الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الأكراد السوريين هي حقوق وطنية ثابتة وليست طارئة

فيصل يوسف

2002 / 12 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

 

أخبار الشرق - 25 كانون الأول 2002

لم ينقطع النشاط السلمي الديمقراطي لأكراد سورية من اجل حقوقهم القومية والديمقراطية في البلاد طيلة السنوات الماضية وهي موجهة للرأي العام السوري لإفهام قضيتهم باعتبارها مسالة وطنية وديمقراطية ولا تنفصل عن مجمل القضايا الأخرى التي تستوجب حلا عادلا وان على القوى الوطنية والديمقراطية ان تتجاوز سياسة تجاهل وجود الأكراد وقضيتهم القومية وأن تدافع عنهم بحزم ومبدئية بعيدا عن الأباطيل والأوهام التي تبثها جهات شوفينية في السلطة وخارجها حول نشاطات الأحزاب الكردية والذي مارسته مؤخرا من خلال الهامش النسبي لحرية الرأي والتعبير في البلاد مثل الاحتفال المركزي الذي أقامه الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية بمناسبة الذكرى الخامسة والأربعين لميلاده في 14 حزيران بشكل علني وبحضور ممثلي الأحزاب والقوى الوطنية السورية وكذلك الطاولة المستديرة في دمشق بتاريخ 27 أيلول لبحث معاناة الأكراد وتجمهر عشرات الأكراد المجردين من الجنسية أمام وزارة الداخلية في 18 آب مطالبين برد الجنسية إليهم في عريضة قدمت للسيد وزير الداخلية والطاولة المستديرة في مدينة القامشلي بتاريخ 22 تشرين الثاني بمشاركة أحزاب من الجبهة الوطنية والتجمع الوطني الديمقراطي وشخصيات مستقلة ومنظمات حقوق الإنسان والتواصل الدائم من قبل لجنة العلاقات الوطنية في المجلس العام للتحالف بكل المهتمين بالشأن الوطني، بمن فيهم عضوان من القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم وتسليمهما مذكرة تطالب بإيجاد حل للمعاناة التي يتعرض لها أبناء الشعب الكردي في سورية وتوجيه 111 شخصية ثقافية وسياسية واجتماعية من جميع أنحاء سورية في العام الماضي رسالة إلى رئيس الجمهورية تطالب بإعادة الجنسية لضحايا الإحصاء الاستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة حصراً في عام 1962م وإلغاء الغبن اللاحق بهم من جراء ذلك.

لقد هدفت الأنشطة المذكورة إلى تسليط الأضواء مجددا على واقع المواطنين الأكراد المواطنين لإشراك القوى الديمقراطية والوطنية في السعي لرفع الظلم عنهم وإيجاد حل لمعاناتهم المزمنة ومساواتهم مع باقي المواطنين. وقد جاءت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى محافظة الحسكة في آب الماضي، كأول رئيس جمهورية يزورها منذ عشرات السنين، ليخلق مناخاً وانطباعاً لدى أبناء المحافظة عموماً والأكراد منهم خاصة بأن قضاياهم باتت على جدول عمله وهي في طريقها للحل، ونقل عنه في سياق حديثه أثناء اجتماعه ببعض الشخصيات في محافظة الحسكة: "إننا والأكراد أبناء تاريخ واحد وحضارة واحدة ويحق لهم ما يحق لغيرهم من المواطنين وسنسعى لإيجاد حل لمسألة المجردين من الجنسية".

ومنذ زيارة السيد الرئيس للمحافظة وحتى الآن فإن القوى الكردية بأطيافها الاجتماعية والسياسية والثقافية تنتظر إجراءات عملية لإلغاء السياسات التمييزية المتبعة بحق المواطنين الأكراد بدءاً من تسجيل الولادات عن طريق شعبة الأمن السياسي ومسألة المجردين من الجنسية والمحرومين من الأراضي الزراعية وصولاً إلى نـزع حالة الإحباط واليأس التي يعيشها المواطن الكردي وإشعاره بأن ثمة نور في نهاية النفق وأنه لم يعُد أسير النظرات القومية الضيقة والتي تضعه في قفص الاتهام دائماً، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث حتى الآن لا بل إن مصادر من السلطة وعبر صحف عربية، تشكك دوماً في النشاطات الكردية وتعتبر الأكراد مجموعة متسللين قدموا من تركيا نتيجة الاضطهاد القومي الذي كان يُمارَس بحقهم وتتهم جهات خارجية بتمويل أطرافٍ كردية متطرفة في سورية (لإثارة القلاقل وشراء الأراضي وتربط ذلك بالظروف الإقليمية أو المؤتمرات العالمية ذات الصلة بقضايا حقوق الإنسان) وإلى ما هنالك من الاتهامات التي تطول وتطول وهي بمجملها أباطيل لا أساس لها من الصحة إذ ليس من الحكمة والموضوعية تجاهل حقيقة أن المواطنين الأكراد هم عنصر أصيل من النسيج الوطني السوري منذ تأسيس الدولة السورية وأن التشكيك في أصالتهم الوطنية هو إضعاف للوحدة الوطنية وأن كيل التهم لبعضهم دون تحديد وشواهد يجعل من الكل مداناً وتحت الطلب وهذا نقض لمادة دستورية تقول إن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.

ان إحالة الأكراد السوريين للجغرافيا وللتاريخ المشوهين ولمزيد من التهم الزائفة والباطلة بغية عزلهم عن المجتمع السوري سياسة بائدة في عصر تغيرت فيه مفاهيم كثيرة في ما يتعلق بسيادة الدول وان الكثير من الشعارات باتت تسقط أمام المفاهيم، فحقوق الإنسان والأفراد والمجموعات أصبحت ذات أبعاد عالمية إلى حد باتت فيه المطالبة بمبدأ المواطنة العالمية وتفعيل دور محكمة الجنايات الدولية جزءاً أساسياً من أهداف بعض المنظمات التي تناضل من اجل الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وإن الادعاء بأن الأكراد متساوون مع غيرهم والاستشهاد بشخصيات سورية من أصل كردي في مواقع معينة بالدولة من أجل ذلك، لا تحجب الرؤية عن معاناة مئات الآلاف من الأكراد المجردين من الجنسية والمحرومين من الأراضي الزراعية وحرمان الأطفال من التعلم بلغتهم الأم وإبقاء معظم الفلاحين الأكراد على طول الحدود التركية دون أراض زراعية وجلب الفلاحين العرب إلى مناطق سكناهم من أجل امتلاك تلك الأراضي وثمة عشرات الأمثلة الأخرى التي تبين عدم مساواة الأكراد مع غيرهم.

إن البحث عن الذرائع والمبررات لاستدامة السياسات التميزية بحق الأكراد السوريين بسبب مواقف هذا الحزب أو ذاك الشخص تتعارض مع حقوق المواطنة التي يتوجب على الدولة توفيرها لكل المواطنين بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس، أو ولاء أيديولوجي معين، وأن حقوق الأكراد هي حقوق وطنية ثابتة مثل حقوق باقي المواطنين السوريين ومن العدل أن يتمتعوا بها من منطلق أن الوطن للجميع وأخيراً يحدونا الأمل، وفي ظل الأوضاع العالمية، والإقليمية وما يُراد من إصلاح شامل لأوضاع البلاد أن تلتفت القيادة السياسية وعلى رأسها الرئيس بشار الأسد، لمعالجة أوضاع المواطنين الأكراد فهم سوريون قبل أي صفة أخرى ولهم حقوق قومية ووطنية وعلى الدولة تأمينها وحمايتها من الأوساط الشوفينية في السلطة، التي تعكر الأجواء، وتستثمر ردات الفعل، للإبقاء على حرمان الأكراد من حقوقهم المشروعة في البلاد والاستمرار في المشروعات التمييزية نحوهم، والمحافظة على مواقعها السلطوية في الدولة.

__________ 

* كاتب وقيادي كردي سوري - القامشلي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترامب يهاجم مجددا مدعي عام نيويورك ويصعد لهجته ضد بايدن | #أ


.. استطلاع يكشف عدم اكتراث ذوي الأصول الإفريقية بانتخابات الرئا




.. بمشاركة 33 دولة.. انطلاق تدريبات -الأسد المتأهب- في الأردن |


.. الوجهة مجهولة.. نزوح كثيف من جباليا بسبب توغل الاحتلال




.. شهداء وجرحى بقصف الاحتلال على تل الزعتر في غزة