الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القامرة- التي في خاطري و-القاهرة-التي في خاطرك -المحطة الخامسة-

محمد البكوري

2015 / 2 / 26
الادب والفن


عقارب الساعة تشير الى حوالي الثالثة والنصف صباحا ...واخيرا سنتحرك ... صعدت القطار او بالاحرى رايت القطار... لاول مرة في حياتي ساتمكن يا "جورج ستيفنسين" من رؤية اختراعك العجيب ولو كان محركه من الفحم الحجري ...و كاني "ارمسترونغ" في صعود تاريخي غزوت الفضاء ! او "كولومبوس " في رحلة استكشافية اكتشفت قارة..! اه! كم هو شعور لذيذ وانت ترى احلامك البسيطة تتحقق ولو بعد حين... كنت فقط اسمع عن الماشينة في حكاية جدتي، حينما سافرت في بداية السبعينات هي وعمتي واخي الكبير الى مدينة الليمون اوعاصمة "اللتشين "بركان ...كنت فقط اسمع عن الماشينة في رواية ابي و هو ذاهب الى وادي الذهب سنة1975 لاسترجاع بكل اعتزاز و افتخارجزء من ترابنا الحبيب... كنا نتبادل اطراف الحديث ،ثم نغادر الامكنة بقولنا " مشينا و لاحتى تجي مشينا" ... كنت فقط الهو بلعبة الماشينة، التي كان يصر شيخ القبيلة -الهمه الله فسيح جنانه -ان يشتريها لي عند كل عاشوراء هي و"حلوة جبان كولوبان "...كنت مولعا بلعبة الماشينة مع الاطفال حينما نشكل باجسادنا الصغيرة مقصورات ،ولتكون مقصورة القيادة من نصيب فتاة "الشطيطة" او اميرة الارجوحة ! مرددين بشغب: "الله يجعلنا تابعين ماشي متبوعين " ...الشطيطة التي كنا نربطها بشجرة الباطما المباركة ،الكائنة في الغابة المتماهية بشكل فريد مع المقبرة بمحاذاة ضريح لالة هيبة و الربوة المطلة على مدافن الغرباء و النصارى... اميرة الشطيطة هاته الفارعة القد ،المليحة الوجه ، الواسعة الحنك، الممتلئة الصدر ، البشوش على طول رغم ان" الزلط وصلها هي و عائلتها للعظم "،كانت تصر ان ندفعها في اتجاه النسيم العليل الذي يعبث بضفيرتها و"الساية ديالها "ليكشف من جسدها الغض الندي الجزء الاكبر بافتتان و اغراء، ولينعش اهواءها التي توقظ بدورها انتعاظ غريزتنا النائمة .ولا اود في هذا الصدد ،ان اقول ملعون من ايقظها ولكن ساقول في المقابل مفتون من اوقظت من اجله . تذكرنا جميعا تفاحة اب البشرية ، واستوعبنا الدرس وتخيلنا الى اي مدى سنصل لو رمتنا الاقدار ان اصرنا على امتطاء صهوة الشهوة ..."المهم لي ماشرا يتنزه " يردد على مسامعنا ولد "طا رحمة "... رغم ان "الشوف مايبرد جوف " كما يؤكد ذلك ولد "طا خديجة " ... " كل شيء مباح الا تذوق ذاك التفاح"! كما كنت اؤكد انا ولد "طا راضية " . "عقل الصغور و مايدير"! كانت هي اميرة الشطيطة وكنت انا امبراطور الغابة ،لا اهاب لا الخوف و" لا مولاي به" ... لقد مكنت نفسي من حصن مانع ضد الرهبة و حولتها الى رغبة ...اتذكر كيف وطات قدماي الغابة في احدى الليالي ذات الظلام الدامس وانا مجرد"فريخ" عمره سبع سنوات ...لا ابالي بنعيق البوم ولا باشباح المقبرة ...رددت عبارة "السلام عليكم يا اهل المدينة" وولجت المقبرة برجلي اليمنى ، وانا ارتل في دواخلي الاية الكريمة " فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع و امنهم من خوف" ... تم العزم ...وتم الحسم على تجاوز حاجز الخوف ، "توكلت على الله، فهو نعم الوكيل " ...قررت المشي بين القبور بكل طمانينة و بسالة ،وانا اكرر في لواعج صدري "اخرها موت"فلما الرهبة ؟الخوف سلاح الجبناء ، رغم ان والدتي كثيرا ما تصر على القول "لي خاف نجا" ... اصوات مرعبة اخذت تخترق طبلة اذني ... يبدو ان الاموات اصرو ا ان يبعثوا من القبور، ولو لهنيهة ،حتى يجربو ا صدق كلامي و رباطة جاشي واختبار توازن الرعب في احشائي ... لم اعير الامر ادنى اهتمام ...لابد ان اصل الى مبعث ذاك النور... حيث الفقيه يمارس طقوسه الغريبة في اخراج "الجن النصراني" من جسد تلك الفتاة الجميلة ، ذات الربيع العاشر ،والتي اتذكر انها كانت من اقرباء احد اعمامي... الجن يتحدث بلسانها بفرنسية طليقة ، رغم ان " رجلها لم تعتب المدرسة " طيلة حياتها ... الفقيه لا يقشع شيئا ،ليردد التعويذات تلو التعويذات ويجلب التمائم تلو التمائم و ليصرخ باعلى صوته "اخرج الكافر بالله" ... يصر الجن على البقاء و عدم الاستسلام ... في المقابل يزداد عناد الفقيه على جعله يذعن و يخضع ... وليتحقق المراد بعد جهد جهيد .فبعد شد و جدب اسدل الستار على المعاناة الطويلة ، و ليغادر الجن الساكن جسد الفتاة المسكونة ، بعد ان تحول الى قط اسود اخذ يموء مواء غريبا ، اليما "يقطع القلب" ،تعبيرا منه عن فقدانه المرير لمسكن امن عاش فيه اسعد اللحظات ... لحظات كلها عشق وصبابة . اتذكر كل ذلك وانا اتسال :هل حب "الجنون" حب مجنون ؟سؤال سيجيبني عنه بعد سنوات عديدة على مرور هذا الحادث المدهش / المذهل فيلم "الانس و الجن "لعادل امام . في صباح اليوم الموالي وبعد ان اخذ اقراني علما بالموضوع ،تم منحي لقب "قلب الاسد" بعد ان كنت مجرد "قزيمار"! وليتم تنصيبي سيد الغابة زعيم العصابة ... عصابة" كاوباي" ،، التي كنت انا دائما فيها "كلينت ايستوود" منتصب القامة امشي... مرفوع الهامة امشي ... في قلبي احمل نعشي ... وعلى راسي ارتدي قبعة وجدتها مرمية في مزبلة "العسريين" واحمل في يدي مسدسا صنعته من فك "حولي دلعيد" لتكون اسنانه هي الرصاصات ... البعض من افراد العصابة يمتلكون فرديات رشاشة بالماء و البعض الاخر يتوفرون على ذخيرة القرطاس المصنوع من الكاوتشو و الملون بالاسود مع راس احمر يزينه ... اما "ليزنديان "فهم يضعون ريش "بيبي " الهندي على رؤوسهم ويتسلحون باقواس/ نبيلات ،يصنعونها من عود "البري" . كنا نصنع حروبنا ...نخلق اعداءنا ...و نصنع انتصاراتنا .كنا نحاكي افلام "المسلمين و الكفار" ...ننمي خيالنا بفيلم "الرسالة " ،الذي شاهدناه اكثر من مرة خاصة في ليلة" السابعة و العشرين "من كل رمضان... كنا نحارب الحروب المقدسة ونجعلها حامية الوطيس ... كانت لنا "داحسنا وغبرائنا"...كنا نحصل على الغنائم ونمتلك السبايا ..! الكثيرون منا ماتوا في ساحة الوغى في اخر الليل وليحظوا بحياة جديدة في اول الصباح ..!؟ يبدو انني نمت قليلا وبدات اهلوس ، لتوقظني على حين غرة ، رجة احتكاك القطار الذي نقله بقطار اخر اتي من الاتجاه المعاكس... بعد بضع دقائق ،سيصل القطار الى محطة "سيدي سليمان" ...لازالت هناك فرصة للخلود الى النوم من جديد و مواصلة استرجاع شريط الذكريات بحلوها و مرها ...اقول قولي هذا وانا استمتع باللحن الموسيقي للشخير المنبعث من دواخل الاستاذ المؤطر، الذي يرافقنا في رحلة الاحلام هاته ... يتبع ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - تفاصيل أول معسكر يجمع محمد صلاح وحسام وإبراهيم


.. كلمة أخيرة - تذاكر مباراة المنتخب خلصت.. الناقد محمد عراقي ي




.. لماذا فشلت ترجمة كلمة -الرحمن الرحيم- إلى الإنجليزية؟ | #حدي


.. عقد قران الفنانة جميلة عوض على المونتير ا?حمد حافظ




.. -تعالوا واكتشفوا الجزائر-.. خطة لتطوير المواقع التاريخية وال