراحلة !!!! . لكن اي يسار نتحدّث عنه ؟ اهو ذاك الخليط الهجين من كل القوى التقدمية بليبرالييها من انصار الراسمالية الاجتماعية (تدخلية الدولة او الدور التعديلي للدولة حامية الملكية الفردية لوسائل الانتاج ) او قومييها ( من انصار نقاء العرق وعلويّة العلاقات القبلية والروابط الحضارية والتاريخانية الفوقية ) ام تراه يسار النخبة الديمقراطية التقدمية (من انصار الحرية السياسية ، والمساواة السياسية في ظل قانون الدولة مطلقة السلطة ) !!! . اي وحدة ؟ واي يسار نريد توحيده ؟ تُكال التهم هنا وهناك للجبهة الشعبية في تونس (ومن خلفها تحديدا حزب العمّال )حول اخلالاتها واخفاقاتها في ادارر صراع اخذ نصيب من كعكة الحُكم ، كما تُهاجم قيادتها ومجلس امنائها لعدم قدرته! وتقاعسه في مسعى توحيد قوى اليسار !! او هكذا تدّعي النخبة ، اليساريّة التقدُّميَّة طبعا . متجاوزين بهذه الدعوة وبهكذا تهمة وقائع موضوعيَّة ( بغضّ النضر عن مُختلفِ الجوانب الذاتيّة وهي عديدة لا يسعُ المجال لذكرها ) ، انّ اليسار التونسي جزء من اليسار الاقليمي والعالمي تُوحدّه مطالب الحريَّة الفرديّة والجماعيّة ومنها حقُّ الملكيّة الفرديّة و التنظُّم والتعبير والمشاركة السياسيّة و تقاسم سلطة الدولة ورفضها ومعارضتها ايضا ، والتقسيم العادل للثروة ....الخ ، ولكنّ كلّ تلك الحريّات تظلّ مُقيّدة بالحُكم المطلق لسلطة القانون ، الاخلاق ، الأمة ، والدولة البرجوازية الطبقيّة بمُؤسّساتها ومُمَثليها البرلمانيين السُّلطويين ، وبيروقراطييها في النقابات او في اجهزة الدولة الرسميّة .
لا يجِب وليس علينا ، نحن الاشتراكيون الديمقراطيون او الشيوعيون ، في اسهامات بقيّة التيّارات اليساريّة والتقدميّة في تاريخ حركة تحرّر الشعوب وطبقاتها المفقّرة ، كما لا يجب علينا ان نَغرَق في المغالات الايديولوجية ، فلسنا ملّاك حقيقة وليس علينا ان نكون، لأنّنا بكلّ بساطة وسائط تعقِلُ العلاقات الاجتماعية القائمة وتناقضاتها وتخمل على عاتقها مسؤولية تعريتها وتوسيع قاعدة معرفتها وادراكها لعموم الخاضعين لها ، دون دراية منهم او بادارك مشوَّهٍ ، كلّ التحالفاتا مُمْكنة طالما بوصلتها قلبُ علاقات الانتاج قلبًا ثوريّا لا بهدف تجميلها ، بل بُغية تغييرها بشكل جوهريً لصالح مُنتجي الثروة ومحركي الثورة الحقيقيين . ومن هنا بالذات ، من هذه الحقيقة النسبيّة ينبُت السؤال المعقول (من وجهة نظري ) والمنطقي ، ايُّ يسارٍ نبحثُ في وحدتهِ ؟ ونطلُبُ وحدتَهُ ؟ هل هو ذاك اليسار الفضفاض ، الممجوجة ، الهجينة ، والدغمائية اطروحاته وبرامجه ؟ ام هو اليسار الاشتراكي الديمقراطي ، ببرنامجه السياسي واطروحاته المعرفيّة ، الاخلاقية ، الفكريّة والحضاريّة ، المنطلقة لا من قاعدة المساواة في الحقّ البرجوازي فحسب ، ولا من قاعدة المساواة في فرص الحياة ، او الحقّ في التوزيع العادل للثروة الوطنية والحقّ في اعادة توزيعها تحت رقابة الدولة ... الخ .
انّ الوحدة المطلوبة اليوم وفي تونس بالذات هي تلك الوحدة التاريخية بين قوى اليسار الاشتراكي الديمقراطي بالذات ، الذي لا ينازع حول مطلب توزير اي من قياداته ، ولا يسعى للمشاركة في برنامج حكومي ، ولا يعمل على اعلاء اي من الرايات القومية او الاثنية او الدينية . ومن هنا يُمكن ان نفهم المواقف السابقة والحالية ان نستشرف توجّهات المواقف المستقبلية للسادة النواب "الثورجيين" اليساريين من امثال الديمقراطي اياد الدهماني ، او السيّد عدنان الحاجي ، او سالم الابيض ... الخ
ان الوحدة المنشودة والمطلوبة اليوم تتمثّلُ في تظافر الجهود لخلق تنظيم ثوري طبقي بامتياز ، يُتْقِنُ ادارة الصراع السياسي ، يسعى الى تنظيم اوسع ما يُمكِن من جماهير الشعب لرفض العلاقات الاجتماعية القائمة بعيدا عن كلّ التصوّرات الحالية لمنظومات المعارضة الكلاسيكيّة المُغَلَّفة بطابع اخلاقوي ، ووطني كسيح . ولا يُمكِن في هذا الاطار تحقيق وحدة لليسار الاشتراكي الديمقراطي (الشيوعي) الاّ بالتملُّص دون مواربة او رياء او نفاق من الاتفاقات والاطروحات التي تُعوِّمُ الاطروحة الاشتراكية الديمقراطية الاصيلة ، المتصالحة مع منطلقاتها واهدافها التاريخية القائلة بانّ تاريخ البشريّة هو تناقض دائم بين الطبقات المنتجة للثروة و المتملِّكة لها وانّ تغيير هذا التاريخ ، تاريخ الاستعباد والاستغلال ، لن ينتهي بمجرّد التوزيع العادل للثروة المُنتجة او اعادة توزيعها في مظاهرها المُختلفة ، كما لن ينتهي بسيادة هذه الفكرة او تلك ، بريادة هذه الامة (القومية ) او تلك ، وانّ الخير لا يرتبِط بهذا الدين او ذاك او هذه القيمة او تلك !!! ... الخ . بقدر ما هي انعكاسات ، صور ، تمظهرات ، تعبيرات ... الخ عن واقع موضوعي مُنْطَلَقُهُ الملكيّة الخاصّة لوسائل الانتاج ، وترجمتهُ احتكار الدولة الطبقيّة لوسائل العنف والقهر للدفاع عن هذه الملكيّة ، باسم القانون ، والاخلاق والدين والمصلحة الوطنيّة والشرعيّة القوميّة ، ولماذا ؟؟ لقمع كلّ اشكال الثورة الاجتماعية التي يُمكن ان تهدّ اركان النظام الاجتماعي القائم بكليّته .
لهذا ولهذا بالذات يسعى الفوضويون والديمقراطيون واليساريون الليبراليون والهامشيون وحتى رفاقنا القوميين اليساريين الى حجزنا في حدود ذلك الشعار الفضفاض والمطلب المنقوص تاريخيا ، الا وهو وحدة اليسار او عندما يجمّلوه بقولهم وحدة اليسار الديمقراطي !!! وهو في نظري مطلب قد تجاوزته الاحداث منذ انتخابات المجلس التاسيسي لسنة 2011 ، ليضعنا امام مهمّة عاجلة وهي سُبل توحيد منظمّات الاشتراكية الديمقراطية او اليسار الاشتراكي الديمقراطي على" انقاض" او استكمالا لتجربة الجبهة الشعبيّة .
----
محمد نجيب وهيبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلب بوليسي يهاجم فرد شرطة بدلاً من المتظاهرين المتضامنين مع


.. اشتباكات بين الشرطة الأميركية ومتظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ب




.. رئيسة حزب الخضر الأسترالي تتهم حزب العمال بدعم إسرائيل في ال


.. حمدين صباحي للميادين: الحرب في غزة أثبتت أن المصدر الحقيقي ل




.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المتظاهرين من جامعة كاليفورني