الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكتب لنفسي...

عبد الرحمن جاسم

2005 / 9 / 17
الادب والفن


بصراحة لا أعرف إلا أن أكتب عن نفسي، لربما أنا أنوي، أو نرجسي، أو حتى مغرور لدرجة البله. لا أفهم الأمر كثيراً، مع أنني في الحياة العادية، اجتماعي ومشارك وفي الألعاب الجماعية، ككرة القدم مثلاً كنت أترأس الفريق وذلك لحب الإيثار عندي؛ لكن عند الحروف تضيع بوصلتي.
أفقد عند الكتابة تماسي بالأشخاص ويضحون عبثاً، أو عبئاً ثقيلاً أحاول التخلص منه. رغم حبي الشديد لهم واحترامي العالي لصداقتهم، لكني مع هذا أظل أنهج بعيداً عنهم؛ لا أريدهم وبنفس الوقت أنشدهم في حياتي العادية.
أتنصل حينما أمسك بالقلم (أو حتى الكيبورد – بإفتراض أنني أكتب الكترونياً) من كل الشخوص اللامعة والمعتمة، من كل الألوان وأضحي أنا-أنا فقط، ولا أساي أي أحد غيري، أتنزه بالألوان، أمتشق السماء ولا أعرف إلا البكاء وحيداً، فهل عانى الكتاب الآخرون مثلي؟ ألا يكتب الفرد عن نفسه قبل الآخرين؟ أليست الكتابة فعلاً أنانياً بحتاً قبل كونه اشتراكاً؟ لربما.
كل الكتاب لديهم جنونهم الخاص، كلهم لديهم ألوانٌ خاصةٌ بهم، البعض يسميها جنون كتابة، البعض الآخر تميزاً، إبداعاً ولكن هل درى أحدٌ يوماً بأن هذه الفردية هي أنوية عالية؟
يمارس الكتاب أنويتهم باقترابهم من أنفسهم وابتعادهم عن الآخر فيضحون قادرين على الرؤية من داخلهم وخارج الآخر، فيضحي الآخر صورة معلقةً ونحن نعلق عليها، كمن يتابع مباراة كرة قدم.
المدهش في الأمر أننا نكتب لكي يقرأ الآخر –أنا/كلنا- ومع هذا فهدفنا الحقيقي هو ابراز (أنانا) التي أخفيناها بسلوكنا الاجتماعي-المجتمعي المقنن. ماذا نريد؟ نريد التصفيق، أجل نريد التبجيل من الآخرين.
لماذا نريد التبجيل، أحبتي؟ هناك حاجة بداخلنا نجاهد وقتاً طويلاً لاسكاتها، إنها الحاجة للمديح، وحب الذات والنرجسية. فأنا المثقف بداخلنا تريد تقديراً على سنين طويلة من العلم والمعرفة، وتريد تمييزاً عن الغير، أفلا تستحق؟ سؤال مريب وبلا جواب!
نبحث عن ذلك الشعور المريح بالأمان، عن ذلك المطلق المريح القادر على اخبارنا بأننا محبوبون ومسموعون، وحتى محترمون من قبل الآخرين. نكتب (أنا) لكي يرى (هو). فيقدّر (هو) الـ (أنا) بداخلنا ويحترمها، فنرتاح.
أكتب إذاً لأجلي قبل أن يكون لأجل أي أحد؛ وأحاول تصحيح المجتمع لأجلي قبل أي آخر، والصراخ فيه طولاً لأجلي، وأحب حينما أحب لأجلي أيضاً وأجل أحب نفسي أكثر منكم، وأكون كاذباً إذاً ما قلت العكس، وأكره في شد ما أكره أن يدعي أحدكم فهمي أكثر مما أفهم نفسي.. لربما هو -كما قلتُ سابقاً- أنانية، وغروراً، ونرجسية،
الكتابة هي مفتاح الحل بالنسبة لي وللكثيرين؛ توضح لي ما لا أعرفه عن نفسي وعنهم. الكتابة تظهر ألواني الحقيقية، فاكتبوا، يا أحبتي، اكتبوا، أظهروا ما في داخلكم، عبروا عن أناكم الخفية، عن كل مكنوناتكم، ولا تهتموا بأن يقال أي شيء، كل الكلام هذا مجرد كلام، بلا قيمة، القيمة الوحيدة التي يجب أن تهم عندكم هي أن تصلوا لما تريدون، اكتبوا لأن الكتابة مفتاح خلاصكم.
يا أحبتي، الكتابة فعل الـ(أنا) لإدراك الـ(أنا)؛ أترككم، والباقي لكم، فإفعلوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب