الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورات شعبية.. أم مؤامرة؟

فهمي الكتوت

2015 / 3 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تساؤلات مشروعة تواجهك؛ حول ما يجري في الوطن العربي، ثورات شعبية أم مؤامرة؟ ربيع عربي.. أم خريف؟ اختلف المحللون والمهتمون بالشأن العام حول توصيف ما يجري في الوطن العربي، حسم البعض موقفه مبكرا، إلا أن هذا لا يعفيهم من مواصلة الحوار والبحث، خاصة في ظل التطورات الخطيرة التي يشهدها الوطن العربي، من قتل وتدمير وارتكاب أبشع الجرائم بحق الأبرياء وصولا إلى هيمنة حركات سياسية متطرفة على بعض أجزاء الوطن العربي، والتي جاءت ضمن إفرازات وتداعيات الثورات العربية، فازداد الحديث عن المؤامرة، ما دفع البعض إلى اعتبار مرحلة النظم الفاسدة أفضل مما بعدها.
يمر الوطن العربي في هذه المرحلة في ظروف سياسية معقدة، وفي ظل أزمات متعددة، تستدعي مزيدًا من البحث لمواجهة التحديات الكبيرة، والتدقيق في الأسباب الحقيقية وراء عدد من الظواهر، ابتداء في الأسباب الموضوعيّة التي وفرت مناخًا سياسيًا واجتماعيًا لقيام الثورات، مرورًا بالثورات الشعبية وإسقاط أعتى الحكام الديكتاتوريين في تونس ومصر، في وقت قياسي، وانتهاء بتدخل قوات الحلف الأطلسي في إسقاط نظام الحكم في ليبيا، بعد ما فشلت الحركات الشعبية في تحقيق أهدافها، وانهيار مؤسسات الدولة وتحويل ليبيا إلى دولة فاشلة، وتجنيد قوى ظلامية متطرفة من مختلف أرجاء المعمورة لمواجهة نظام الحكم في سوريا بعد فشل قوى المعارضة السورية في تغيير موازين الحكم لصالحها. ومن المفارقات الغريبة أن دولا عربية محافظة لعبت دورا بارزا في تمويل ما يسمى بالثوار في ليبيا وسوريا ومصر.
ومع إدراكنا التام؛ أنّ استهدافًا غربيًا وراء إفشال الثورات الشعبية، لحرمان الشعوب العربية من فك ارتباط الأنظمة في الاحتكارات الرأسمالية. خاصة وأن المراكز الرأسمالية تعاني من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، مما يعمق أزمتها، ومع الأخذ بعين الاعتبار الأخطار الجسيمة التي تهدد مصالح الاحتكارات الرأسمالية بعودة دولة عربية وازنة بحجم مصر إلى قيادة حركة التحرر العربي، خاصة وأن هناك أسبابا جيوسياسية تجعل من المنطقة أهمية إستراتيجية، سواء في وجود الكيان الصهيوني، ومتطلبات حماية مشاريعه التوسعية، أو حماية مصالح الاحتكارات الرأسمالية النفطية التي تشكل شريان الصناعة العالمية. فهي أسباب كفيلة في تجنيد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الإمكانيات الضامنة لإفشال الثورات العربية. وهنا لا بد من الإشارة إلى الجهات التي تنكر على الأمة العربية ثورتها وتعتبر ما جرى في الوطن العربي مؤامرة جرى ترتيبها في الدوائر الاستعمارية، في ذلك ظلم وإجحاف بتضحيات الشعوب العربية وثوراتها الشعبية التي عُلق عليها آمال كبيرة. أما القول أنه جرى اختطاف الثورات العربية، فهذا صحيح.
لا أقلل من حجم التحديات التي واجهت الثورات الشعبية، داخلية كانت أم خارجية، لكن التساؤلات المطروحة؛ أن الزخم الثوري الذي أطاح بحكام ديكتاتوريين أمضوا عشرات السنين بالحكم على غير إرادة شعوبهم، لم يتمكن هذا الزخم من حماية ثورته والولوج في فضاء الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، فلا بد من دراسة هذه الظاهرة من الناحية الاجتماعية والسياسية للتعرف على اصطفاف الطبقات الاجتماعية، وطبيعة القوى المحركة للثورة، والقوى التي استهدفتها.
من الطبيعي أنّ الطبقة العاملة والكادحين عامة من فقراء الفلاحين والعاطلين عن العمل يشكلون القاعدة الاجتماعية للثورات الشعبية إضافة إلى الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، ويقول د. أحمد موسى بدوي في دراسته حول "تحولات الطبقة الوسطى في الوطن العربي" يتضمن التركيب الطبقي العربي ست طبقات أساسية هي: الطبقة المركزية المتحكمة، والطبقة الوسطى المتنفذة، والطبقة الوسطى المستقرة، والطبقة الوسطى الفقيرة، والطبقة العاملة، والفئات اللاطبقية الكادحة. ويشترك أفراد كل طبقة، معاً، في عدد من الخصائص الحضارية، التي تؤثر فيها خمسة متغيرات: مستوى الدخل ونوعه؛ ومستوى التعليم والتدريب؛ والموقع البيروقراطي داخل مؤسسة العمل، وأساليب الحياة، ومجموعة المتغيرات القبلية/ الطائفية/ العرقية/ السياسية التسلطية... وهناك استقطاب طبقي واسع، بين التحالف الطبقي الحاكم، الطبقة المركزية مع الطبقة الوسطى المتنفذة (العسكرية، والمدنية، والتقليدية) في طرف، والطبقات الوسطى المستقرة والفقيرة، والطبقة العاملة، والكادحين والعاطلين عن العمل، في الطرف الاخر.
تعرضت الفئات التي تعيش تحت خط الفقر من العمال وفقراء الريف والمدن لظروف بائسة من النظم الديكتاتورية، نتيجة إخضاع البلدان العربية لشروط وإملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، من تحرير التجارة وانفلات الأسعار، وزيادة الضرائب غير المباشرة، وارتفاع معدلات التضخم، وانهيار الأجور الفعلية، وبيع مؤسسات القطاع العام بصفقات مريبة، وما رافق ذلك من مصادرة للحريات العامة، وتدخل الأجهزة الأمنية في شؤون مؤسسات المجتمع المدني والنقابات العمالية لإضعاف دورها في الدفاع عن حقوق العمال، وممارسة مختلف أشكال القمع والإرهاب ضد المعارضة لتهميشها، الأمر الذي أدى إلى إضعاف دورها في الثورات الشعبية، فقد غلب على التحرّكات الشعبية الطابع العفوي، وتشكلت قياداتها في ساحات المسيرات والاعتصامات، ومعظمها من أجيال لم تدخل معترك الحياة السياسية قبل اندلاع الثورات، وعلى الرغم من تمتعهم بحس وطني عال، وأداء قيادي يستحق التقدير، إلا أنّ عدم تأطير الشباب الذين شاركوا في الانتفاضة في حركات سياسية منظمة، سهّل مهمة اختطاف الثورة، في ظل استمرار هيمنة طبقة الفاسدين وناهبي ثروات البلاد، وسماسرة الاحتكارات الرأسمالية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة.. الجيش الإسرائيلي يدعو السكان لإخلاء شرق رفح فورا


.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما ولا تقدم في محادثات التهدئة




.. مقتل 16 فلسطينيا من عائلتين بغارات إسرائيلية على رفح


.. غزة: تطور لافت في الموقف الأمريكي وتلويح إسرائيلي بدخول وشيك




.. الرئيس الصيني يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا.. ما برنامج الزيارة