الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نينوى تبكي تاريخها المجيد

تحسين الناشئ

2015 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


ويعود البرابرة من جديد بوجه جديد واسم جديد ، لكنهم هذه المرة يعودون وهم اكثر تعطشا للدماء واكثر تشوقا لزرع الموت والمرارة في هذا العالم ، عادوا وقد ازالوا عنهم كل القيم الأنسانية وتجردوا من كل ضمير او خلق او اِحساس ، لقد عادوا من جديد بثوب جديد لتخريب الحياة وتدميرها في جميع اشكالها ونواحيها ، فهؤلاء المنحرفون لا رحمة لديهم ولا رأفة بالأنسان - أي انسان مهما كان جنسه او لونه او سنه طالما كان هذا الانسان لا يسير وفقا لميولهم الشيطانية ورغباتهم الدنيئة وافكارهم السوداء ، كما انهم ليسوا اعداء الانسان فقط ، بل اعداء كل القيم الجميلة العليا في هذا العالم ، فلم تسلم من وحشيتهم دور العلم ولا المباني التراثية ولا المقدسات ولا المكتبات ولا رموز الحضارات ، فهم اعداء الجمال والحياة والعلم والقيم النبيلة .

بالأمس قامت زمر داعش بصولة جديدة من صولاتها البربرية الجبانة ، صولة تندى لها جبين البشرية وستبقى وصمة عار في جبينها الى الابد ، لقد شهد العالم كله كيف اشتغلت معاول وآلات الشر والبربرية والجهل في تدمير متحف الموصل وتحطيم مايضمه من آثار نفيسة لاتقدر بثمن ، لتسحق بفعلتها المخزية تلك ذلك التراث الخالد وترميه الى العدم ، لقد محت داعش خلال ساعة واحدة ماقدمته الحضارة على مدى قرون عديدة ، فمتحف الموصل كان يضم آثارا يعود تاريخها الى الاف السنين ، آثار تحكي تاريخ حضارة وارض وشعب عريق ، وخسارة تلك الاثار وضياعها ليس خسارة كبرى للعراق فقط انما هي خسارة للبشرية جمعاء ، لقد قطعت عصابات داعش بفعلتها النكراء تلك (ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين) ذلك الخيط الفاصل بين الانسان والحيوان ، بين التقدم والتخلف بين النور والظلام وبين الجمال والبشاعة .
ترى ايعرف الاوباش قيمة التاريخ وقيمة الحضارة والتراث ، ايدركون قيمة العطاء الانساني وارث الاجيال الفريد الذي هو ثمرة العقل والروح والجهد المبدع والفكر النبيل ؟ هل يعلم هؤلاء بأن ارث الاجداد مقدس وان التاريخ مقدس وان القديم له حرمة وقيمة عليا ؟ ايدرك هؤلاء بأن القضاء على ارث الانسان هو قضاء على الانسان نفسه وبأن محو اثاره وتراثه يعني محو تاريخه وضياعه ؟
فأي عقول تلك التي تحرك هؤلاء الاشرار وأي ضمائر واي نوايا ؟
ولازالت اقدام زمر داعش المدنسة تطأ بالدنس ارض الموصل الطاهرة ، ولازالت اياديهم النجسة تستأصل كل جميل فيها وتعبث بمقدساتها وبتاريخها العريق ، فهذه الموصل الحدباء ، اُم الربيعين ، ارض اشور والحضر والحضارة العريقة ، ارض الانبياء والاولياء والملوك والعلماء والعظماء منذ اقدم العصور ، الموصل (نينوى) التي طالما وصفت بكونها اجمل مدن الشرق واروعها ارضا ومياها وهواء ، هذه المدينة التي كانت درة العالم القديم بسعتها وازدهارها ورقيها واشتهارها بروعة اسوارها وفخامة قصورها ومبانيها وهي التي كانت عاصمة اكبر امبراطورية في العالم القديم ، هذه المدينة العظيمة يدنسها اليوم اوباش داعش فيعيثون في ارضها فسادا وينشرون فيها الظلام والموت ويزرعون الخراب في العقول والخوف في النفوس بالنار وبحد السيف ، والغريب العجيب في امر هذه الزمر الهمجية انهم لايتنكرون لشنيع اعمالهم ووحشيتهم في استئصال الحياة ، بل هم يسعدون بذلك ويفتخرون من خلال تصويرها وتوثيقها ونشرها امام انظار العالم كله .
ان البشرية لم تعرف في كل تاريخها ترويعا وارهابا وازهاقا للأرواح كهذا الذي تمارسه داعش. لقد تفننت هذه الزمر الخبيثة ليس فقط بطرق تعذيب الناس وترويعهم ، انما ايضا بطرق قتلهم بوحشية قل نظيرها في كل الازمنة حتى صار اسيرهم لايجزع للموت القادم انما لطريقة الموت .
فالى متى يستمر ترويع البشرية بهذا الشكل ؟
والى متى يستمر انتهاك رموز الحضارة والتاريخ والمقدسات ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشييع جثمان الأردني ماهر الجازي منفذ عملية معبر جسر الملك حس


.. حالة تأهب.. غلق مدارس لبنان وتعليق رحلات طيران عقب -تفجيرات




.. سفينة مساعدات تركية تحمل 3 آلاف طن لدعم السودان


.. وقفة رياضية.. شيفيلد أف سي أقدم نادي كرة قدم مستقل في العالم




.. الجزيرة ترصد اللحظات الأولى التي أعقبت انفجارات قوية في مدين