الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو عراق صلب

رغد علي

2005 / 9 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تتصاعد الأصوات بهذه المرحلة الحرجة من تاريخ العراق, البعض يؤيد الفيدرالية والبعض الأخر يعارضها, البعض يؤيد الدستور والأخر يعارضه, لكن النظرة الدقيقة للواقع العراقي تفرض أمورا لا بد أن نأخذها بالحسبان عند طرح أي فكرة جديدة علي المجتمع العراقي.

إن النقلة التاريخية الحاصلة بالعراق من نظام ديكتاتوري يقمع شعبه ويفرض راية بنظرية نفذ ولا تناقش إلي نظام ديمقراطي يطالب الشعب فيه إبداء الرأي في أمور هي جديدة علي ثقافته , هذه النقلة خلقت فجوة في عقل المواطن العادي, لهذا فان المواطن العراقي يعاني من حالة الضياع والتشتت الفكري , فمن جانب تفرض بعض الأحزاب اتجاهاتها علي المواطن دون أن توضح له بصورة علمية مفهومة طبيعة المفردات المتداولة حاليا مثل الفيدرالية والديمقراطية والدستور , فكل هذه المفردات لم يألفها الشارع العراقي لان السياسة السابقة كانت سياسة الفرد الشمولي ولم تسمح بأي ثقافة أخري, من جانب أخر فان التيارات الإسلامية أيضا تمارس نفس الضغط علي المواطن فيستغل البعض نقطة حساسة في كل المجتمعات ألا وهي الدين للوصول إلي المواطن , وتتناسى هذه التيارات أن اول كلمة نزلت علي هادي البشرية النبي محمد عليه السلام كانت اقرأ , أي ان الرب دعا البشرية إلي الاطلاع والتفكر ومن ثم طالبهم بالإيمان والتوحيد بعد خلق القناعة العقلية , لكني لم اسمع عن تيار إسلامي أو سياسي يدعو الشعب لدراسة هذه المفاهيم الجديدة علي القاموس العراقي فكلهم يدعون الناس إلي رفض أو قبول ولا يدعوهم احد لاستعمال عقولهم التي وهبها الله لهم ليميزوا بها الصالح من الطالح كأنهم بهذا يتعمدون أهانه عقل المواطن العراقي لأنه لا يفهم وهم يفهمون !!.
هذا ناهيك عن المؤثرات الخارجية من تلاعب مخابرات بعض الدول في العراق وتاثيرها المباشر واللامباشر علي القرار العراقي بل حتي علي فكر المواطن العادي , كل هذا جعل حق المواطن الحقيقي مسلوبا وأصبح مشدودا بحبلين , احدهما يؤيد والثاني يعارض, حتى صارت قرارات الفرد تابعة لحزبه أو مذهبة او قوميته , أما قرار المواطن العراقي مع الأسف صار مصادرا , فبكل هذه العوامل لم تعد المواطنة الحقيقية للعراق هي الأساس, فالانتماء صار لمن نتبعهم وهذه التبعية تكون أحيانا عمياء حين تقوي الحس المذهبي أو القومي أو الطائفي علي حساب الانتماء الوطني البعيد عن هذه التقسيمات التي فرضتها الأحزاب والظروف الخارجية والداخلية علي المواطن المسكين .
من زاوية اخري كيف يفهم الشعب العراقي هذه المفاهيم وهو يحمل علي ظهره هذا الإرث الثقيل من الماضي ؟, هل يستطيع الشعب تجاوز المؤثرات التي حوله كلها بنفس اللحظة التي تشتد فيها الصراعات السياسية؟, بل هل للمواطن قابلية نفسية لبحث هذه المفاهيم بكل ما يحصل بالعراق من سفك للدماء وضعف للخدمات وهموم يومية تؤرق نومه؟؟!! أولا ترون أننا نحمل المواطن العادي أمورا فوق طاقته!!
ومن هنا لابد التأني في طرح الأفكار الجديدة علي المجتمع , حتى نضمن بقاؤها بقوة أو حتى رفضها من وجهة نظر وطنية خالصة بعيدة عن المؤثرات , لا أري طريقا نحو فيدرالية صلبة سوي مناقشة مفهومها بأسلوب علمي , ومن البديهي أن أي تغير يحصل فجأة يواجه بالرفض لكن إن جاء بطيئا مدروسا يكون صلبا .
لابد أن تكون البداية تنظيف عقول الناس من الرواسب السابقة , وطرد كل المؤثرات الخارجية علي قرار الشعب وتعليم الشعب أن يأخذ قراره بنفسه حين نحثه علي الاطلاع وفهم هذه المفاهيم ومناقشتها علنا بعيدا عن أسلوب التشنج أو التحيز أو المنظار الطائفي الضيق, إن الهدف هو خلق الإنسان العراقي الذي ينتمي للوطن ,لا بناء حجر أو وضع دستورقد لا يستوعب أبعاده الشعب, أو إقرار لفيدرالية تثبيتا لمكسب طائفي أو قومي , نريد كل هذا لكن كمكاسب وطنية , فلابد ان يكون العراق أولا والمواطن العراقي ثانيا , لذا من حق الشعب إن يفهم ما يدور وعن أي شيء يتحدث الساسة الكبار ولماذا يرفضون أو يقبلون ؟ إما أسلوب الفرض علي الشعب بان ندعوه للقبول أو الرفض بأي قضية هذا أسلوب لا يختلف عن أساليب النظام السابق الذي فرض أفكاره ,إن دعاهم للفرح فرحوا وان دعاهم للحزن حزنوا , كان محرك الشعب وقتها الخوف , واليوم يحرك الشعب كل شيء الا الانتماء الوطني , فعلي الساسة احترام المواطن وعقله وقراره ,وحتى يشارك بالقرار لابد أن يستوعب كل هذه الكلمات بالأسلوب العلمي الصحيح دون تهجم أو تجريح , فالفكر الإنساني واسع ,العراق الصلب لايكون الا بتنوير الشعب بالمعرفة العلمية الحقيقة بكل ما تحمله المفاهيم الجديدة علينا من سلبيات أو ايجابيات, حتى يستطيع أن يقرر بنفسه اختياره الصحيح دون أسلوب الفرض والتلقين والولاء لجهات كثيرة ما عدا الوطن ..
ياساسة العراق أين نحن من هذا ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وول ستريت جورنال: إسرائيل تريد الدخول إلى رفح.. لكنّ الأمور


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق الحالية بين حماس




.. صحيفة يديعوت أحرونوت: إصابة جندي من وحدة -اليمام- خلال عملية


.. القوات الجوية الأوكرانية تعلن أنها دمرت 23 طائرة روسية موجّه




.. نتنياهو يعلن الإقرار بالإجماع قررت بالإجماع على إغلاق قناة ا