الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جئنا لندمر أسلحتهم,,, ونصادر أرواحهم بالتأكيد!!

كهلان القيسي

2005 / 9 / 17
حقوق الانسان


ترجمة: كهلان القيسي

التسليم بالقدر المحتوم، أو كما يقول صديق عزيز علي جداً، "هذا هو قدرنا". كنت جالسا في مطار بغداد انتظر رحلتي المتواضعة لتقلني إلى بيتي في بيروت على متن طائرة صغيرة فيها 20 مقعدا, منتظرا مدير القسم المحلي للشركة السيد غزوان, ولكنه لم يأتي كعادته, و بدونه لا أستطيع دخول قسم المغادرة أو التفتيش.
في يناير/كانون الثّاني، كَانَ هنا، يُدلني ويخبرُني عن إجراءات الأمنِ، ويَتكلّمُ مع ضابطِ عراقيِ أخر الذي نَظرَ إلي بنحو رائع مثله، ويُطلب منه الاعتناء بي. غزوان كان يتكلم الإنكليزيةَ بطريقة قواعدية حذرةَ ويَسْخرُ مِنْ نفسه عندما يعمل بعض الأخطاءَ.
لذا اتصلت بهاتف غزوان النقال لانني أردت أن اعرف متى سيكون في المطار, ولكن أجابني رجل عجوزِ, قلت. أُريدُ التكلم مع غزوان. لكن كان هناك نوع مِنْ آهةِ على الجانب الأخر من الخَطِّ. "لقد قُتِلَ.",, ماذا؟؟ ماذا تعني؟؟ قال الرجل العجوز لقد قتل من قبل العدو " جْلسُت هناك على مقعدِي البلاستيكيِ في المطارِ، غير قادر على الكَلام.!!! ثم أحسست إن الهاتف قد اخذ منه, هنا تكلمت امرأة شابه, وسألتني من أنت؟؟ هل أنت مسافر إنكليزي؟ قلت باعتذار لا, ولكن احدهم اخبرني بان غزوان قد مات. حتى في بيروت لا يزال وكلاء السفريات يضعون اسمه على انه الشخص الذي يمكن الاتصال به في بغداد.
إنّ الشابّةَ - هي زوجتُه، أو بالأحرى أرملته الشابة – قالت لقد قتل وهو في طريقه إلى المطار وسألتها متى كان هذا الحَادِثِ. قالت "في الرابع عشرِ مارس/آذارِ،. لقد كانت أخر مرة أرى فيها غزوان خمسة أسابيع بالضبط قبل مقتله
والقصّة هي: كان أَخّوه حارس أمن في المطارِ – اعتقد انه الضابط الذي كان يشبهه عند لقائي به في فبراير/شباطِ - والرجلان كانا يذهبان ويعودان إلى العمل سوية بنفس السيارة حين هاجمهم رجال مسلحين وقتلوا الأخوين, اعتذرت مرة ثانية وقلت كم أنا أسف, وتقبلت المرأة الشابة, وأقفلت الخط.
"التسليم بالقدر "عدت إلى بيروت، أشاهد في التلفزيون البابا الجديدَ يَزُورُ موطنَه ألمانيا.وهو يُقابلُ الجالية اليهوديةَ في كولونيا . ويَتكلّمُ عن شرِّ المحرقةِ اليهوديةِ. هو يَجِبُ أَنْ. يَتكلّمُ بدفء عن إسرائيل. لم لا؟
ثمّ يُقابلُ الجاليةَ الإسلاميةَ وأنا أَراهم على الشاشةِ، وقد إنحنتْ الرؤوسَ بعض الشّيء، وعيونهم تتلصص خلسة نحو آلاتِ التصوير. إليهم كان يُحاضرُ عن شرورِ الإرهابِ. يبدو وكأنه شيء منطقيّ، لكن بالرغم من ذلك فأنا لا يُمْكِنُني أبَدا ان انس تماماً إن هذا البابا كَانَ وقتِ الحرب، جندي مدفعية ألماني مضاد للطّائراتِ. وألان هو مضاد ضِدّ الإجهاض، ومرّة، ضد الشواذ بعد أن كان مضاد للطّائرات.
لكن انتصبت في مجلسي وقلت لحظة!! . في محاضرته الأولى ((مع اليهود)) ، ليس هناك كلمة واحدة حول إحتلالِ إسرائيل للضفة الغربية، وتوسيع المستوطنات على أرضِ الناسِ الآخرينِ، وهذا كله ضدّ القانون الدولي. حَسناً، أما المسلمون، فيجب تذكيرهم دائما على ذنوبهم ولِكي، تكون مهمتهم إسْتِئْصال "الإرهابِ"، والإيصاء بالإعتدالِ في جميع الأوقات، ولإيقاْف سوطِ القائمون بالعمليات الإنتحاريةِ.
وفجأة أَنا صدمت من قصر النظر في الحكم من طرف البابا - وسايرت نفسي في ذلك – هل هذا هو واجب البابا ؟؟ أليس واجبه تقديم الاعتذار إلى يهود أوربا و أليس من واجبه تحذير المسلمين في أوربا.!!! هكذا نسير في نفس الخَطِّ. نعم، وهو يَجِبُ أَنْ يَعتذرَ عن المحرقةِ - إلى الأبد.!!هل سنبقى نعتذر إلى الأبد؟؟؟

لكن الم يتوجب على قداسته - وهو المدفعي المضاد للطّائرات السابق-، أن يَعتذرُ للمسلمين أيضا بسبب الإحتلالِ الداميِ والكارثي للعراق - لا، لا، بالطبع ليس هناك توازي في الإثم "الشرِّ"، والمِقياس، الخ – لَكن كان عليه على الأقل إظهار شجاعةَ سلفِه "بولس الثاني" الذي وقف ضد بوش وحربه الشرسة.
"التسليم بالقدر" في بغداد وبعد ذلك في بيروت، قَرأتُ آخر قوانينِ "مكافحة الإرهابِ" للورد بلير، لورد –كوت العمارة -. بالطبع، بالطبع. بعد ما فعله القائمون بالعمليات الإنتحاريةِ على قطارِ الأنفاق في لندن، ماذا نتوقع غير ذلك ُ؟ يجب أن نحمي أناسنا وعصمتنا الغالية.
كانت قد انفجرت في 7 يوليو/تموزِ ثلاثة أو أربعة قطاراتَ في نفق " King s Cross " ،وقد أخذت هذه الأشياء بجدية في نفسي. وعندما كنت عائدا إلى لندن بقطار الأنفاق اليوم، قلت أنا ربما سَأُحاولُ تَفادي الجميع وهم الشبابِ بحقائبِ الظهر - بالإضافة إلى الأعضاء المُسلَّحينِ مِنْ شرطة المدينةِ.
وبعد كل كلام هؤلاء المتجبرين " المتغطرسين" في الصحافةِ حول قوّاتِ أمننا الرائعةِ، أنا أيضاً سَأَلقي نظرة فاحصة على هؤلاء القومِ، الجيدين و والوطنيين ِ. الم يكن هؤلاء هم الرجال (والنِساء؟ ) الذين كَذبوا علينا حول أسلحة الدمار الشاملِ في العراق.
لكن أمسكت نفسي للحظة، وقلت. هل كانت تفجيرات 7يوليو/تموزِ في يوم هادئ نِسْبياً في بغداد؟. الم أكن أنا في موقعِ تفجيراتِ محطةِ النهضة بعد أن قتلت 43 مدني - كأبرياء، حياتهم ثمينة بقدر أولئك مِنْ اللندنيين..
في مستشفى الكندي أقرباء الضحايا كَانوا في حيرة َ , كيف , يتعرفون على موتاهم. الرؤوس وُضِعتْ بجانب أجساد ليست لها, ، أقدام بجانب سيقانِ مختلفة.. لكن المشكلة لَيسَ هناك أية آهة قادمة من إنكلترا. فنحن ما زِلنا نلملم صدمتنا في 7َ يوليو/تموزِ. أما هنا فلا يوجد مخبرين يَتطفّلونَ حول موقعِ قنبلة النهضة ويَبْحثُون عن الأدلة ِ. لأنه هناك أربع قنابل انتحارية أخرى جديدة أما تفجيرات النهضة فأصبحت ألان تاريخا.

وقد أدركت وأنا جالس في شرفتِي على البحر الأبيض المتوسطِ في نهايةِ هذا الأسبوع، بأنّنا نعول على القدر أكثر مما ينبغي. نَحْبُّ أنْ نستريح قليلاً في حياتِنا. لَرُبَّمَا هذا عيبُ الصحافةِ اليوميةِ - حيث نُلّفُ العالمَ كُلّ 24 ساعة، ثمّ يُؤخّرُ القرار لليوم التالي و تأريخ جديد لليوم التالي ,الذي نَفْشلُ فيه كلياً لإدْراك إن القصةِ لَمْ تَبْدأْ قبل ليلة أمسِ لكن قبل أسابيعَ، شهور، أو قبل سنوات.

الحقيقة هي إننا لو لم نغزوا العراق في عام 2003 لما كانت تتمزق أجساد هؤلاء ال43 في كراج النهضة, والأحق هو انه لو لم يكن العراق مغزيا, لما حصلت تفجيرات لندن. وأنا ارفض قطعيا كلام اللورد بلير الفارغ حول " عقائد شريرة". ولو كان الحال لو لم,,,,,, لما كان البابا المدفعي , يلقي محاضرته على مسلمي ألمانيا حول شرور الإرهاب

وبالطبع، لو إننا لم نغزوا العراق لكان السّيد غزوان حيَّا وأَخَّاه حيا وأرملتَه الحزينةَ كَانَ يمكنُ أَنْ تَكُونَ زوجتَه الشابةَ والسعيدةَ وأبّاه المُحَطّمَ كَانَ يمكنُ أَنْ يَكُونا أَبّ فخور. لكن، كما يقول صديقِي العزيز "هذا هو قدرنا "

روبرت فيسك:الاندبندنت 28 آب 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان


.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و




.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان


.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن




.. نزوح من مخيم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في لبنان