الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمزيّة الشرّ في أفلام الرعب الأميريكيّة:علاقة الخطيئة بالآخر

أمل عودة

2015 / 2 / 28
الادب والفن


من المثير للاهتمام أن أفلام الرّعب الأميريكية تعتمد و بغالبيتها على عنصر الديني و الماورائيّ في مجتمع يقوم على الرأسماليّة و يُقصد بذلك أن المّجتمع و بنسبة عالية يعتمد على مقولة "أؤمن بما أرى" مع عدم الانكار أن هناك نسبة عالية جدّاً بين المتدينين في أميركا. و لكن غالبية جمهور أفلام الرعب من الغير مؤمنين. و تعتبر ايرادات هذه الأفلام عاليّة جدّاً في شبّاك التذاكر مما يوحي بقدرتها على تحقيق ما يصبو اليهِ هذا النوع السينمائي أولاً وهو رأس المال و ثانيّا و هو مخاطبة المخاوف الأزليّة التي تعتري المشاهد. تم ذكر كلمة أزليّة هنا لارتباط هذه الأفلام بغريزة الخوف من الموت و الكوارث الطبيعية أو اختطاف المخلوقات الفضائيّة للانسان (على سبيل المثال لا الحصر). و لهذا النوع السينمائي جذور متعدّدة منها ما جاء من الأدب كتلك التي تتحدث عن مصاصي الدماء كما نعرفهم (و ليس التي تتحدّث عن دراكيولا الحقيقي الذي كان حاكم ترانسلفانيا في رومانيا بعهد الدولة العثمانية) أو فرانكنشتاين و منها ما جاء من قصص واقعيّة و خصوصا تلك المتعلّقة بالقتَلة المتسلسلين و جرائمهم و منها ما يدّعي أنه مبنيّ على قصص واقعّية تحوي أحداثاً ماروائيّة –أرواح تسكن بيوتا أو بشراً- أو تلك المتعلّقة بالشيطان و الخطيئة و هذه من الأفلام الأكثر شعبيّة نسبيّاً
و بالمقارنة مع أفلام الرعب اليابانيّة و التي تعتمد على عنصر الشرّ عند الانسان و هو الذي-بالنسبة لليابانيين في الأفلام التي التي شاهدتها- يخلقُ اللعنة التي تهاجم من تلحقه. عكس ما نرى بالأفلام الأميركيّة أن اللعنة تأتي من عملٍ شرير قام بهِ أحدهم في غابر الزمان و عادتْ لعنتهُ لتهاجم أُناسا لا علاقة لهم بالعملِ نفسهِ. و لا يعني ذلك أن الأفلام اليابانيّة لا تفعلُ ذلك و انما بالعادة تكون الأفلام اليابانيّة أكثر حرفيّة في هذا الشأن من الأفلام الأميركيّة المهووسة بنظريّة المؤامرة. و خصوصاً عندما تهاجم هذه اللعنة أُناساً لا علاقة لهم بالحدثْ الذي سببها في . و يُلاحظ أن الأفلام اليابانيّة عموماً تركزُ على ما يسبب اللعنة و يرتبط ذلك باهتمام اليابانيين بتراثهم من جهة و محاولتهم كسر هذه الحلقات المفرغة من اللعنات المتمثّلة بتاريخ معيّن من جهة أُخرى. يأتي ذلك عكس الأفلام الأميركيّة و التي تركّز على تفوّق الأميركي و عبقريتهِ في ايجاد الأسباب و مواجهة ما يحدث بشجاعة.
غالبا ما تأتي اللعنة من الشيطان نفسهِ في الأفلام الأميريكية. و لا عجبَ أن أفلام مثل (ذا أومن) The Omen و (ذا اكسورسيت) The Exorcist لاقت رواجاً باهراً منذ عرضها في السبعينات حتّى اليوم. و السؤال الذي يطرح نفسهُ. لماذا الأفكار المتعلقة بثنائيّات الخير و الشر. الله و الشيطان شائعة جداً بالسينما الأميركيّة و لها قاعدة كبيرة من المشاهدين و خاصّة الملحدين منهم؟ للاجابة على هذا السؤال يجبُ البحث في رمزيّة هذه المتضادات الثنائية و خاصّة لعلاقتها الوثيقة بنظرية المؤامرة. يقول الكاتب عدنان نجيب الدين عن فلسفة بول ريكور
"لقد استطاع ريكور من خلال المنهج التأويلي أن يكتشف سر العلاقة بين الشر و الخطيئة. و من خلال دراسته لأبعاد الرمزية للأسطورة حاول الكشف عن اللاوعي التاريخي للانسان مستفيدا من نظرية التحليلي الفسي لفرويد كما حاول الاجابة عن كيفية الانتقال من امكانية الخطأ الى واقع الخطأ . و من رمزيّة الشرّ انبعث لدى ريكور حكمته القائلة " الرمز يبعثُ على التفكير" فانفتح على كافة العلوم الانسانيّة و عمد الى نقد النص على ضوء المناهج الحديثة التي شارك في بلورتها و لا سيما التأويليّة و النقد التاريخي و الانثروبولوجي. ووضع قواعد لفلسفة السلوك و ابتدع مفاهيم جديدة منها المفارقة السياسيّة " حيث حدد الأسس الأخلاقية السياسيّة تأخذ بعين الاعتبار متطلبات الواقع و تستجيب لتوقعات الانسان المعاصر و ذلك باظهار موقعه في عالم الوجود فالشرّ بما هو عنف قصدي , تنكر لقيمة الحياة و غير منفصل عن فلسفة الوجود و الحرية"
يدلّ الاقتباس الموجود أعلاه أن النظر في رمزيّة الشرّ هوه ما يجعلهُ ظاهرة منطقيّة و عقلانيّة بالنسبة للانسان. أما عن الشر كتنكّر للحياة فهو ما يهمّ السينما الأميريكية بمجملها ان كانت الأفلام تنتمي الى مدرسة الرعب أم لا. فالأميريكيون يظنّون أنهم دائماً تحت طائلة التهديد و لو كان عدوّهم من المريخ. و غالباً ما تبدأ الأفلام الأميريكية بنواة العائلة المُتحابّة و الناجحة و التي لا يعكّر صفوها شيء حتّى يأتي عدوّ خارجيّ و يقلبُ حياتهم رأساً على عقب. أما بالنسبة لثنائيّات الخير و الشرّ فهي ما يُناسب المجتمع الأميركي المتفاخرْ بهوّيته التي تتسم بالخير كلّها و أن كل ما هو مختلف يشكّل تهديداً لهذِه القيم الحياتية التي يموت من أجلها جنودهم في العراق! يمكن اعتبار ذلك واحدا من الأسباب لرواج ظاهرة الخطيئة و الشرّ في أفلام الرعب الأميريكية و غيرها من الأجناس السينمائية لديهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??