الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


!!.. ورم تلفزبونى خفبف

ياسر العدل

2005 / 9 / 17
كتابات ساخرة


رغم تعاملى المقصود مع وسائل رفع قدراتى الحيوية المؤجلة، أتناول الشاى بالعنبر ممزوجا بحلل التمساح، أجرش عشرات من جوز الطيب، وأمصمص أزواجا من الكوارع العجالى، وأتسلى بالكابوريا مشوية مع الجمبرى، وأبلع ملاعق من حبة البركة ممزوجة بالعسل الأبيض، إلا أن قدراتى فى التمسك بأهداب الشباب تفشل عند أول اختبار، أعود كسير الجناح وأعلن فى كل مناسبة تأجيل المطالبة بزواج جديد، ذلك بأننى زوج غلبان أعيش عصر وزارات الإعلام والتجارة والصحة، عصر الإعلانات السقيمة والصبغات الفاسدة.
انه عصر ألحق الهمّ والنّكد بزوجتى المسكينة، من ربع قرن لحق بها الهمّ، حين أجهشت بالبكاء مرددة اسمى أمام ذوى القربى قائلة (أنا احبه يا ناس )، وحاولت ونجحت فى الإقتران بى، وأعلنت على رؤوس الأشهاد خروجها من عالم العذارى الجميلات، لتدخل عالم الزوجات العاديات أمّهات العيال، ومن سنوات قليلة لحق بها النّكد، حين امتطى الشّيب شعرات وخصلات فى رأسها، فاندفعت تجرب ما أتيح فى عصرنا من تكنولوجيا الفقراء، تخفى الشيب عن العيون، كى تبدو أمام الزّوج والشّامتين، امرأة جميلة متألقة.
ترصدتنا إعلانات التلفزيون، تلهب رؤوسنا بأن التألّق والجمال يكمن فى استخدام صبغات شعر تجعل من كل فتيات الإعلانات مطمعا شخصيا لكل الرجال، فتيات شعرها ناعم أسود هفهاف، يخرجن من شاشة التلفزيون غزلانا شاردة، يلعبن فى الصالة بين المشاهدين، يمشين على الحوائط ولا يجلسن على الكراسى، يبعثن فى رؤوس الرجال حسرة على زوجاتهم، وفى قلوبهم تآمراً على جمال زوجات الآخرين، وترمين فى عقول الزوجات بقرارات حاسمة لشراء صبغات حناء الشعر.
تخابثت هيئات الرقابة على المنتجات، فتركت تداول السلع لقوانين العولمة وحرية صانعى الإعلانات، وتغاضت عن الرشاوى التى تسقط فى أيدى بعض المفتشين المنوط بهم رقابة الأسواق، ولم تتحرك جمعيات حماية المستهلك من البضائع الفاسدة، فأختلط الصالح بالطالح، وأتى يوم عادت فيه زوجتى من السوق، فرحة ممسكة بسرَّ الأنوثة، علبة فخمة بها حنّاء مصبوغة، ثم انتبذت ركنا فى البيت تعجن فى شعرها سرَّ التألق والأنوثة.
مليون مرة، ألقي بجثتى داخل بيتنا خالى الوفاض من وصال أرجوه بغزلان التلفزيون المصبوغات، وفى المرة التى أقبلت فيها راضيا بوصال زوجتى العزيزة، رأيت رأس العزيزة قد تورم واختفت عيناها، وانتشرت البقع الحمراء فى وجهها، فنسينا الوصال واضطررنا للتعامل مع وزارة الصحة، واتصلنا بمعارف وأطباء وصيادلة، سهّلوا لنا الاعتقاد دون فحص، بأن تورّم الرأس والجفون والأصداغ، راجع لحساسية زوجتى لنوع معين من الأطعمة تناولته خلال الأيام المنصرمة، ولأن أحوالنا الاقتصادية ظاهرة العجز، لم تتغير أنواع طعامنا طوال السنوات العشر الماضية، ولأن الوصال بين الأحبّة مطلب يشغل المحبين، بدأت زوجتى العلاج بوضع رأسها ومعدتها، تحت وابل من مضادات الحساسية، وازداد الأمر سوءا، فذهبنا لمستشفى حكومى مسلّمين رأس زوجتى لأول طبيبة مختصة، وعلى الفور شخّصت الطبيبة حالة الرأس، بأنها حرق كيمائى بالجلد نتيجة استخدام الحنّاء المصبوغة، عندها أنحسر وصالى مع زوجتى البائسة على خلع غطاء الرأس، والدّعاء لدى كل ولىّ، بالويل والثبور على شغل وزارات الإعلام والتجارة والصحة وجمعيات حماية المستهلك، راجين أن تنال رؤوس بعضهم أطنانا من الحنّاء المصبوغة، فتورم منهم العيون والأذن والجلد والأسنان ويصيبهم الكساح، ذلك بأنهم يعلنون عن بضائع مغشوشة، ويهملون الرقابة عليها، وينسون تدريب الأطباء على علاج صبغات تجلب الحساسية فى الجلد والعلاقات والجيوب.
حين تماثلت زوجتى العزيزة للشفاء، أزاحت جفنها الأيمن تعتذر عن عدم وضوح تعليمات استخدام ما اشترته من حناء مصبوغة، وأمسكت بخصلات من شعرها الأبيض، ورفعت حاجبها الأيسر صائحة فى وجهى، يا راجل تمشى على عينيك وراء المصبوغات، وتترك حبال عجزك على الغارب، قل لى يا محترم، هل تصيب الحناء المصبوغة فتيات إعلاناتك بالجرب، مما يدفعهن لحمى الهرش والدلال؟ أم تأخذ جرابيعك من أموال الأزواج والمعلنين أمثالك، ما يكفى لتناول أطعمة مضادة لحروق أية صبغات؟ أم أن الحناء المصبوغة تصيبهن بالحروق والبهاق، لكنهن يعالجن خارج البلاد على حساب غلابة المستهلكين؟.
د. ياسر العدل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم ولاد رزق 3 يحصد 202 مليون جنيه خلال 3 أسابيع


.. اعرف أكتر عن وزير الثقافة أحمد هنو




.. وزراء الزراعة وقطاع الا?عمال والاستثمار والعمل والثقافة يو?د


.. لبنى.. ابنة الفنان المصري أحمد راتب تخطت صدمة وفاة والدها ب




.. نصير شمة يحتفل باليوبيل الفضي لتأسيس بيت العود العربي في الق