الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفيلم الاسباني -The Skin I Live In- أو -الجلد الذي أعيشُ فيه -: الهويّة الجندريّة و أبعادُ غريزة البقاء.

أمل عودة

2015 / 2 / 25
الادب والفن


تقوم فكّرة فيلم "الجلد الذي أعيشُ فيه2011" The Skin I Live In للمخرج الاسباني الشهير بيدرو ألمودوفار على مبدأ الانتقام من جنس العمل- حيثُ يقوم المخرج و هو أيضا كاتب السناريو بتطبيق هذه المقولة حرّفيا و لكن بحسّ فنّي عالي جدّاً لا يستطيع من يشاهد الفيلم انكارهُ حتّى و لو تعارضتْ أفكارهُ مع ما يطرحهُ الفيلم.
ألمودوفار و هوة المخرج الاسباني الشهير و المعروف بسبب أفلامهِ ذات الطبيعة الاستثنائيّة فنيّا و الاشكاليّة موضوعيّاً و منها فيلم (لامالا اديوكاسيون) أو "التعليم السيء" و الذي يتحدّثٌ عن المثليّة الجنسية ويتخذً من الاعتداء على الأطفال في مدرسة كاثوليكية باسبانيا مثالا. دائما ما يُتركُ المتابع لأفلام ألمودوفار مشدوهاً أمام حرفيّه نادرة و حسّه العالي بالفنّ و الأدب. و هو الذي يُزاوجُ بين الأدب العالمّي, الصورة. اللون, الموسيقا, الانتقال بين المشاهد, بطريقةٍ تجعل هذا الخليط ما يكون أقربَ الى الكمال.
تمّ اختيار هذا الفيلم لاشكاليته في تصوير طبيعة الانتقام و كيفيّة بناء الحبكة مع وجود العديد من التفاصيل السرديّة و طرح مواضيع –يعتبرها المجتمع بشكل عام حسّاسة- فنوع الانتقام من العدو في هذا الفيلم يتمحور حول الهويّة الجنسيّة و الجندرية لبعضِ شخصيّاته. حيثٌ نشاهد الطبيب روبرت و يلعب دوره الممثل الشهير أنطونيو بانديراس يغيّر جنس الرجل الذي ظنّ أنهُ اغتصبَ ابنتهُ التي تعاني من مشاكل نفسّيه مما يؤدّي الى جنونها و موتها. حيثٌ يقوم باختطافهِ و اجراء عمليّة تغيير الجنس له و يجعله يشبه زوجته التي توفيّت بحادث تماماً. و لا تنبعُ الاشكاليّه من العمليّة بذاتها بل من طريقة تعامل الطبيب مع ما فَعل. فهو بعد انتقامهِ هذا وقع بِحبّ صنيعهِ مما يؤدي لنتائج غير محمودة العواقب. و ألمودوفار هنا يُشير الى اسطورة "بيغ ماليون" و التي تتحدّثُ عن نحّاتٍ صنعَ تمثالأ ووقع في غرامهِ
لا يخفى على متابع أفلام بيدرو ألمودوفار اهتمامهُ بالحديث عن المواضيع المتعلّقة بالمجتمع المثليّ و ذالك ليس لكونه مثليّاً فحسب و انما لأنه يعرف تماما نظرة المجتمع للمثليّة الجنسية ليس في اسبانيا فقط و انما في العالم أجمع و حتىّ يومنا هذا. و من المعروف أن الاسبان يصنّفون ألمودوفار كيساريّ بتوجهاته السياسيّة بسبب اهتمامهِ بتصوير المثلّية الجنسية بأفلامهِ. ليسَ هذا فقط ما يميّز الفيلم و انما طريقة السرد التي اعتمدها المخرج و التي تتسم ببُنيتها الطبقيّة حيثٌ أن المشاهد لا يدرك من هي المرأة التي تعيشُ مع الطبيب الا بوسطِ الفيلم و ذاك بعد أن يرى و يسمع قصص الشخصيّات من مختلَفِ وجهات النظر الموجودة. و من المفارقات الموجودة في الفيلم أنه قبل أن يتم تحويلهُ الى انثى يدعو الشابّ الفتاة التي تعملُ لدى و الدتهِ لعلاقة جنسيّة لكنها تخبره أنها مثليّة و لا يمكن أن يحدثً ما يدعوها اليه. و في آخر الفيلم نراهُ قدّ عاد بجسدِ امرأة. و هو ينظرُ اليها من خلف الزجاج. أيضاً نراهُ يعملُ مع والدتهِ بمحلّ الخياطة بنفسِ الطريقة التي يُعاملُ بها الطبيب جسدهُ خلال عمليّة تحويلهِ جنسيّا.
يمكن اعتبار الفيلم دراسةُ فنيّة لجمالِ الجسد البشري. حيث يتابع ألمودوفار بسرديّة سريرية بعيدة عن العواطف عمليّة تحويل الشابّ "فيسنت" الى الفتاة "فيرا" تلعبُ دورها الممثلة الاسبانيّة الشهيرة ايلينا آنايا حيثٌ نشاهدُ تفاصيل فنيّة للجسد البشري دونَ أن يكون الهدفُ من ذلك تجاريّا أو هوليوودياً. و تكمن جماليّةُ هذا الاسلوب بأن المشاهد للفيلم يرى الفتاة من شاشةٍ وضعها الطبيب ليُراقبها في منزلهِ و بذلكَ تنفصلُ دوافعُ المشاهد –الذي يريدُ معرفه حقيقةِ ما يحدث- عن دوافعِ الطبيب العلميّة و من ثمّ الحسيّة. و بذالك تكون الخُلاصة من تجربة مشاهدة الجسد البشري فنّية بحتة.
يكمن اهتمام ألمودوفار بالهويّة الجندريّة و تأثيرها على قوّة البقاء لشخصيّاتهِ بشكل عام و بهذا الفيلم بشكل خاص. حيث تتعرّض شخصيّة المتحوّل جنسياً في هذا الفيلم –كما هي حالهم في الحياة اليوميّة- لأقسى درجات الاضطهاد و الحبس و محاولة القتل حتّى الاغتصاب –بجسدِ المرأة- و لكنها في النهاية تتجاوز كل ذاك لتنجو و تعود الى عائلتها بعد أن تهزم الطبيب الذي كان جلّ اهتمامهِ الانتقام ممن اغتصبَ ابنتهُ و تحوّل انتقامهُ الى هوسٍ بما صَنع.
لا يمكنُ تلخيص الفيلم أو حرفيّة ألمودوفار مرّة واحدة و الفيلم غنّي بتفاصيل لا يمكن اختبارها الا بمشاهدة الفيلم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي


.. تسجيل سابق للأمير الشاعر بدر بن عبد المحسن يلقي فيه أبيات من




.. الفنانة غادة عبد الرازق العيدية وكحك العيد وحشونى وبحن لذكري


.. خلال مشهد من -نيللى وشريهان-.. ظهور خاص للفنانة هند صبرى واب




.. حزن على مواقع التواصل بعد رحيل الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحس