الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ضعف

سماح عادل

2015 / 2 / 24
الادب والفن


ثلاثة أشهر مرت ولا زالت على حالها.. كلما تمر الأيام يزداد خوفها من الخروج من المنزل.. تكتفي بالتواصل عن طريق الانترنت.. تتعلق نفسيا بأشخاص لا تعرفهم ولم ترهم في الواقع.. وبصعوبة تستغني عنهم.. تهمل ترتيب المنزل وكأنها تريد أن تزيد من صخب المشهد.. تغرق أكثر وأكثر في حالة العدمية.. قد ينتابها الأرق لأيام فلا ترتاح لفكرة أن تنام في الدفء، وقد تستسلم للنوم، وتكره توالي الأحلام المخرفة التي تقلقها أكثر من أن تفرغ شحناتها النفسية، لم يلاحظ زوجها اختلاف حالتها النفسية هذه المرة.. اعتبرها إحدى حالات الملل التي تنتابها منذ زواجهما.. واكتفى بنصيحتها أن تستلم للحالة حتى تمر بسلام, ولم يهتم بتأكيداتها أنها أضعف هذه المرة وأن حالتها أصبحت خارج السيطرة.
صديقتها المقربة أيضا أصبحت تندهش من تدهور حالتها.. تذكرها بتحملها لمواقف أصعب طوال حياتها، وتخطيها دون ضعف، تقول لها أنها ربما استهلكت من كثرة مواجهة المصاعب..هي نفسها مندهشة.. لا تعلم بدقة ما هو سبب حالة الضعف تلك.. تفضل الهروب مع أناس افتراضيين على أن تحلل حالتها النفسية، ومع توالي الإخفاقات، تضطر إلى التحليل، ربما هي ضعيفة بسبب فقدانها لعمل كانت تعول عليه كثيرا، وكانت تطمح أن تعوض به السنوات التي أضاعها زواجها والإنجاب .. وربما مرور العمر واقتراب دخولها في الأربعين.. دون تحقق مهني كافي، عملت في مهن كثيرة لكنها لم تحقق تراكم مهني.
أصبح الجنس هاجسا لديها، ليس كفعل واقعي وإنما كحالة عشق خيالية، تتشبث فيها بسنوات الشباب التي توشك على الفرار، تشعر فيها بأنوثتها التي لم تشعر بها كما ينبغي، وتلهت عنها في خضم حياة مليئة بالتحديات، تريد أن تعيد لأنوثتها الاعتبار بحالة عشق متخيلة وتحتفل بها قبل الرحيل بلا عودة.
أصبحت لا تتحمس لاتصالات أمها، رغم تعلقها الشديد بها، أكثر تحملها ذنب مجيئها لهذا العالم، وتشعر بالذنب تجاه أطفالها كونها لم تكن لهم أما مثالية ، فهي طفلة مثلهم، تستسلم تماما للضعف، تختبيء فيه، لم تعد ترغب في العمل مرة أخرى، ولا تسعي للبحث عنه، رغم حاجتها للاستقلال، حتى وهم الاستقلال لم يعد ذا معنى بالنسبة لها، فقدت كل الأفكار القديمة معناها.
تفكر في الانتحار العبثي، وترتعب في نفس الوقت من فكرة الموت، لم تعد تتحمل أن يعتمد عليها أحد، ولن تستطيع المساعدة، بعد نوبات جنون متلاحقة تقرر أن تلجأ للروايات كوسيلة لمعايشة تفاصيل البشر، دون الحاجة للتعامل المباشر معهم، التواصل الإنساني مع الآخرين أصبح مخيفا بالنسبة لها أكثر من وحشية الوحدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه امرأة عند نقطة الصفر فعلاً
ليندا كبرييل ( 2015 / 2 / 25 - 07:59 )
الأستاذة سماح عادل المحترمة

هذه امرأة تقوقعت عقليتها داخل سجن شكلها الخارجي(جمالها)ووظيفة التكاثر
وهي مصيبة المرأة العربية التي ترى في نفسها الفريسة التي تنتظر الصياد الذهبي الماهر ليكافئها بسد احتياجاتها اليومية مقابل قيامها على خدمته

لذا تصل معظم علاقات الزواج إلى الروتينية فالملل فالإحباط

فالمرأة لا تفرض نفسها كشريك أساسي لزوجها في الحياة بل عالة عليه
ليست مستقلة ماديا،وسيأتي يوم يذبل فيه جمالها فتمتنع عن الخروج من البيت حتى لا يكتشف الآخرون هرمها،ويدخل الحب في طور الذبول فتبتعد عن زوجها الذي بدوره سيلجأ إلى طرق أخرى ليفي باحتياجاته

هنا ستبدأ باللجوء إلى العالم الافتراضي لتنمّي علاقات وهمية تسمع خلالها بضع عبارات ملهبة للخيال وللغرائز ثم ينتهي كل شيء مع كبسة زر

لكن التعوّد على مثل هذه العلاقات الإلكترونية يصبح كالإدمان تقتات غرائزها منه فإذا توقف مفعول هذه العلاقات(لملل سيصيب الطرف الآخر أيضا بحثا عن شخصية وهمية جديدة)فإن المرأة ستقع حتما في اليأس والوحدة القاتلة بعد أن خسرت كل الأسلحة

إنها ليست حرة لاختيار نموذج يعطي معنى لحياتها ووجودها
هذه حياة معظم نسائنا للأسف

احترامي

اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس


.. كلمة أخيرة - المهرجانات مش غناء وكده بنشتم الغناء.. رأي صاد




.. كلمة أخيرة - -على باب الله-.. ياسمين علي ترد بشكل كوميدي عل