الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحطة السابعة التي لم يطرحها المفكر طرابيشي.

محمد عبعوب

2015 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


سؤال ملح كان يطرق قشرة دماغي بإلحاح، عند كل مكابدة وأنا أشاهد هذا الدمار الذي يسجل فصوله تسونامي "الرجيع العربي" كل يوم على امتدادا هذه الجغرافيا المسماة الوطن العربي؛ السؤال المقلق مفاده: أين المفكرين والفلاسفة الذين أنجبتهم هذه الأمة مما يجري ، وهم الذين زرعوا على مدى عقود ماضية بكتاباتهم وثوراتهم الفكرية بذور هذا التسونامي في عقول يبدو أنها لا تصلح لاستنبات حدائق التقدم والاستقرار التي نحلم بها منذ وعينا على هذه الدنيا؟
فرحت كثيرا عند عثوري على مقال مطول للمفكر العربي السوري جورج طرابيشي بعنوان (ست محطات في حياتي) معتقدا أنه ربما يحوي ولو بشكل مركز استشرافا لما ستؤول إليه الأوضاع بعد هذه العاصفة، قرأت المحطات الست بعناية وتأمل ، لكنني لم أجد إجابة مباشرة على تساؤلاتي المقلقة، وبت أعتقد ان المفكر طرابيشي الذي قرأت له معظم ما انتجه للمكتبة العربية، إما أنه نسي أو أجّل المحطة السابعة والمهمة التي لابد أنه يعرف ملامحها من خلال ما يجري أمام ناظريه على الأقل في بلده سوريا.
فمنذ استشراء حريق "الرجيع العربي" - المصطلح لكاتب مغربي- كثيرا ما خضت في مسارب هذا الفضاء الالكتروني الفسيح باحثا وبلهفة عن دراسة أو بحث معمق ورصين لمفكر أو كاتب عربي مثل طرابيشي او الراحل اركون أو الجابري أو غيرهم من مفكري هذه الامة -الذين غابت أسماءهم عن ذاكرتي- فلم أعثر على ضالتي.. وأنا أقرأ مقال طرابيشي حول المحطات الست التي وقف عندها في حياته، التي يحاول من خلال سردها وكما فهمت أنا القارئ البسيط ، انها محاولة للتبرؤ من المسؤولية غير المباشرة عن جزء مما يجري الآن ومنذ اربع سنوات من هدر للموارد البشرية والاقتصادية وتمزيق للنسيج الاجتماعي على الساحة العربية، منذ تلك اللحظات وأنا ابحث عن إجابة لتساؤلاتي ، فلم أجد في كل تجوالي في هذا الفضاء الفسيح دراسة او تحليلا عميقا يجيب على عاصفة الأسئلة التي تضج بها عقولنا عن الابعاد الفكرية ومآلات هذا التسونامي الخطير، وما إذا كان مرحلة ضرورية في مسيرة طويلة لمغادرة التخلف؟ وما اذا كانت الطريق في هذه الرحلة المضنية والمكلفة ستفضي الى المحطة التي ننشدها ونتمناها؟ ..
تعبت من البحث في البراح المعلوماتي ، وكنت من وقت لآخر اعثر على مقال هنا او ورقة بحثية هناك تتناول هذا التسونامي بعقلانية جادة، ولكنها تظل مساهمات لا توازي ما يجري من عواصف هوجاء كان يفترض على مفكري هذه الامة - الذين ساهموا بشكل أو بآخر في زرع بذورها- أن يكون لهم حضور فاعل كتابة وبحثا ونقاشا لهذه الظاهرة، بدل هذا الصمت والانزواء ومراقبة العاصفة من بعيد.
فكرت طويلا في أسباب هذا الغياب اللافت لمفكري وفلاسفة هذه الأمة التي تغرق في وحل مرعب يهدد بغرقها، وأدركت بعد طول تفكير، أن هناك مسافة شاسعة وفلكية تفصل بين مفكري هذه الأمة والمواطن في الشارع العام الذي يعاني من هذا التسونامي المرعب، وأن الحل لابد أن يبدأ بعملية جَسْرٍ لهذا الفاصل بنزول المفكرين والباحثين من أبراجهم العاجية و منافيهم الاختيارية والعودة الى الشارع وارتباطهم واندماجهم بهمومه وآماله وتفاعلهم معها، بدل الانزواء في المكتبات والمؤسسات البحثية والاكتفاء بإطلالات تأملية من وراء مكاتبهم ورصد مظاهر هذا الرجيع من الخارج..
سيد طرابيشي وكل المفكرين العرب مع احترامنا وتقديرنا العالي لما قدمتموه من تنوير للعقول طيلة العقود الماضية نقول لكم : إن التاريخ لن يرحمكم وان غيابكم واكتفاءكم بدور المراقب لما يجري في هذا الوطن وتخليكم عن الشارع الذي بذرتم في وعيه بذرة التطلع للحرية والخروج من دائرة التخلف والارتهان للتاريخ ، سيدينكم بجريمة التراجع يوم الزحف، فبادروا لأخذ مكانكم الصحيح في هذه المعركة التاريخية الفاصلة والتي ستقرر نتائجها مستقبل الأجيال القادمة التي ستذكر كل بما ساهم في هذه المعركة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فراس ورند.. اختبار المعلومات عن علاقتهما، فمن يكسب؟ ????


.. 22 شهيدا في قصف حي سكني بمخيط مستشفى كمال عدوان بمخيم جباليا




.. كلية الآداب بجامعة كولومبيا تصوت على سحب الثقة من نعمت شفيق


.. قميص زوكربيرغ يدعو لتدمير قرطاج ويغضب التونسيين




.. -حنعمرها ولو بعد سنين-.. رسالة صمود من شاب فلسطيني بين ركام