الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- نصف السماء- من اجل -كل السماء-

محمد البكوري

2015 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


على ايقاع استرجاعي و عميق للذاكرة انطلقت يوم السبت21فبراير2015 ، فعاليات المهرجان الوطني للفيلم لطنجة في دورته ال16بعرض فيلم من الافلام التي تم انتقائها لدخول غمار المسابقة الرسمية للمهرجان، وهو الفيلم المعنون ب "نصف السماء " لمخرجه عبد القادر لقطع و المتحور حول سيرة ذاتية لحياة الشاعر و المسرحي المغربي عبد اللطيف اللعبي ،خاصة في مرحلة مهمة من مساراته الحياتية ،وهي مرحلة الاعتقال في بداية السبيعنات . يجسد فيلم "نصف السماء " رصدا دقيقا وتحليلا عميقا لمعاناة جيل سياسي باكمله من قهر سنوات الجمر ،حيث تمكنت سياسة الحديد و النار من بسط امتداداتها على مجمل الحياة السياسية المغربية، ابان فترة حالكة من تاريخ المغرب المعاصر. "نصف السماء"، ابداع سينمائي ، يعري عن سنوات الرصاص وما اتسمت به من قمع وتنكيل وعنف في حق حاملي المواقف و الاراء السياسية المؤمنة بالاختلاف وبناء مغرب اخر، مغرب الحريات ، مغرب الديمقراطية ، وما خلفته على مستوى عائلاتهم وذويهم من معاناة و الم ومرارة . "نصف السماء"، فيلم اخرمن الافلام ذات اللمسة الابداعية ،والتي وان كانت تتغيى عن طريق الحكي و السرد السينمائيين ، من جهة "تقليب المواجع "،فانها من جهة اخرى تهدف الى اعادة الاعتبار لكل ضحايا الماضي البائد وجعل الذاكرة حية و متقدة . ومن ابرز الاعمال السينمائية التي سعت الى تحقيق هاته الغاية و هذا الهدف نجد ":عبروا في صمت" 1997لحكيم النوري ،"قصة وردة" 2000 لعبد المجيد رشيش ، " علي وربيعة و اخرون"2000 لاحمد بولان "،منى صابر2001"لعبد الحي العراقي، "طيف نزار"2002 لكمال كمال "،الف شهر"" 2003 لفوزي بنسعيد ، "وجها لوجه2003"لعبد القادر لقطع "،جوهرة بنت الحبس"2003 لسعد الشرايبي ، "درب مولاي علي الشريف 2004" لحسن بنجلون ،"ذاكرة معتقلة 2004" لجيلالي فرحتي " ،"اماكننا الممنوعة 2008" لليلى الكيلاني ...وغيرها من الاعمال السينمائية التي حاولت ان تمتح رؤيتها الابداعية الفنية من موضوعة الاعتقال السياسي و ما ارتبط بها من تيمات: الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان ،الاختفاء القسري ، الاعتقال التعسفي ، التعذيب ،الاستنطاق ، غياب المحاكمات العادلة . كما انها تمثل اعمالا احيائية لذاكرة امكنة و فضاءات الاعتقال :تازمامارت ،قلعة مكونة ،اكدز، درب مولاي علي الشريف ... وكذا للمعتقلين السابقين : ادريس بنزكري ، لطيفة الجبابدي ، سعيدة المنبهي ، عبد اللطيف اللعبي ... "نصف السماء"، احتفاء بحرية الراي السياسي ، التي ظلت محصورة و مقيدة الى حدود بزوغ فجر العهد الجديد و طي صفحة الماضي البائد ،عبر الاعلان عن مسلسل الانصاف و المصالحة و التاكيد على العدالة الانتقالية و جبر الضرر و قراءة ماضي انتهاكات حقوق الانسان ، قراءة نوعية ،تمت على ضوء معايير و قيم المنظومة الحقوقية ومبادئ الديمقراطية و دولة الحق و القانون . هكذا يتماهى "نصف السماء" كعمل فني تبنى نقل تجربة الاعتقال المريرة نقلا سينمائيا/ سيميائيا مع الفعل الحقوقي الذي يتوخى بالدرجة الاولى تسليط الضوء على دهاليز الماضي وسبر اغوار الحقيقة المؤلمة. انه ابداع تتلاقى فيه ابعاد التعبير و الدراما بابعاد التوثيق و الارشفة . ومن ثم ،فهو من طينة الافلام التي تحفزنا على القراءة المتمعنة لما جرى و الوقوف المتفحص امام ما حدث بغية التصالح مع الذات ، الذات الفردية -المواطن -و الذات الجمعية -الدولة - هذه الاخيرة ، وسعيا منها لفتح ملفات الماضي ومن اجل معرفة رهانات الحاضر و استشراف افاق المستقبل ، اصرت على خلق هيئة للانصاف و المصالحة سنة2004-وكما ينص نظامها الاساسي - "توخت اساسا خدمة المجتمع بادواته و الياته و تطلعت الى مستقبل بخياراته المتعددة و بديمقراطيته الموحدة ، انطلاقا من العقيدة السائدة و القائمة على اساس الايمان بان المغرب لا يتهرب من ماضيه و لا يمكنه ان يظل سجينا للانتهاكات الجسيمة و بعيدا عن العدالة الانتقالية ، بل ينبغي عليه ان يعمل على تحويلها الى مصدر قوة و دينامية لتشييد مجتمع ديمقراطي ". ومن ثم يمكن القول، بان هذا الفيلم يتجاوز بعده الابداعي ليمس في العمق البعد الحقوقي ،مع مايرتبط به من حفظ الذاكرة و جبر الضرر و رد الاعتبار على النطاق الجماعي و الفردي و تقديم الضمانات بعدم التكرار . عموما ان "نصف السماء" ،ابداع متميز جاء لاغناء الخزانة السينمائية بقصة مكثفة بالابعاد الانسانية -تجربة جوسلين زوجة عبد اللطيف اللعبي- ومليئة بالدروس التي عملت الدولة المغربية الحديثة على استخلاصها و الاخذ بها في بناء اللبنات الوطيدة لصرحها الديمقراطي ،كما انه ابداع من اجل الظفر بكل السماء ، سماء الحرية و الانعتاق من ربقة غيوم سماء الماضي الملبدة وجعلها بكل تاكيد سحابة صيف عابرة في سماء المغرب الفسيحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يكون قانون -الحريديم- في إسرائيل سببا في إنهاء الحرب؟ | ا


.. فيليب عرقتنجي ولينا أبيض: رحلة في ذكريات الحرب وأحلام الطفول




.. مصر: مشروع قانون الأحوال الشخصية.. الكلمة الأخيرة للمؤسسات ا


.. هآرتس: استعداد إسرائيل لحرب مع حزب الله بالون أكاذيب




.. إسرائيل تؤكد على خيار المواجهة مع حزب الله وواشنطن ترى أن ال