الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو سوسيولوجيا الفن : الداودية و تعرية(1) الواقع المغربي

عبد العزيز احربيل

2015 / 2 / 25
الادب والفن


بعد صدور البوم (الفنانة) زينة الداودية الذي يحمل اسما الكثير منا يعرفه وهو (الصا ك ) وعنوان الاغنية ( اعطيني صاكي ).بعدها مباشرة قامت ضجة كبيرة من ما يسمون انفسهم (بالنقاد) ومجموعة من الجمعيات الذين يدعون انهم يرفضون كل اشكال (السيبة) والفتن وغيرها , قاموا ضد (الفنانة) التي ذكرت اسمها سلفا باعتبارها تجاوزت الحدود المرسومة لها و بكونها تشجع الشباب و (الرجال ) على ( الفساد) و التحرش على الفتيات.
لكن هذا كله لا يهمني, شخصيا بقدر ما يهمني سؤال بسيط يرتبط باعادة النظر في مفهوم الفن المغربي .بمعنى ما هو الفن عند المغاربة ؟
الكل يعلم ان ظاهرة التحرش منتشرة بكثرة في صفوف الشباب (الذكور) المغاربة,وذلك راجع الى عدة اسباب وعوامل سوسيولوجية اهمها الكبث الجنسي المنتشر بدرجة كبيرة في صفوف الشباب والشابات ايضا على حد السواء.
لكن ما قامت به الفنانة زينة الداودية هو عمل بسيط جدا, جميع (الفنانين) يقومون بمثل ذلك ولا احد يتكلم , الشوارع المغربية مليئة بظاهرة التحرش و التعرض الى الفتيات ولا احد يهمه الامر.مع العلم ان نسبة كبيرة من الشباب الذين يمارسون مهنة التحرش على الجنس الاخر هم نفسهم من يقفون وينادون بتطبيق الشريعة الاسلامية في المغرب...في الحقيقة هناك الكثير من العبث العلمي في كل هذا الكلام .
عموما سارجع الى السؤال الذي طرحته سابقا وهو ما هو الفن عند المغاربة وكيف يفهمونه؟
في البداية , يجب ان نشير الى ان مفهوم الفن وجد الاف السنين لكن المعنى الذي اعطي اليه او التعريفات المعطات له تتغير بتغير العلوم و الثقافات ايضا .
اذن, لا باس ان نعرف بمفهوم الفن كما ورد في معجم المعاني الجامح :
فن : اسم .جمع فنون وافنان و افانين
والفن هو : جملة الوسائل التي يستعملها الانسان لاثارة المشاعر و العواطف وبخاصة عاطفة الجمال كالتصوير و الموسيقى و الشعر
والفن هو مهارة يحكمها الذوق والمواهب.
اذن, الملاحظ ان الفن له ارتباط وثيق بالذوق وهذا الاخير معروف بكونه دائما محتكرا في الذات اي الذوق يختلف من مكان بعينه و زمان بعينه وافراد بعينهم.
وما قدمته الفنانة زينة الداودية هو ابداع الى حد ما بالمقارنة مع الانتاجات الابداعية الفنية المغربية الاخرى .هذا المنتوج يتوفر على كلمات ملحنة لها معنى دلالي معين لكن (الشعب) او جملة من الاشخاص المغاربة لم يقبلوا هذا المنتوج الفني .
عموما جاء في الاغنية ما يلي :
(عطيني صاكي باغي نماكي باغي نبان اليوم زوينة ) بمعنى, ان معظم الفتيات ان لم اقل كلهم يستعملون المكياج ويريدون ان يكونوا (جميلات) ما المشكل اذن , هل في الداودية ام في المجتمع الذي لم يقبل هذا المنتوج .
الفنانة زينة الداودية لم تقم الا بتوضيح المشهد المحتكر في المجتمع .
(ندير حالا في الرجالا كولشي اغوت يا الغزالة) هذه العبارة تعبر بقوة على الوضع الراهن في الشوارع المغربية بحيث ان معضم الاشخاص مثلا اللذين يجلسون في المقاهي تنطبق عليهم تلك القولة .
لقد سبق لي ان قمت ببحث ميداني في المقاهي المغربية في مدينة اكادير و تزنيت نموذجا . ولاحظت ان معظم من يجلسون في المقاهي يقومون بذلك من اجل سببين :
اولا: التلصص في كل المارة بحكم ان معظم المغاربة يحبون الجلوس في ارصفة المقاهي (التيراس) كي يلتقطوا كل المارين في الشارع...
السبب الثاني هو عندما يشعر الفرد بالجوع يدهب الى المقهى لاشباع رغباته البطنية...
اذن, الداودية لم تخرج حتى الان عن الصورة المغربية الخالصة ..عن (الكبت) ان صح التعبير و (النكير) الذي تتعرض له المراة كل يوم في الشوارع المغربية..انطلاقا من هذه النطقة ساطرح جملة من الاسئلة الصغيرا والجوهرية هو لماذا المغاربة الذين رفظوا بالمطلق هذه اللوحة الغنائية لسبب انها تحرض الشباب على ممارسة الفتن و التحرش...لماذا لم يقوموا بهذه الضجة حينما نشاهد اغتصابات واعتداءات جنسية بالكثرة في صفوف النساء؟لماذا لم يظهروا اولئك (النقاد) بتلك الضجة في ما يتعرض له الامازيغ كل يوم من اقصاء و تهميش؟ لماذا لم نتحد يوما بذلك العدد الذي هوجمت به الداودية لنقول كفى للسياسات المخزنية التي همشت بشكل كبير المغاربة؟ لماذا لم نقم يوما لنحاسب الحكومة على ارتفاعات الاسعار؟ تبقى هذه الاسئلة عالقة وغيرها من الاسئلة الاخرى وستبقى كذلك ما دمنا نرى الامور بهذه السهولة...
ويبقى مصير الفن المغربي مجهولا حتى الان ...لان في الحقيقة نحن نحتاج بعد الى دراسات عديدة تهتم بسوسيولوجيا الفن والتعريف بالفن.


(1) المقصود بالتعرية هنا هو الفضح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق