الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع آخر أو مجتمع الجناكا -15-

خالد الصلعي

2015 / 3 / 1
الادب والفن


مجتمع آخر ، أو مجتمع الجناكا -رواية-15-
*******************************
تحركت الدراجة النارية الصينية الصنع ، ذات العجلات الثلاث بعد ان ملأها نورالدين ببعض البضاعة فقط . فقد كان مزاجه غير مستويا اليوم بعد الحلم المزعج الذي باغته الليلة . وقرر ان يكتفي بالأواني الصغيرة فقط ، كالكؤوس القشية والصحون الصغيرة .
وعندما اقتربت الدراجة من بناية قباضة الضرائب حيث يرتع تجار الهيروين والكوكايين مع جيش من المدمنين القذرين والوسخين ، تذكر حلمه الرهيب ، وبطريقة لاارادية راح يستطلع المنطقة بحثا عن رجال الأمن السريين . تذكر أنه لم يكن الا حلما . ورغم ذلك فقدر سرى في جسده نوع من الانقباض اللاواعي .
تستيقظ منطقة ساحة تافيلالت على كرنفال الجناكا ، شباب يافع لكنه شاخ قبل الأوان يجر أكياسا من البلاستيك ، منهم من يحمل فراشه بين يديه او فوق ظهره ، لبساهم مترهل ، كجنود الطواحين . بعضهم يحمل كومة كبيرة من البلاستيك ، يصرخون على بعضهم ، ينادون بعضهم البعض كي يتقاسموا وجبة المخدر بينهم .
شباب الحي الذين يبيعون البضاعة السامة يستهزئون بهم . وقد يضربونهم لأنهم لا يتوفرون على الثمن الكامل .
لكن وبعد ان تكاثر الباعة ، أصبح التنافس بينهم حول استقطاب المشترين ، واذا عرج أحد الجناكا على أحد الباعة ، أو تجاوزه ، فقد يتعرض للضرب والشتم والاهانة .
هم الآن يحتلون مساحة حساسة في ساحة تافيلالت . وصار الوضع طبيعيا . فبوقلاين ، وهو بائع حشيش ، يتحول أحيانا الى بائع الكوكايين ، لأن مدخولها أوفر ؛ لايكف عن السب والشتم بألفاظ نابية وبذيئة ، أغلبها تتعلق بأطراف وأعضاء جنسية ؛ رغم ان أذن المنطقة أذن محافظة .
السيوف والخناجر أصبح حملها بأدي بلطجية المنطقة شيئا عاديا ،يلعبون بها مع بعضهم البعض ، ويتوعدون بها أعداءهم المحتملين . كما أنها تشكل في الآونة الأخيرة أسلحة للدفاع عن النفس ضد بعض بلطجية حي مبروكة الذين يروعون المنطقة بين الحين والحين ، بسبب صراعات بين بائعي المخدرات الصغار .
المنطقة تعود أدراجها نحو عصر الانحطاط والعربدة . سرقة الهواتف النقالة في الشارع العام صار أمرا عاديا . اعتراض سبيل المارة وسلبهم أغراضهم سلوك يومي .
تشوهات أخلاقية أصابت المنطقة . النساء اللواتي عشن ببني مكادة منذ أربعين عاما يستنكرن ما يحدث اليوم . رغم أن بني مكادة منذ عشرين سنة فقط كانت منطقة ذات هيبة ، ومنطقة خطرة ، مهمشة ومهملة . لكن هذه الظواهر التي تفشت فيها قبل أربع سنوات ، وتحديدا بعد الحراك الشعبي الذي وجد في المنطقة مهده وحضنه الدافئين ، لم تكن لتظهر فيها أو تتفشى بهذا الشكل المخجل والمقزز .
الأمر يبعث على أسئلة خطيرة . الواقع الاجتماعي هنا صار واقعا منبوذا وميؤوس منه . كأن المنطقة خارجة عن محيط المدينة ، رغم أنها توجد في قلبها . المنطقة معرضة لاستهداف خبيث ، استهداف يروم قلب وجهها المناضل بوده بشع ، مخيف ومرفوض .
نورالدين يعرض بضاعته وهو يلتفت يمنة ويسرة ، فهو يخاف أن يتجسد حلمه المشؤوم في أرض الواقع . هو يعرف بسليقة المواطن المظلوم والمهمش ، أن كل شيئ ممكن في هذه الأرض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف