الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوميات بنية منتحرة .من وحي حالات الانتحار التي اقدم عليها الاطفال مؤخرا في مدينة القيروان

عادل الحامدي

2015 / 3 / 1
الادب والفن


ثبتت في حاشية الافق الشمالي غيمة مثقلة رفضت ان تتلاشى مثل بقية السحب التي عربدت صباحا في السماء ثم شتتتها الرياح النافخة ..امتلئت صفحة السماء بصفاء عجيب كأنما غسلت غسلا بفعل تيارات البرودة المنتشرة وفي المقابل اربدت الارض من حولها بالغيوم ..لم يعد مجديا التطلع الى زرقة السماء التي صنعت تباينا صارخا مع قتامة الارض ولكن على مسافة قريبة منها وفي خضم الغيوم التي ملئت الارض امكن لها ان تصغي الى المشاحنة المعتادة بين والديها وكلاهما يكيل الاتهامات الى الاخر ويحمله مسؤولية الافلاس الذي تتخبط فيه العائلة بفعل تبذير زائد عن الحد يمارسه كلاهما :يا للهول ....بال5د التي يجنيها هو من عمله كبائع متجول وبال3د التي تكسبها هي من بيع الكسرة يتعين عليهما ان يوفرا كافة مستلزمات العائلة ذات ال6 افراد من اكل ولباس وسكن ودواء وادوات مدرسية ومعاليم كهرباء واداءات ..اما الماء فقريبا منهم البئر المالحة يعبون منها مثل خلائق كثيرة تعيش حولهم وتعب منه ولا تبالي ويتسرب ملحها من الحلوق ليستحيل وجوها مشققة وكلاما مستسلما تنفثه الشفاه ياتي دوما بتلك الملوحة التي تستحيل مرارة خانقة كلما تحدث احدهم عن حاله : دوما يتشاحنون ..هكذا تعجبت اسماء الصغيرة التي وعيها فاق سنها ولا يتفقون على شئ بل ربما يتشاحنون ــ هكذا خلصت اسماء الى قناعة ــ ليفروا من حاجتهم الماسة والمصيرية الى الاتفاق على عمل جماعي مشترك فقد ظهر جليا ان المحاولات الفردية لكل منهم لتغيير حاله ستنتهي لا محالة بانقصام ظهره ..وهكذا بالتشاحن المستمر وتبادل الاتهامات يفرون كل من نفسه ومن غيره ويفرون من كل عمل جماعي قد يفضي الى ولادة واقع جديد لم يعهدوه ويفرون من كل عمل فردي قد يتطور وتتسع دائرته ليشمل صاحبه واخرين من حوله ولا يستطيعون في النهاية الافلات من انهيار حياتهم على كل الاصعدة ..تركت اسماء ابويها تبتلعهما غيوم الارض المتراكمة وادارت وجهها شطر الجهة الشمالية من السماء ...هماك حيث علقت تلك الغيمة التي رفضت ان تنقشع .حاولت ببصرها ان تخترق كتلتها لترى ما وراءها من عالم بعيد مخفى وتساءلت بقنوط ان كان يمكن للقليل من ذلك السحر والرخاء اللذان يعمان ذلك العالم ان ينتقل الى عالمها ويخفف من وطأة الكأبة المخيمة عليه ..عاودت الاطلال برأسها من خلال الباب بعد ان تاكدت من خمود المشاحنة بين ابويها وانصراف كل منهما لشأنه وثبتت عينيها في الناحية الصافية من السماء وبغتة خيل اليها ان خيوطا بينها وبين الارض تسري بلا انقطاع بالوان لا نهاية لتعدادها وانها ترى وجهها منعكسا في الغيوم الثقيلة المنعقدة أمامها التي تحولت الى مرأة شفافة ترى فيها وجهها وقد تخضب بتلك الالوان التي لا نهاية لتعدادها وهي تمد يديها محاولة الامساك بالبعض من تلك الخيوط السحرية ووضعها في جيبها ولا تغنم غير تلوينات لا عد لها لاصابع يديها وخصلتي شعرها اللتان عاودتا التهدل على صدرها ..اندفعت الى الامام متحدية للبرد اللاسع مسحورة بالالوان الخلابة مصرة على ان تقبض عليها وتعرف سرها حتى ابتعدت عن الدار مسافة طويلة وشرعت تتعثر في الحجارة والحفر وبصرها مثبت في الخيوط الموهومة أمامها وهناك في الخلاء الاجرد الذي يحد المنطقة التي تعيش فيها عندما بلغته انزاحت الاوهام وتوقفت السماء عن امطارها بالوانها وداهمت صفحتها سحب قاتمة السواد ومن خلال ذلك السواد ومن تلك المسافة الهائلة بين الارض و ذلك الفراغ الذي نسميه سماء بدا لها ما يشبه الاشباح الهائلة تلوح بقبضاتها الضخمة وملامحها المريعة في اتجاهها مهددة متوعدة ..ياالله ...يا الله ..يا الله ..يا الهي يا الهي أعني وساعدني ...تمتمت مرتجفة وقد غمرها الرعب من اعلى رأسها الى أخمص قدميها.... ولت هاربة متعثرة وهي تحاول تبين طريق العودة الى المنزل من خلال العشي والانشداد اللذان اصابا مقلتيها وعتما بصرها .......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة